(30) ابو العلاء السروي

  الغدير

(30) ابو العلاء السروي

علي امامي بعد الرسول / سيشفع في عرصة الحق لي

ولا ادعي لعلي سوى / فضائل في العقل لم يشكل

ولا ادعي انه مرسل / ولكن امام بنص جلي

وقول الرسول له اذ اتى / له شبه الفاضل المفضل

الا ان من كنت مولى له / فمولاه من غير شك علي ((4-346))

الشاعر

ابو العلاء محمد بن ابراهيم السروي، هو شاعر طبرستان الاوحد، وعلم الفضيلة‏المفرد، وله مساجلات ومكاتبات مع ابي الفضل بن العميد المتوفى سنة(360)، وله‏كتب وشعر رائع وملح كثيرة، ذكرت في اليتيمة ((4-347)) منها جملة صالحة (4/48)، وفي‏محاسن اصبهان (ص‏52 و 56)، وفي نهاية الارب في فنون الادب ((4-348)) ، ومن شعره في‏وصف طبرستان ما ذكره الحموي في معجم البلدان ((4-349)) (6/18) وهو:

اذا الريح فيها جرت الريح اعجلت / فواختها في الغصن ان تترنما

فكم طيرت في الجو وردا مدنرا / يقلبه فيه ووردا مدرهما ((4-350))

واشجار تفاح كان ثمارها / عوارض ابكار يضاحكن مغرما

فان عقدتها الشمس فيها حسبتها / خدودا على القضبان فذا وتواما

ترى خطباء الطير فوق غصونها / تبث على العشاق وجدا معتما

وله في مدح اهل البيت(ع) قوله ذكره ابن شهرآشوب في المناقب ((4-351)) (2/73) طبع ‏ايران:

ضدان جالا على خديك فاتفقا / من بعدما افترقا في الدهر واختلفا

هذا باعلام بيض اغتدى فبدا / وذا باعلام سود انطوى فعفا

اعجب بما حكيا في كتب امرهما / عن الشعارين في الدنيا وما وصفا

هذا ملوك بني العباس قد شرعوا / لبس السواد وابقوه لهم شرفا

وذي كهول بني السبطين رايتهم / بيضاء تخفق اما حادث ازفا

كم ظل بين شباب لا بقاء له / وبين شيب عليه بالنهى عطفا

هل‏ المشيب الى جنب ‏الشباب سوى / صبح هنالك عن وجه الدجى كشفا

وهل يؤدي شباب قد تعقبه / شيب سوى كدر اعقبت منه صفا

لو لم يكن لبني الزهراء فاطمة / من شاهد غير هذا في الورى لكفى

فراية لبني العباس عابسة / سوداء تشهد فيه التيه والسرفا

وراية لبني الزهراء زاهرة / بيضاء يعرف فيها الحق من عرفا

شهادة كشفت عن وجه امرهما / فبح بها وانتصف ان كنت منتصفا

حاز النبي وسبطاه وزوجته / مكان ما افنت الاقلام والصحفا

والفخر لو كان فيهم صورة جسدا / عادت فضائلهم في اذنه شنفا

وقد تناكرت الاحلام وانقلبت / فيهم فاصبح نور اللّه منكسفا

الا اضاء لهم عنها ابو حسن / بعلمه وكفاهم حرها وشفا

وهل نظير له في الزهد بينهم / ولو اصاخ لدنيا او بها كلفا

وهل اطاع النبي المصطفى بشر / من قبله وحذا آثاره وقفا

وهل عرفنا وهل قالوا سواه فتى / بذي الفقار الى اقرانه زلفا

يدعو النزال وعجل القوم محتبس / والسامري بكف الرعب قد نزفا

مفرج عن رسول اللّه كربته / يوم الطعان اذا قلب الجبان هفا

تخاله اسدا يحمي العرين اذا / يوم الهياج بابطال الوغى رجفا

يظله النصر والرعب اللذان هما / كانا له عادة ان سار او وقفا

شواهد فرضت في الخلق طاعته / برغم كل حسود مال وانحرفا

ثم الائمة من اولاده زهر / متوجون بتيجان‏ الهدى حنفا

من جالس بكمال العلم مشتهر / وقائم بغرار السيف قد زحفا

مطهرون كرام كلهم علم / كمثل ما قيل كشافون لا كشفا

وله في يتيمة الدهر ((4-352)) (4/48).

مررنا على الروض الذي قد تبسمت / ذراه واوداج الابارق تسفك

فلم نر شيئا كان احسن منظرا / من الروض يجري دمعه وهو يضحك

وله في النرجس:

حي الربيع فقد حيا بباكور / من نرجس ببهاء الحسن مذكور

كانما جفنه بالغنج منفتحا / كاس من التبر في منديل كافور

وله في النرجس ذكرها صاحبا الظرائف واللطائف ((4-353)) (ص‏159) وحلبة الكميت(ص‏203):

انظر الى نرجس تبدت / صبحا لعينيك منه طاقه

واكتب اسامي مشبهيه / بالعين في دفتر الحماقه

واي حسن يرى لطرف / مع يرقان يحل ماقه ((4-354))

كراثة ركبت عليها / صفرة بيض على رقاقه

وكتب اليه شاعر غريب يشكو اليه حجابه ابياتا منها:

جئت الى الباب مرارا فما / ان زرت الا قيل لي قد ركب

وكان في الواجب يا سيدي / ان لا ترى عن مثلنا تحتجب

فاجابه على ظهر رقعته:

ليس احتجابي عنك من جفوة / وغفلة عن حرمة المغترب

لكن لدهر نكد خائن / مقصر بالحر عما يجب

وكنت لا احجب عن زائر / فالان من ظلي قد احتجب

وذكر الثعالبي في ثمار القلوب ((4-355)) (ص‏354) له قوله:

اما ترى قضب الاشجار قد لبست / انوارها تنثني ما بين جلاس

منظومة كسموط الدر لابسة / حسنا يبيح دم العنقود للحاسي

وغردت خطباء الطير ساجعة / على منابر من ورد ومن آس

خطباءالطير

في ‏الشعر هي: الفواخت والقماري‏والرواشن والعنادل وما اشبهها. قال الثعالبي: اظن اول من اخترع هذه الاستعارة المليحة ابو العلاء السروي في قوله‏المذكور. وذكر له صاحب محاسن اصبهان (ص‏52) في‏ الوصف قوله:

اوما ترى البستان كيف تجاوبت / اطياره وزها لنا ريحانه

وتضاحكت انواره وتسلسلت / انهاره وتعارضت اغصانه

وكانما يفتر غب القطر عن / حلل نشرن رياضه وجنانه

وذكر له (ص‏56) قوله:

كان حمام الروض نشوان كلما / ترنم في اغصانه وترحجا

فلاذ نسيم الجو من طول سيره / حسيرا باطراف الغصون مطلجا

وللصاحب بن عباد ابيات كتبها الى المترجم له، ذكرها المافروخي في محاسن اصبهان(ص‏14) وهي:

ابا العلاء الا ابشر بمقدمنا / فقد وردنا على المهرية القود

هذا وكان بعيدا ان اراجعكم / على التعاقب بين البيض والسود

من بعد ما قربت بغداد تطلبني / واستنجزتني بالاهواز موعودي

وراسلتني بان بادر لتملكني / ويجري الماء ماء الجود في العود

فقلت لا بد من جي ((4-356)) وساكنها / ولو رددت شبابي خير مردود

فان فيها اودائي ومعتمدي / وقربها خير مطلوب ومنشود

الست اشهد اخواني ورؤيتهم / تفي بملك سليمان بن داود

كان المترجم يتعصب للعجم على العرب، فكتب اليه ابن العميد رسالة ينكرفيهاتعصبه بقوله: اقبل وصية خليلك، وامتثل شورة نصيحك، ولا تتماد في ميدان الجهل‏ينضك، ولا تتهافت في الحاح يغرك، واخش يا سيدي ان يقال: التحمت حرب‏البسوس من دم ضرع ((4-357)) ، واشتبكت حرب غطفان من اجل بعير قرع،وقتل الف‏فارس برغيف الحولاء، وصب اللّه على العجم سوط عذاب بمزاح ابي العلاء ((4-358)) .

البيان:

حرب البسوس: البسوس بنت منقذ التميمية، زارت اختها ام جساس بن مرة، ومع‏البسوس جار لها من جرم يقال له سعد بن شمس، ومعه ناقة له، فرماها كليب وائل‏لما رآها في مرعى قد حماه، فاقبلت الناقة الى صاحبها وهي ترغو وضرعها يشخب‏لبنا ودما، فلما راى ما بها انطلق الى البسوس فاخبرها بالقصة، فقالت: واذلاه واغربتاه، وانشات تقول ابياتا تسميها العرب ابيات الفناء، وهي:

لعمري لو اصبحت في دار منقذ / لما ضيم سعد وهو جار لابياتي

ولكنني اصبحت في دار غربة / متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي

فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل / فانك في قوم عن الجار اموات

ودونك اذوادي فخذها وآتني / بها حلة لا يغدرون‏ ببنياتي ((4-359))

فسمعها ابن اختها جساس فقال لها: ايتها الحرة اهدئي، فواللّه لاقتلن بلقحة ((4-360)) جارك‏كليبا، ثم ركب فخرج الى كليب فطعنه طعنة اثقلته فمات منها، ووقعت الحرب بين بكروتغلب، فدامت اربعين سنة، وجرت خطوب وصار شؤم البسوس مثلا، ونسبت‏الحرب اليها وهي من اشهر حروب العرب.

رغيف الحولاء: من امثال العرب المشهورة: اشام من رغيف الحولاء ((4-361)) ، كانت‏الحولاء خبازة في بني سعد بن زيد مناة، فمرت وعلى راسها كارة خبز، فتناول‏رجل‏من راسها رغيفا، فقالت: واللّه مالك علي حق ولا استطعمتني، فلم اخذت‏رغيفي ؟ اما انك ما اردت بهذا الا فلانا تعني رجلا كانت في جواره فمرت اليه‏شاكية، فثار وثار معه قومه الى الرجل الذي اخذ الرغيف وقومه، فقتل بينهم الف‏نفس، وصار رغيف الحولاء مثلا في الشي‏ء اليسير يجلب الخطب الكبير.

سوط عذاب: من استعارات الكتاب الكريم، قال اللّه تعالى: (فصب عليهم ربك سوط عذاب) ((4-362)) .

وذكر له النويري في نهاية الارب ((4-363)) (2/23).

حي شيبا اتى لغير رحيل / وشبابا مضى لغير اياب

اي شي‏ء يكون احسن من عا / ج مشيب في آبنوس شباب

LEAVE A COMMENT