12 ابن عباس وعمرو

  الغدير
12 ابن عباس وعمرو

حضر عبداللّه بن جعفر مجلس معاوية وفيه عبداللّه بن عباس وعمرو بن العاص، فقال عمرو: قد جاءكم رجل‏كثيرالخلوات بالتمني، والطربات بالتغني، محب للقيان، كثير مزاحه، شديد طماحه، صدود عن الشبان ((2-629))، ظاهرالطيش، رخي العيش، اخاذ بالسلف، منفاق بالسرف. فقال ابن عباس: كذبت واللّه انت، وليس كما ذكرت، ولكنه: للّه ذكور، ولنعمائه شكور، وعن الخنا زجور، جواد كريم،سيدحليم ، اذا رمى اصاب، واذا س ئل اجاب، غير حصر ولا هياب، ولا عيابة مغتاب، حل من قريش في كريم‏النصاب، كالهزبر الضرغام، الجري‏ء المقدام، في الحسب القمقام، ليس بدعي ولا دني‏ء، لا كمن اختصم فيه من قريش‏شرارها، فغلب عليه جزارها، فاصبح الامها حسبا، وادناها منصبا، ينوء منها بالذليل، وياوي منها الى القليل، مذبذب بين‏الحيين، كالساقط بين المهدين، لا المضطر فيهم عرفوه، ولا الظاعن عنهم فقدوه، فليت شعري باي قدر تتعرض للرجال؟وباي‏حسب تعتد به تبارز عند النضال ؟ ابنفسك ؟ وانت الوغد اللئيم ، والنكد الذميم ، والوضيع الزنيم ، ام بمن تنمى‏اليهم ؟ وهم اهل السفه والطيش، والدناءة في قريش، لا بشرف في الجاهلية شهروا، ولا بقديم في الاسلام ذكروا، جعلت‏تتكلم بغير لسانك، وتنطق بالزور في غير اقرانك، واللّه لكان ابين للفضل، وابعد للعدوان ان ينزلك معاوية منزلة البعيدالسحيق، فانه طالما سلس داوك، وطمح بك رجاوك الى الغاية القصوى التي لم يخضر فيها رعيك، ولم يورق فيها غصنك. فقال عبداللّه بن جعفر: اقسمت عليك لما امسكت، فانك عني ناضلت، ولي فاوضت. فقال ابن عباس: دعني والعبد، فانه‏قد يهدر خاليا اذ لا يجد مراميا، وقد اتيح له ضيغم شرس، للاقران مفترس، وللارواح مختلس. فقال عمرو بن العاص:دعني يا امير المؤمنين انتصف منه، فو اللّه ما ترك شيئا. قال ابن عباس: دعه فلا يبقي المبقي الا على نفسه، فواللّه ان قلبي‏لشديد، وان جوابي لعتيد، وباللّه الثقة، وان ي لكما قال نابغة بني ذبيان:

وقدما قد قرعت وقارعوني / فما نزر الكلام ولا شجاني

يصد الشاعر العراف عني / صدود البكر عن قرم هجان

هذا الحديث: اخرجه الجاحظ في المحاسن والاضداد ((2-630)) (ص‏101)، والبيهقي في المحاسن والمساوئ ((2-631)) (1/68). وقد مر (ص‏125) عن ابن عساكر ((2-632)) لعبداللّه بن ابي سفيان نحوه، وفي بعض الفاظه تصحيف يصحح بهذا.