(24) البشنوي الكردي

  الغدير

(24) البشنوي الكردي

توفي بعد (380)

وقد شهدوا عيد الغدير واسمعوا / مقال رسول اللّه من غير كتمان

الست بكم اولى من الناس كلهم / فقالوا: بلى يا افضل الانس والجان

فقام خطيبا بين اعواد منبر / ونادى باعلى الصوت جهرا باعلان

بحيدرة والقوم خرس اذلة / قلوبهم ما بين خلف وعينان ((4-80))

فلبى مجيبا ثم اسرع مقبلا / بوجه كمثل البدر في غصن البان

فلاقاه بالترحيب ثم ارتقى به / اليه وصار الطهر للمصطفى ثاني

وشال بعضديه وقال وقد صغى / الى القول اقصى القوم تاللّه والداني

علي اخي لا فرق بيني وبينه / كهارون من موسى الكليم ابن عمران

ووارث علمي والخليفة في غد / على امتي بعدي اذا زرت ((4-81)) جثماني

فيا رب من والى عليا فواله / وعادالذي‏عاداه‏واغضب‏ على ‏الشاني ((4-82))

وله قوله من قصيدة:

ااترك مشهور الحديث وصدقه / غداة بخم قام احمد خاطبا

الست لكم مولى ومثلي وليكم / علي فوالوه وقد قلت واجبا

وله قوله:

يوم الغدير لذي الولاية عيد / ولدى النواصب فضله مجحود

يوم يوسم في السماء بانه / العهد فيه وذلك المعهود

والارض بالميراث اضحت وسمه / لو طاع موطود ((4-83)) وكف حسود

الشاعر

ابو عبداللّه الحسين بن داود الكردي البشنوي، من الشعراء المجاهرين في مدائح العترة‏الطاهرة (ع)، كما عده ابن شهرآشوب منهم في معالم العلماء ((4-84)) ، ويشهد لذلك شعره‏الكثير فيهم المبثوث في كتاب المناقب للسروي، فهو في الرعيل الاول من حاملي الوية‏البلاغة، واحد شعراء الامامية الناهضين بنشر الادب، وينم عن مذهبه قوله:

الية ربي بالهدى متمسكا / باثني عشر بعد النبي مراقبا

ابقي على البيت المطهر اهله / بيوت قريش للديانة‏طالبا ((4-85))

وقوله:

يا مصرف النص جهلا عن ابي حسن / باب المدينة عن ذي الجهل مقفول

مدينة العلم ما عن بابها عوض / لطالب العلم اذ ذو العلم مسؤول

مولى الانام علي والولي ((4-86)) معا / كما تفوه عن ذي العرش جبريل

وقوله:

قد خان من قدم المفضول خالقه / وللاله فبالمفضول لم اخن

وسيوافيك من شعره ما يظهر منه تضلعه في التشيع، وتمحضه في الولاء،وانقطاعه‏الى‏سادات الائمة صلوات اللّه عليهم، فهو من شعرائهم، وما كان يقال من انه شاعر بني‏مروان كما في كامل ابن الاثير ((4-87)) (9/24)، فالمراد بهم ملوك ديار بكر من اولاد اخت‏باذ الكردي، اولهم ابو علي بن مروان، استولى على ما كان يحكم عليه خاله من دياربكر، وبعد قتله ملك اخوه ممهد الدولة، وبعد قتله قام اخوه ابو نصر وبقي ملكه من‏سنة (420) الى سنة (453)، وخلفه ولدان: نصر وسعيد، اما نصر فملك ميافارقين‏وتوفي سنة (453)، وملك بعده ابنه منصور، اما سعيد فاستولى على آمد ((4-88)) .

وكان البشنوي المترجم له يستحث الاكراد البشنوية ((4-89)) اصحاب قلعة فنك آلمؤازرة باذ الكردي خال بني مروان المذكورين في وقعة سنة (380) التي وقعت ‏بينه وبين ابي طاهر والحسين ابني حمدان لما ملكا بلاد الموصل سنة (379)، وله في‏ذلك قوله من قصيدة:

البشنوية انصار لدولتكم / وليس في ذا خفا في العجم والعرب

فانتماء المترجم الى بني مروان هؤلاء بعلاقة خالهم باذ المتحد معه في العنصر الكردي،فعلى ما ذكرنا لا يكون لقول من قال ((4-90)) : ان البشنوي توفي سنة (370) مقيل من‏الحقيقة، فان التاريخ يشهد بحياته بعدها بعشر سنين.

ذكر صاحب معالم العلماء ((4-91)) : للمترجم كتاب الدلائل والرسائل البشنوية، وقال ابن‏الاثير في اللباب (1/127): وله ديوان مشهور.

كانت في العراق في شرقي دجلة طوائف كثيرة من الاكراد ينتمون الى حصون وقلاع‏وبلاد كانت لهم في نواحي الموصل والاربل، ومنهم:

البشنوية

ومنها شاعرنا المترجم، كانت تسكن هذه الطائفة فوق الموصل قرب جزيرة ابن‏عمر ((4-92)) ، وبينهما نحو من فرسخين، وما كان يقدر صاحب الجزيرة ولاغيره مع‏مخالطتهم للبلاد عليها. قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ((4-93)) : وهي بيد هؤلاءالاكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلاثمائة سنة، وفيهم مروة وعصبية، ويحمون من يلتجئ‏اليهم ويحسنون اليه. انتهى. ولهذه الطائفة هناك قلاع منها قلعة برقة، وقلعة بشير، وقلعة فنك، ومن امرائهاصاحب قلعة فنك الامير ابو طاهر، والامير ابراهيم، والامير حسام الدين من امراءالقرن السادس.

ومنهم: الزوزانية، البختية، الهكارية، الجلانية تنسب هذه الطائفة الى الزوزان‏ ((4-94)) بفتح اوله وثاني ناحية واسعة من شرقي دجلة‏من جزيرة ابن عمر، واول حدودها من نحو يومين من الموصل الى اول حدودخلاط، وينتهي حدها الى آذربايجان الى عمل سلماس، وفيها قلاع كثيرة حصينة‏للاكراد البشنوية، والزوزانية، والبختية.

ومنهم: البختية: لهم عدة قلاع في الزوزان منها قلعة جرذقيل، وهي اجل قلعة لهم وكرسي ملكهم،وقلعة آتيل، وعلوس، والقي، واروخ، وباخوخة، وبرخو، وكنكور، ونيروه،وخوشب، ومن زعمائهم الامير موسك بن المجلي.

الهكارية: بالفتح وتشديد الكاف، ينتمون الى الهكارية ((4-95)) ، قرى فوق الموصل من جزيرة ابن‏عمر، ومن امرائهم بحلب عز الدين عمر بن علي، وعماد الدين احمد بن علي المعروف‏بابن المشطوب، وكان اكبر امير في مصر، ومن علمائهم شيخ الاسلام ابو الحسن‏علي‏بن احمد الهك اري المتوفى سنة (486)، والمترجم في تاريخ ابن‏خلكان ((4-96)) (1/377).

الجلانية: بالفتح وتشديد اللام وكسر النون والياء المشددة، تنسب هذه الطائفة الى‏ الجلانية ((4-97)) ، وهي قلعة من قلاع الهكارية المذكورة.

الزوادية‏ ((4-94)) ، الشوانكارية، الحميدية، الهذبانية، الحكمية وهم اشراف الاكراد، ومنهم اسد الدين شيركوه المتوفى سنة (564) واخوه نجم الدين ‏ايوب.

الشوانكارية: وهم الذين التجا اليهم في سنة (564) شملة ملك فارس صاحب خوزستان المتوفى‏ سنة(570).

الحميدية: كانت لهم قلاع حصينة تجاور الموصل.

الهذبانية: لهم قلعة اربل واعمالها.

الحكمية: ومن امرائهم الامير ابو الهيجاء الاربلي.

ومنهم: الاكراد المارانية، واليعقوبية، والجوزقانية، والسورانية، والكورانية، والعمادية،والمحمودية، والجوبية، والمهرانية، والجاوانية، والرضائية، والسروجية، والهارونية،واللرية، الى غير ذلك من القبائل التي لا تحصى كثرة.

نبذة من شعره

ومن شعر شاعرنا البشنوي في المذهب، قوله:

خير الوصيين من خير البيوت ومن / ‏خير القبائل معصوم من الزلل

اذا نظرت الى وجه الوصي فقد / عبدت ربك في قول وفي عمل

اشار بالبيت الاخير الى ما رواه محب الدين الطبري في رياضه ((4-99)) (2/219) عن ابي‏بكر، وعبداللّه بن مسعود، وعمرو بن العاص، وعمران بن الحصين، وعن غيرهم عن‏ النبي (ص) انه قال: ((النظر الى وجه علي عبادة)) .

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ((4-100)) (ص‏64 و65) عن ابن مسعود بطريقين، وقال:الحديث الاول احسن اسنادا من الثاني، والحديث الثاني روته الحفاظ كابي نعيم في‏حليته ((4-101)) ، والطبراني في معجمه ((4-102)) ، وهو حسن عال جليل غريب من هذا الوجه،والحديث الاول عال حسن السياق.

ورواه ‏بطريق ‏آخر عن‏معاذ بن‏جبل ((4-103)) (ص‏66)فقال: واخرجه‏الحافظ الدمشقي في‏تاريخه ((4-104)) عن غير واحد من الصحابة، منهم: ابو بكر، وعمر، وعثمان، و جابر، و ثوبان، و عائشة، وعمران‏ بن ‏الحصين، وابوذر، وفي ‏حديث‏ ابي ‏ذر: قال ‏رسول ‏اللّه(ص): ((مثل علي فيكم او قال: في هذه الامة كمثل الكعبة المستورة، النظر اليها عبادة،والحج اليها فريضة)) . ورواه ((4-105)) في (ص‏124) بطريق آخر عن علي(ع). وله قوله:

ولست ابالي باي البلاد / قضى اللّه نحبي اذا ما قضاه

ولا اين خط اذا مضجعي / ولا من جفاه ولا من قلاه

اذا كنت اشهد ان لا اله / سوى اللّه والحق فيما قضاه

وان محمدا المصطفى / نبي وان عليا اخاه

وفاطمة الطهر بنت الرسول / رسول هدانا الى ما هداه

وابناهما فهما سادتي / فطوبى لعبد هما سيداه

وله قوله:

يا ناصبي بكل جهدك فاجهد / اني علقت بحب آل محمد

الطيبين الطاهرين ذوي الهدى / طابوا وطاب وليهم في المولد

واليتهم وبرئت من اعدائهم / فاقلل ملامك لا ابا لك او زد

فهم امان كالنجوم وانهم / سفن النجاة من الحديث المسند

وله قوله:

فقال كبيرهم ما الراي فيما / ترون يرد ذا الامر الجلي

سمعتم قوله قولا بليغا / واوصى بالخلافة في علي

فقالوا حيلة نصبت علينا / وراي ليس بالعقد الوفي

ندبر غير هذا في امور / ننال بها من العيش السني

سنجعلها اذا ما مات شورى / لتيمي هنالك او عدي

وله قوله:

يا قارئ القرآن مع تاويله / مع كل محكمة اتت في حال

اعمارة البيت المحرم مثله / وسقاية الحجاج في الامثال

ام مثله التيمي او عدويهم / هل كان في حال من الاحوال

لا والذي فرض علي وداده / ما عندي العلماء كالجهال

وله قوله:

فمدينة العلم التي هو بابها / اضحى قسيم النار يوم مبه

فعدوه اشقى البرية في لظ‏ى / ووليه المحبوب يوم حسابه

وله قوله:

خير البرية خاصف النعل الذي / شهد النبي بحقه في المشهد

وبعلمه وقضائه وبسيفه / شهد الرسول مع الملائك فاشهد

وله في الصديقة الزهراء (عليهاالسلام) قوله:

وقف الندا في موضع عبرت / فيه البتول: عيونكم غضوا

فتغض ((4-106)) والابصار خاشعة / وعلى بنان الظالم العض

تسود حينئذ وجوههم / ووجوه اهل الحق تبيض

وله يمدح الامام جعفر الصادق (ع) قوله:

سليل ائمة سلكوا كراما / على منهاج جدهم الرسول

اذا ما مشكل اعيا علينا / اتونا بالبيان وبالدليل

LEAVE A COMMENT