(45) ابن منير الطرابلسي

  الغدير

(45) ابن منير الطرابلسي

ولد (473) توفي (548)

عذبت طرفي بالسهر / واذبت قلبي بالفكر

ومزجت صفو مودتي / من بعد بعدك بالكدر

ومنحت جثماني الضنى / وكحلت جفني بالسهر

وجفوت صبا ما له / عن حسن وجهك مصطبر

يا قلب ويحك كم تخاد / ع بالغرور وكم تغر

والى م تكلف بالاغن / من الظباء وبالاغر

لئن الشريف الموسوي / ابن الشريف ابي مضر

ابدى الجحود ولم يرد / الي مملوكي تتر

واليت آل امية الطهر / الميامين الغرر

وجحدت بيعة حيدر / وعدلت عنه الى عمر

واكذب الراوي واطعن / في ظهور المنتظر

واذا رووا خبر (الغدير) / اقول ما صح الخبر

ولبست فيه من الملابس / ما اضمحل وما دثر

واذا جرى ذكر الصحابة / بين قوم واشتهر

قلت المقدم شيخ تيم / ثم صاحبه عمر

ما سل قط ظبا على / آل النبي ولا شهر

كلا ولا صد البتول / عن التراث ولا زجر

واقول ان يزيد ما / شرب الخمور ولا فجر

ولجيشه بالكف عن / ابناء فاطمة امر

والشمر ما قتل الحسين / ولا ابن سعد ما غدر

وحلقت في عشر المحرم / ما استطال من الشعر

ونويت صوم نهاره / وصيام ايام اخر

ولبست فيه اجل ثوب / للمواسم يدخر

وسهرت في طبخ الحبوب / من العشاء الى السحر

وغدوت مكتحلا اصا / فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطر / يق اقص شارب من عبر

واكلت جرجير البقول / بلحم جري الحفر

وجعلتها خير المآكل / والفواكه والخضر

وغسلت رجلي حاضرا / ومسحت خفي في السفر

آمين اجهر في الصلاة / بها كمن قبلي جهر

واسن تسنيم القبور / لكل قبر يحتفر

واقول في يوم تحار / له البصيرة والبصر

والصحف ينشر طيها / والنار ترمي بالشرر

هذا الشريف اضلني / بعد الهداية والنظر

فيقال خذ بيد الشريف / فمستقركما سقر

لواحة تسطو فما / تبقي عليه وما تذر

واللّه يغفر للمسي‏ء / اذا تنصل واعتذر

الا لمن جحد الوصي / ولاءه ولمن كفر

فاخش الاله بسوء فعلك / واحتذر كل الحذر ((4-979))

ما يتبع الشعر

هذه القصيدة المعروفة ب التترية ذكرها بطولها (106) ابيات ابن حجة الحموي في‏ثمرات الاوراق ((4-980)) (2/44 48)، وذكر منها في كتابه خزانة الادب ((4-981)) (68) بيتا،وتوجد برمتها في تذكرة ابن العراق، ومجالس المؤمنين ((4-982)) (ص‏457) نقلا عن التذكرة،وانوار الربيع للسيد علي خان ((4-983)) (ص‏359)، وكشكول شيخنا البحراني ((4-984)) صاحب‏الحدائق (ص‏80)، ونامه دانشوران ((4-985)) (1/385)، وتزيين الاسواق‏للانطاكي ((4-986)) (ص‏174)، ونسمة السحر فيمن تشيع وشعر ((4-987)) ، وذكر الشيخ الحرالعاملي في امل الامل ((4-988)) منها تسعة عشر بيتا.

ارسل ابن منير الى الشريف المرتضى الموسوي ((4-989)) بهدية مع عبد اسود له، فكتب اليه‏الشريف: اما بعد فلو علمت عددا اقل من الواحد او لونا شرا من السواد بعثت به اليناوالسلام. فحلف ابن منير ان لا يرسل الى الشريف هدية الا مع اعزالناس عليه،فجهز هدايا نفيسة مع مملوك له يسمى تتر، وكان يهواه جدا ويحبه كثيراولا يرضى‏بفراقه، حتى انه متى اشتد غمه او عرضت عليه محنة نظر اليه فيزول ما به، فلما وصل‏المملوك الى الشريف توهم انه من جملة هداياه تعويضا من العبد الاسود فامسكه،وعزت الحالة على ابن منير فلم ير حيلة في خلاص مملوكه من يد الشريف الا اظهارالنزوع عن التشيع ان لم يرجعه اليه، وانكار ما هو المتسالم عليه من قصة الغديروغيرها، فكتب اليه بهذه القصيدة. فلما وصلت الى الشريف تبسم ضاحكا وقال: قدابطانا عليه فهو معذور، ثم جهز المملوك مع هدايا نفيسة، فمدحه ابن منير بقوله:

الى المرتضى حث المط‏ي فانه / امام على كل البرية قد سما

ترى الناس ارضا في الفضائل عنده / ونجل الزكي الهاشمي هو السما

وقد خمس التترية العلامة الشيخ ابراهيم يحيى العاملي، وهو بتمامه مع القصيدة‏مذكور في مجموعة ((4-990)) شيخنا العلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء، وفي الجزء الاول من‏سمير الحاضر ومتاع المسافر له، وفي المجموع الرائق (ص‏727) لزميلنا العلامة السيدمحمد صادق آل بحر العلوم، اوله:

افدي حبيبا كالقمر / ناديته لما سفر

يا صاحب الوجه الاغر / عذبت طرفي بالسهر

واذبت قلبي بالفكر

ابلى صدودك جدتي / وتركتني في شدتي

واطلت فيها مدتي / ومزجت صفو مودتي

من بعد بعدك بالكدر

ولهذه القصيدة اشباه ونظائر في معناها سابقة ولاحقة، منها:

1 مدح الخالديان ابو عثمان سعيد بن هاشم واخوه ابو بكر محمد من شعراء اليتيمة‏ الشريف الزبيدي ابا الحسن محمد بن عمر الحسيني، فابطا عليهما بالجائزة، وارادالسفر فدخلا عليه وانشداه:

قل للشريف المستجار به / اذا عدم المطر

وابن الائمة من قريش / والميامين الغرر

اقسمت بالريحان و / النغم المضاعف والوتر

لئن الشريف مضى ولم / ينعم لعبديه النظر

لنشاركن بني امية / في الضلال المشتهر

ونقول لم يغصب ابو / بكر ولم يظلم عمر

ونرى معاوية اماما / من يخالفه كفر

ونقول ان يزيد / ما قتل الحسين ولا امر

ونعد طلحة والزبير / من الميامين الغرر

ويكون في عنق الشريف / دخول عبديه سقر ((4-991))

فضحك الشريف لهما، وانجز جائزتهما.

2 حبس الشريف الحسن بن زيد الشهيد وزيره لتقصيره، فكتب الى الشريف بقوله‏:

اشكو الى اللّه ما لقيت / احببت قوما بهم بليت

لاشتم الصالحين جهرا / ولا تشيعت ما بقيت

امسح خفي ببطن كفي / ولو على جيفة وطيت

3 كتب ابو الحسن الجزار المصري الاتي ترجمته الى الشريف شهاب الدين ناظرالاهراء ((4-992)) ليلة عاشوراء، عندما اخر عنه انجاز موعده، بقوله

قل لشهاب الدين ذي‏ الفضل الندي / والسيد ابن السيد ابن السيد

اقسم بالفرد العلي الصمد / ان لم يبادر لنجاز موعدي

لاحضرن للهناء في غد / مكحل العينين مخضوب اليد

والاثم في عنق الشريف الامجد / لانني جننت في التردد

حتى نصبت وكسرت عددي / في شهر حزني وجزمت لددي

4 كتب القاضي جمال الدين علي بن محمد العنسي الى شريف عصره، قوله:

بالبيت ‏اقسم او باهل / البيت سادات البشر

وبصولة المولى الذي / تاهت به عليا مضر

ان طال غصب مطهر / عمد الدراري واستمر

لاقلدن ابا حنيفة / صاحب الراي الاغر

ولاسمعن له وان / حل النبيذ المعتصر

حبا لقوم انزلوا / بمطهر اقوى ضرر

اعني بهم ابناء خا / قان الميامين الغرر

ولاتركن الترك تر / فل من مديحي في حبر

ولانظمن شواردا / فيهم تحار لها الفكر

واسوقها زمرا الى / زمر وتتلوها زمر

ولابكين على الوزير / بكل معنى مبتكر

اعني به حسنا وان / فعل القبيح فمغتفر

واقول ان سنانهم / سيف نضته يد القدر

ما جار قط ولا ارا / ق دما وبالتقوى امر

واذا جرى ذكر الخمور / ومن حساها واعتصر

نزهتهم عنها سوا ((4-993)) / لام المفند او عذر

استغفر اللّه العظيم / سوى النبيذ اذا حضر

فالراي رايهم السديد / وقد رووا فيه خبر

ولامقتن ((4-994)) على بكير / في العشايا والبكر

اقضي بتربته الفروض / ومن زيارته الوطر

ولاملان على العوام / مسائلا فيها غرر

نقضي بتطويل الشوا / رب عند تقصير الشعر

ولارخين من العمائم / ما تكور واعتصر

ولارفعن الى الصلاة / يدي وارويها اثر ((4-995))

واقول في يوم تحا / ر له البصائر والبصر

والصحف تنشر طيها / والنار ترمي بالشرر

هذا الشريف اضلني / بعد الهداية والنظر ((4-996))

5 كتب في هذا المعنى ابو الفتح سبط ابن التعاويذي الى نقيب الكوفة‏الشريف محمدبن مختار العلوي، يعاتبه على عدم الوفاء بما كان وعده به قصيدة تاتي في ترجمة ابي ‏الفتح اولها:

يا سمي النبي يا ابن علي / قامع الشرك والبتول الطهور

الشاعر

ابو الحسين مهذب الدين احمد بن منير بن احمد بن مفلح الطرابلسي ((4-997)) الشامي نازل‏درب الخابوري على باب الجامع الكبير الشمالي، عين الزمان الشهير بالرفا، احد ائمة‏الادب، وفي الطبقة العليا من صاغة القريض، وقد اكثر واجاد، وله في ائمة اهل البيت(ع) عقود عسجدية ابقت له الذكر الخالد والفخر الطريف والتالد، وقد اتقن اللغة‏والعلوم الادبية كلها، انجبت به طرابلس فكان زهرة رياضها، ورواء ارباضها، ثم‏هبط‏دمشق فكان شاعرها المفلق، واديبها المدره، فنشر في عاصمة الامويين فضائل العترة‏الطاهرة بجمان نظمه الرائق، وطفق يتذم ر على من ناواهم او زواهم عن حقوقهم،محققا فيه مذهبه الحق، فبهظ ذلك المتحايدين عن اهل‏البيت(ع) فوجهوا اليه القذائف‏والطامات، وسلقوه بالسنة حداد، فمن قائل: انه كان خبيث اللسان، واخر يعزو اليه التحامل على الصحابة، ومن ناسب اليه الرفض، ومن‏مفتعل عليه رؤيا هائلة، لكن فضله الظاهر لم يدع لهم ملتحدا عن اطرائه، واكبارموقفه في الادب بالرغم من كل تلكم الهلجات، وجمع شعره بين الرقة والقوة والجزالة، وازدهى بالسلاسة والانسجام، وقبل اي ماثرة من مثره، انه كان احد حفاظ‏القرآن الكريم، كما ذكره ابن عساكر، وابن خلكان، وصاحب شذرات الذهب.

قال ابن عساكر في تاريخه ((4-998)) (2/97): حفظ القرآن، وتعلم اللغة والادب، وقال‏الشعر، وقدم دمشق فسكنها، وكان رافضيا خبيثا يعتقد مذهب الامامية، وكان‏هجاءخبيث اللسان يكثر الفحش في شعره، ويستعمل فيه الالفاظ العامية، فلما كثرالهجو منه سجنه بوري بن طغتكين امير دمشق في السجن مدة، وعزم على قطع‏لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب فوهبه له، وامر بنفيه من دمشق، فلما ولي‏ابنه اسماعيل بن بوري عاد الى دمشق، ثم تغير عليه اسماعيل لشي‏ء بلغه عنه فطلبه‏واراد صلبه، فهرب واختفى في مسجد الوزير اياما، ثم خرج من دمشق ولحق بالبلادالشمالية، يتنقل من حماة ((4-999)) الى شيزر والى حلب، ثم قدم دمشق آخر قدمة في صحبة‏الملك العادل لما حاصر دمشق الحصر الثاني، فلما استقر الصلح دخل البلد ورجع مع‏العسكر الى حلب فمات بها، ولقد رايته غير مرة ولم اسمع منه، فانشدني الامير ابوالفضل اسماعيل ابن الامير ابي العساكر سلطان بن منقذ قال: انشدني ابن منيرلنفسه ((4-1000)) :

اخلى فصد عن الحميم وما اختلى / وراى الحمام يغصه فتوسلا

ما كان واديه باول مرتع / ودعت طلاوته طلاه فاجفلا

واذا الكريم راى الخمول نزيله / في منزل فالحزم ان يترحلا

كالبدر لما ان تضاءل نوره / طلب الكمال فحازه متنقلا

ساهمت عيسك مر عيشك قا / عدا افلا فليت بهن ناصية الفلا

فارق ترق كالسيف سل فبان في / متنيه ما اخفى القراب واخملا

لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة / ما الموت الا ان تعيش مذللا ((4-1001))

للقفر لا للفقر هبها انما / مغناك ما اغناك ان تتوسلا

لا ترض عن دنياك ما ادناك من / دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى

وصل الهجير بهجر قوم كلما / امطرتهم عسلا جنوا لك حنظلا

من غادر خبثت مغارس وده / فاذا محضت له الوفاء تاولا

او حلف دهر كيف مال بوجهه / امسى كذلك مدبرا او مقبلا

للّه علمي بالزمان واهله / ذنب الفضيلة عندهم ان تكملا

طبعوا على لؤم الطباع فخيرهم / ان قلت قال وان سكت تقولا

وفي غير هذه الرواية زيادة وهي:

انا من اذا ما الدهر هم بخفضه / سامته همته السماك الاعزلا

واع خطاب الخطب وهو مجمجم / راع اكل العيس من عدم الكلا

زعم كمنبلج الصباح وراءه / عزم كحد السيف صادف مقتلا

قال الاميني: والشاعر يصف في نظمه هذا مناوئيه من اهل زمانه، الذين‏نبزوه‏بالسفاسف ورموه بالقذائف، ممن اوعزنا اليهم في الترجمة، وكل هجوه من هذاالقبيل، ولذلك كان يثقل على مهملجة الضغائن والاحن.

وقال ابن عساكر ((4-1002)) : وانشد ايضا له ((4-1003)) :

عدمت دهرا ولدت فيه / كم اشرب المر من بنيه

ما تعتريني الهموم الا / من صاحب كنت اصطفيه

فهل صديق يباع حتى / بمهجتي كنت اشتريه

يكون في قلبه مثال / يشبه ما صاغ لي بفيه

وكم صديق رغبت عنه / قد عشت حتى رغبت فيه

وقال الامير ابو الفضل: عمل والدي طستا من فضة، فعمل ابن منير ابياتا كتبت عليه،من جملتها ((4-1004)) :

يا صنو مائدة لاكرم مطعم / ماهولة الارجاء بالاضياف

جمعت اياديه الي ايادي الـ / ـآلاف بعد البذل للالاف

ومن العجائب راحتي من راحة / معروفة المعروف بالاتلاف

ومن محاسن شعره القصيدة التي اولها:

من ركب البدر في صدر الرديني / وموه السحر في حد اليماني

وانزل النير الاعلى الى فلك / مداره في القباء الخسرواني

طرف رنا ام قراب سل صارمه / واغيد ماس ام اعطاف خط‏ي

اذلني بعد عز والهوى ابدا / يستعبد الليث للظبي الكناسي

وذكر منها ابن خلكان ((4-1005)) ايضا:

اما وذائب مسك من ذوائبه / على اعالي القضيب الخيزراني

وما يجن عقيقي الشفاه من الريـ / ـق الرحيقي والثغر الجماني

لو قيل للبدر: من في الارض تحسده / اذا تجلى لقال ابن الفلاني

اربى علي بشتى من محاسنه / تالفت بين مسموع ومرئي

اباء فارس في لين الشم مع الظرف / العراقي والنطق الحجازي

وما المدامة بالالباب افتك من / فصاحة البدو في الفاظ تركي

ويوجد تمام القصيدة (27) بيتا في نهاية الارب ((4-1006)) (2/23)، وتاريخ حلب ((4-1007)) (4/234)،وذكر ابن خلكان له ايضا:

انكرت مقلته سفك دمي / وعلا وجنته فاعترفت

لا تخالوا خاله في خده / قطرة من دم جفني نقطت ((4-1008))

ذاك من نار فؤادي جذوة / فيه ساخت وانطفت ثم طفت

وكان بين المترجم وابن القيسراني ((4-1009)) مهاجاة، واتفق ان اتابك عماد الدين زنكي‏صاحب الشام غناه مغن على قلعة جعبر وهو يحاصرها قول المترجم:

ويلي من المعرض الغضبان اذ نقل / الواشي اليه حديثا كله زور

سلمت فازور يزوي قوس حاجبه / كانني كاس خمر وهو مخمور

فاستحسنها زنكي وقال: لمن هذه ؟ فقيل: لابن منير وهو بحلب فكتب الى والي‏حلب يسيره اليه سريعا، فسيره، فليلة وصل ابن منير قتل اتابك زنكي، فعاد ابن منير صحبة العسكر الى حلب، فلما دخل قال له ابن القيسراني: هذه بجميع ماكنت تبكتني به.

كان شاعرنا المترجم عند امراء بني منقذ بقلعة شيزر، وكانوا مقبلين عليه، وكان‏بدمشق شاعر يقال له: ابو الوحش، وكانت فيه دعابة وبينه وبين ابي الحكم‏ عبيداللّه ((4-1010)) مداعبات، فسال منه كتابا الى ابن منير بالوصية عليه، فكتب ابو الحكم‏:

ابا الحسين اسمع مقال فتى / عوجل فيما يقول فارتجلا

هذا ابو الوحش جاء ممتدحا / للقوم فاهنا به اذا وصلا

واتل عليهم بحسن شرحك ما / انقله من حديثه جملا

وخبر القوم انه رجل / ما ابصر الناس مثله رجلا

ومنها:

وهو على خفة به ابدا / معترف انه من الثقلا

يمت بالثلب والرقاعة والسخـ / ـف واما بغير ذاك فلا

ان انت فاتحته لتخبر ما / يصدر عنه فتحت منه خلا

فنبه ان حل خطة الخسف و / الهون ورحب به اذا رحلا

واسقه السم ان ظفرت به / وامزج له من لسانك العسلا ((4-1011))

وذكر النويري له في نهاية الارب ((4-1012)) (ج‏2):

لاح لنا عاطلا فصيغ له / مناطق من مراشق المقل

حياة روحي وفي لواحظه / حتفي بين النشاط والكسل

ما خاله من فتيت عنبر صد / غيه ولا قطر صبغة الكحل

لكن سويداء قلب عاشقه / طفت على نار وردة الخجل

وله في النهاية ((4-1013)) ايضا:

كان خديه ديناران قد وزنا / وحرر الصيرفي الوزن واحتاطا

فخف احداهما عن وزن صاحبه / فحط فوق الذي قد خف قيراطا

وله في بدائع البدائه (1/24) في صبي صبيح سراج يسمى يوسف، قوله:

يا سمي المتاح في ظلمة الجـ / ـب لمن ساقه القضاء اليها

والذي قطع النساء له الايـ / ـدي ومكن حبله من يديها

لك وجه مياسم الحسن فيه / سكة تطبع البدور عليها

كتب ابن منير للقاضي ابي الفضل هبة اللّه المتوفى (562) يلتمس منه كتاب الوساطة‏بين المتنبي وخصومه تاليف القاضي علي بن عبدالعزيز الجرجاني، وكان قد وعده به‏ا:

يا حائزا غاي كل فضيلة / تضل في كنهه الاحاطه

ومن ترقى الى محل / احكم فوق السهى مناطه

الى متى اسعط التمني / ولا ترى المن بالوساطه

ولد المترجم ابن منير سنة ثلاث وسبعين واربعمائة بطرابلس، وتوفي في جمادى‏الاخرة سنة ثمان واربعين وخمسمائة عند جل المؤرخين بحلب، ودفن في جبل‏جوشن ((4-1014)) بقرب المشهد الذي هناك، قال ابن خلكان ((4-1015)) : زرت قبره ورايت عليه ‏مكتوبا:

من زار قبري فليكن موقنا / ان الذي القاه يلقاه

فيرحم اللّه امرءا زارني / وقال لي يرحمك اللّه

ثم وجدت في ديوان ابي الحكم عبيداللّه ان ابن منير توفي بدمشق في سنة سبع‏واربعين، ورثاه بابيات على انه مات بدمشق، وهي هزلية على عادته، ومنها

اتوابه فوق اعواد تسيره / وغسلوه بشط‏ي نهر قلوط

واسخنوا الماء في قدر مرصعة / واشعلوا تحته عيدان بلوط

وعلى هذا التقدير فيحتاج الى الجمع بين هذين الكلامين، فعساه ان يكون قدمات في‏دمشق ثم نقل الى حلب فدفن بها. انتهى.

واما ابو المترجم المنير فكان شاعرا كجده المفلح كما في نسمة السحر ((4-1016)) ، وكان‏منشدا لشعر العوني، ينشد قصائده في اسواق طرابلس كما ذكر ابن عساكر في تاريخ‏الشام ((4-1017)) (2/97)، وبما ان العوني من شعراء اهل البيت (ع) ولم يؤثر عنه شي‏ء في‏غيرهم، وكان منشده الشيعي هذا يهتف بها في اسواق طرابلس وفيها اخلاط من‏الامم والاقوام كانوا يستثقلون نشر تلكم المثر بملا من الاشهاد، وبالرغم من غيظهم‏الثائر في صدورهم ، لذلك ما كان يسعهم مجابهته والمكاشفة معه على منعه لمكان من‏يجنح الى العترة الطاهرة هنالك، فعملوا بالميسور من الوقيعة فيه من انه كان يغني بهافي الاسواق، كما وقع في لفظ ابن عساكر وقال: كان منشدا ينشد اشعار العوني في‏اسواق طرابلس ويغني. واسقط ابن خلكان ذكر العوني وانشاد المنير لشعره،فاكتفى‏بانه كان يغني في الاسواق زيادة منه في‏الوقيعة وعلما بانه لو جاء بذكرالعوني وشعره لعرف المنقبون بعده مغزى كلامه كما عرفناه، وعلم ان ذلك الشعر لايغنى به بل تقرط به الاذان لاحياء روح الايمان وارحاض معرة الباطل.

توجد ترجمة ابن منير في كثير من المعاجم وكتب السير، منها ((4-1018)) :

تاريخ ابن خلكان (1/51)، الخريدة للعماد الكاتب، الانساب للسمعاني ((4-1019)) ، المنتظم‏ لابن الجوزي تاريخ ابن عساكر (2/97)، مرآة الجنان (3/287)، تاريخ ابن كثير(12/231)، مجالس المؤمنين (ص‏456)، امل الامل لصاحب الوسائل، شذرات الذهب(4/146)، نسمة السحر في الجزء الاول، روضات الجنات (ص‏72)، اعلام الزركلي(1/81)، تاريخ آداب اللغة (3/20)، دائرة المعارف للبستاني (1/709)، تاريخ‏ حلب(4/231).

LEAVE A COMMENT