غداة الوغى من شاكر وشبام
بكل رديني وعضب تخاله
اذا اختلف الاقوام شعل ضرام
لهمدان اخلاق ودين يزينهم
وباس اذا لاقوا وجد خصام
وجد وصدق في الحروب ونجدة
وقول اذا قالوا بغير اثام
متى تاتهم في دارهم تستضيفهم
تبت ناعما في خدمة وطعام
جزى اللّه همدان الجنان فانها
سمام العدى في كل يوم زحام
فلو كنت بوابا على باب جنة
لقلت لهمدان ادخلي بسلام‏»((679))
ومؤسس شرف هذا البيت الرفيع الحارث الهمداني كان
صاحب امير المؤمنين (ع) والمتفاني في ولائه، والفقيه
الاكبرفي شيعته، واحد اعلام العالم، اثنى عليه جمع من رجال
العامة((680))، وذكره السمعاني في الخارفي من
الانساب((681)) وقال : كان‏غاليا في التشيع. وعده ابن قتيبة
في المعارف((682)) (ص‏306) من الشيعة في عداد صعصعة
ابن صوحان واصبغ بن نباتة‏وامثالهما، وترجم له الذهبي في
ميزان الاعتدال((683)) (1/202) وقال : من كبار علماء
التابعين. ونقل هو وابن حجر في تهذيب‏التهذيب((684))
(ص‏145) عن ابي بكر بن ابي داود انه قال : كان الحارث افقه
الناس، واحسب الناس، وافرض الناس، وتعلم‏الفرائض من علي
(ع). وفي خلاصة تهذيب الكمال((685))(ص‏85) : انه احد
كبار الشيعة.
وروى الكشي في رجاله((686)) (ص‏59) باسناده عن ابي
عمير البزاز عن الشعبي قال : سمعت الحارث الاعور وهو يقول
:اتيت امير المؤمنين عليا (ع) ذات ليلة فقال: «يا اعور ما جاء
بك ؟» قال : فقلت : يا امير المؤمنين جاء بي واللّه حبك.قال :
فقال: «اما اني ساحدثك لتشكرها، اما انه لا يموت عبد يحبني
فيخرج نفسه حتى يراني حيث يحب، ولا يموت‏عبديبغضني
فيخرج نفسه حتى يراني حيث يكره‏». قال: ثم قال لي الشعبي
بعد : اما ان حبه لا ينفعك وبغضه لايضرك((687)).
وحد ث الشيخ ابو علي ابن شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي في
اماليه((688)) (ص‏42) باسناده عن جميل بن صالح عن ابي
خالدالكاملي((689)) عن الاصبغ بن نباتة قال : دخل الحارث
الهمداني على امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) في نفر
من الشيعة‏وكنت فيهم فجعل يعني الحارث يتاود في
مشيته ويخبط الارض بمحجنه وكان مريضا، فاقبل عليه امير
المؤمنين (ع)وكانت له منه منزلة فقال : «كيف تجدك يا حارث
؟». قال : نال الدهر مني يا امير المؤمنين، وزادني اوارا
وغليلااختصام اصحابك ببابك. قال : «وفيم خصومتهم ؟». قال :
في شانك والبلية من قبلك فمن مفرط غال، ومقتصد
قال،ومن متردد مرتاب، لا يدري ايقدم او يحجم. قال :
«فحسبك يا اخا همدان الا ان‏خير شيعتي النمط الاوسط، اليهم
يرجع‏الغالي وبهم يلحق التالي‏». قال : لو كشفت فداك ابي
وامي الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من امرنا،
قال :«قدك((690)) فانك امرؤ ملبوس عليك، ان دين اللّه لا
يعرف بالرجال بل بية الحق، فاعرف الحق تعرف اهله، يا حار
ان‏الحق احسن الحديث والصادع به مجاهد، وبالحق اخبرك
فاعرني سمعك ثم خبر به من كانت له حصانة من اصحابك،
الااني عبداللّه واخو رسوله وصديقه الاول، قد صدقته وآدم بين
الروح والجسد، ثم اني صديقه الاول في امتكم حقا،
فنحن‏الاولون ونحن الاخرون، الا وانا خاصته يا حار وخالصته
وصنوه ووصيه ووليه صاحب نجواه وسره، اوتيت فيهم‏الكتاب
وفصل الخطاب وعلم القرون والاسباب، واستودعت الف
مفتاح، يفتح كل‏مفتاح الف باب، يفضي كل باب الى‏الف الف
عهد، وايدت او قال : امددت بليلة القدر نفلا، وان ذلك
ليجري لي ومن استحفظ من ذر يتي ما جرى الليل‏والنهار
حتى يرث اللّه الارض ومن عليها، وابشرك يا حارث ليعرفني
والذي فلق الحبة وبرا النسمة وليي وعدوي في‏مواطن شتى،
ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة‏» قال :
قلت: وما المقاسمة يا مولاي ؟ قال : «مقاسمة‏النار، اقاسمها
قسمة صحاحا اقول : هذا وليي وهذا عدوي‏».
ثم اخذ امير المؤمنين (ع) بيد الحارث وقال : «يا حارث اخذت
بيدك كما اخذ رسول اللّه (ص) بيدي، فقال لي‏واشتكيت اليه
حسدة قريش والمنافقين لي : انه اذا كان يوم القيامة اخذت
بحبل او بحجزة يعني عصمة من ذي العرش‏تعالى واخذت يا
علي بحجزتي واخذ ذريتك بحجزتك واخذ شيعتكم بحجزتكم،
فماذا يصنع اللّه بنبيه؟ وما يصنع نبيه‏بوصيه ؟ خذها اليك يا
حارث قصيرة من طويلة : انت مع من احببت، ولك ما
احتسبت‏»، او قال : ما اكتسبت. قالهاثلاثا، فقال الحارث وقام
يجر رداءه جذلا ما ابالي ربي بعد هذا متى لقيت الموت او
لقيني. قال جميل بن صالح:فانشدني السيد بن محمد في
كتابه :
قول علي لحارث عجب
كم ثم اعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن او منافق قبلا
يعرفني طرفه واعرفه
بنعته واسمه وما فعلا
وانت عند الصراط تعرفني
فلا تخف عثرة ولا زللا
اسقيك من بارد على ظما
تخاله في الحلاوة العسلا
اقول للنار حين تعرض‏للعرض
دعيه لا تقبلي الرجلا
دعيه لا تقربيه ان له
حبلا بحبل الوصي متصلا
توفي الحارث الهمداني سنة (65) كما ذكره((691)) الذهبي
في ميزان الاعتدال، وابن حجر نقلا عن ابن حبان في تهذيب
التهذيب(2/147)، والمؤرخ عبدالحي في شذرات الذهب
(1/73)، فما في خلاصة تذهيب الكمال (ص‏58) من انها سنة
(165)ليس بصحيح.
والمترجم له شيخنا الحسين احد اعلام الطائفة، وفقهائها
البارعين في الفقه واصوله والكلام والفنون الرياضية‏والادب،
وكان احدى حسنات هذا القرن، والالق المتبلج في جبهته،
والعبق المتارج بين اعطافه، اذعن بتقدمه في العلوم‏علماء
عصره ومن بعدهم، قال شيخه الشهيد الثاني في
اجازته له المؤرخة ب (941) المذكورة في كشكول
شيخناالبحراني((692)) صاحب الحدائق : ثم ان الاخ في اللّه
المصطفى في الاخوة، المختار في الدين، المرتقى عن حضيض
التقليد الى اوج‏اليقين، الشيخ الامام العالم الاوحد، ذا النفس
الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والاخلاق الزاهرة
الانسية، عضدالاسلام والمسلمين، عز الدنيا والدين حسين ابن
الشيخ الصالح العالم العامل المتقن المتفنن خلاصة الاخيار
الشيخ‏عبدالصمد ابن الشيخ الامام شمس الدين محمد الشهير
بالجبعي اسعد اللّه جده، وجدد سعده، وكبت عدوه وضده،
ممن‏انقطع بكليته الى طلب المعالي، ووصل يقظة الايام باحياء
الليالي، حتى احرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل
بفضله‏السبق على سائر اترابه واقرانه، وصرف برهة من زمانه
في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على اكمل نصيب واوفر
سهم،فقرا على هذا الضعيف. الى آخره.
واثنى عليه معاصره السيد الامير حيدر ابن السيد علاء الدين
الحسيني البيروي في اجازته للسيد حسين
المجتهدالكركي((693)) بقوله : الشيخ الامام الزاهد العابد
العامل العالم، زبدة فضلاء الانام، وخلاصة الفقهاء العظام، فقيه
اهل البيت(ع)، عضد الاسلام والمسلمين، عز الدنيا والدين
حسين ابن الشيخ العالم.
وفي رياض العلماء((694)) : كان فاضلا عالما جليلا اصوليا
متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز، وله
الغازمشهورة‏خاطب بها ولده البهائي فاجابه هو باحسن منها،
وهما مشهوران وفي المجاميع مسطوران.
وقال المولى مظفر علي احد تلاميذ ولده البهائي في رسالة له
في احوال شيخه : وكان والد هذا الشيخ في زمانه من
مشاهيرفحول العلماء الاعلام والفقهاء الكرام، وكان في تحصيل
العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الاصول والفروع
مشاركاومعاصرا للشهيد الثاني، بل لم يكن له قدس اللّه سره
في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره
وله فيهامصنفات. انتهى.
وقال المولى نظام الدين محمد تلميذ ولده البهائي في نظام
الاقوال في احوال الرجال : الحسين بن عبدالصمد بن
محمدالجبعي الحارثي الهمداني الشيخ العالم الاوحد، صاحب
النفس الطاهرة الزكية، والهمة الباهرة العلية، والد شيخنا
واستاذناومن اليه في العلوم استنادنا ادام اللّه ظله البهي، من
اجلة مشايخنا قدس اللّه روحه الشريفة، كان عالما فاضلا مطلعا
على‏التواريخ ماهرا في اللغات، مستحضرا للنوادر والامثال،
وكان ممن جدد قراءة كتب الاحاديث ببلاد العجم، له
مؤلفات‏جليلة، ورسالات جميلة. انتهى.
وفي امل الامل((695)) : كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا
جامعا اديبا منشئا شاعرا عظيم الشان، جليل القدر، ثقة
من‏فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني. الى آخره.
الى كلمات اخرى مبثوثة في الاجازات ومعاجم التراجم. وعرف
فضله عاهل ايران بوقته السلطان شاه طهماسب‏الصفوي،
فسامه تقديرا وتبجيلا، وقلده شيخوخة الاسلام بقزوين، ثم
بخراسان المقدسة ثم بهراة، وفوض اليه امرالتدريس والافادة،
وكان يقدمه على كثير من معاصريه بعد استاذه المحقق
الكركي، فنهض المترجم له بعب‏ء العلم والدين ونشر اعلامهما
بما لامزيد عليه، فخلد له التاريخ بذلك كله ذكرا جميلا تضي‏ء
به صحائفه، وتزدهي سطوره، ومما خصه المولى سبحانه
به‏وفضله بذلك على كثير من عباده، وحري بان يعد من اكبر
فضائله الجمة، وافضل اعماله المشكورة مع الدهر، انه نشرالوية
التشيع في هراة ومناحيها، وادرك خلق كثير بارشاده الناجع
سعادة الرشد، وسبيل السداد، واتبعوا الصراط السوي‏المستقيم.

مشايخه والرواة عنه
يروي شيخنا المترجم له عن لفيف من اعلام الطائفة واساتذة
العلم. منهم:
1 شيخنا الاكبر زين الدين الشهيد الثاني واخذ منه
العلم((696)).
2 السيد بدر الدين الحسن ابن السيد جعفر الاعرجي الكركي
العاملي.
3 الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني.
4 السيد حسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني.
ويروي عنه:
1 السيد الامير محمد باقر الاسترابادي الشهير ب :
داماد((697)).
2 الشيخ رشيد الدين بن ابراهيم الاصفهاني بالاجازة المؤرخة
بسنة (971).
3 السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني الشهير بابن
ابي الحسن، كما في اجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة
اللّه الجزائري المؤرخة بسنة (1075).

4 السيد حيدر بن علاء الدين البيروي كما في اجازته للسيد
حسين الكركي((698)).
5 الشيخ ابو محمد بن عناية اللّه البسطامي كما في اجازته
للسيد حسين الكركي((699)).
6 المولى معاني التبريزي كما في اجازات البحار (ص‏134،
135).
7 الميرزا تاج الدين حسين الصاعدي كما في الاجازات
(ص‏135).
8 الشيخ حسن صاحب المعالم كما في اجازة الامير شرف
الدين الشولستاني للمولى محمد تقي المجلسي((700)).
9 وملك علي يروي عنه بالاجازة المذكورة في اعيان
الشيعة((701)) (26/260).
10 و11 ولداه العلمان : شيخنا البهائي، وابو تراب الشيخ
عبدالصمد((702)). وقرا عليه السيد علاء الدين محمد بن
هداية اللّه الحسني الخيروي سنة (967).

آثاره او مثره
ومن آثاره او مثره تليف قيمة منها:
1 شرح على القواعد.
2 شرحان على الفية الشهيد.
3 الرسالة الطهماسبية في الفقه.
4 الرسالة الوسواسية.
5 رسالة في وجوب الجمعة.
6 وصول الاخيار الى اصول الاخبار.
7 الرسالة الرضاعية.
8 حاشية على الارشاد.
9 رسالة مناظرة مع علماء حلب((703)).
10 رسالة في الرحلة((704)).
11 رسالة في العقائد.
12 رسالة الطهارة الظاهرية والقلبية.
13 رسالة في المواريث.
14 كتاب الغرر والدرر.
15 رسالة في تقديم الشياع على اليد.
16 رسالة في الواجبات.
17 تعليقات على الصحيفة.
18 رسالة في القبلة.
19 ديوان شعره.
20 دراية الحديث.
21 كتاب الاربعين.
22 تعليقة على خلاصة العلامة.
23 رسالة في جواز استرقاق الحربي البالغ حال الغيبة.
24 رسالة تحفة اهل الايمان في قبلة عراق العجم وخراسان.
25 رسالة في وجوب صرف مال الامام (ع) في ايام الغيبة.
26 جواب عما اورد على حديث نبوي((705)).
27 رسالة في عدم طهر البواري بالشمس.

ولادته ووفاته
ولد شيخنا المترجم له اول محرم الحرام سنة (918)، وتوفي
سنة (984) في ثامن ربيع الاول في قرية المصلى من
ارباض‏هجر من بلاد البحرين وكان عمره ستا وستين سنة
وشهرين وسبعة ايام، ورثاه ولده الاكبر شيخنا البهائي بقوله:
قف بالطلول وسلها اين سلماها
ورو من جرع الاجفان جرعاها((706))
وردد الطرف في اطراف ساحتها
وروح الروح من ارواح ارجاها
وان يفتك من الاطلال مخبرها
فلا يفوتك مرآها ورياها
ربوع فضل تباهي التبر تربتها
ودار انس يحاكي الدر حصباها
عدا على جيرة حلوا بساحتها
صرف الزمان فابلاهم وابلاها
بدور تم غمام الموت جللها
شموس فضل سحاب الترب‏غشاها
فالمجد يبكي عليها جازعا اسفا
والدين يندبها والفضل ينعاها
ياحبذا ازمن في ظلهم سلفت
ما كان اقصرها عمرا واحلاها
اوقات انس قضيناها فما ذكرت
الا وقطع قلب الصب ذكراها
يا سادة هجروا واستوطنوا هجرا
واها لقلبي المعنى بعدكم واها
رعيا لليلات وصل بالحمى سلفت
سقيا لايامنا بالخيف سقناها
لفقدكم شق جيب المجد وانصدعت
اركانه وبكم ما كان اقواها
وخر من شامخات العلم ارفعها
وانهد من باذخات الحلم ارساها
يا ثاويا بالمصلى من قرى هجر
كسيت من حلل الرضوان ارضاها
اقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت
ثلاثة كن امثالا واشباها
ثلاثة انت انداها واغزرها
جودا واعذبها طعما واحلاها
حويت من درر العلياء ما حويا
لكن درك اعلاها واغلاها
يا اخمصا وطات هام السهى شرفا((707))
سقاك من ديم الوسمي اسماها
ويا ضريحا علا فوق السماك علا
عليك من صلوات اللّه ازكاها
فيك‏انطوى‏من‏شموس‏الفضل‏ازهرها
ومن معالم دين اللّه اسناها
ومن شوامخ اطواد الفتوة ار
ساها وارفعها قدرا وابهاها
فاسحب على‏الفلك الاعلى‏ذيول‏علا
فقد حويت من العلياء اعلاها
عليك مني سلام اللّه ما صدحت
على غصون اراك الدوح ورقاها
قال صاحب رياض العلماء((708)) : ورثاه جماعة من الشعراء.
وللمترجم له قصيدة جارى بها البردة للبوصيري يمدح بها
الرسول الاعظم وخليفته الصديق الاكبر اوله:
الؤلؤ نظم ثغر منك مبتسم
ام نرجس ام اقاح في صفى بشم
والقصيدة طويلة تناهز (129) بيتا وقد وقف سيد الاعيان منها
على (69) بيتا((709))، فحسب انها تمام القصيدة فقال :
تبلغ(69) بيتا ثم ذكر جملة منها. ومن شعر المترجم له قوله:
ما شممت الورد الا
زادني شوقا اليك
واذا ما مال غصن
خلته يحنو عليك
لست تدري ما الذي قد
حل بي من مقلتيك
ان يكن جسمي تناءى
فالحشا باق لديك
كل حسن في البرايا
فهو منسوب اليك
رشق القلب بسهم
قوسه من حاجبيك
ان ذاتي وذواتي
يا منايا في يديك
آه لو اسقى لاشفى
خمرة من شفتيك
وله قوله وهو المخترع لهذا الروي:
فاح عرف الصبا وصاح الديك
وانثنى البان يشتكي التحريك
قم بنا نجتلي مشعشعة
تاه من وجده بها النسيك
لو رآها المجوس عاكفة
وحدوها وجانبوا التشريك
ان تسر نحونا نسر وان
مت في السير دوننا نحييك
وذكر شيخنا البهائي في كشكوله((710)) (ص‏65) لوالده على
هذا الروي ثمانية عشر بيتا اولها:
فاح ريح الصبا وصاح الديك
فانتبه وانف عنك ما ينفيك
وعارضها ولده الشيخ بهاء الدين بقصيدة كافية مطلعها:
يا نديمي بمهجتي افديك
قم وهات الكؤوس من هاتيك
خمرة ان ضللت ساحتها
فسنا نور كاسها يهديك
يا كليم الفؤاد داو بها
قلبك المبتلى لكي تشفيك
هي نار الكليم فاجتلها
واخلع النعل واترك التشكيك
صاح ناهيك بالمدام فدم
في احتساها مخالفا ناهيك((711))
وخلف المترجم على علمه الجم وفضله المتدفق ولداه العلمان
: شيخ الطائفة بهاء الملة والدين الاتي ذكره وهو اكبر ولديه،ولد
سنة (953)، والشيخ ابو تراب عبدالصمد بن الحسين المولود
بقزوين ليلة الاحد وقد بقي من الليل نحو ساعة ثالث‏شهر صفر
سنة (966) كما في الرياض((712)) نقلا عن خط والده
المترجم له الشيخ حسين وصرح والدهما المترجم له
في‏اجازته لهما ان البهائي اكبر ولديه، وللشيخ عبدالصمد
حاشية على اربعين اخيه شيخنا البهائي وفوائده على
الفرائض‏النصيرية، وكتب الشيخ البهائي باسمه فوائده الصمدية،
يروي بالاجازة عن والده المقدس الشيخ حسين، ويروي
عنه‏العلامة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي توفي
سنة(1020)، ترجمه صاحبا الامل((713)) والرياض((714))
وغيرهما.
وورثه على علمه الغزير ولداه العالمان : الشيخ احمد بن
عبدالصمد نزيل هراة، يروي عنه بالاجازة السيد حسين
بن‏حيدر بن قمر الكركي الراوي عن والده ايضا. واخوه الشيخ
حسين بن عبدالصمد كان قاضي هراة، قال صاحب
رياض‏العلماء((715)) : كان شاعرا ماهرا في العلوم الرياضية له
منظومة بالفارسية في الجبر والمقابلة. انتهى. يروي عن عمه
شيخناالبهائي بالاجازة، توجد بعض تعاليقه على بعض الكتب
مؤرخا بسنة (1060).
واما سائر رجالات هذه الاسرة الكريمة فوالد المترجم له الشيخ
عبدالصمد من نوابغ الطائفة، وعلمائها البارعين، وصفه‏شيخ
الطائفة الشهيد الثاني في اجازته لولد المترجم له((716))
بالشيخ الصالح العامل العالم المتقن، واثنى عليه السيد
حيدرالبيروي في اجازته((717)) للسيد حسين المجتهد
الكركي : بالشيخ العالم العامل، خلاصة الاخيار، وزين الابرار
الشيخ‏عبدالصمد، ولد سنة (855) في (21) محرم وتوفي
سنة(935) في منتصف ربيع الثاني، ترجمه صاحبا
الرياض((718)) وامل‏الامل((719)) وغيرهما.
واخو المترجم الاكبر الشيخ نور الدين ابو القاسم علي بن
عبدالصمد الحارثي المولود سنة (898) من تلمذة
الشهيدالثاني، قال صاحب رياض العلماء((720)) : فاضل عالم
جليل فقيه شاعر، له منظومة في الفية الشهيد تسمى بالدرة
الصفية في‏نظم الالفية، يروي عن المحقق الكركي بالاجازة
سنة (935) وقرا عليه جملة من كتب الفقه.
واخوه : الشيخ محمد بن عبدالصمد ولد سنة (903) وتوفي
سنة (952).
واخوه الثالث : الحاج زين العابدين المولود سنة (909)
والمتوفى سنة (965).
واوعزنا في ترجمة عم والد المترجم له الشيخ ابراهيم الكفعمي
(ص‏215) الى ترجمة جد المترجم الشيخ شمس الدين‏محمد،
وجد والده الشيخ زين الدين علي.
توجد ترجمة شيخنا عز الدين الحسين، وسرد جمل الثناء عليه
في كشكول الشيخ يوسف البحراني، لؤلؤة البحرين(ص‏18)،
رياض العلماء، امل الامل (ص‏13)، نظام الاقوال في احوال
الرجال((721)) تاريخ عالم آراي عباسي، روضات‏الجنات
(ص‏193)، مستدرك الوسائل (3/421)، تنقيح المقال (1/332)،
الاعلام للزركلي (1/250)، اعيان الشيعة(26/226 270) وفيها
فوائد جمة، سفينة البحار (1/174)، الكنى والالقاب (2/91)،
الفوائد الرضوية (1/138)، منن‏الرحمن (1/8)((722)).

شعراء الغدير في القرن الحادي عشر

1 ابن ابي شافين البحراني
2 زين الدين الحميدي
3 بهاء الملة والدين
4 الحرفوشي العاملي
5 ابن ابي الحسن العاملي
6 الشيخ حسين الكركي
7 القاضي شرف الدين
8 السيد ابو علي الانسي اليمني
9 السيدشهاب‏ابومعتوق‏الموسوي
10 السيد علي خان المشعشعي
11 السيد ضياء الدين اليمني
12 المولى محمد طاهر القمي
13 القاضي جمال الدين المكي
14 ابو محمد ابن الشيخ صنعان

(79) ابن ابي شافين البحراني
المتوفى بعد (1001)
اجل مصابي في الحياة واكبر
مصاب له كل المصائب تصغر
مصاب به الافاق اظلم نورها
ووجه التقى والدين اشعث اغبر
مصاب به اطواد علم تدكدكت
واصبح نور الدين وهو مغبر
الى ان قال فيها :
وسار النبي الطهر من ارض مكة
وقد ضاق ذرعا بالذي فيه اضمروا
ولما اتى نحو الغدير برحله
تلقاه جبريل الامين يبشر
بنصب علي واليا وخليفة
فذلك وحي اللّه لا يتاخر
فرد من القوم الذين تقدموا
وحط اناس رحلهم قد تاخروا
ولم يك تلك الارض منزل راكب
بحر هجير ناره تتسعر
رقى منبر الاكوار طهر مطهر
ويصدع بالامر العظيم وينذر
فاثنى على اللّه الكريم مقدسا
وثنى بمدح المرتضى وهو مخبر
بان جاءني فيه من اللّه عزمة
وان انا لم اصدع فاني مقصر
واني على اسم اللّه قمت مبلغا
رسالته واللّه للحق ينصر
علي اخي في امتي وخليفتي
وناصر دين اللّه والحق ينصر
وطاعته فرض على كل مؤمن
وعصيانه الذنب الذي ليس يغفر
الا فاسمعوا قولي وكونوا لامره
مطيعين في جنب الاله فتوجروا
الست باولى منكم بنفوسكم
فقالوا نعم نص من اللّه يذكر
فقال الا من كنت مولاه منكم
فمولاه بعدي والخليفة حيدر
التقطنا هذه الابيات من قصيدة كبيرة لشاعرنا ابن ابي
شافين تبلغ خمسمائة وثمانين بيتا توجد في المجاميع
المخطوطة العتيقة.

الشاعر
الشيخ داود بن محمد بن ابي طالب الشهير بابن ابي شافين
الجدحفصي البحراني، من حسنات القرن العاشر، ومن مثرذلك
العصر المحلى بالمفاخر، شعره مبثوث في مدونات الادب،
والموسوعات العربية، ومجاميع الشعر، ان ذكر العلم فهو
ابوعذره او حدث عن القريض فهو ابن بجدته، ذكره السيد علي
خان في السلافة((723)) (ص‏529) واطراه بقوله : البحر
العجاج‏الا انه العذب لا الاجاج، والبدر الوهاج الا انه الاسد
المهاج، رتبته في الاباءة شهيرة، ورفعته اسمى من شمس
الظهيرة، ولم‏يكن في مصره وعصره من يدانيه في مده وقصره،
وهو في العلم فاضل لا يسامى، وفي الادب فاصل لم يكل‏الدهر
له‏حساما، ان شهر طبق، وان نشر عبق، وشعره ابهى من شف
البرود، واشهى من رشف الثغر البرود، وموش حاته‏الوشاح
المفصل، بل التي فرع حسنها واصل، ومن شعره قوله:
انا واللّه المعاني
بالهوى شوقي اعرب
كل آن مر حالي
في الهوى يا صاح اغرب
كلما غنى الهوى لي
ارقص القلب واطرب
وغدا يسقيه كاسا
ت صبابات فيشرب
فالذي يطمع في سل
ب هوى قلبي اشعب
قلت للمحبوب حتا
م الهوى للقلب ينهب
وبميدان الصبا وال
لهو ساه انت تلعب
قال ما ذنبي اذا شا
هدت نار الخد تلهب
فهوى قلبك فيها
ذاهبا في كل مذهب
قلت هب ان الهوى هب فالقاه بهب هب
افلا تنقذ من يه
واك من نار تلهب
ثم ذكر له لامية وموشحة دالية تناهز (42) بيتا مطلعها:
قل لاهل العذل لو وجدوا
من رسيس الحب ما نجد
اوقدوا في كل جارحة
زفرة في القلب تتقد
فاسعد الهائم ايها اللائم
فالهوى حاكم ان عصى احد
وذكره المحبي في خلاصة الاثر (2/88) وقال : من العلماء
الاجلاء الادباء، استاذ السيد ابي محمد الحسين بن الحسن
بن‏احمد بن سليمان الحسيني الغريفي البحراني، ولما توفي
تلميذه السيد العلامة الغريفي في سنة (1001) وبلغ نعيه الى
شيخه‏الشيخ داود بن ابي شافين البحراني استرجع الشيخ
وانشد بديهة:
هلك القصر((724)) يا حمام فغني
طربا منك في اعالي الغصون((725))
واثنى عليه الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته في علماء
البحرين بقوله : واحد عصره في الفنون كلها، وشعره في
غاية‏الجزالة، وكان جدليا حاذقا في علم المناظرة وآداب
البحث، ما ناظر احدا الا وافحمه. الى آخره.
وقال الشيخ صاحب انوار البدرين((726)) : كان هذا الشيخ من
اكابر العلماء واساطين الحكماء.
وذكره العلامة المجلسي في اجازات البحار((727)) (ص‏129)
واطراه بما مر عن سلافة العصر، وجمل الثناء عليه منضدة في
انوارالبدرين((728)) ووفيات الاعلام لشيخنا الرازي، والطليعة
للمرحوم السماوي، وتتميم امل الامل للسيد ابن ابي شبانة
البحراني.
لشاعرنا ابن ابي شافين رسائل منها : رسالة في علم
المنطق، وشرح على الفصول النصيرية في التوحيد، وشعره
مبثوث‏في مجاميع الادب، ذكر له شيخنا الطريحي في
المنتخب((729)) (1/127) قصيدة يرثي بها الامام السبط (ع)
تناهز (37) بيتامستهلها:
هلموا نبك اصحاب العباء
ونرثي سبط خير الانبياء
هلموا نبك مقتولا بكته
ملائكة الاله من السماء
وذكر له العلامة السيد احمد العطار في الجزء الثاني من
موسوعة الرائق قوله في رثاء الامام السبط سلام اللّه عليه:
يا واقفا بطفوف الغاضريات
دعني‏اسح الدموع العندميات((730))
من اعين بسيوف الحزن قاتلة
طيب الكرى لقتيل السمهريات
وسادة جاوزوا بيد الفلاة بها
وقادة قددوا بالمشرفيات
القصيدة تناهز (62) بيتا يقول في آخرها :
لا يبتغي ابن ابي شافين من عوض
الا نجاة واسكانا بجنات
وذكر السيد (قده) في الرائق ايضا له قوله في رثاء الامام الشهيد
صلوات اللّه عليه:
مصائب يوم الطف ادهى المصائب
واعظم‏من‏ضرب السيوف‏القواضب
تذوب لها صم الجلاميد حسرة
وتنهد منها شامخات الشناخب
بها لبس الدين الحنيف ملابسا
غرابيب سودا مثل لون الغياهب
القصيدة (50) بيتا وفي آخرها قوله :
ودونكم غراء كالبدر في الدجى
من ابن ابي شافين ذات غرائب
وذكر الشيخ لطف اللّه بن علي بن لطف اللّه الجدحفصي
البحراني في مجموعته((731)) الشعرية له قصيدة تبلغ (71)
بيتا في رثاءالامام السبط الطاهر (ع) اولها:
قفا بالرسوم الخاليات الدواثر
تنوح على فقد البدور الزواهر
بدور لال المصطفى قد تجللت
بعارض جون فاختفت بدياجر
ففي كل قطر منهم قمر ثوى
وجلل من غيم الغموم بساتر
وفي تلك المجموعة له في رثاء الامام السبط (ع) تناهز (42)
بيتا مطلعها:
قف بالطفوف بتذكار وتزفار
وذب من الحزن ذوب التبر في النار
واسحب ذيول الاسى فيها ونح اسفا
نوح القماري على فقدان اقمار
وانثر على ذهب الخدين من درر
الدمع الهتون وياقوت الدم الجاري
ونح هناك بليعات الاسى جزعا
فما على الواله المحزون من عار
وعز نفسك عن اثواب سلوتها
على القتيل الذبيح المفرد العاري
لهفي وقد مات عطشانا بغصته
يسقى النجيع ببتار وخطار
كانما مهره في جريه فلك
ووجهه قمر في افقه ساري
وله قصيدة يمدح بها النبي الاعظم ووصيه الطاهر وآلهما
صلوات اللّه عليهم اولها:
بدا يختال في ثوب الحرير
فعم الكون من نشر العبير
فقلنا نور فجر مستطير
جبينك ام سنا القمر المنير
وقد مائل ام غصن بان
تثنى ام قضيب خيزراني
عليه بدر تم شعشعاني
بنور في الدياجي مستطير
الا يا يوسفي الحسن كم كم
فؤادي من لهيب الشوق يضرم
وكم يافتنة العشاق اظلم
وما لي في البرايا من نصير
يقول فيها :
فان ضيعت شيئا من ودادي
فحسبي حب احمد خير هادي
ومبعوث الى كل العباد
شفيع الخلق والهادي البشير
وهل اصلى لظ‏ى نار توقد
وعندي حب خير الخلق احمد
وحب المرتضى الطهر المسدد
وحب الال باق في ضميري
به داود يجزى في المعاد
نجاة من لظ‏ى ذات اتقاد
وينجو كل عبد ذي وداد
بحب الال والهادي البشير

ابن ابي شافين
قد وقع الخلاف في ضبط كنية شاعرنا هذه، ففي سلوة الغريب
للسيد علي خان المدني : ابن ابي شافيز. وكذلك ضبطهاسيد
الاعيان((732)). وفي سلافة العصر((733)) للسيد المدني
ايضا : ابن ابي شافير. بالراء المهملة تارة وبالنون اخرى. وفي
خلاصة‏الاثر((734)) للمحبي : ابن ابي شاقين. بالقاف والنون.
وفي البحار((735)) : ابن ابي شافير. مهملة الاخر . والذي
نجده في شعره بلاخلاف فيه : ابن ابي شافين، بالفاء والنون.

(80) زين الدين الحميدي
المتوفى (1005)
صاح عرج على قباب قباء
وارتقب خلوة عن الرقباء
لا تكن لاهيا بسعدى وسلمى
لا ولا معجبا بجر قباء
وتذلل لسادة في فؤادي
لهم مسكن حصين البناء
وتلطف وارو حديثا قديما
عن غرام نام حشا احشائي
وتعطف وانشر لهم ط‏ي وجدي
وهيامي بهم وطول بكائي
قل تركنا صباصبا في هواكم
وتباريح الهجر في برحائي
قد وهى في الهوى تجلده
والنوم كالصبر عنه قاص ونائي
بين واش وشى بافتراء
وعذول يعزى الى العواء
وجنان عن التسلي جبان
ودموع ممزوجة بدماء
وزفير لولا المدامع تهمي
لشواه قد صار خلف عناء
شاقه نشق طيب ماوى الف
خر والمجد والعلى والهناء
مهبطالوحي منزل‏العز مثوى ال
فضل دار الثنا محل البهاء
تربة تربها على التبر يسمو
وضياها يفوق ضوء ذكاء
بقعة فضلت على العرش والكر
سي فضلا عن سائر البطحاء
موطن حل فيه خير نبي
متحل باشرف الاسماء
احمد الحامدين محمود فعل
خص بالحوض واللوا والولاء
حسن محسن رؤوف رحيم
خاتم الرسل صفوة الاصفياء
اعبد العابدين بر كريم
منه كانت مكارم الكرماء
رحمة اللّه للخلائق طرا
فبه منه رحمة الرحماء
اعذب الخلق منطقا اصدق الناس
مقالا ما فاه بالفحشاء
اعرف العارفين اخوف خلق
اللّه منه في جهره والخفاء
كل ما في الوجود من اجله او
جد لا تفتقر الى استثناء
اكمل الكاملين كل كمال
منه فضلا سرى الى الفضلاء
فبه آدم تعلم ما لم
يدره غيره من الاسماء
وبه في السفين نجي نوح
ونجا يونس من الغماء
حر نار الخليل قد صار بردا
اذ به كان حالة الالقاء
اي حر يقوى بمن كانت ال
سحب له في الهجير اقوى وقاء
كشف الضر منه عن جسم ايو
ب واوتي ضعفا من الالاء
وبه قد علا لادريس شان
والذبيحان انقذا بالفداء
منه سر سرى لعيسى فاحيا
دارسا مذ دعاه بعد البلاء
وكذا اكمها وابرص ابرا
فشفى ذا وذاك اوفى شفاء
هو من قبل كل خلق نبي
لا تقف عند حد طين وماء
كان نور الاله اذ ذاك فاستو
دع ضمنا بمبدا الاباء
فتلقاه من شريف شريف
من لدن آدم ومن حواء
مودع في كرائم من كرام
عن سفاح تنزهوا وخناء
فاتى الفخر منه آمنة اذ
كان منها له اجل وعاء
حملته فلم تجد منه ثقلا
حال حمل كما يرى بالنساء
فهنيئا به لها اذ بخير ال
خلق جاءت وسيد الانبياء
وضعته فكان في الوضع رفع
وارتفاع للحق والاهواء
ابرزته شمسا محا غيهب الشر
ك ومنها استضاء كل ضياء
وبميلاده بدت معجزات
فراى المشركون هول المرائي
اطفئت نارهم ليعلم ان قد
جاء من كفرهم به في انطفاء
اي نار ترى وبالنور لاحت
دور بصرى لمن بمكة رائي
وبكسر الايوان قد آن جبر
وانكسار للدين والاعداء
واكبت اوثانهم فاحسوا
بمبادي الوبال والاوباء
وعيون سيلت بساوة ساوت
حيث غيضت مقعر الغبراء
يالها ليلة لنا اسفرت عن
بدر تم محا دجى الظلماء
ليلة شرفت على كل يوم
اذ هبطنا مشرف الشرفاء
الى ان قال فيها :
وبصديقك الصدوق الذي حا
ز بسبق التصديق فضل ابتداء((736))
الرفيق الرفيق بالغار والوا
قيك فيه من حية رقطاء((737))
المواسيك بالذي ملكت يم
ناه صدر الائمة الخلفاء((738))
الامام الذي حمى بيضة الد
ين باحياء سنة بيضاء((739))
قام بالرفق في الخليقة من بع
دك رفق الاباء بالابناء((740))
وبفاروقك المفرق بالبا
س جموع الاضلال والاغواء((741))
السديد الشديد بالمسخط اللّه
الرحيم الشفيق بالاتقياء((742))
عمر فاتح الفتوح الذي
مهد طرق الهدى بحسن ولاء
سالب الفرس ملكهم وكذا الرو
م ومبدي الصلاة بعد الخفاء
الامير الذي برحمته ما
ر عفاة الارامل الضعفاء((743))
فرقا فر من مهابته الشي
طان عن فجه فرار فراء((744))
وبتاليهما ابن عفان من جهز
للّه الجيش في اللاواء
الموفي في يوم بدر وقد خل
ف الاذن اوفر الانصباء
جامع الذكر في‏المصاحف ذي النو
رين شيخ الاحسان كهف الحياء
فاسح المسجد المؤسس بالتقو
ى وملقي الاملاك باستحياء((745))
وبباب العلوم صنوك مردي
في الردى كل مبطل بالرداء
اسد اللّه في الحروب مجلي
ازمات الكروب والغماء
جعل الباب معجز القوم نقلا
ترسه يوم خيبر بنجاء
لم يمله عن التقى زخرف اللهو
ولا مال قط للاهواء
بت زهدا طلاق دنياه
ما غر بام الغرور بالاغراء
الحسيب النسيب اول لاق
من ثنيات نسبة الاقرباء
الوزير المشير بالصوب في الحر
ب الذي قد علا على الجوزاء((746))
وكفاه حديث من كنت مولا
ه فخارا ناهيك ذا من ثناء
اخذنا هذه الابيات من قصيدة شاعرنا الحميدي البالغة (337)
بيتا يمدح بها النبي الاقدس (ص) اسماها : الدر المنظم
في‏مدح النبي الاعظم، طبع ببولاق سنة (1313) ضمن ديوانه
في (149) صحيفة توجد من (ص 5 22).

الشاعر
زين الدين عبدالرحمن بن احمد((747)) بن علي الحميدي،
شيخ اهل الوراقة بمصر اثنى عليه الشهاب الخفاجي في
ريحانة‏الالباء((748)) (ص‏270) بقوله : كان اديبا تفتحت بصبا
اللطف انوار شمائله، ورقت على منابر الاداب خطباء بلابله،
اذاصدحت بلابل معانيه، وتبرجت حدائق معاليه، جلبن الهوى
من حيث ادري ولا ادري، نظم في جيد الدهر جمانه، وسلم‏الى
يد الشرف عنانه، خاطرا في رداء مجد ذي حواش وبطانه، ناثرا
فرائد بيان، وينثرها اللسان فتودع حقاق الاذان، وله‏في الطب
يد مسيحية تحيي ميت الامراض، وتبدل جواهر الجواهر
بالاعراض.
مبارك الطلعة ميمونها
لكن على الحفار والغاسل
وديوان شعره شائع، ذائع، ولما نظم بديعيته ارسلها الي
فنظرت فيها في اوائل الصبا تنافس على ارجه وقد فاح
مسك‏الليل وكافور الصباح.
ولا مقرب الا بصدغ مليحة
ولا جور الا في ولاية ساق
وترجمه المحبي في خلاصة الاثر (2/376) وذكر كلمة
الخفاجي مع زيادة : له الدر المنظم، وبديعية وشرحها، طبعت
مع‏ديوانه كما مر في ترجمة صفي الدين الحلي، توفي سنة الف
وخمس، وللقارئ عرفان مذهبه مما ذكرناه من شعره، وميزانه
في‏الشعر قوة وضعفا كما ترى، وله قصيدة يمدح بها النبي
الاعظم (ص) مستهلها:
ما لي اراك اهمت هامه
اذكرت الفك في تهامه
ام رام قلبك ريم رامه
للقا فلم يبلغ مرامه
ام فوق افنان الريا
ض شجاك تفنين الحمامه
الى ان قال في المديح :
ختم الاله ببعثه
بعثا وفض به ختامه
فهو البداية والنها
ية والكفاية في القيامه
وبه الوقاية والهدا
ية والعناية والزعامه
فببابه لذ خاضعا
متذللا تلق الكرامه
وافض دموعك سائلا
متوسلا تكف الملامه
وانخ قلوصك في حما
ه ترى النجاة من المضامه
وبذا الجناب فقم وقل
يا من حوى كل الفخامه
انت الذي بالجود اخجل
ت الزواخر والغمامه
انت الذي في الحشر يقب
ل ربنا فينا كلامه
انت الذي لولاك ما
ذكر العقيق ولا تهامه
انت الذي لولاك ما اش
تاق المشوق لارض رامه
انت الذي لولاك ما
ركب الحجاز سرى وسامه
انت الذي من لمس كفك
قد كفى العافي سقامه
فيما حويت من الجمال
بوجهك الحاوي قسامه
القصيدة (66) بيتا

(81) بهاء الملة والدين
المولود (953)
المتوفى (1031)
رعى((749)) اللّه ليلة بتنا سهارى
خلعنا بحب العذارى العذارا
ولما سرى النجم والبدر حارا
اماطت ذات الخمار الخمارا
وصيرت الليل منها النهارا
وكنا بجنح الدجى ادعج
وبعض الى بعضنا ملتجي
فقامت لساق لها مدلج
وجاءت تشمر من ابلج
كما طلع البدر حين استنارا
تبدت بنور لها لائح
ووجه لبدر الدجى فاضح
وخد بماء الحيا ناضح
وتبسم عن اشنب واضح
كزهر الاقاحي اذا ما استنارا
شربنا لداء الهموم الدوا
وشبنا نسيم الهوى بالهوى
حللنا على النيرين السوى
وقد حلك الليل عنا انطوى
ونور الصباح لدينا استنارا
هوينا رداحا حجازية
فبحنا ضمائر مخفية
فمدت الينا سراحية
تناول صهباء قانية
كانا نقابل منها شرارا
سقينا مداما مجوسية
كما التبر حمراء مصرية
قديمة عهد رمانية
مشعشعة ارجوانية
تدب النفوس اليها افتقارا
فقم انما الديك قد نبها
الى خمرة فاز من حبها
جلت حين ساقي الهوى صبها
كان النديم اذا عبها
يقبل في طخية الليل نارا
وبي غادة رنحت قدها
حميا الصبا والفت ضدها
وقد جعلت مقلتي خدها
ولم انس مجلسنا عندها
جلسنا صحاوى وقمنا سكارى
نعمنا اخلاء دون الانام
بتلك الربوع وتلك الخيام
الم ترنا اذ هجرنا المنام
تميل بنا عذبات المدام
ونحن نميس كلانا حيارى
فلله مجلسنا باللوى
لكل المنى والهنا قد حوى
اذا نزعت من نزيل الجوى
فقامت وقد عاث فيها الهوى
تستر بالغيم الجلنارا
لها وجه سعد يزيل الشقا
وقد حكى غصنا مورقا
وتشفي عليل الهوى منطقا
تريع كما ريع ظبي النقا
توجهه خيفة واستتارا
هلال السما من سناها يغيب
ومن قدها الغصن مضنى كئيب
الا ان هذا لشي‏ء عجيب
اذ البدر ابصرها والقضيب
تلبس هذا وهذا توارى
اضاء الدجى نورها حين لاح
بوجه سبى حسن كل الملاح
ازلنا الهموم بذات الوضاح
سقتنا الى حين بان الصباح
وفر الدجى من ضياها فرارا
فيا ظبية طال يا للرجال
نعمنا بها في لذيذ الوصال
ففر وقد صح فيه المثال
كما فر جيش العدا بالنزال
عن الطهر حيدرة حين غارا
امام البرية اصل الاصول
شفيع الانام بيوم مهول
فتى حبه اللّه ثم الرسول
وصي النبي وزوج البتول
حوى في الزمان الندى والفخارا
فيا ويح من لم ينل مرة
لمن فاق بدر السما غرة
فطوبى لمن زاره مرة
فيا راكبا يمتط‏ي حرة
تبيد السهول وتفري القفارا
اذا شئت ترضي اله السما
وتهدى الى الرشد بعد العمى
وتسقى من الحوض يوم الظما
اذا ما انتهى السير نحو الحمى
وجئت من البعد تلك الديارا
وقابلت مثوى علي الولي
واظهرت حب الصراط السوي
وشاهدت حبل الاله القوي
وواجهت بعد سراك الغري
فلا تذق النوم الا غرارا
فحط الرحال بذاك المحل
وعن ارضه قدما لا تزل
وكن لسما قبره مستهل
وقف وقفة البائس المستذل
وسر في الغمار وشم الغبارا
فان طعت رب السما فارضه
فحب الائمة من فرضه
وضاعف ثوابك من فرضه
وعفر خدودك في ارضه
وقل يارعى اللّه مغناك دارا
اذا جئت ذاك الحمى سلما
وكن والها بالفنا مغرما
وزر قبر من بالمعالي سما
فثم ترى النور مل‏ء السما
يعم الشعاع ويغشى الديارا
اذا لم تكن حاضرا عصره
فكن بالبكا مدركا نصره
فقف عنده وامتثل امره
وقل سائلا كيف يا قبره
حويت الزمان وحزت الفخارا
وقف والها وابر من ضده
وبث اليه الهوى وابده
ولا تبرح الارض من عنده
وابلغه يا صاح من عبده
سلام محب تناءى ديارا
الا زره ثم احظ في قربه
لتكسب اجرا وتنجو به
وقم والتثم ترب اعتابه
واظهر عناك بابوابه
معفر خديك فيه احتقارا
ويا من اتى بعد قطع الفلا
امام الهدى وشفيع الملا
تمسك به فهو عقد الولا
فمن كان مستاثرا في البلا
سوى حيدر لا يفك الاسارى
وكثر بكاك بذاك المكان
وقل يا قسيم اللظ‏ى والجنان
عبيدك يرجو لديك الامان
دعاه البلا وجفاه الزمان
وفيك من الحادثات استجارا
مواليك مستاثر في يديك
ولم يكل الفك الا عليك
اتاك من الذنب يشكو اليك
ابت نفسه الذل الا لديك
وبعد المهيمن فيك استجارا
اليك التجى يا سفين النجاة
وعن حبكم ما له في الحياة
فقه محنة القبر عند الممات
فانت وان حلت النازلات
فتى لا يضيم له الدهر جارا
امام له خص رب السما
وفي يده الحوض يوم الظما
وماوى الطريد وحامي الحمى
ابى ان يباح حماه كما
ابى ان يرى في‏الحروب الضرارا
امام تحن المطايا اليه
وتزوى ذنوب البرايا لديه
غدا ارتجي شربة من يديه
وليس المعول الا عليه
ولا غيره كان لي مستجارا
فما خاب من يشتكي حاله
لمن في الوصية اوحى له
اله السما وارتضى ما له
فان الذي ناط اثقاله
به كلها ووقاه العثارا
امام به الشرك عني خفى
وللظلم والفسق عنا نفى
وواخاه واختاره المصطفى
خلاصة اهل التقى والوفا
وركن الهدى ودليل الحيارى
لنا اظهر الدين لما خفي
ومن ذكره كم عليل شفي
ولي الاله التقي الوفي
علي الذي شهد اللّه في
فضيلته وارتضاه جهارا
فكم في الوغى بطلا قد اذل
وآوى كريما وكهفا اظل
نعم هو رب العطاء الاجل
يحل الندي به حيث حل
ويرحل في اثره حيث سارا
به انتصر الدين لما فشا
واخصبت الارض لما مشى
له مفخر في البرايا فشا
فتى قل بتعظيمه ما تشا
سوى ما ادعته بعيسى النصارى
امام لدى الحوض يسقي‏العطاش
بيوم ترى الخلق مثل الفراش
علي الذي قدره لا يناش
فدى احمدا بمبيت الفراش
وصاحبه حيث جاء المغارا
علي اميري ونعم الامير
مجيري غدا من لهيب السعير
وكان لاحمد نعم النصير
وواخاه امرا غداة الغدير
من اللّه نصا به واختيارا
علي امامي والا فلا
ومن خصه اللّه رب العلا
توليته وهو عقد الولا
اعز الورى واجل الملا
محلا وازكى قريش نجارا
هدى الخلق في دينه المستقيم
كما انتصروا فيه اهل الرقيم
ونال الرضا من اله كريم
ويا فلك نوح ونار الكليم
وسر البساط الذي فيه سارا
ايا سيدي يا اخا المصطفى
ومن لك بعد النبي الصفا
عليك سلامي لوقت الوفا
متى ما اضا بارق واختفى
بليل وما حادي العيس سارا
القصيدة وتخميسها((750))

الشاعر
الشيخ محمد بن الحسين بن عبدالصمد الحارثي العاملي
الجبعي، شيخ الاسلام، بهاء الملة والدين، واستاذ
الاساتذة‏والمجتهدين، وفي شهرته الطائلة، وصيته الطائر في
التضلع من العلوم، ومكانته الراسية من الفضل والدين، غنى عن
تسطيرالفاظ الثناء عليه، وسرد جمل الاطراء له، فقد عرفه من
عرفه، ذلك الفقيه المحقق، والحكيم المتاله، والعارف
البارع،والمؤلف المبدع، والبحاثة المكثر المجيد، والاديب
الشاعر والضليع من الفنون باسرها، فهو احد نوابغ الامة
الاسلامية،والاوحدي من عباقرتها الاماثل، بطل العلم والدين
الفذ على حد قول المحبي في خلاصته (3/440):
صاحب التصانيف والتحقيقات، وهو احق من كل حقيق بذكر
اخباره، ونشر مزاياه، واتحاف العالم بفضائله وبدائعه،وكان امة
مستقلة في الاخذ باطراف العلوم، والتضلع بدقائق الفنون، وما
اظن الزمان سمح بمثله، ولا جاد بنده، وبالجملة‏فلم تتشنف
الاسماع باعجب من اخباره. انتهى.
ينتهي نسبه الى التابعي العلوي مذهبا الكبير الحارث
الهمداني، وقد اسلفنا القول فيه عند ترجمة والده الطاهر
الشيخ‏حسين.
تجد ترجمته والثناء عليه بما هو اهله في غضون كثير من
معاجم التراجم((751)).
سلافة العصر (ص‏289)، امل الامل (ص‏26)، تذكرة نصرآبادي
(ص‏150)، الروضة البهية لسيدنا الشفيع، ريحانة الالباءلشهاب
الدين الخفاجي (ص‏103 107)، خلاصة الاثر للمحبي (3/440
455) جامع الرواة للاردبيلي، اجازات البحار(ص‏123)، نقد
الرجال (ص‏303)، محبوب القلوب للاشكوري، لؤلؤة البحرين
(ص‏15)، رياض الجنة للزنوزي في‏الروضة الرابعة في حرف الباء
بعنوان البهائي، الاجازة الكبيرة للشيخ عبداللّه السماهيجي،
الاجازة الكبيرة للشيخ ميرزاحيدر علي بن عزيز اللّه النظري
الاصبهاني، تاريخ عالم آراي (1/115)، الاعلام للزركلي
(3/889)، نسمة السحر فيمن‏تشيع وشعر، روضات الجنات
(ص‏632)، مستدرك الوسائل (3/417)، رياض العارفين
(ص‏45)، مجمع الفصحاء (2/8)روضة الصفاء (ج‏8) في ذكر
معاصري الصفوية من العلماء، نجوم السماء (ص‏26)، طرائق
الحقائق (1/137)، مطلع الشمس(2/157، 386)، تتميم امل
الامل لابن ابي شبانة ، تكملة الرجال للشيخ عبدالنبي
الكاظمي، شرح قصيدته : وسيلة الفوزوالامان لاحمد المنيني،
قصص العلماء (ص‏169)، تكملة امل الامل لسيدنا ابي محمد
الحسن صدر الدين الكاظمي، تنقيح‏المقال (3/107)، هدية
الاحباب (ص‏109)، الكنى والالقاب (2/89)، سفينة البحار
(1/113)، الفوائد الرضوية (2/502 آ521)، مفتاح التواريخ
(ص‏332)، منن الرحمن (1/6)، دائرة المعارف للبستاني
(11/462 464)، تاريخ آداب اللغة العربية(3/328)، وفيات
الاعلام لشيخنا الرازي، معجم المطبوعات (ص‏1262)، مجلة
العرفان، الجزء الثامن والتاسع من المجلدالثاني الصادر سنة
(1328) (ص‏383، 407 413، 472 476، 521).
والف تلميذه العلامة المولى مظفر الدين علي رسالة في ترجمة
استاذه المترجم له، وكذلك افرد الشيخ ابو المعالي ابن
الحاج‏محمد الكلباسي في ترجمته رسالة، وطبع اخيرا كتاب
في تاريخ حياته الفه الكاتب الشهير نفيسي الطهراني، وستقف
على‏كلمتنا في آخر الترجمة حول الكتاب.