(5) الملل والنحل

  الغدير

(5) الملل والنحل

((3-562))

هذا الكتاب وان لم يكن يضاهي‏الفصل في بذاءة المنطق، غير ان في غضونه نسبا مفتعلة، وآراء مختلقة، واكاذيب جمة، لايجد القارئ ملتحدا عن تفنيدها، فاليك نماذج منها:

آراء مفتعلة على الشيعة. والجواب عليها

1 قال: قال هشام بن الحكم متكلم الشيعة: ان اللّه جسم ذو ابعاض في سبعة اشبار بشبر نفسه، في مكان مخصوص‏وجهة مخصوصة ((3-563)) .

2 قال في حق علي: انه اله واجب الطاعة ((3-564)) .

3 وقال هشام بن سالم: ان اللّه على صورة انسان، اعلاه مجوف، واسفله مصمت، وهو نور ساطع يتلالا، وله‏حواس‏خمس ويد ورجل وانف واذن وعين وفم، وله وفرة سوداء، وهو نور اسود لكن ه ليس بلحم ولادم، وان‏هشاماهذا اجاز المعصية على الانبياء مع قوله بعصمة الائمة ((3-565)) .

4 وقال زرارة بن اعين: لم يكن اللّه قبل خلق الصفات عالما، ولا قادرا، ولا حيا، ولا بصيرا، ولا مريدا، ولامتكلما ((3-566)) .

5 قال ابو جعفر محمد بن النعمان: ان اللّه نور على صورة انسان، ويابى ان يكون جسما ((3-567)) .

6 وزعم يونس بن عبدالرحمن القمي ان الملائكة تحمل العرش، والعرش يحمل الرب، وهو من مشبهة الشيعة وصنف‏لهم في ذلك كتبا ((3-568)) .

الجواب: هذه عقائد باطلة، عزاها الى رجالات الشيعة المقتصين اثر ائمتهم: اقتصاص الظل لذيه، فلا يعتنقون عقيدة، ولاينشرون تعليما، ولا يبثون حكما، ولا يرون رايا الا ومن ساداتهم الائمة على ذلك برهنة دامغة، او بيان شاف، اوفتوى‏سديدة، او نظر ثاقب.

على ان احاديث هؤلاء كلهم في العقائد والاحكام والمعارف الالهية مبثوثة في كتب الشيعة، تتداولها الايدي، وتشخص‏اليها الابصار، وتهش اليها الافئدة، فهي وما نسب اليهم من الاقاويل على طرفي نقيض، وهاتيك كتبهم وآثارهم الخالدة‏لاترتبط بشي‏ء من هذه المقالات، بل انما هي تدحرها وتضادها بالسنة حداد.

واطراء ائمة الدين: لهم بلغ حد الاستفاضة، ولو كانوا يعرفون من احدهم شيئا من تلكم النسب لشنوا عليهم الغارات،كلاءة لملئهم عن الاغترار بها، كما فعلوا ذلك في اهل البدع والضلالات.

وهؤلاء علماء الرجال من الشيعة بسطوا القول في تراجمهم، وهم بقول واحد ينزهونهم عن كل شائنة معزوة اليهم، وهم‏اعرف بالقوم من اضدادهم البعداء عنهم، الجهلاء بهم وبترجمتهم، غير مجتمعين معهم في حل او مرتحل.

وليس في الشيعة منذ القدم حتى اليوم من يعترف او يعرف بوجود هذه الفرق: هشامية، زرارية، يونسية، المنتمية عندالشهرستاني ونظرائه اليهم ككثير من الفرق التي ذكرها للشيعة، وقد نفاها الشيخ العلا مة ابو بكر بن العتايقي الحلي في‏رسالة له في النحل الموجودة بخط يمينه، وحكم سيدنا الشريف المرتضى علم الهدى في الشافي ((3-569)) ، والسيد العلا مة‏المرتضى الرازي في تبصرة العوام ((3-570)) ، بكذب ما عزوه الى القوم جميعا، وانها لا توجد الا في كتب المخالفين لهم في المبدااهباطالمكانتهم عند الملا، لكن الشيعة الذين هم ذووهم واعرف الناس بمبادئهم لا يعرفون هاتيك المفتريات، ولايعترفون بها، ولا يوجد شي‏ء منها في كتبهم، وانما الثابت فيها خلاف ذلك كله، كما لا يعتمد على تحقيق شي‏ء من هاتيك‏الفرق آية اللّه العلا مة الحلي في مناهج اليقين، وغيرهم من اعلام الشيعة.

فهل في وسع الرجل ان يخصم الامامية بحجة مثبتة لتلكم الدعاوي ؟ لاها اللّه.

وهل نسب في كتب الكلام والتاريخ قبل خلق الشهرستاني الى هشام القول بالوهية علي ؟ لاها اللّه.

وهل رات عين بشر او سمعت اذناه شيئا ، ولو كلمة، من تلكم الكتب المعزوة الى يونس بن عبدالرحمن المصنفة في التشبيه؟ لاها اللّه. والشهرستاني ايضا لم يره ولم يسمعه، وان تعجب فعجب قوله:

كذب على الشيعة في الامامة. وجوابه

7 اختلف الشيعة بعد موت علي بن محمدالعسكري‏ايضا، فقال قوم بامامة جعفر بن علي، وقال قوم بامامة الحسن بن‏علي، وكان لهم رئيس يقال له علي بن فلان الطاحن، وكان من اهل الكلام قوى اسباب جعفر بن علي وامال الناس اليه،واعانه فارس بن حاتم بن ماهويه، وذلك ان محمدا قد مات وخلف الحسن العسكري، قالوا: امتحنا الحسن ولم نجد عنده‏علما. ولقبوا من قال بامامة الحسن (الحمارية)، وقووا امر جعفر بعد موت الحسن، واحتجوا بان الحسن مات بلا خلف،فبطلت امامته لانه لم يعقب، والامام لا يكون الا ويكون له خلف وعقب، وحاز جعفر ميراث الحسن بعد دعوى ادعاهاعليه انه فعل ذلك من حبل في جواريه وغيره، وانكشف امرهم عند السلطان والرعية وخواص الناس وعوامهم،وتشتتت كلمة من قال بامامة الحسن وتفرقوا اصنافا كثيرة، فثبتت هذه الفرقة على امامة جعفر، ورجع اليهم كثير ممن‏قال بامامة الحسن، منهم: الحسن بن علي بن فضال، وهو من اجل اصحابهم وفقهائهم، كثير الفقه والحديث. ثم قالوا بعدجعفر بعلي ابن‏جعفر، وفاطمة بنت علي اخت جعفر، وقال قوم بامامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة. ثم اختلفوا بعدموت علي وفاطمة اختلافا كثيرا ((3-571)) .

الجواب: ان الرجل يدخل المراقص والمسارح لينظر الى المفرحات والمضحكات، او يسمع اشياء سارة ولو من بعض‏النواحي، وقد غفل عن ان كتاب الشهرستاني اوفى بمقصده من تلك المنتديات.

غير انه ان كان مضحكا بجهل صاحبه فهو مبك من ناحية ان يوجد في بحاثة المسلمين من تروقه الوقيعة في امم من قومه،لكنه لا يعرف كيف يقع، فيثبت ما يتراوح بين جهل شائن، وافك مفترى، وليته قبل ان يكتب فحص عن احوال القوم‏وعقائدهم وتاريخ رجالهم، فلا يتحمل اثم ما افتعله، ولا يخبط في ذلك خبط عشواء، ولا يثبت ما لا يعرف.

فان كان لا يدري فتلك مصيبة / وان كان يدري فالمصيبة اعظم

ليت شعري متى وقع الخلاف في الامامة بين الامام الحسن العسكري (ع) وبين اخيه جعفر الذي ادعى الامامة بعد وفاة‏اخيه ؟

ومن هو علي بن فلان الطاحن الذي قوى اسباب جعفر وامال الناس اليه ؟ ومتى خلق؟ ومتى مات ؟ ولست ادري‏اي‏هي بن بي هو ((3-572)) ؟ وهل وجد لنفسه مقيلا في مستوى الوجود ؟ انا لا ادري، والشهرستاني لا يدري، والمنجم ايضا لايدري!

وكيف اعان جعفرا فارس بن حاتم بن ماهويه، وقد قتله جنيد بامر والده الامام علي الهادي (ع) ؟

ومن هو محمد الذي خلف الامام الحسن العسكري ؟ اهو الامام محمد الجواد ولم يخلف الا ابنه الامام الهادي سلام اللّهعليه ؟ او هو ابو جعفر محمد بن علي صاحب البقعة المعظمة بمقربة من بلد وقد مات بحياة ابيه الطاهر، والامامة مستقرة‏لوالده؟ ومتى كان اماما او مدعيا للامامة حتى يخلف غيره عليها ؟

ومن هؤلاء الذين امتحنوا الحسن الزكي العسكري فلم يجدوا عنده علما؟ ثم وجدوه في جعفر الذي لم يعرف منه شي‏ءغير انه ادعى الامامة باطلا بعد اخيه وقصارى ما عندنا انه ادركته التوبة، ولم يوجد له ذكر بعلم او ترجمة فيها فضيلة في‏اي من الكتب، ولا نشرت عنه كتب الاحاديث شيئا من علومه المدعاة له عند الشهرستاني لو صدقت الاحلام، وهذاالحسن العسكري (ع) تجده في التراجم والمعاجم من الفريقين مذكورا بالعلم والثقة، ومل‏ء كتب العلم والحديث تعاليمه ‏ومعارفه.

ومن هم الذين لقبوا اتباع الحسن (ع) بالحمارية ؟ نعم اهل بيت النبوة محسودون في كل وقت، فكان يحصل لكل منهم في‏وقته من يسبه حسدا ويسب اتباعه، لكن لا يذهب ذلك لقبا له او لاشياعه، وانما يتدهور في مهوى الضعة.

ومتى كان الحسن بن علي بن فضال في عهد الامام الحسن العسكري ؟ حتى يرجع عنه الى جعفر، وقد توفي ابن فض ال‏سنة (221) ونطفة الحسن وجعفر بعد لم تنعقد، وقبل ان يبلغ الحلم والدهما الطاهر الامام الهادي المتولد سنة (212).

ومن ذا الذي ذكر للامام علي الهادي بنتا اسمها فاطمة حتى يقول احد بامامتها؟ فان الامام (ع) لم يخلف من الذكور الا الحسن والحسين وجعفرا، ومن الاناث الا علية، باتفاق المؤرخين.

هذا كل ما في علبة الشهرستاني من جهل وفرية سود بهما صحيفة من كتابه او صحيفة من تاريخ حياته، وكم له من لداتهاصحائف، ولم يدهوره الى تلك الهوة الا عدم معرفته بما يقول، حتى انه يقول في الامام الهادي الذي خبط فيه وفي ولده‏هذا الخبط العظيم: ان مشهده بقم ((3-573)) ، وهذه سامراء المشرفة تزدهي بمرقده الاطهر، والى جنبه ولده الامام الزكي منذ دفنافيه قبل الشهرستاني وبعده، وتلك قبته الذهبية تحك السماء بذخا، وتفوق ذكاء سناء، وهذه المعاجم والتواريخ مفعمة‏بتعيين هذا المرقد الاقدس له ولولده، لكن الشهرستاني يجهل ذلك كله.

خصائص الشيعة عند الشهرستاني

8 خاصة الشيعة عند الشهرستاني،

قال: ومن خصائص الشيعة: القول بالتناسخ، والحلول، والتشبيه(2/25) ((3-574)) .

الجواب: (هل انبئكم على من تنزل الشياطين # تنزل على كل افاك اثيم # يلقون السمع واكثرهم كاذبون) ((3-575)) .

ليس بينك وبين عقائد الشيعة حجز وهي مدونة في مؤلفاتهم الكلامية قديما وحديثا، فلن تجد من يضرب على يدك اذامددتها الى اي منها، او من يغشي على بصرك اذا نظرت فيها، فامعن فيها بصرك وبصيرتك، او سل من شئت من علماءالشيعة وعارفيها، واتنازل معك الى جهالها عن هذه العقائد المعزوة الى الشيعة على لسان الشهرستاني في القرون الوسط‏ى،وعلى لسان طه حسين وامثاله في القرن الاخير، وسلهم: انهم هل يرون لمعتنقي هاتيك العقائد مقيلا في مستوى الدين ؟ اومبوا على باحة الاسلام ؟ اما وانك لا تجد فردا من افراد الشيعة الا وهو يقول بكفر من يكون هذا معتقده، اذن فاعرف‏قيمة كتاب الشهرستاني ومحله من الامانة في النقل.

كلمة الخوارزمي حول الشهرستاني

انا لم اجد في قاموس البيان ما يعرب عن حقيقة الشهرستاني وكتابه، وكل ما ذكر من تقولاته وتحكماته يقصر عن‏استكناه بجره وعجره ((3-576)) ، غير ان لمعاصره ابي محمد الخوارزمي كما في معجم البلدان ((3-577)) (5/315) كلاما ينم عن روحياته‏واليك نصه. قال بعد ذكر مشايخه في الفقه واصوله والحديث:

ولولا تخبطه في الاعتقاد وميله الى هذا الالحاد لكان هو الامام، وكثيرا ما كنا نتعجب من وفور فضله وكمال عقله، وكيف‏مال الى شي‏ء لا اصل له، واختار امرا لا دليل عليه لا معقولا ولا منقولا، ونعوذ باللّه من الخذلان والحرمان من نورالايمان، وليس ذلك الا لاعراضه عن نور الشريعة، واشتغاله بظلمات الفلسفة، وقد كان بيننا محاورات ومفاوضات، فكان‏يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم، وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ: قال اللّه، ولا قال‏رسول‏اللّه (ص) ولا جواب من المسائل الشرعية، واللّه اعلم بحاله.

(افرايت من اتخذ الهه هواه واضله اللّه على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد اللّه افلا تذكرون) ((3-578))

LEAVE A COMMENT