(31) ابو محمد العوني

  الغدير

(31) ابو محمد العوني

امامي له يوم الغدير اقامه / نبي الهدى ما بين من انكر الامرا

وقام خطيبا فيهم اذ اقامه / ومن بعد حمداللّه قال لهم جهرا

الا ان هذا المرتضى بعل فاطم / علي الرضا صهري فاكرم به صهرا

ووارث علمي والخليفة فيكم / الى اللّه من اعدائه كلهم ابرا

سمعتم؟ اطعتم ؟ هل وعيتم مقالتي ؟ / فقالوا جميعا ليس نعدو له امرا

سمعنا اطعنا ايها المرتضى فكن / على ثقة منا وقد حاولوا غدرا ((4-364))

ومنها قوله مشيرا الى حديث مر في الجزء الثاني (ص‏320):

وفي خبر صحت روايته لهم / عن المصطفى لا شك فيه فيستبرا

بان قال لما ان عرجت الى السما / رايت بها الاملاك ناظرة شزرا

الى نحو شخص حيل بيني وبينه / لعظم الذي عاينته منه لي خيرا

فقلت حبيبي جبرئيل من الذي / تلاحظه الاملاك قال لك البشرى

فقلت ومن ذا قال علي الر / ضا وما خصه الرحمن من نعم فخرا

تشوقت الاملاك اذ ذاك شخصه / فصوره الباري على صورة اخرى

فمال الى نحو ابن عم ووارث / على جذل منه بتحقيقه خبرا ((4-365))

ومن شعره في الغدير كما في المناقب لابن شهرآشوب ((4-366)) (1/537) طبع ايران‏ قوله‏

اليس قام رسول اللّه يخطبهم / يوم الغدير وجمع الناس محتفل

وقال من كنت مولاه فذاك له / من بعد مولى فواخاه وما فعلوا

لو سلموها الى الهادي ابي حسن / كفى البرايا ولم تستوحش السبل

هذا يطالبه بالضعف محتقبا / وتلك يحدو بها في سعيها جمل

وله من قصيدة فى المناقب ((4-367)) (1/538) طبع ايران قوله:

فقال رسول اللّه هذا لامتي / هو اليوم مولى رب ما قلت فاسمع

فقام جحود ذو شقاق منافق / ينادي رسول اللّه من قلب موجع

اعن ربنا هذا ام انت اخترعته / فقال معاذ اللّه لست بمبدع

فقال عدو اللّه لاهم ان يكن / كما قال حقا بي عذابا فاوقع

فعوجل من افق السماء بكفره / بجندلة فانكب ثاو بمصرع

وله من قصيدة كبيرة يمدح بها امير المؤمنين (ع) ويسمي الائمة المعصومين:

ان رسول اللّه مصباح الهدى / وحجة اللّه على كل البشر

جاء بفرقان مبين ناطق بالحق / من عند مليك مقتدر

فكان من اول من صدقه / وصيه وهو بسن ماثغر ((4-368))

ولم يكن اشرك باللّه ولا / دنس يوما بسجود لحجر

فذاكم اول من آمن بالله / ومن جاهد فيه ونصر

اول من صلى من القوم ومن / طاف ومن حج بنسك واعتمر

من شارك الطاهر في يوم العبا / في نفسه من شك في ذاك كفر

من جاد بالنفس ومن ضن بها / في ليلة عند الفراش المشتهر

من صاحب ‏الدار الذي‏ انقض بها / نجم من الجو نهارا فانكدر

من صاحب الراية لما ردها / بالامس بالذل قبيع وزفر

من خص بالتبليغ في براءة / فتلك للعاقل من احدى العبر

من كان في المسجد طلقا بابه / حلا وابواب اناس لم تذر

من حاز في خم بامر اللّه ذاك / الفضل واستولى عليهم واقتدر

من فاز بالدعوة يوم الطائر / المشوي من‏خص بذاك المفتخر

من ذا الذي‏اسري به حتى راى / ‏القدرة في حندس ليل معتكر

من خاصف النعل ومن خبركم / عنه رسول اللّه انواع الخبر

سائل به يوم حنين عارفا / من صدق الحرب ومن ولى الدبر

كليم شمس اللّه والراجعها / من بعد ما انجاب ضياها واستتر

كليم اهل الكهف اذ كلمهم / في ليلة المسح فسل عنها الخبر

وقصة الثعبان اذ كلمه / وهو على المنبر والقوم زمر

والاسد العابس اذ كلمه / معترفا بالفضل منه واقر

بانه مستخلف اللّه على الا / مة والرحمن ما شاء قدر

عيبة علم اللّه والباب الذي / يؤتى رسول اللّه منه المشتهر ((4-369))

له من قصيدة:

ايا امة السوء التي ما تيقظت / لما قد خلت فيها من المثلات

وقد وترت آل النبي ورهطه / على قدر الايام اي ترات

وقد غدرت بالمرتضى علم الهدى / امام البرايا كاشف الكربات

ببدر واحد والنضير وخيبر / ويوم حنين ساعة الهبوات ((4-370))

وصاحب خم والفراش وفضله / ومن خص بالتبليغ عند براة ((4-371))

وله من قصيدة يمدح بها امير المؤمنين (ع):

واللّه البسه المهابة والحجا / وربا به ان يعبد الاصناما

مازال يغذوه بدين محمد / كهلا وطفلا ناشئا وغلاما

ام من سواه اذا اتي بقضية / طرد الشكوك واخرس الحكاما

فاذا راى رايا يخالف رايه / قوم وان كدوا له الافهاما

نزل الكتاب برايه فكانما / عقد الاله برايه الاحكاما

من ذا سواه اذا تشاجرت القنا / وابى الكماة الكر والاقداما

وتصلصلت حلق الحديد واظهرت / فرسانها التصجاج والاحجاما ((4-372))

ورايت من تحت العجاج لنقعها / فوق المغافر والوجوه قتاما

كشف الاله بسيفه وبرايه / يظمي الجواد ويرتوي الصمصاما

ووزيره جبريل يقحمه الوغى / طوعا وميكال الوغى اقحاما

ام من سواه يقول فيه احمد / يوم الغدير وغيره اياما

هذا اخي مولاكم وامامكم / وهو الخليفة ان لقيت حماما

مني كما هارون من موسى فلا / تالوا ((4-373)) لحق امامكم اعظاما

ان كان هارون النبي لقومه / ما غاب موسى سيدا واماما

فهو الخليفة والامام وخير من / امضى القضاء وخفف الاقلاما

حتى لقد قال ابن خطاب له / لما تقوض من هناك وقاما

اصبحت مولائي ومولى كل مـ / ـن صلى لرب العالمين وصاما

غصن رسول اللّه اثبت غرسه / فعلا الغصون نضارة ونظاما

حتى استوى علما كما قد شاءه / رب السماء وسيدا قمقاما

ما سامه في ان يكون مؤمرا / لفتى ولا ولى عليه اساما

فهو الامير حياته ومماته / امرا من اللّه العلي لزاما

صلى عليه ذو الجلال كرامة / وملائك كانوا لديه كراما

وله من قصيدة:

يا آل احمد لولاكم لما طلعت / شمس ولا ضحكت ارض من العشب

يا آل احمد لازال الفؤاد بكم / صبا بوادره تبكي من الندب

يا آل احمد انتم خير من وخدت / به المطايا فانتم منتهى الارب

ابوكم خير من يدعى لحادثة / فيستجيب بكشف الخطب والكرب

عدل القران وصي المصطفى وابو / السبطين اكرم به من والد واب

بعل المطهرة الزهراء ذو الحسب الـ / ـطهر الذي ضمه شفعا الى النسب

من قال احمد في يوم الغدير له / من كنت مولى له في العجم والعرب

فان هذا له مولى ومنذره / يا حبذا هو من مولى ويا بابي

من مثله وهو مولى الخلق اجمعها / بامر رب الورى في نص خير نبي

ياتي غدا ولواء الحمد في يده / والناس قد سفروا عن اوجه قطب

حتى اذا اصطكت الاقدام زائلة / عن الصراط فويق النار مضطرب

الشاعر

ابو محمد طلحة بن عبيد اللّه بن ابي عون الغساني ((4-374)) العوني. لعل في شهرة العوني‏وشعره السائر وطرفه المدونة في الكتب، غنى عن تعريفه وذكر عبقريته، وتفوقه في‏سرد القريض، ونبوغه في نضد جواهر الكلام، كما ان فيما دون من تاريخ حياته ومايؤثر عنه من جمل الشعر ومفصلاته، كفاية للباحث عن ادلاء الحجة على تشيعه‏ وتفانيه في ولاء سادته وائمة دينه صلوات اللّه عليهم.

لقد سرى الركبان بشعر العوني فطارت نبذه الى مختلف الديار، ولهج بها الناس في‏اماكن قصية، وكان ينشدها المنشدون في الاندية والمجتمعات التي يتحرى فيها تشنيف‏الاسماع بذكر اهل البيت (ع) وفضائلهم، ومنهم الشاعر منير والد الشاعر احمد بن‏منير المترجم في شعراء القرن السادس، كان ينشد شعر العوني في اسواق طرابلس‏فيقرط آذان الناس بتلكم الفضائل، لكن ابن عساكر ((4-375)) اساء سمعا واساءجابه ((4-376)) غاظه ذلك الهتاف بذكر اهل البيت (ع)، فاراد ان يسم الرجل بما يشوه‏سمعته، فقال: انه كان يغني في اسواق طرابلس بشعر العوني. وجاء ابن خلكان ((4-377)) بعد لاي من عمر الدهر حتى وقف على تلك الانشودة ،فساءته اكثر مما ساءت ابن عساكر، فزاد ضغثا على اباله ((4-378)) ، فطرح لفظة شعر العوني‏واكتفى بان منيرا كان يغني في الاسواق، وللمحاسبة مع الرجلين موقف نؤجله الى‏يوم‏الحساب، فهنالك يستوفي منير حقه، و (ان ربك لبالمرصاد) ((4-379)) .

وهذه كلها والنبذ المدونة من شعره في هذا الكتاب وفيها عد الائمة الاثني عشر، آيات‏باهرة لبلوغ العوني الغاية القصوى من الموالاة والتشيع، حتى ان القاصرين اوالحانقين عليه رموه بالغلو لما ذكره ابن شهرآشوب في المعالم ((4-380)) من انه نظم اكثرالمناقب، والواقف على شعره جد عليم بانه كان يمشي على الوسط بين الافراط‏والتفريط، فلا يثبت لاهل البيت (ع) الا ما حق لهم من المراتب والمناقب او ما هودون مقامهم، ولا ينظم الا ما ورد في احاديث ائمة الدين من مناقبهم، واما التهمة‏بالغلو فكلمة جاهل او معاند. وعلى اي فتشيع العوني كان مشهورا في العصور المتقدمة، على عهده وبعد وفاته،حتى‏انه لما وقعت الفتنة بين الشيعة والسنة في بغداد سنة (443) واحتدم بينهما القتال،فكانت مما جاءت به يد الجور من الفظائع انهم نبشوا قبور جماعة من الشيعة‏وطرحوا النيران في ترابهم ومنهم العوني المترجم، والناشئ علي بن وصيف الانف‏ذكره ((4-381)) ، والشاعر المعروف الجذوعي ((4-382)) .

كان العوني يتفنن في الشعر، وياتي باساليبه وفنونه وبحوره، مقدرة منه على تحويرالقول وصياغة الجمل كيف ما شاء واحب. قال ابن رشيق في العمدة ((4-383)) (1/154): ومن الشعر نوع غريب يسمونه القواديس ي‏تشبيها بالقواديس السانية، لارتفاع بعض قوافيه في جهة وانخفاضها في الجهة‏الاخرى، فاول من رايته جاء به طلحة بن عبيداللّه العوني في قوله وهي من قصيدة‏له مشهورة طويلة:

كم للدمى الابكار بالـ / ـجنتين من منازل

بمهجتي للوجد من / تذكارها منازل

معاهد رعيلها / مثعنجر الهواطل ((4-384))

لما ناى ساكنها / فادمعي هواطل

وللعوني معاني فخمة في شعره استحسنها معاصروه ومن بعده، فحذوا حذوه في‏صياغة تلك المعاني، لكن الحقيقة تشهد بان الفضل لمن سبق. قال ابو سعيد محمد ابن‏احمد العبيدي في الابانة عن سرقات المتنبي (ص‏22): قال العوني:

مضى الربيع وجاء الصيف يقدمه / جيش من الحر يرمي الارض بالشرر

كان بالجو ما بي من جوى وهوى / ومن شحوب فلا يخلو من الكدر

قال المتنبي المقتول (354):

كان الجو قاسى ما اقاسي / فصار سواده فيه شحوبا ((4-385))

وقال في (ص‏64): قال العوني:

يا صاحبي بعدتما فتركتما / قلبي رهين صبابة ونصاب

ابكي وفاءكما وعهدكما كما / يبكي المحب معاهد الاحباب

قال المتنبي:

وفاؤكما كالربع اشجاه طاسمه ((4-386)) / بان تسعدا والدمع اشفاه ساجمه ((4-387))

وقال في (ص‏66): للعوني في قصيدة له في اهل البيت (ع):

الا سيد يبكي بشجوي فانني / لمستعذب ماء البكاء ومستحلي

احب ابن بنت المصطفى وازوره / زيارة مهجور يحن الى الوصل

وما قدمي في سعيه نحو قبره / بافضل منه رتبة مركب العقل

قال المتنبي ((4-388)) :

خير اعضائنا الرؤوس ولكن / فضلتها بقصدها الاقدام

قال الاميني: وحذا حذو العوني في المعنى سيدنا الشهيد السيد نصراللّه الحائري في‏كافية له في تربة كربلاء المشرفة، وقال:

اقدام من زار مغناك الشريف غدت / تفاخر الراس منه طاب مثواك ((4-389))

وشعره في اهل البيت (ع) مدحا ورثاء مبثوث في المناقب لابن شهرآشوب، وروضة‏الواعظين لشيخنا الفتال، والصراط المستقيم لشيخنا البياضي، وقدجمعنا من شعره مايربو على ثلاثمائة وخمسين بيتا، وجمعه ورتبه العلامة السماوي في ديوان، ومما رتبه ‏قصيدته ‏المعروفة بالمذهبة توجد في مناقب ‏ابن شهرآشوب ناقصة الاطراف:

وسائل عن العلي الشان / هل نص فيه اللّه بالقرآن

بانه الوصي دون ثان / لاحمد المطهر العدناني

فاذكر لنا نصا به جليا

اجبت يكفي خم في النصوص / من آية التبليغ بالمخصوص

وجملة الاخبار والنصوص / غير الذي انتاشت يد اللصوص

وكتمته ترتضي اميا

اما سمعت يا بعيد الذهن / ما قاله احمد كالمهني

انت كهارون لموسى مني / اذ قال موسى لاخيه اخلفني

فاسالهم لم خالفوا الوصيا

اما سمعت خبر المباهله / اما علمت انها مفاضله

بين الورى فهل راى من عادله / في الفضل عند ربه وقابله

ولم يكن قربه نجيا ((4-390))

اما سمعت انه اوصاه / وكان ذا فقر كما تراه

فخص بالدين الذي يرعاه / فان عداه وهو ما عداه

غادر دينا لم يكن مرعيا

فقال هل من آية تدل / على علي الطهر لا تعل

بحيث فيها الطهر يستقل / تدنيه للفضل فيقصى كل

ويغتدي من دونه مقصيا

فقلت ان اللّه جل قالا / اذ شرف الاباء والانسالا

وآل ابراهيم فازوا آلا / انا وهبنا لهم افضالا

لسان صدق منهم عليا

فكان ابراهيم ربانيا / ثم رسولا منذرا رضيا

ثم خليلا صفوة صفيا / ثم اماما هاديا مهديا

وكان عند ربه مرضيا

فعندها قال ومن ذريتي / قال له لا لن ينال رحمتي

وعهدي الظالم من بريتي / ابت لملكي ذاك وحدانيتي

سبحانه لا زال وحدانيا ((4-391))

فالمصطفى الامر فينا الناهي / وعادم الامثال والاشباه

فالفعل منه والمقام الزاهي / لم يصدرا الا بامر اللّه

لم يتقول ابدا فريا

ان كان غير ناطق عن الهوى / الا بامر مبرم من ذي القوى

فكيف اقصاهم وادنى‏ المجتوى ((4-392)) / اذن لقد ضل ضلالا وغوى

ولم يكن حاشا له غويا ((4-393))

لكنما الاقوام في السقيفه / قد نصبوا برايهم خليفه

وكان في شغل وفي وظيفه / من غسل تلك الدرة النظيفه

وحزنه الذي له تهيا

حتى اذا قضى الخليفة انتخب / من عقد الامر له بين العرب

ثم قضى واختار منهم من احب / وان تكن‏شورى فللشورى سبب

ان كان ذا ترتيبه مقضيا

ثم قضى ثالثهم فانثالوا / له الرجال تتبع الرجال

فلم تسع غير القبول الحال / فقام والرضا به محال

اذ كان كل يتمنى شيا

فغاضبت اولهم ذات الجمل / وقام معها الرجلان في العمل

فردهم سيف القضاء وفصل / ولم يكن قد سبق السيف العذل

فقد تاتى حربهم مليا

وغاضب الشاني لامر سالف / فاجتاحه بذي الفقار القاصف

واصبح الناصر كالمخالف / اذ شكت الرماح بالمصاحف

واخذ الانحدار والرقيا ((4-394))

وكان ان يرد للتسليم / اذ رد للاحبش في الهزيم

فاعمل الحيلة في التحكيم / بامر شيطانهم الرجيم

ففي الرعاة حكم الرعيا

فلم يجد للكف من مناص / واخذ التحكيم بالنواصي

فجاء اهل الشام بابن العاصي / فاحتال فيها حيلة القناص

غر ابا موسى الاشعريا

قام ابو موسى فويق المنبر / وقال اني خالع لحيدر

كما خلعت خاتمي من خنصري / ثم جعلتها لنجل عمر

يا عمرو قم انت اخلع الشاميا

فقال عمرو ايها الناس اشهدوا / ان خلع الذي له يعتمد

ثم اسمعوا قولي ولا ترددوا / به فاني لابن هند اعقد

فاتخذوه مذهبا عمريا ((4-395))

فما ترى انت بهذي الحال / من المقال ومن الافعال

لا تدخل المفتاح في الاقفال / تفتح عن الاضغان والاذحال

وما يكون في الحشا مطويا

ان عليا عند اهل العلم / اول من سمي بهذا الاسم

قد ناله من ربه في الحكم / على يدي اخيه وابن العم

وحيا قديم الفضل عد مليا ((4-396))

وهو الذي سمي في التوراة / عند الالى هادوا من الهداة

بالنص والتصريح في البراة / برغم من سي‏ء من العداة

من كل عيب في الورى بريا

وهو الذي يعرف عند الكهنه / اذ جمعوا التوراة في الممتحنه

فاخذوا من كل شي‏ء حسنه / وهم لتوراة الكليم الخزنه

ليوردوا الحق لهم بوريا

وهو الذي يعرف في الانجيل / برتبة الاعظام والتبجيل

وميزة الغرة والتحجيل / وفوزة الرقيب للمجيل

وكان يدعى عندهم اليا ((4-397))

وهو الذي يعرف بالزبور / زبور داود حليف النور

وذي العلى والعلم المنشور / في اسم الهزبر الاسد الهصور

ليث الوغى اعني به آريا

وهو الذي تدعوه ما بين الورى / اكابر الهند واشياخ القرى

ذوو العلوم منهم بكنكرا / لانه كان عظيما خطرا

وكنكر كان له سميا

وهو الذي يعرف عند الروم / ببطرس القوة والعلوم

وصاحب الستر لها المكتوم / ومالك المنطوق والمفهوم

ومن يكن ذا يدع بطرسيا

وهو الذي يعرف عند الفرس / لدى التعاليم وعند الدرس

بغرسنا وذاك اسم قدسي / معناه قابض بكل نفس

كما دعوه عندهم باريا

وهو الذي يعرف عند الترك / تيرا وذاك مشبه المحك

وانه يرفع كل شك / عن كل حاك قوله ومحكي

اذا عرفت المنطق التركيا

وهو الذي يدعونه في الحبش / بتريك اي مدبر لا يختشي

لقدرة به وبطش مدهش / وينعتونه باقوى قرشي

فاسال به من يعرف الحبشيا

وهو الذي يعرف عند الزنج / بحنبني اي مهلك ومنج

وقاطع الطريق في المحج / الا باذن في سلوك النهج

فان اردت فاسال الزنجيا

وهو فريق بلسان الارمن / فاروقة الحق لكل مؤمن

تعرفه اعلامهم في الزمن / فاسال به ان كنت ممن يعتني

تحقيقه من كان ارمنيا ((4-398))

وهو الذي سمته تلك الجوهره / اذ ولدت في الكعبة المطهره

وخرجت به فقال الجمهره / من ذا فقالت هو شبلي حيدره

ولدته مطهرا قدسيا

هذا وقد لقبه ظهيرا / ابوه اذ شاهده صغيرا

يصرع من اخوانه الكبيرا / مشمرا عن ساعد تشميرا

وكان عبلا فتلا ((4-399)) قويا

ولقبته ظئره ((4-400)) ميمونا / اذ رات السعد به مقرونا

فكان درا عندها مكنونا / يحمي اخا رضاعه المنونا

ثم يدر ثديها الابيا

واسم اخيه في بني هلال / معلق الميمون بالحبال

يذكره في سمر الليالي / رجالهم فاسمع من الرجال

موهبة خص بها صبيا

والاسم عند اللّه في العلى علي / وهو الصحيح والصريح والجلي

اشتقه من اسمه في الازل / كمثل ما اشتق لخير الرسل

ومنح النبي والوصيا

واتفقت آراء اهل العلم / على اسمه من دون معنى الاسم

فاختلفت في قصده والفهم / له وكل لم يطش بسهم

اذ قد اصاب الغرض المرقيا

فقال قوم قد علا برازا / اقرانه وابتزها ابتزازا

فما رآه القرن الا انحازا / وكان دونا سافلا فامتازا

فهو علي اذ علا العديا

وقال قوم قد علا مكانا / متن النبي ورمى الاوثانا

اذ لم يطق حمل نبي كانا / من ثقل الوحي حكى ثهلانا ((4-401))

فنال منه المنزل العليا

وقال فرقة علي الدار / في جنة الخلد مع‏ المختار

علاه ذو العرش على الابرار / في روضة تزهو وفي انهار

فنال منه المرتضى العلويا ((4-402))

وقال فرقة علاهم علما / فكان اقضاهم لذاك حكما

ومن الى القضاء قد تسمى / يكون اعلى رفعة واسمى

فوال ذاك العالم السميا

ودع تويل الكتاب والخبر / وخذ بما بان لديك وظهر

قد خاطب اللّه به خير البشر / ليفهموا الاحكام في بادي النظر

ويعرفوا النبي والوصيا

فاستمسكن بالعروة الوثقى التي / لم تنفصم عنه ولم تنفلت

تمش على الصراط لم تلتفت / في قدم راس وقلب مثبت

حتى تجوز سالما سويا

الى جنان الخلد في اعلى الرتب / اذ ينثني كل امرئ مع من احب

موهبة ممن له الشكر وجب / فهو ابر خالق وخير رب

عز وجل ملكا قويا

يا رب عبدك الذي غمرته / بالفضل والانعام مذ صيرته

وقد عصى جهلا وقد امرته / ان تاب فالذنب له غفرته

قد تبت فاغفر ذنبي العديا

يا رب مالي عمل سوى الولا / لاحمد وآله اهل العلى

صنو الرسول والوصي المبتلى / وفاطم والحسنين في الملا

غرا تزين العرش والكرسيا

ثم علي وابنه محمد / وجعفر الصدق وموسى المهتدي

ثم علي والجواد الاجود / محمد ثم علي الامجد

والحسن الذي جلا المهديا

فاعطني بهم جمال الدنيا / وراحة القبر زمان البقيا

والامن والستر بحشر المحيا / والري من كوثر اهل السقيا

والحشر معهم في العلى سويا

يا طلح ان تختم بهذا في العمل / لم يدن منك فزع ولا وجل

وانت طلح الخير ان جاء الاجل / بالاجر من رب الورى عز وجل

كفى بربي راحما كفيا

وله يمدح امير المؤمنين (ع):

انا مولى لمن يقول رسول الله / فيه ما بين جم غفير

سوف تاتي يوم القيامة ركب / خمسة ما لغيرنا من ظهور

انا منهم على البراق وبعدي / بضعتي فاطم تسير مسيري

تحتها يوم ذاك ناقتي العضباء / تطوي الفجاج ط‏ي المغير

وابي ابراهيم فوق ذلول / عز قدرا بنا على الجمهور

واخي صالح على ناقة اللّه / امامي في العالم المحشور

وعلي على اغر من الجنة / ما خطب نعته باليسير ((4-403))

في يديه من فوق راسي لواء / الحمد للواحد الحميد الشكور

وعليه تاج بديع من النور / يزاهي باكليله المستدير

قد اضاءت من نوره عرصة / الحشر فيا حسن ذاك من منظور

ولتاج الوصي سبعون ركنا / كل ركن‏كالكوكب المستنير ((4-404))

فلربي الحمد الكثير على ما / قد حباني من حبه بالكثير

وله يرثي الامام السبط المفدى صلوات اللّه عليه :

يا قمرا غاب حين لاحا / اورثني فقدك المناحا

يا نوب الدهر لم يدع لي / صرفك من حادث صلاحا

ابعد يوم الحسين ويحي / استعذب اللهو والمزاحا

كربت كي تهتدي البرايا / به وتلقى به النجاحا

فالدين قد لف بردتيه / والشرك القى لها جناحا

فصار ذاك الصباح ليلا / وصار ذاك الدجى صباحا

فجاء اذ كاتبوه يسعى / لكي يريها الهدى الصراحا

حتى اذا جاءهم تنحوا / لا بل نحوا قتله اجتياحا

وانبتوا البيد بالعوالي / والقضب واستعجلوا الكفاحا

فدافعت عنه اولياه / وعانقوا البيض والرماحا

سبعون في مثلهم الوفا / فاثخنوا بينهم جراحا

ثم قضوا جملة فلاقوا / هناك سهم القضا المتاحا

فشد فيهم ابو علي / وصافحت نفسه الصفاحا

يا غيرة اللّه لا تغيثي / منهم صياحا ولا ضباحا ((4-405))

ثم انثنى ظامئا وحيدا / كما غدا فيهم وراحا

ولم يزل يرتقي الى ان / دعاه داعي اللقا فصاحا

دونكم مهجتي فاني / دعيت ان ارتقي الضراحا

فكلكلوا فوقه فهذا / يقطع راسا وذا جناحا

يا بابي انفسا ظماء / ماتت ولم تشرب المباحا

يا بابي اوجها صباحا / باكرها حتفها صباحا

يا بابي اجسما تعرت / ثم اكتست بالدماء وشاحا ((4-406))

يا سادتي يا بني علي / بكى الهدى فقدكم وناحا

اوحشتم الحجر والمساعي / آنستم القفر والبطاحا

اوحشتم الذكر والمثاني / والسور الطول‏ الفصاحا ((4-407))

لا سامح اللّه من قلاكم / وزاد اشياعكم سماحا

وله في الامام الصادق صلوات اللّه عليه:

عج بالمط‏ي على بقيع الغرقد / واقرا التحية جعفر بن محمد

وقل: ابن بنت محمد ووصيه / يا نور كل هداية لم تجحد

يا صادقا شهد الاله بصدقه / فكفى شهادة ذي الجلال الامجد

يا ابن الهدى وابا الهدى انت الهدى / يا نور حاضر سر كل موحد

يا ابن النبي محمد انت الذي / اوضحت قصد ولاء آل‏ محمد

يا سادس الانوار يا علم الهدى / ضل امرؤ بولائكم لم يهتد ((4-408))

وله من قصيدة يمدح بها امير المؤمنين صلوات اللّه عليه :

تخيره اللّه من خلقه / فحمله الذكر وهو الخبير

وانزل بالسور المحكمات / عليه كتاب مبين منير

واغشاه نورا وناداه قم / وانذر فانت البشير النذير

فلاح الهدى واضمحل العمى / وولى الضلال وعيف الغرور

فوصى عليا فنعم الوصي / ونعم الولي ونعم ‏النصير ((4-409))

وله من قصيدة في الائمة الطاهرين (ع) قوله:

نص على ست وست بعده / كل امام راشد برهانه

صلى عليه ذو العلى ولم يزل / يغشاه منه ابدا رضوانه

وله من قصيدة اخرى:

وقلت براثا كان بيتا لمريم / وذاك ضعيف في الاسانيد اعوج

ولكنه بيت لعيسى بن مريم / وللانبياء الزهر مثوى ومدرج

وللاوصياء الطاهرين مقامهم / على غابر الايام والحق ابلج

بسبعين موصى بعد سبعين مرسل / جباههم فيها سجود تشجج

وآخرهم فيها صلاة امامنا / علي بذا جاء الحديث المنهج

وله من قصيدة كبيرة يمدح بها اهل البيت (ع):

الست ترى جبريل وهو مقرب / له في العلى من راحة القصد موقف

يقول لهم: اهل العبا انا منكم / فمن مثل اهل ‏البيت ان كنت تنصف

نعم آل طه خير من وطا الحصى / واكرم ابصار على الارض تطرف

هم الكلمات الطيبات التي بها / يتاب على الخاط‏ي فيحبا ويزلف

هم البركات النازلات على الورى / تعم جميع المؤمنين وتكنف

هم الباقيات الصالحات بذكرها / لذا كرها خير الثواب المضعف

هم الصلوات الزاكيات عليهم / يدل المنادي بالصلاة ويعكف

هم الحرم المامون آمن اهله / واعداؤه من حوله تتخطف

هم الوجه وجه اللّه والجنب جنبه / وهم فلك نوح خاب عنه المخلف

هم الباب باب اللّه والحبل حبله / وعروته الوثقى تواري وتكنف

واسماؤه الحسنى التي من دعا بها / اجيب فما للناس عنها تحرف ((4-410))

ذكر السمعاني في الانساب ((4-411)) : ان العوني كان شاعر الشيعة، وذكر الصحابة وثلبهم في‏قصيدة اولها:

ليس الوقوف على الاطلال من شاني / . . . . .

سمعت ان عمر بن عبدالعزيز لما بلغه عنه سب الصحابة، امر به فضرب بالعمود بالمدينة فمات فيه.

قال الاميني: خفي على السمعاني اسم العوني وعصره ومدفنه، وان القصيدة النونية‏المذكورة انما هي لابي محمد عبداللّه بن عمار البرقي احد شعراء اهل البيت، وشي به الى‏المتوكل و قرئت له نونيته، فامر بقطع لسانه واحراق ديوانه، ففعل به ذلك ومات بعدايام، وذلك سنة (245). ومن النونية قوله:

فهو الذي امتحن اللّه القلوب / به عما يجمجمن من كفر وايمان

وهو الذي قد قضى اللّه العلي له / ان لا يكون له في فضله ثان

وان قوما رجوا ابطال حقكم / امسوا من اللّه في سخط وعصيان

لن يدفعوا حقكم الا بدفعهم / ما انزل اللّه من آي وقرآن

فقلدوها لاهل البيت انهم / صنو النبي وانتم غير صنوان

LEAVE A COMMENT