كان حقا على الحافظين الخطيب وابن الجوزي ان يذكرا شطرا
من حياة هذا الرجل بعد الكتاب المذكور المغمورة
باليساروالنعمة لتكون تصديقا للخبر وشاهدا على صحة
المزعمة، لكنهما اغفلا عن ذلك فلم يقم لنا شاهد ولا حجة.

51 الحوراء تكلم ابا يحيى
قال ابو يحيى زكريا بن يحيى الناقد((498)): اشتريت من اللّه
حوراء باربعة آلاف ختمة، فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب
من‏الحوراء وهي تقول: وفيت بعهدك فها انا التي قد اشتريتني.
تاريخ بغداد للخطيب (8/462)، المنتظم لابن
الجوزي((499)) (6/8)، مناقب احمد لابن الجوزي((500))
(ص‏510).
ليس لك ان تناقش في المدة التي ختم ابو يحيى فيها الاربعة
آلاف ختمة، فان من الممكن عند القوم ان يختمها في
بضع‏دقائق، فان ابا مدين المغربي كان يختم في اليوم والليلة
سبعين الف ختمة.

52 دعاوى سهل بن عبداللّه التستري
ذكر الشعراني في طبقات الاخيار((501)) (1/158) نقلا عن
كتاب الجواهر لسهل ابن عبداللّه التستري المتوفى (283) انه
قال:اشهدني اللّه تعالى ما في العلى وانا ابن ست سنين، ونظرت
في اللوح المحفوظ وانا ابن ثمان سنين، وفككت طلسم
السماءواناابن تسع سنين، ورايت في السبع المثاني حرفا معجما
حار فيه الجن والانس ففهمته، وحمدت اللّه على معرفته،
وحركت‏ما سكن وسكنت ما تحرك باذن اللّه تعالى وانا ابن اربع
عشرة سنة.
قال الاميني : ليت شعري متى ما اشهد اللّه ما في العلى نبيه
الاعظم صاحب الرسالة الخاتمة ؟ ومتى ما نظر (ص) في
اللوح‏المحفوظ وفك طلسم السماء ؟ وهل راى ذلك الحرف
المعجم الذي حار فيه الجن والانس وفهمه، وهل حرك وسكن
باذن‏اللّه؟
ايم اللّه ان هذه الاساطير المشمرجة((502)) لا يبوح بها الا من
يتخبطه الشيطان من المس، وان هي الا سم ناقع على
روح‏الاسلام تمس كرامة الاولياء، وتشوه سمعة الامة المسلمة،
وتسود صحيفة تاريخها عند الامم، وتضحك الملا على
عقلية‏اولئك المؤلفين الذين جمعت بيراعهم اشتات التاريخ
الاسلامي.

53 سهل وجبل قاف
عن سهل بن عبداللّه، قال: صعدت جبل قاف فرايت سفينة نوح
مطروحة فوقه. وقيل لابي يزيد (رضى‏ا...عنه): هل‏بلغت جبل
قاف ؟ فقال: جبل قاف امره قريب بل جبل كاف وجبل صاد
وجبل عين، وهي محيطة بالارض، حول كل‏ارض جبل بمنزلة
حائطها، وجبل قاف بهذه الارض وهي اصغر الارضين، وهو ايضا
اصغر الجبال، وهو جبل من زمردة‏خضراء وقيل: ان خضرة
السماء من خضرته. وروي: ان الدنيا كلها خطوة للولي. وحكي:
ان وليا من اولياء اللّه تعالى‏احتاج الى النار فرفع يده الى القمر
فاقتبس منه جذوة في خرقة كانت معه((503)).
قال الاميني : حقا قيل: الجنون فنون. وايم اللّه يميت القلب
ويجلب الهم ضياع التاريخ الاسلامي بيد هؤلاء المشعوذين
الذين‏شوهوا صحائفه بامثال هذه الترهات التي لم يخلق مثلها
في اساطير الاولين.

54 وحشي اتى بماء الوضوء
قال سهل بن عبداللّه (رضى ا... عنه): اول ما رايت من العجائب
والكرامات اني خرجت يوما الى موضع خال فطاب لي‏المقام
فيه، فوجدت من قلبي قربا الى اللّه تعالى، وحضرت الصلاة
واردت الوضوء، وكانت عادتي من صباي تجديدالوضوء لكل
صلاة، فكاني اغتممت لفقد الماء، فبينما انا كذلك، واذا دب
يمشي على رجليه كانه انسان معه جرة خضراء قدامسك بيديه
عليها، فلما رايته من بعيد توهمت انه آدمي حتى دنا مني
وسلم علي ووضع الجرة بين يدي، فجاءني اعتراض‏العلم فقلت:
هذه الجرة والماء من اين هو ؟ فنطق الدب وقال: يا سهل انا قوم
من الوحوش قد انقطعنا الى اللّه تعالى بعزم‏المحبة والتوكل،
فبينما نحن نتكلم مع اصحابنا في مسالة اذ نودينا: الا ان سهلا
يريد ماء ليجدد الوضوء. فوضعت هذه الجرة‏بيدي، واذا بجنبي
ملكان فدنوت منهما فصبا فيها الماء من الهواء وانا اسمع خرير
الماء. الى آخر القصة.
روض الرياحين((504)) (ص‏104، 105).
قال الاميني : سل عن هذه العجائب الدب الطلق الذلق صاحب
الجرة الخضراء، او بقية الوحوش المنقطعة الى اللّه بعزم‏المحبة
والتوكل، او سل الملكين ان سهل لك السبيل اليهما، وان لم
تجدهما فسل عقلك واتخذه حكما، واستعذ باللّه من
هذه الاوهام المخزية.

55 قصة فيها كرامتان
قال عبداللّه بن حنيف (ره): دخلت بغداد قاصدا الحج، ولم آكل
الخبز اربعين يوما، ولم ادخل على الجنيد وكنت على طهارة،

فرايت ظبيا على راس البئر وهو يشرب وكنت عطشانا، فلما
دنوت الى البئر ولى الظبي، فاذا الماء في اسفل البئر،فمشيت
وقلت: يا سيدي ما لي محل هذا الظبي ؟ فنوديت من خلفي:
جربناك فلم تصبر فارجع وخذ، فرجعت فاذا البئرملانة ماء،
فملات ركوتي، فكنت اشرب منه واتطهر الى المدينة ولم انفد،
ولما استقيت سمعت هاتفا يقول: ان الظبي جاء بلاركوة‏ولا
حبل وانت جئت معك الركوة. فلما رجعت من الحج دخلت
الجامع، فلما وقع بصر الجنيد علي قال: لو صبرت‏ولو ساعة
لنبع الماء من تحت رجليك.
الروض الفائق (ص‏127).
قال الاميني : اوهام متراكمة بعضها فوق بعض، وهل ترك
الجنيد للانبياء والرسل علما بالمغيب ولم يبح به، وهل اتى
البئرالعميقة ولي من الاولياء بلا ركوة ولا حبل كالظباء التي
تفقدهما ولا يسعها التاهب بامثالهما، واما الانسان العادي
فليس‏له وهو سار في عالم الاسباب الا ان يحمل معه ادوات
حاجته، هكذا خلق اللّه البشر، وهو ظاهر كثير من
الاحاديث‏الشريفة. وحسبك سيرة النبي الاعظم والمرسلين
من الانبياء صلوات اللّه عليهم اجمعين. وكلهم للّه اولياء،
وجميعهم افضل‏من ابن حنيف.

56 حلق اللحية للّه
اخرج الحافظ ابو نعيم في حلية الاولياء (10/370) قال: سمعت
ابا نصر يقول: سمعت احمد بن محمد النهاوندي يقول:
مات‏للشبلي((505)) ابن كان اسمه غالبا، فجزت امه شعرها
عليه، وكان للشبلي لحية كبيرة فامر بحلق الجميع، فقيل له:
يا استاذ ماحملك على هذا ؟ فقال: جزت هذه شعرها على
مفقود، فكيف لا احلق لحيتي انا على موجود ؟
قال الاميني : اهلا بالناسك الفقيه، ومرحبا بالاولياء امثال هذا
المتخلع الجاهل بحكم الشريعة وزه بمدون اخبارهم،
ومنتقي‏آثار الاوحديين منهم كابي نعيم! كيف خفي على هذا
الفقيه البارع في مذهب مالك فتوى مالك وحرمة حلق
اللحية،واصفاق بقية الائمة معه على ذلك، كيف خفي عليه
الحكم ؟ وهو ذلك الفقيه المتضلع الذي اجاب في دم الحيض
المشتبه‏بدم الاستحاضة بثمانية عشر جوابا للعلماء، وقدجالس
الفقهاء عشرين سنة((506)). وهلا وقف وهو مدرس الحديث
عشرين‏عاما على الماثورات النبوية الدالة على حرمة حلق
اللحية المروية من عدة طرق ؟ منها:
1 عن عائشة مرفوعا: «عشر من الفطرة‏»، فذكر منها: اعفاء
اللحية. وجاءمن طريق ابي هريرة ايضا.
صحيح مسلم (1/153)، سنن البيهقي(1/149)، سنن ابي داود
(1/9، 10)، صحيح الترمذي (10/216)، مشكل الاثار(1/297)،
المعتصر من المختصر (2/220)، طرح التثريب (1/73)، نيل
الاوطار (1/135) عن احمد ومسلم
والنسائي‏والترمذي((507)).
2 عن ابن عمر مرفوعا: «اعفوا اللحى، واحفوا الشوارب، خالفوا
المشركين‏».
صحيح مسلم (1/153)، سنن النسائي (1/16)، جامع الترمذي
(10/221) بلفظ: احفوا الشوارب، واعفوا اللحى، سنن‏البيهقي
(1/149) عن الصحيحين، المحلى لابن حزم (2/220)، تاريخ
الخطيب (4/345)((508)).
3 عن ابن عمرمرفوعا: «خالفوا المشركين، وفروااللحى،
واحفوا الشوارب‏».
اخرجه((509)) : البخاري في صحيحه، ومسلم في الصحيح
(1/153) بلفظ: خالفواالمشركين، وحفوا الشوارب واوفوا
اللحى.سنن البيهقي (1/150)، نيل الاوطار (1/141) قال: متفق
عليه.
4 عن ابي هريرة مرفوعا: «جزوا الشوارب، وارخوا اللحى،
وخالفوا المجوس‏».
صحيح مسلم (1/153)، سنن البيهقي (1/150)، تاريخ الخطيب
(5/317) بلفظ: احفوا الشوارب واعفوا اللحى، زاد المعادلابن
القيم (1/63) بلفظ: قصوا الشوارب. وفي (ص‏64) بلفظ: جزوا
الشوارب. نيل الاوطار (1/141) عن احمدومسلم((510)).
5 عن ابن عمر قال: ان رسول اللّه (ص) امر باحفاء الشوارب
واعفاء اللحى.
صحيح مسلم (1/153)، صحيح الترمذي (10/221)، سنن ابي
داود (2/195)، سنن البيهقي (1/151)((511)).
6 عن ابي امامة قال: قلنا: يا رسول اللّه ان اهل الكتاب يقصون
عثانينهم((512)) ويوفرون سبالهم. فقال: «قصوا
سبالكم،ووفروا عثانينكم، وخالفوا اهل الكتاب‏».
اخرجه احمد في المسند((513)) (5/264).
7 من حديث ابن عمر في المجوس: «انهم يوفرون سبالهم،
ويحلقون لحاهم،فخالفوهم‏».
اخرجه((514)) : ابن حبان في صحيحه، كما ذكره العراقي في
تخريج الاحياء للغزالي المطبوع في ذيله (1/146).
8 عن انس: «احفوا الشوارب، واعفوا اللحى، ولا تشبهوا
باليهود».
اخرجه الطحاوي كما في شرح راموز الحديث (1/141).
9 عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده: ان النبي (ص) كان
ياخذ من‏لحيته من عرضها وطولها.
صحيح الترمذي((515)) (1/220).
وكيف عزب عن الشبلي ما ذهب اليه القوم من ان حلق اللحية
من تغيير خلق اللّه الوارد في قوله تعالى: ( ولا مرنهم‏فليغيرن
خلق اللّه )((516)). وقد افرط جمع في الاخذ به فقال بحرمة
حلق اللحية والشارب للمراة ايضا.
قال الطبري: لا يجوز للمراة تغيير شي‏ء من خلقتها التي خلقها
اللّه عليها بزيادة او نقص ، التماس الحسن، لا للزوج ولالغيره،
كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج او
عكسه، ومن تكون لها سن زائدة فتقلعها، او طويلة‏فتقطع منها،
او لحية او شارب او عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها
قصيرا او حقيرا فتطوله او تغزره بشعرغيرها، فكل ذلك داخل
في النهي، وهو من تغيير خلق اللّه تعالى. قال: ويستثنى من
ذلك ما يحصل به الضرر والاذية كمن‏يكون لها سن زائدة او
طويلة تعيقها في الاكل، او اصبع زائدة تؤذيها او تؤلمها فيجوز
ذلك،والرجل في هذه الاخيركالمراة((517)).
وقال القرطبي في تفسيره((518)) (5/393) في تفسير الاية:
لا يجوز لها للمراة حلق لحية او شارب او عنفقة ان نبتت
لها،لان كل ذلك تغيير خلق اللّه.
وكيف خفي على الشبلي ما انتهى الى ابن حزم الظاهري من
الاجماع الذي نقله في كتابه مراتب الاجماع (ص‏157)
على‏ان‏حلق جميع اللحية مثلة لا تجوز، ولا سيما للخليفة،
والفاضل، والعالم، وعد في (ص‏52) ناتف اللحية ممن لا
تقبل‏شهادته.
وهلم الى كلمات اعلام الفقه:
1 قال الحافظ العراقي في طرح التثريب (2/83): من خصال
الفطرة اعفاء اللحية، وهو توفير شعرها وتكثيره، وانه لايؤخذ
منه كالشارب. من عفا الشي‏ء اذا كثر وزاد. وفي الصحيحين من
حديث ابن عمر الامر بذلك اعفوا اللحى وفي‏رواية: اوفوا.
وفي رواية: وفروا. وفي رواية: ارخوا. وهي بالخاء المعجمة على
المشهور وقيل بالجيم. من الترك والتاخير،واصله الهمزة
فحذف تخفيفا كقوله: (ترجي من تشاء منهن )((519)).
واستدل به الجمهور على ان الاولى ترك اللحية على حالها،
وان لا يقطع منهاشي‏ء وهو قول الشافعي واصحابه،
وقال‏القاضي عياض: يكره حلقها وقصها وتحريقها. وقال
القرطبي في المفهم: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير
منها،وقال القاضي عياض: واما الاخذ من طولها فحسن. قال:
وتكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في قصها وجزها. قال:
وقداختلف السلف هل لذلك حد ؟ فمنهم من لم يحدد شيئا
في ذلك الا انه لا يتركها لحد الشهرة وياخذ منها، وكره مالك
طولهاجدا ، ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال، ومنهم
من كره الاخذ منها الا في حج او عمرة.
2 قال الغزالي في الاحياء((520)) (1/146): قوله (ص): «اعفوا
اللحى‏». اي كثروها، وفي الخبر: ان اليهود يعفون
شواربهم،ويقصون لحاهم، فخالفوهم. وكره بعض العلماء الحلق
ورآه بدعة. وقال((521)) في (ص‏148): وقد اختلفوا فيما طال
منها فقيل:ان قبض الرجل على لحيته واخذ ما فضل عن
القبضة فلا باس، فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين،
واستحسنه‏الشعبي وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة وقالا:
تركها عافية احب، لقوله (ص): «اعفوا اللحى‏». والامر في
هذاقريب ان لم ينته الى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب،
فان الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق السنة
المغتابين‏بالنبز((522)) اليه، فلا باس بالاحتراز عنه على هذه
النية.
3 قال ابن حجر في فتح الباري((523)) (10/288) عند ذكر
حديث نافع: كان ابن عمر اذا حج او اعتمر قبض على لحيته
فمافضل اخذه.
الذي يظهر ان ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك،
بل كان يحمل الامر بالاعفاء على غير الحالة التي تشوه
فيهاالصورة بافراط طول شعر اللحية او عرضه، فقد قال
الطبري: ذهب قوم الى ظاهر الحديث، فكرهوا تناول شي‏ء
من‏اللحية من طولها ومن عرضها، وقال قوم: اذا زاد على
القبضة يؤخذ الزائد، ثم ساق بسنده الى ابن عمر انه فعل
ذلك،والى عمر انه فعل ذلك برجل، ومن طريق ابي‏هريرة انه
فعله، واخرج ابو داود((524)) من حديث جابر بسند حسن قال:
نعفي السبال الا في حج او عمرة. وقوله: نعفي. بضم اوله
كنا
وتشديد الفاء اي نتركه وافرا، وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر،فان
السبال بكسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبلة بفتحتين
وهي ما طال من شعر اللحية فاشار جابر الى انهم‏يقصرون منها
في النسك، ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية،
هل له حد ام لا ؟ فاسند عن جماعة الاقتصارعلى اخذ الذي
يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن البصري: انه يؤخذ من
طولها وعرضها ما لم يفحش، وعن عطاءنحوه قال: وحمل هؤلاء
النهي على منع ما كانت الاعاجم تفعله من قصها وتخفيفها،
قال: وكره آخرون التعرض لها الا في‏حج او عمرة، واسنده عن
جماعة واختار قول عطاء، وقال: ان الرجل لو ترك لحيته لا
يتعرض لها حتى افحش طولهاوعرضها لعرض نفسه لمن يسخر
به، واستدل بحديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده: ان
النبي(ص) كان ياخذ من‏لحيته من عرضها وطولها. وهذا
اخرجه الترمذي((525))، ونقل عن البخاري انه قال في رواية
عمر ابن هارون: لا اعلم له‏حديثا منكرا الا هذا، وقد ضعف عمر
بن هارون مطلقا جماعة.
وقال عياض: يكره حلق اللحية وقصها وتجذيفها، واما الاخذ من
طولها وعرضها اذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة‏في
تعظيمها كما يكره في تقصيرها كذا قال: وتعقبه النووي بانه
خلاف ظاهر الخبر في الامر بتوفيرها، قال: والمختار تركهاعلى
حالها وان لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره. وكان مراده بذلك
في غير النسك لان الشافعي نص على استحبابه فيه.
وقال((526)) في (ص‏289): انكر ابن التين ظاهر ما نقل عن
ابن عمر فقال: ليس‏المراد انه كان يقتصر على قدر القبضة
من‏لحيته، بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذ منها، فيمسك
من اسفل ذقنه باصابعه الاربعة ملتصقة، فياخذ ما سفل عن
ذلك‏ليتساوى طول لحيته، قال ابو شامة: وقد حدث قوم
يحلقون لحاهم وهو اشد مما نقل عن المجوس انهم كانوا
يقصونها.وقال النووي((527)): يستثنى من الامر باعفاء اللحى
ما لو نبتت للمراة لحية فانه يستحب لها حلقها، وكذا لو نبت لها
شارب‏او عنفقة.
4 قال المناوي في فيض القدير (1/198): اعفوا اللحى :
وفروها((528))، فلا يجوز حلقها ولا نتفها، ولا قص الكثير
منها، كذافي التنقيح، ثم زاد الامر تاكيدا مشيرا الى العلة بقوله:
ولا تشبهوا باليهود في زيهم الذي هو عكس ذلك، وفي خبر
ابن‏حبان((529)) بدل اليهود: المجوس. وفي آخر: المشركين.
وفي آخر: آل كسرى. قال الحافظالعراقي: والمشهور انه من
فعل‏المجوس فيكره الاخذ من اللحية، واختلف السلف فيما
طال منها فقيل: لا باس ان يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة
كمافعله ابن عمر، ثم جمع من التابعين واستحسنه الشعبي
وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة، والاصح كراهة اخذ ما
لم‏يتشعث ويخرج عن السمت مطلقا.
5 قال السيد علي القاري في شرح الشفا للقاضي((530)):
حلق اللحية منهي عنه، واما اذا طالت زيادة على القبضة
فله‏اخذها.
6 في شرح الخفاجي على الشفا (1/343): وتقصير اللحية
حسن كما مر ، وهيئته تحصل بقص ما زاد على القبضة،ويؤخذ
من طولها ايضا، واما حلقها فمنهي عنه لانه عادة المشركين.
7 قال الشوكاني في نيل الاوطار((531)): اعفاء اللحية
توفيرها كما في القاموس، وفي رواية للبخاري: وفروا اللحى.
وفي رواية‏اخرى لمسلم: اوفوا اللحى. وهو بمعناه، وكان من
عادة الفرس قص اللحية، فنهى الشارع عن ذلك وامر باعفائها.
قال‏القاضي عياض: يكره حلق اللحية وقصها وتحريقها، واما
الاخذ من طولها وعرضها فحسن، ثم نقل الاقوال في حد مازاد.
وقال((532)) في (ص‏142): قد حصل من مجموع الاحاديث
خمس روايات: اعفوا، واوفوا، وارخوا، وارجوا، ووفروا.
ومعناهاكلها تركها على حالها. قوله: خالفوا المجوس. قد سبق
انه كان من عادة الفرس قص اللحية، فنهى الشرع عن ذلك.
8 في شرح راموز الحديث (1/141): اشار الى العلة في خبر ابن
حبان: المجوس، بدل اليهود، وفي آخر: المشركين. وفي‏اخرى:
كسرى. قال العراقي: المشهور : انه فعل المجوس، فكره الاخذ
من اللحية، واختلف السلف فيما طال. ثم نقل الاقوال‏التي
ذكرناها.
9 احسن كلمة تجمع شتات الفتاوى وآراء ائمة المذاهب في
المسالة ما افاده الاستاذ محفوظ في الابداع
في‏مضارالابتداع((533)) (ص‏405) قال: ومن اقبح العادات ما
اعتاده الناس اليوم من حلق اللحية وتوقير الشارب، وهذه
البدعة‏كالتي قبلها سرت الى المصريين من مخالطة الاجانب
واستحسان عوائدهم حتى استقبحوا محاسن دينهم وهجروا
سنة‏نبيهم محمد (ص)، فعن ابن عمر (رضى‏ا...عنه) عن النبي
(ص) قال: «خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفواالشوارب‏».
وكان ابن عمر اذا حج او اعتمر قبض‏على لحيته فما فضل
اخذه. رواه البخاري((534)). وروى مسلم((535)) عن
ابن‏عمر ايضا عن النبي(ص) قال: «احفوا الشوارب واعفوا
اللحى‏». الى ان قال بعد ذكر عد ة من احاديث الباب:والاحاديث
في ذلك كثيرة وكلها نص في وجوب توقير اللحى وحرمة
حلقها والاخذ منها على ما سياتي.
ولا يخفى ان قوله: خالفوا المشركين، وقوله خالفوا المجوس،
يؤيدان الحرمة، فقد اخرج ابو داود((536)) وابن حبان
وصححه‏عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه(ص): «من تشبه
بقوم فهو منهم‏». وهو غاية في الزجر عن التشبه بالفساق او
بالكفارفي اي شي‏ء مما يختصون به من ملبوس او هيئة، وفي
ذلك خلاف العلماء، منهم من قال بكفره وهو ظاهر الحديث،
ومنهم‏من قال: لا يكفر ولكن يؤدب.
فهذان الحديثان بعد كونهما امرين دالان على ان هذا الصنع
من هيئات الكفار الخاصة بهم اذ النهي انما يكون عما
يختصون‏به. فقد نهانا (ص) عن التشبه بهم عاما في قوله: «من
تشبه‏» ومن افراد هذا العام حلق اللحية. وخاصا في قوله:«وفروا
اللحى، خالفوا المجوس، خالفوا المشركين‏».
ثم ما تقد م من الاحاديث ليس على اطلاقه، فقد روى
الترمذي((537)) عن عبداللّه ابن عمرو بن العاص قال: كان
رسول اللّه(ص) ياخذ من لحيته من عرضها وطولها. وروى ابو
داود والنسائي: ان ابن عمر كان يقبض على لحيته فيقطع ما
زاد على‏الكف. وفي لفظ: ثم يقص ما تحت القبضة. وذكره
البخاري((538)) تعليقا. فهذه الاحاديث تقيد ما رويناه آنفا.
فيحمل الاعفاءعلى اعفائها من ان ياخذ غالبها او كلها.
وقد اتفقت المذاهب الاربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة
حلقها والاخذ القريب منه:
الاول : مذهب الحنفية. قال في الدر المختار((539)): ويحرم
على الرجل قطع لحيته وصرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد
على‏القبضة بالضم، واما الاخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله
بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه احد. واخذ كلها
فعل‏يهود الهند ومجوس الاعاجم. انتهى. وقوله: وما وراء ذلك
يجب قطعه. هكذا عن رسول‏اللّه (ص)انه كان ياخذ من
اللحية‏من طولها وعرضها، كما رواه الامام الترمذي في جامعه،
ومثل ذلك في اكثر كتب الحنفية.
الثاني : مذهب السادة المالكية حرمة حلق اللحية وكذا قصها
اذا كان يحصل به مثلة. واما اذا طالت قليلا وكان القص
لايحصل به مثلة فهو خلاف الاولى او مكروه، كما يؤخذ من
شرح الرسالة لابي الحسن وحاشيته للعلامة العدوي
رحمهم‏اللّه.
الثالث : مذهب السادة الشافعية. قال في شرح العباب: فائدة:
قال الشيخان: يكره حلق اللحية. واعترضه ابن الرفعة
بان‏الشافعي (رضى‏ا...عنه) نص في الام على التحريم. وقال
الاذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة بها. انتهى.
ومثله‏في حاشية ابن قاسم العبادي على الكتاب المذكور.
الرابع : مذهب السادة الحنابلة نص في تحريم حلق اللحية.
فمنهم من صرح بان المعتمد حرمة حلقها. ومنهم من
صرح‏بالحرمة ولم يحك خلافا كصاحب الانصاف، كما يعلم
ذلك بالوقوف على شرح المنتهى وشرح منظومة الاداب
وغيرهما.
ومما تقدم تعلم ان حرمة حلق اللحية هي دين اللّه وشرعه
الذي لم يشرع لخلقه سواه، وان العمل على غير ذلك
سفه‏وضلالة، او فسق وجهالة، او غفلة عن هدي سيدنا محمد
(ص). انتهى.
نعم ، لم يكن الشبلي ولا الحافظ الذي يثني عليه بحلق لحيته
في حب اللّه، ولا الحفاظ الاخرون الذين اطنبوا القول
حول‏لحية ابي بكر الصديق محتاجين الى اللحية، بل كانوا
يفتقرون الى عقل تام، كما جاء فيما ذكره السمعاني في
الانساب((540)) في‏الرستمي عن مطين((541)) بن احمد،
قال: رايت النبي (ص) في المنام فقلت له: يا نبي اللّه اشتهي
لحية كبيرة. فقال: لحيتك جيدة‏وانت محتاج الى عقل تام.

57 عمود نور من السماء الى قبر الحنبلي
ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب((542)) (3/46)
في ترجمة ابي بكر عبدالعزيز بن جعفر الحنبلي المعروف بغلام
الخلال‏المتوفى سنة (363) قال: حكى ابو العباس بن ابي عمرو
الشرابي، قال: كان لنا ذات ليلة خدمة امسيت لاجلها، ثم
اني‏خرجت منها نوبة الناس((543)) وتوجهت الى داري بباب
الازج، فرايت عمود نور من جوف السماء الى جوف
المقبرة،فجعلت انظر اليه ولا التفت خوفا ان يغيب عني، الى ان
وصلت الى قبر ابي بكر عبدالعزيز، فاذا انا بالعمود من
جوف‏السماء الى القبر، فبقيت متحيرا ومضيت وهو على حاله.
قال الاميني : ابو بكر الحنبلي هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم
في عصره صاحب‏التصانيف، وهو الراوي من الخلال
عن‏الحمصي عن امام الحنابلة احمد: انه سئل عن التفضيل
فقال: من قدم عليا على ابي بكر فقد طعن على رسول اللّه
(ص)،ومن قدمه على عمر فقد طعن على رسول اللّه (ص)
وعلى ابي بكر، ومن قدمه على عثمان فقد طعن على ابي بكر
وعمروعثمان وعلى اهل الشورى والمهاجرين والانصار.
وليت مثقال ذرة من ذلك النور الخيالي الممتد من قبر الرجل
سطع على مكمن بصيرته ابان حياته، فلا يخضع لكلمة
شيخه‏التافهة هذه التي تخالف الكتاب والسنة، وان مقدار
الرجل ينبو عن التدخل في هذا الشان العظيم الذي ليس هو
من رجاله‏لكن حن قدح ليس منها((544)) انى يقع قوله في
التفضيل مع آيتي المباهلة والتطهير ؟ ومقتضى الاولى اتحاد
مولانا اميرالمؤمنين (ع) مع صنوه النبي الاعظم (ص) فيما
يمكن اتحاد شخصين فيه، وليست هي الا الفضائل والفواضل
والمكارم‏والمثر ما خلا النبوة، فما ظنك برجل يوازنه (ص)
فيما ذكرناه من الفضل ؟ اليس من السخف ان يقال: من قدم
عليا. الى‏آخره ؟ ومقتضى الثانية عصمته صلوات اللّه عليه عن
جميع الذنوب والمعاصي، وهل يوازي المعصوم من يجترح
السيئات‏ويقترف الاثام ؟ لكن صاحب النور يروي: من قدم عليا.
الى آخره. ولا يبالي بما يروي.
فمقتضى المقام ان يقال: من قدم احدا على مولانا امير
المؤمنين فقد طعن على الكتاب الكريم ومن صدع به (ص)
ومن‏انزله جلت عظمته.
وانى يقع قول صاحب النور المروي عن امامه احمد امام السنة
المتواترة الواردة من شتى النواحي في فضل الامام صلوات‏اللّه
عليه المتقدمة في الاجزاء السابقة من هذا الكتاب((545)) ؟
فمن قدمه سلام اللّه عليه على ابي بكر وصاحبيه فقد
جاءبالحجة البالغة، والنور الساطع، واخذ بالعروة الوثقى التي لا
انفصام لها.

58 تمر ينقلب رطبا لابن سمعون
اخرج الخطيب في تاريخه (1/275) قال: حدثنا ابو بكر محمد
بن محمد الطاهري قال: سمعت ابا الحسين بن
سمعون((546)) يذكرانه خرج من مدينة الرسول(ص) قاصدا
بيت المقدس، وحمل في صحبته تمرا صيحانيا، فلما وصل الى
بيت المقدس ترك‏التمر مع غيره من الطعام في الموضع الذي
كان ياوي اليه، ثم طالبته نفسه باكل الرطب فاقبل عليها
باللائمة وقال: من اين‏لنا في هذا الموضع رطب ؟ فلما كان
وقت الافطار عمد الى التمر لياكل منه فوجده رطبا صيحانيا !!
فلم ياكل منه شيئا، ثم‏عاد اليه من الغد عشية فوجده تمرا على
حالته الاولى فاكل منه.
وذكره ابن العماد في الشذرات((547)) (3/126).

59 ابن سمعون يخبر عما يراه النائم
اخرج ابن الجوزي في المنتظم((548)) (7/199) من طريق
ابي بكر الخطيب البغدادي، عن ابي طاهر محمد بن علي بن
العلاف،قال: حضرت ابا الحسين بن سمعون يوما في مجلس
الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم، وكان ابو الفتح القواس
جالساالى جنب الكرسي فغشيه النعاس ونام، فامسك ابو
الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ ابو الفتح ورفع راسه
فقال له‏ابو الحسين: رايت رسول اللّه (ص) في نومك ؟ قال:
نعم، فقال ابو الحسين: لذلك امسكت عن الكلام خوفا ان
تنزعج وتنقطع عما كنت فيه!

60 ابن سمعون وصبية الرصاص
قال ابن الجوزي في المنتظم((549)) (7/198): حكي ان
الرصاص الزاهد كان يقبل رجل ابن سمعون دائما فلا يمنعه،
فقيل له في‏ذلك فقال: كان في داري صبية خرج في رجلها
الشوكة، فرايت رسول اللّه (ص) في النوم، فقال لي: قل لابن
سمعون يضع‏رجله عليها فانها تبرا. فلما كان من الغد بكرت
اليه، فرايته قد لبس ثيابه، فسلمت عليه فقال: بسم اللّه، فقلت:
لعل له‏حاجة، امضي معه واعرض عليه في الطريق حديث
الصبية، فجاء الى داري فقال: بسم اللّه. فدخلت واخرجت
الصبية‏اليه وقد طرحت عليها شيئا، فترك رجله عليها
وانصرف، وقامت الجارية معافاة فانا اقبل رجله ابدا.

61 ملك ينزل لابي المعالي
كان ابو المعالي البغدادي المتوفى (496) من الصلحاء الزهاد،
ذكر انه اصابته فاقة شديدة في شهر رمضان، فعزم على‏الذهاب
الى بعض الاصحاب ليستقرض منه شيئا، قال: فبينما انا اريده
اذا بطائر قد سقط على كتفي وقال: يا ابا المعالي اناالملك
الفلاني، لا تمض اليه نحن ناتيك به. قال: فبكر الي الرجل.
رواه ابن الجوزي في المنتظم (9/136)، وابن كثير في تاريخه
(12/163)((550)).
الا تعجب من ابن الجوزي لا يمر على منقبة من مناقب آل
الرسول (ص) الا وحكم عليها بالوضع او الضعف او الوهن،لكنه
يرسل هذه الخزعبلات ارسال المسلم، ولا ينبس في اسنادها
ببنت شفة، ولا في متونها بما يقتضيه المقام من
التفنيدوالاحالة ؟! كل ذلك لانه غال فيمن يحبهم، وقال لمن
يشنؤهم.

62 اللّه يكلم ابا حامد الغزالي
قال صاحب مفتاح السعادة((551)) (2/194): قال ابو حامد
الغزالي((552)) في بعض‏مؤلفاته: كنت في بدايتي منكرا
لاحوال‏الصالحين ومقامات العارفين حتى حظيت بالواردات،
فرايت اللّه تعالى في المنام ! فقال لي يا ابا حامد قلت:
اوالشيطان‏يكلمني ؟ قال: لا. بل انا اللّه المحيط بجهاتك الست،
ثم قال: يا ابا حامد ذر اساطيرك وعليك بصحبة اقوام جعلتهم
في‏ارضي محل نظري، وهم اقوام باعوا الدارين بحبي. فقلت:
بعزتك الا اذقتني برد حسن الظن بهم. فقال: قد فعلت
ذلك‏والقاطع بينك وبينهم تشاغلك بحب الدنيا، فاخرج منها
مختارا قبل ان تخرج منها صاغرا، فقد امضيت عليك نورا
من‏انوار قدسي، فقم وقل. قال: فاستيقظت فرحا مسرورا،
وجئت الى شيخي يوسف النساج فقصصت عليه المنام
فتبسم‏وقال: يا ابا حامد هذا الواحنا في البداية فمحوناها، بلى
ان صحبتني ساكحل بصر بصيرتك باثمدالتاييد حتى ترى
العرش‏ومن حوله، ثم لا ترضى بذلك حتى تشاهد ما لا تدركه
الابصار فتصفو من كدر طبيعتك، وترتقي على طور
عقلك،وتسمع الخطاب من اللّه تعالى كما كان لموسى (ع) :
( انا اللّه رب العالمين)((553)).
قال الاميني : مادح نفسه يقرئك السلام ليت شعري هل كان
يضيق فم الشيطان عن ان يقول: انا اللّه المحيط بجهاتك
الست،كما لم تضق افواه المدعين للربوبية في سالف الدهر ؟
فمن اين عرف الغزالي بصرف الدعوى انه هو اللّه ؟ ولماذا لم
يحتمل بعدانه هو الشيطان ؟ وان كان قد صدق الرؤيا واذعن
بان اللّه هو الذي خاطبه فلماذا لم يدع الاساطير وقد خوطب
ب: ذرالاساطير. ولم ينسج على نول النساج شيخه الا التافهات
؟!
وليته كان يوجد في صيدلية النساج كحل آخر يحد بصر الغزالي
وبصيرته حتى لا يبوء باثم كبير مما في احيائه من‏رياضيات غير
مشروعة محبذة من قبله كقصة لص الحمام وغيرها، وحديث
منعه عن لعن يزيد اللعين في باب آفات‏اللسان الى امثاله الكثير
الباطل.
وما احد اثمد النساج الذي يترك من اكتحل به لا يرضى بعد
رؤيته العرش ومن حوله، حتى يشاهد ما لا تدركه
الابصار،ويسمع الخطاب كما سمعه موسى (انا اللّه رب
العالمين).
وانا الى الغاية لا ادري ان موسى (ع) المشارك له في السماع
هل شاركه في‏الرؤية ؟ ولعل صاحب الهذيان يجد نفسه
مربية‏على نبي اللّه موسى الذي هو من اولي العزم من الرسل،
وخوطب بقول اللّه العزيز: لن تراني يا موسى ! هكذا
فليكن السالك المجاهد الغزال!

63 يد الغزالي في يد سيد المرسلين
قال الشيخ الامام الزاهد شمس الدين ابو عبداللّه محمد بن
محمد الجلالي النسائي الشافعي: رايت في بعض تصانيف
الشيخ‏الامام مسعود الطرازي: ان الامام ابا حامد الغزالي
(رضى‏ا...عنه) كان قد اوصى ان يلحده الشيخ ابو بكر
النساج‏الطوسي تلميذ الشيخ الامام ابي القاسم الكرساني، قال:
فلما الحده وخرج من اللحد خرج متغيرا منتقع اللون، فقيل له
في‏ذلك فلم يخبر بشي‏ء، فاقسموا عليه باللّه الا ما اخبرتهم،
فقال: اني لما وضعته في اللحد شاهدت يدا يمنى قد خرجت
من‏تجاه القبلة، وسمعت هاتفا يقول ضع يد محمد الغزالي في
يد سيد المرسلين محمد المصطفى العربي (ص)، فوضعتها
فيها ثم‏خرجت كما ترون او كما قال قدس اللّه روحه
العزيز((554)).
لقد علم الغزالي ان للنساج عليه يدا واجبة بتكحيله باثمده
المتقدم ذكره، فكان منه بدء هدايته، فاحب ان يكون هو
المجهزله في الغاية، وعرف ان الرجل نسيج وحده في وشي
الخرافات، فاوصى اليه ما اوصى، واحسب ان يد الغزالي التي
وضعهافي يد النبي محمد (ص) غير التي حمل القلم الذي خط
به كتاب الاحياء المشحون بالاباطيل والاضاليل او غيره من
كتبه التي تحوي امثال قصة الرؤية والاثمد.

64 احياء العلوم للغزالي
عن الامام ابي الحسن المعروف بابن حرازم ويقال: ابن حرزم
وكان مطاعا في بلاد المغرب انه لما وقف على احياء العلوم

للغزالي امر باحراقه. وقال: هذا بدعة‏مخالف للسنة، فامر باحضار
ما في تلك البلاد من نسخ الاحياء، فجمعواواجمعوا على
احراقها يوم الجمعة، وكان اجماعهم يوم الخميس، فلما كان
ليلة الجمعة راى ابوالحسن في المنام كانه دخل‏من باب
الجامع، وراى في ركن المسجد نورا واذا بالنبي(ص) وابي بكر
وعمر جلوس والامام الغزالي قائم وبيده الاحياءوقال: يا رسول
اللّه هذا خصمي، ثم جثا على ركبتيه وزحف عليهما الى ان
وصل الى النبي(ص) فناوله كتاب الاحياءوقال: يا رسول اللّه
انظر فيه فان كان فيه بدعة مخالفة لسنتك كما زعم تبت الى
اللّه، وان كان شيئا تستحسنه حصل لي من‏بركتك فانصفني
من خصمي، فنظر فيه رسول اللّه (ص) ورقة ورقة الى آخره ثم
قال: واللّه ان هذا شي‏ء حسن، ثم ناوله ابابكر (رضى‏ا...عنه)
فنظر فيه كذلك، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق يا رسول اللّه
انه لحسن. ثم ناوله عمر (رضى‏ا...عنه)فنظر فيه كذلك، ثم قال
كما قال ابو بكر (رضى‏ا...عنه)، فامر رسول اللّه (ص) بتجريد ابي
الحسن وضربه حد المفتري،فجرد وضرب ثم شفع فيه ابو بكر
بعد خمسة اسواط وقال: يا رسول اللّه انما فعل ذلك اجتهادا في
سنتك وتعظيما. فعفا عنه‏ابو حامد عند ذلك، فلما استيقظ ابو
الحسن من منامه واصبح اعلم اصحابه بما جرى ومكث قريبا
من الشهر متالما من‏الضرب، ثم سكن عنه الالم ومكث الى ان
مات واثر السياط على ظهره، وصار ينظر كتاب الاحياء ويعظمه
وينتحله‏اصلا اصيلا.
وفي لفظ اليافعي: وبقيت متوجعا لذلك خمسا وعشرين ليلة،
ثم رايت النبي(ص) جاء ومسح علي وتوبني فشفيت ونظرت‏في
الاحياء ففهمته غير الفهم الاول. وذكره السبكي في
طبقاته((555)) (4/132) وقال: هذه حكاية صحيحة حكاها لنا
جماعة‏من ثقات مشيختنا عن الشيخ العارف ولي اللّه سيدي
ياقوت الشاذلي، عن شيخنا السيد الكبير ولي اللّه ابي
العباس‏المرسي، عن شيخه الشيخ الكبير ولي اللّه ابي‏الحسن
الشاذلي قدس اللّه تعالى اسرارهم((556)).
وذكره المولى احمد طاش كبرى زاده في مفتاح
السعادة((557)) (2/209)، واليافعي في مرآة الجنان (3/332).
وقال السبكي في طبقاته((558)) (4/113): كان في زماننا
شخص يكره الغزالي‏ويذمه ويستعيبه في الديار المصرية، فراى
النبي(ص) في المنام وابا بكر وعمر غ بجانبه، والغزالي جالس
بين يديه وهو يقول: يا رسول اللّه هذا يتكلم في،
وان‏النبي(ص)قال: هاتوا السياط، وامر به فضرب لاجل الغزالي،
وقام هذا الرجل من النوم واثر السياط على ظهره، ولم يزل
يبكي‏ويحكيه للناس. وسنحكي منام ابي الحسن بن حرزم
المغربي المتعلق بكتاب الاحياء وهو نظير هذا.
قال الاميني : نعما هي لو صدقت الاحلام ! انا نحن نربا بصاحب
الرسالة عن الاصفاق على تصديق مثل هذا الكتاب الذي‏هو في
كثير من مواضيعه على الطرف النقيض لما صدع به من
شريعته المقدسة، وليست اباطيل الغزالي بالغاز لا
يحلهاالاالفني فيها، وانما هي سرد متعارف يعرفها كل من وقف
عليها من اهل العلم، وليس فهمها قصرا على قوم دون
آخرين،فهي فتق لا يرتق، وصدع لا يراب.
قال ابن الجوزي في المنتظم((559)) (9/169): اخذ في
تصنيف كتاب الاحياء في القدس ثم اتمه بدمشق الا انه وضعه
على مذهب‏الصوفية وترك فيه قانون الفقه مثل انه ذكر في
محو الجاه ومجاهدة النفس: ان رجلا اراد محو جاهه فدخل
الحمام فلبس‏ثياب غيره، ثم لبس ثيابه فوقها، ثم خرج يمشي
على مهل حتى لحقوه فاخذوها منه‏وسمي سارق الحمام، وذكر
مثل هذاعلى سبيل التعليم للمريدين قبيح، لان الفقه يحكم
بقبح هذا، فانه متى كان للحمام حافظ وسرق سارق قطع، ثم لا
يحل‏لمسلم ان يتعرض بامر ياثم الناس به في حقه. وذكر ان
رجلا اشترى لحما فراى نفسه تستحيي من حمله الى بيته
فعلقه في‏عنقه ومشى، وهذا في غاية القبح، ومثله كثير ليس
هذا موضعه،وقد جمعت اغلاط الكتاب وسميته: اعلام
الاحياءباغلاط الاحياء. واشرت الى بعض ذلك في كتابي
المسمى بتلبيس ابليس((560)) مثل ما ذكر في كتاب النكاح ،
ان‏عائشة قالت(ص): انت الذي تزعم ان ك رسول اللّه. وهذا
محال. الى ان قال:
وذكر في كتاب الاحياء من الاحاديث الموضوعة وما لا يصح غير
قليل، وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل، فليته عرض‏تلك
الاحاديث على من يعرف، وانما نقل نقل حاطب ليل. وكان قد
صنف للمستظهر كتابا في الرد على الباطنية، وذكر في‏آخر
مواعظ الخلفاء فقال: روي ان سليمان بن عبدالملك بعث الى
ابي حازم: ابعث الي من افطارك. فبعث اليه نخالة مقلوة،فبقي
سليمان ثلاثة ايام لا ياكل، ثم افطر عليها وجامع زوجته،
فجاءت بعبد العزيز، فلما بلغ ولد له عمر بن عبدالعزيز.وهذا من
اقبح الاشياء لان عمر ابن عم سليمان وهو الذي ولاه، فقد
جعله ابن ابنه، فما هذا حديث من يعرف من النقل‏شيئا اصلا.
الى آخره.
وقال ابن الجوزي في تلبيس ابليس (ص‏352): قد حكى ابو
حامد الغزالي في كتاب الاحياء قال: كان بعض الشيوخ في‏بداية
ارادته يكسل عن القيام، فالزم نفسه القيام على راسه طول
الليل لتسمح نفسه بالقيام عن طوع. قال: وعالج بعضهم‏حب
المال بان باع جميع ماله ورماه في البحر اذ خاف من تفرقته
على الناس رعونة الجود ورياء البذل. قال: وكان بعضهم‏يستاجر
من يشتمه على ملا من الناس ليعود نفسه الحلم. قال: وكان
آخر يركب البحر في الشتاء عند اضطراب الموج‏ليصير شجاعا.
ثم قال: قال المصنف (ره): اعجب من جميع هؤلاء عندي ابو
حامد كيف حكى هذه الاشياء ولم ينكرها ؟ وكيف ينكرهاوقد
اتى بها في معرض التعليم ؟ وقال قبل ان يورد هذه الحكايات:
ينبغي للشيخ ان ينظر الى حالة المبتدئ، فان راى معه‏مالا
فاضلا عن قدر حاجته اخذه وصرفه في الخير، وفرغ قلبه منه
حتى لا يلتفت اليه. وان راى الكبرياء قد غلب عليه‏امره ان يخرج
الى السوق للكد ويكلفه السؤال والمواظبة على ذلك. وان راى
الغالب عليه البطالة استخدمه في بيت الماءوتنظيفه وكنس
المواضع القذرة وملازمة المطبخ ومواضع الدخان. وان راى
شره الطعام غالبا عليه الزمه الصوم، وان رآه‏عزبا ولم تنكسر
شهوته بالصوم امره ان يفطر ليلة على الماء دون الخبز وليلة
على الخبز دون الماء ويمنعه اللحم راسا.فقال:
قلت: واني لاتعجب من ابي حامد كيف يامر بهذه الاشياء التي
تخالف الشريعة؟ وكيف يحل القيام على الراس طول
الليل‏فينعكس الدم الى وجهه ويورثه ذلك مرضا شديدا، وكيف
يحل رمي المال في البحر ؟ وقد نهى رسول اللّه (ص)
عن‏اضاعة المال. وهل يحل سب مسلم بلا سبب ؟ وهل يجوز
للمسلم ان يستاجر على ذلك ؟ وكيف يجوز ركوب البحر
زمان‏اضطرابه ؟ وذاك زمان قد سقط فيه الخطاب باداء الحج،
وكيف يحل السؤال لمن يقدر ان يكتسب ؟ فما ارخص ما باع
ابوحامد الغزالي الفقه بالتصوف !
وقال: وحكى ابو حامد: ان ابا تراب النخشبي قال لمريد له: لو
رايت ابا يزيد مرة واحدة كان انفع لك من رؤية اللّه سبعين‏مرة.
فقال: قلت: وهذا فوق الجنون بدرجات.
هذه جملة من كلمات ابن الجوزي حول احياء العلوم، ومن
امعن النظر في ابحاث هذا الكتاب يجده اشنع مما قاله
ابن‏الجوزي، وحسبك ما جاء به من حلية الغناء والملاهي
وسماع صوت المغنية الاجنبية والرقص واللعب بالدرق
والحراب،ونسبة كل ذلك الى نبي القداسة رسول اللّه (ص)،
فقال((561)) بعد سرد جملة من الموضوعات تدعيما لرايه
السخيف: فيدل‏هذاعلى ان صوت النساء غير محرم تحريم
صوت المزامير، بل انما يحرم عند خوف الفتنة، فهذه المقاييس
والنصوص تدل‏على‏اباحة الغناء، والرقص، والضرب بالدف،
واللعب بالدرق والحراب، والنظر الى رقص الحبشية والزنوج
في اوقات السروركلها قياسا على يوم العيد فانه وقت سرور،
وفي معناه يوم العرس، والوليمة، والعقيقة، والختان، ويوم
القدوم من السفر،وسائر اسباب الفرح وهو كل ما يجوز به الفرح
شرعا، ويجوز الفرح بزيارة الاخوان ولقائهم واجتماعهم في
موضع واحدعلى طعام او كلام فهو ايضا مظنة السماع. ثم ذكر
سماع العشاق تحريكا للشوق وتهييجا للعشق وتسلية للنفس.
وفصل‏القول في ذلك بما لا طائل تحته، وخلط الحابل بالنابل،
وجمع فيه بين الفقه المزيف وبين السلوك بلا فقاهة.
ومن طامات كتاب الاحياء او من شواهد جهل مؤلفه المبير
ومبلغه من الدين والورع رايه الساقط في اللعن، قال((562))
في(3/121): وعلى الجملة ففي لعن الاشخاص خطر فليجتنب،
ولا خطر في السكوت عن لعن ابليس مثلا فضلا عن غيره،فان
قيل: هل يجوز لعن يزيد لانه قاتل الحسين او امره به ؟ قلنا: هذا
لم يثبت اصلا، فلايجوز ان يقال: انه قتله، او امر به مالم يثبت
فضلا عن اللعنة، لانه لا تجوز نسبة مسلم الى كبيرة من غير
تحقيق. ثم ذكر احاديث في النهي عن لعن الاموات‏فقال:
فان قيل: فهل يجوز ان يقال: قاتل الحسين لعنه اللّه، او الامر
بقتله لعنه اللّه ؟ قلنا: الصواب ان يقال: قاتل الحسين ان
مات‏قبل التوبة لعنه اللّه لانه يحتمل ان يموت بعد التوبة، فان
وحشيا قاتل حمزة عم رسول اللّه (ص) قتله وهو كافر، ثم
تاب‏عن الكفر والقتل جميعا، ولا يجوز ان يلعن والقتل كبيرة،
ولا تنتهي الى رتبة الكفر، فاذا لم يقيد بالتوبة واطلق كان
فيه‏خطر، وليس في السكوت خطر فهو اولى. انتهى.
فهلم معي ايها القارئ الكريم الى هذه التافهات المودوعة في
غضون احياء العلوم، هل يراها النبي الاعظم (ص)شيئاحسنا ،
وحلف بذلك ؟ وهل سره دفاع الرجل عن ابليس اللعين او عن
جروه يزيد الطاغية الذي ابكى عيون آل‏اللّه وعيون صلحاء امة
محمد (ص) في ريحانته الى الابد ؟!
وهل يحق لمسلم صحيح ينزه عن النزعة الاموية الممقوتة،
ويطلع على فقه الاسلام وطقوسه، ويعلم تاريخ الامة،
ويعرف‏نفسيات ابناء بيت امية الساقط، ولا يجهل او لا يتجاهل
بما اتت به يد يزيد الطاغية الاثيمة، وما نطق به ذلك
الفاحش‏المتفحش، وما احدثه في الاسلام من الفحشاء والمنكر،
وما ثبت عنه من افعاله وتروكه، وما صدر عنه من بوائق
وجرائم‏وجرائر، ان يدافع عنه بمثل ما اتى به هذا المتصوف
الثرثار البعيد عن العلوم الدينية وحياتها ؟ وهو لا يبالي بما
يقول، ولايكترث لمغبة ما خطته يمناه الخاطئة، واللّه من ورائه
حسيب، وهو نعم الحكم العدل، والنبي الاعظم ، ووصيه
الصديق،والشهيد السبط المفدى هم خصماء الرجل يوم يحشر
للحساب مع يزيد الخمور والفجور ومن احب‏حجراحشره اللّه
معه‏ وسيذوق وبال مقاله ويرى جزاء محاماته.
ولست ادري الى الغاية ان حد المفتري الذي اقامه رسول اللّه
(ص) على ابي الحسن بن حرازم ان كان بحق ولا بد ان‏يكون
ما يفعله النبي حقا فلماذا دراته‏عنه شفاعة الشيخ ابي‏بكر؟ ولا
شفاعة في الحدود. وان لم يكن ابو الحسن مستحقاله فبماذا
اقامه رسول‏اللّه (ص) ولماذا ارجا الشيخ رايه في اجتهاد ابن
حرازم الى ان جرد وضرب خمسة اسواط ؟ وكيف‏خفي على
رسول اللّه (ص) ما يدرا به الحد من شبهة الاجتهاد؟ومن سنته
الثابتة درء الحدود بالشبهات. وهل تقام الحدودفي عالم
الطيف؟

65 اللامشي يسجد على ارض النهر
قال السمعاني: سمعت ابا بكر الزاهد السمرقندي يقول: بت ليلة
مع الامام اللامشي الحسين بن علي ابي علي‏الحنفي‏المتوفى
(522) في بعض بساتينه، فخرج من باب البستان نصف الليل
ومر على وجهه فقمت انا وتبعته من حيث‏لا يعلم، فوصل الى
نهر كبير عميق، وخلع ثيابه، واتزر بمئزر وغاص في الماء، وبقي
زمانا لا يرفع راسه فظننت انه غرق‏فصحت وقلت: يا مسلمون
غرق الشيخ.فاذا بعد ساعة قد ظهر وقال: يا بني لا نغرق. قلت: يا
سيدي ظننت انك‏غرقت، فقال: ما غرقت ولكن اردت ان اسجد
للّه سجدة على ارض [هذا]((563)) النهر، فان هذه ارض اظن
ان احدا ما سجدللّه عليها سجدة. الجواهر المضية في طبقات
الحنفية((564)) (1/215).
مرحى بالسخافة وزه بمستسخف الناس الذين يخضعون لامثال
هذه السفاسف، وحيا اللّه هذه النفس التي لم ياخذ
بخناقهاانقطاع النفس طيلة تلك المدة تحت الماء، وليس ذلك
من خرافة القصاصين بعجيب، ولا عجب فان المغالاة
في‏الحب يستسهل وقوع ما يحيله العقل.

66 الطلحي يستر سواته بعد موته
اخرج ابن الجوزي وابن كثير بالاسناد عن احمد الاسواري
وكان ثقة، وهو تولى غسل اسماعيل بن محمد الحافظ((565))
انه‏قال: اراد ان ينحي الخرقة عن سواته‏وقت الغسل، فجذبها
الشيخ اسماعيل من يده وغط‏ى فرجه، فقال الغاسل:احياة‏بعد
الموت ؟
المنتظم (10/90)، تاريخ ابن كثير (12/217)((566)).
قال الاميني : لا حياة بعد الموت لامثال الطلحي، الى يوم
الوقت المعلوم، لكن الغلو في الحب يحيي ويميت، ويميت
ويحيي.

67 طاعة الحيوانات والجمادات للمنبجي
قال الامام ابو محمد ضياء الدين الوتري في روضة الناظرين
(ص‏36): قال الشيخ عقيل بن شهاب الدين احمد
المنبجي‏العمري احد احفاد عمر بن الخطاب ، وكان يلقب
بالغواص: اعطاني اللّه الكلمة النافذة في كل شي‏ء، ثم داخله
وجد فقام‏وقال: يا هوام يا حجارة يا شجر صدقوني، فاني ما
ادعيت باطلا، فوفدت الوحوش من الجبل وقد ملا
زئيرهاوصراخها البقاع ودارت به، ورقصت الحجارة، فهذه
صاعدة وهذه نازلة، واشتبكت الاغصان بعضها ببعضها، ثم
حضرفسكت وعاد كل لما كان عليه.
وقال الوتري: كان يلقب بالغواص، وذلك لانه مر بجماعة من
تلامذة شيخه السروجي بالفرات، ففرش سجادته على
الماءوجلس عليها وغاص بالماء الى الجانب الاخر، ثم ظهر من
الماء، ولا بلل بثيابه، فذكر ذلك اخوانه لشيخه مسلمة‏السروجي
فقال: عقيل غواص. فاشتهر بذلك((567)).