الشاعر
ابو تمام حبيب بن اوس بن الحارث بن قيس بن الاشج بن يحيى بن مزينا بن سهم بن ملحان بن مروان بن دفافة بنمربن سعد بن كاهل بن عمرو بن عدي بن عمرو بن الحارث بن طيء جلهم بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بنكهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان. تاريخ الخطيب (8/248).
احد روساء الامامى ة كما قال الجاحظ ((2-1423)) والاوحد من شيوخ الشيعة في الادب في العصور المتقادمة، ومن ائمةاللغة، ومنتجع الفضيلة والكمال، كان يؤخذ عنه الشعر واساليبه، وينتهي اليه السير، ويلقى لديه المقالد، ولم يختلف اثنان فيتقدمه عند حلبات القريض، ولا في تولعه بولاء آل اللّه الاكرمين صلوات اللّه عليهم وكان آية في الحفظ والذكاء حتىقيل: انه كان يحفظ اربعة آلاف ديوان من الشعر غير الف ارجوزة للعرب غير المقاطيع والقصائد ((2-1424))، وفي معاهدالتنصيص ((2-1425)) انه كان يحفظ اربعة عشر الف ارجوزة للعرب غير المقاطيع والقصائد. وفي التكملة انه اخمل في زمانهخمسمائة شاعر كلهم مجيد.
المترجم له شامي الاصل ولد بقرية جاسم من قرى الجيدور من اعمال دمشق، وان اباه كان يقال له: ندوس ((2-1426))العطار فجعلوه اوسا، وفي دائرة المعارف الاسلامية ((2-1427)) ان المترجم هو الذي بدله وكان ابوه نصرانيا. نشا المترجم بمصر وفي حداثته كان يسقي الماء في المسجد الجامع، ثم جالس الادباء فاخذ عنهم وتعلم منهم، وكانفطنافهما ، وكان يحب الشعر، فلم يزل يعانيه حتى قالالشعر واجاد،وشاع ذكره، وسار شعره، وبلغ المعتصم خبره،فحملهاليهوهو بسر من راى، فعملابو تمام فيه قصائد عدة واجازه المعتصم وقدمه على شعراء وقته، وقدم الىبغداد، وتجول في العراق وايران، ورآه محمد بن قدامة بقزوين، فجالس بها الادباء وعاشرالعلماء،وكان موصوفا بالظرفوحسنالاخلاقوكرم النفس.
قال الحسين بن اسحاق: قلت للبحتري: الناس يزعمون انك اشعر من ابي تمام. فقال: واللّه ما ينفعني هذا القول ولايضراباتم ام، واللّه ما اكلت الخبز الا به، ولوددت ان الامر كما قالوا، ولكني واللّه تابع له لائذ به آخذ منه، نسيمي يركد عند هوائه،وارضيتنخفض عند سمائه. تاريخ الخطيب(8/248).
كان البحتري اول امره في الشعر ونباهته فيه انه سار الى ابي تمام وهو بحمص، فعرض عليه شعره، وكانت الشعراء تقصدهلذلك، فلما سمع شعر البحتري اقبل عليه وترك سائر الناس، فلما تفرقوا قال له: انت اشعر من انشدني، فكيف حالك؟فشكا اليه القلة. فكتب ابو تمام الى اهل معرة النعمان، وشهد له بالحذق، وشفع له اليهم، وقال له: امتدحهم. فسار اليهمفاكرموه بكتاب ابي تمام، ووظفوا اربعة آلاف درهم فكانت اول مال اصابه، ثم اقبل عليه ابو تمام يصف شعره ويمدحه،فلزمه البحتري بعد ذلك، وقيل للبحتري: انت اشعر ام ابو تمام؟ قال: جيده خير من جيدي، ورديي خير من رديئه. وقيل: سئل ابو العلاء المعري: من اشعر الثلاثة؟ ابو تمام ام البحتري ام المتنبي؟ فقال: المتنبي وابو تمام حكيمان، وانما الشاعرالبحتري. وقيل: انشد البحتري ابا تمام شيئا من شعره، فقال له: انت امير الشعراء بعدي. قال البحتري: هذا القول احب الي منكلما نلته.
وقال ابن المعتز ((2-1428)): شعره كله حسن. وذكر اعتناءه البالغ بشعر مسلم بن الوليد صريع الغواني وابي نواس. وعن عمارة بن عقيل في حديث نقله عنه ابن عساكر في تاريخه ((2-1429)) (4/22): انه لما سمع قوله:
وطول مقام المرء بالحي مخلق / لديباجتيه فاغترب تتجدد
فاني رايت الشمس زيدت محبة / الى الناس انليست عليهم بسرمد
قال: ان كان الشعر بجودة اللفظ، وحسن المعاني، واطراد المراد، واستواء الكلام، فهي لابي تمام، وهو اشعر الناس، وان كانبغيرها فلا ادري. وكان في لسانه حبسة، وفي ذلك يقول ابن المعذل او ابو العميثل:
يا نبي اللّه في الشـ / ـعر ويا عيسى بن مريم
انت من اشعر خلق اللّـ / ـه ما لم تتكلم
مدح الخلفاء والامراء فاحسن، وحدث عن صهيب بن ابي الصهباء الشاعر، والعطاف بن هارون، وكرامة بن ابانالعدوي، وابي عبد الرحمن الاموي، وسلامة ابن جابر النهدي، ومحمد بن خالد الشيباني. وروى عنه خالد بن شريد الشاعر، والوليد بن عبادة البحتري، ومحمد بن ابراهيم بن عتاب، والعبدوي البغدادي. تاريخابن عساكر ((2-1430))(4/18).
روي انه لما مدح الوزير محمد بن عبد الملك الزيات بقصيدته التي يقول فيها:
ديمة سمحة القياد سكوب / مستغيث بها الثرى المكروب
لو سعت بقعة لاعظام اخرى / لسعى نحوها المكان الجديب
قال له ابن الزيات: يا ابا تمام، انك لتحلي شعرك من جواهر لفظك ودرر معانيك ما زيد حسنا على بهي الجواهر في اجيادالكواعب، وما يدخر لك شيء من جزيل المكافاة الا ويقصر عن شعرك في الموازرة، وكان بحضرته الكندي الفيلسوففقال له: ان هذا الفتى يموت شابا. فقيل له: من اين حكمت عليه بذلك؟ فقال: رايت فيه من الحدة والذكاء والفطنة مع لطافة الحس وجودة الخاطر ما علمت به ان النفس الروحانية تاكل جسمهكما ياكل السيف المهند غمده. تاريخ ابن خلكان ((2-1431)) (1/132).
ذكر الصولي ((2-1432)): ان المترجم امتدح احمد بن المعتصم او ابن المامون بقصيدة سينية، فلما انتهى الى قوله:
اقدام عمرو في سماحة حاتم / في حلماحنف في ذكاء اياس
قال له الكندي الفليسوف وكان حاضرا: الامير فوق ما وصفت. فاطرق قليلا ثم رفع راسه فانشد:
لا تنكروا ضربي له من دونه / مثلا شرودا في الندى والباس
فاللّه قد ضرب الاقل لنوره / مثلا من المشكاة والنبراس
فعجبوا من سرعة فطنته.