(1) العقد الفريد

  الغدير

(1) العقد الفريد

((3-258))

قد يحسب القارئ لاول وهلة انه كتاب ادب لا كتاب مذهب، فيرى فيه نوعا من النزاهة، غير انه متى انهى سيره‏الى‏مناسبات المذهب تجد مؤلفه ذلك المهوس المهملج، ذلك الافاك الاثيم، قال ((3-259)) (1/269):

فرية الرافضة يهود هذه الامة. وجوابها

1 الرافضة يهود هذه الامة، يبغضون الاسلام كما يبغض اليهود النصرانية!

الجواب: كيف يرتضي القارئ هذه الكلمة القارصة؟ وبين يديه القرآن المجيد وفيه قوله تعالى: (ان الذين آمنوا وعملواالصالحات اولئك هم خير البرية) ((3-260)) . وقد ثبت فيها عن النبي (ص) قوله لعلي: «هم انت وشيعتك‏» ((3-261)) .

وكيف يرتضيها وهو يقرا في الحديث قول الرسول الامين (ص) لعلي (ع): «انت وشيعتك في الجنة‏»؟ تاريخ بغداد (12/289).

وقوله (ص): «اذا كان يوم القيامة دعي الناس باسمائهم واسماء امهاتهم الا هذا يعني عليا وشيعته. فانهم يدعون‏باسمائهم واسماء آبائهم لصحة ولادتهم‏» ((3-262)) .

وقوله (ص) لعلي: «ياعلي ان اللّه قد غفر لك، ولذريتك، ولولدك، ولاهلك، وشيعتك، ولمحبي شيعتك‏» ((3-263)) .

وقوله (ص): «انك ستقدم على اللّه انت وشيعتك راضين مرضيين‏» ((3-264)) .

وقوله(ص): «انت اول داخل الجنة من امتي، وان شيعتك على منابر من نور، مسرورون مبيضة وجوههم حولي، اشفع‏لهم فيكونون غدا في الجنة جيراني‏» ((3-265)) .

وقوله (ص): «انا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، واصل الشجرة في‏جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة‏» ((3-266)) .

وقوله (ص): «ياعلي ان اول اربعة يدخلون الجنة: انا وانت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وازواجنا خلف‏ذرارينا، وشيعتنا عن ايماننا وعن شمائلنا» ((3-267)) .

وفي لفظ: «اما ترضى انك معي في الجنة، والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا؟» ((3-268)) .

وقوله (ص) : «ان هذا يعني عليا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة‏» ((3-269))

وقوله (ص) في خطبة له: «ايها الناس من ابغضنا اهل البيت حشره اللّه يوم القيامة يهوديا» فقال جابر بن عبداللّه:يارسول اللّه وان صام وصلى؟! قال: «وان صام وصلى، وزعم انه مسلم، احتجر بذلك من سفك دمه وان يؤدي الجزية‏عن يد وهم صاغرون. مثل لي امتي في‏الطين فمر بي اصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي وشيعته‏». اخرجه الهيثمي في مجمع‏الزوائد (9/172).

وقوله (ص): «شفاعتي لامتي، من احب اهل بيتي، وهم شيعتي‏». تاريخ الخطيب (2/146).

محنة الرافضة محنة اليهود. وجوابها

2 قال: محنة الرافضة محنة اليهود، قالت اليهود: لا يكون الملك الا في آل داود. وقالت الرافضة: لا يكون الملك الا في آل ‏علي بن ابي طالب.

الجواب: ان كانت في‏قول الرافضة تبعة فهي على مخلف آل علي (ص) بقوله الصحيح الثابت المتواتر المتسالم عليه،المروي‏عن بضع وعشرين صحابى ا، كما في الصواعق ((3-270)) (ص‏136) : «اني تارك او مخلف فيكم الثقلين او الخليفتين‏ ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‏».

فقد خطب به الصادع بالحق على رؤوس الاشهاد، في ملا من الصحابة تبلغ عدتهم مائة الف او يزيدون، وانبا في ذلك‏المحتشد الحافل عن خلافة آل بيته الطاهر، و علي سيدهم وابوهم.

وهذا الامام الزرقاني المالكي يحكي في شرح المواهب (7/8) عن العلا مة السمهودي انه قال: هذا الخبر يفهم وجود من‏يكون اهلا للتمسك به من عترته في كل زمن الى قيام الساعة، حتى يتوجه الحث المذكور على التمسك به، كما ان الكتاب‏كذلك، فلذا كانوا امانا لاهل الارض، فاذا ذهبوا ذهب اهل الارض. انتهى .

فاي رجل يسعه ان يسمع قوله (ص) في لفظ من حديث الثقلين: «اني قد تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا بعدي:الثقلين‏» ((3-271)) .

او يقرا قوله (ص) في ‏لفظه الاخر: «ايها الناس اني تارك فيكم امرين لن تضلوا ان اتبعتموهما، وهما: كتاب اللّه واهل بيتي‏ عترتي‏».

او يقرع سمعه قوله (ص) في لفظه الثالث: «فسالت ذلك لهما الثقلين ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهمافتهلكوا، ولا تعلموهما فهم اعلم منكم‏». ((3-272))

او يقف على قوله (ص) في لفظه الرابع: «وناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي‏عدو» ((3-273)) .

ثم لا يتبع آل علي ولا يتخذهم الى اللّه سبل السلام، او يقتدي بغيرهم ويضل عن سبيل اللّه حاش للّه (انا هديناه ‏السبيل اما شاكرا واما كفورا) ((3-274)) .

وما ذنب الشيعة بعد قول نبيهم (ص) : «من سره ان يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي،فليوال‏عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد باهل بيتي من بعدي، فانهم عترتي خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي،فويل للمكذبين بفضلهم من امتي، القاطعين فيهم صلتي، لا انالهم اللّه شفاعتي‏» ((3-275)) .

ونحن نقول: آمين، ورحم اللّه من قال: آمينا.

وماذا على الشيعة في قولهم بعد قوله (ص): «في كل خلوف من امتي عدول من اهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف‏ الغالين، وانتحال المبطلين، وتاويل الجاهلين، الا ان ائمتكم وفدكم الى اللّه عز وجل، فانظروا من توفدون‏» ((3-276)) .

وقوله (ص): «انما مثلي ومثل اهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق‏» ((3-277)) .

((3-278)) فاهل بيت مثلهم في الامة كمثل النبي الطاهر، كيف لا تقول الشيعة بالخلافة فيهم؟ وكيف يرى موقفهم في حبهم موقف‏اليهود؟ والى من توجه هذه القارصة؟

وهل ابن عبد ربه عزب عنه قوله (ص): «النجوم امان لاهل الارض من الغرق،واهل بيتي امان لامتي من الاختلاف، فاذا خالفها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب ابليس‏» ((3-279)) .

اللهم لا، بل طبع على قلبه وهو الد الخصام.

فاهل بيت هم للامة نجوم الهداية، ونجوم الامن من الضلال والخلاف، كيف لا يقتدى بهم؟ وما عذر من عدل عنهم؟والام‏مصير من لا يهتدي بهم؟ وما قيمة تلك الحياة، وتلك الروح، وتلك النزعة، وتلك النشاة؟

وان خيرة اللّه لم تقع على هذه الاسرة الكريمة الا بعد كل جدارة للولاية المطلقة، وحذق في تدبير الشؤون في كل وقت لوانتهت اليهم قيادة البشر، وثنيت لهم الوسادة، غير ان مناوئيهم زحزحوها عن ساحتهم حسدا او نزولا على حكم النهمة‏والشر ه، انما هي الخلافة الالهية لا الملك كما حسبه المغفل، وقد نص بها الشعبي، كما ذكره ابن تيمية في منهاجه (1/7)وقال: محنة الرافضة محنة اليهود. قالت اليهود: لا يصلح الملك الا في آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الامامة الا في ولدعلي.

الرافضة تؤخر صلاة المغرب. وجوابها

3 قال: اليهود يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم، وكذلك الرافضة.

الجواب: يجب اولا ان يحفى السؤال ((3-280)) عن خبر هذه المسالة اليهود، هل هم يعرفون شيئا منها، ومن بقية المسائل المعزوة‏اليهم؟

وليت شعري هل كتب الرجل هذه الكلمة بعد مراجعته لفقه الشيعة واحاديث ائمتهم، وفيها قول الصادق (ع): «من ترك‏ صلاة المغرب عامدا الى اشتباك النجوم، فانا منه بري‏ء».

وقيل له(ع): ان اهل العراق يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم، فقال: «هذا من عمل عدو اللّه ابي الخطاب‏».

وقال (ع) : «من اخر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير علة فانا الى اللّه منه بري‏ء» .

وقال (ع): «وقت المغرب حين تجب الشمس الى ان تشتبك النجوم‏».

وقال (ع): «وقت المغرب من حين تغيب الشمس الى ان تشتبك النجوم‏».

وقال (ع) وقد سئل عن وقت المغرب: «فاذا تغيرت الحمرة في الافق وذهبت الصفرة، وقبل ان تشتبك النجوم‏».

وقال له (ع) ذريح: ان اناسا من اصحاب ابي الخطاب يمسون بالمغرب حتى تشتبك النجوم. قال: «ابرا الى اللّه ممن فعل‏ذلك متعمدا».

وقال (ع): «ملعون ملعون من اخر المغرب طلبا لفضلها» ((3-281)) .

فلماذا يكذب الرجل في نقله؟ او انه كتب قبل ان يراجع، رجما بالغيب، فحيا اللّه الامانة والتنقيب!

ولعله قرع سمعه عن بعض الفرق الضالة، وهم الخطابية اصحاب ابي الخطاب الزاما بذلك، لكن اين هم من الشيعة؟والشيعة على بكرة ابيها تكفر هؤلاء وتضللهم، واحاديث ائمتهم كسحت معرة ((3-282)) عيث هؤلاء، فمن الافك الشائن عزوهاتيك الشبه الى الشيعة، وهم وائمتهم عنها برآء.

الرافضة لاترى طلاق ثلاث شيئا. وجوابها

4 قال: اليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئا، وكذا الرافضة.

الجواب: الشيعة لا ترى ملتحدا عن البخوع للقرآن الكريم، وفي اعلى هتافه: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح ‏باحسان) الى قوله تعالى: (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) ((3-283)) الخ.

ومن جلية الحقائق ان تحقق المرتين او الثلاث يستدعي تكرر وقوع الطلاق، كما يستدعي تخلل الرجعة بينهما او النكاح،فلا يقال للمطلقة مرتين بكلمة واحدة او في مجلس واحد انها طلقت مرارا، كما اذا كان زيد اعط‏ى درهمين لعمرو بعطاءواحد، لا يقال انه اعط‏ى درهمين مرتين، وهذا معنى يعرفه كل عربي صميم.

ثم ان سياق الاية وان كان خبريا، غير انه متضمن معنى الانشاء الامري، كقوله تعالى : (والوالدات يرضعن ‏اولادهن‏ حولين كاملين) وقوله تعالى : (والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء) ((3-284)) وقوله (ص) : «الصلاة مثنى‏مثنى، والتشهد في كل ركعتين، وتسكن وخشوع‏». ولو كان اخبارا لما تخلف عنه خارجه، ونحن‏نرى‏ان في‏ا لناس من‏يطلق طلقة واحدة،والقرآن لا يتسرب‏اليه شي‏ءمن‏ الكذب.

فعدم الاعتداد بطلاق الثلاث على نحو الجمع عند الشيعة ماخوذ من القرآن الكريم، ولهذه الجملة مزيد توضيح في احكام‏القرآن لابي بكر الجصاص الحنفي ((3-285)) (1/447)، وهذه الفتوى هي المنقولة عن كثير من ائمة اهل السنة والجماعة، بل‏المخالف الوحيد في المسالة هو الشافعي، وقد بسط القول في الرد عليه ابو بكر الجصاص في احكام القرآن ((3-286)) (4/449).

وقال الامام العراقي في طرح التثريب (7/93): وممن ذهب الى ان جمع الطلقات الثلاث بدعة: مالك، والاوزاعي، وابوحنيفة، والليث، وبه قال داود واكثر اهل الظاهر.

وقال ابو بكر الجصاص في احكام القرآن ((3-287)) (4/459): كان الحجاج بن ارطاة يقول: الطلاق الثلاث ليس بشي‏ء. ومحمدبن اسحاق كان يقول: الطلاق الثلاث ترد الى الواحدة.

هذا ما نعرفه من الشيعة، فان كان هذا شبها بينهم وبين اليهود فهم واولئك الائمة في ذلك شرع سواء، لكن الاندلسي يحترم‏جانب اصحابه، فشبه الشيعة باليهود، فهو اما جاهل بفقه قومه فضلا عن فقه الشيعة ولم يعرف شيئا مما عندهم في‏المسالة، او يعلم ويتعمد الكذب، او يريد معنى غير ما ذكر، ونحن لا نعرفه ولا نعرف قائلا به من الشيعة.

وما تقرا او تسمع في المسالة غير مايقوله الشيعة، فهو من البدع الحادثة بعد النبي الاعظم، لم يات به الكتاب والسنة، بل‏احدثته اهواء مضلة، وحبذته اناس، وجاؤوا به من عند انفسهم، وامضاه عليهم عمر بن الخطاب، وهذا صريح ما اخرجه‏مسلم في صحيحه ((3-288)) (1/574)، وابو داود في سننه ((3-289)) (1/344)، واحمد في مسنده ((3-290)) (1/314) عن ابن عباس قال: كان‏الطلاق على عهد رسول اللّه وابي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: ان الناس قداستعجلوا في امر قد كانت لهم فيه اناة، فلو امضيناه عليهم! فامضاه عليهم.

واخرج مسلم ((3-291)) وابو داود ((3-292)) ، باسناده عن ابن طاووس عن ابيه: ان ابا الصهباء قال لابن عباس: اتعلم انما كانت‏الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي (ص) وابي بكر وثلاثا من امارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم. واخرج مسلم ((3-293)) باسناد آخر: ان ابا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، الم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول‏اللّه (ص) وابي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فاجازه عليهم. وللشراح في المقام كلمات متضاربة، وآراء واهية، وتوجيهات باردة بعيدة عن العلم والعربية، وعده القسطلاني ((3-294)) من‏الاحاديث المشكلة ولعمري مشكلة جدا لا يسعنا بسط الكلام في ذلك كله.

الرافضة لا ترى على النساء عدة. وجوابها

5 قال: اليهود لا ترى على النساء عدة، وكذلك الرافضة!

الجواب: الشيعة ترى على النساء من العدة ما حكم به الكتاب والسنة. فالمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ان‏كن‏ذوات الاقراء، وتعتد ذوات الشهور ثلاثة اشهر.

(واولا ت الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن) ((3-295)) .

واللا تي توفي عنهن ازواجهن يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا اذا كانت حائلا، والحامل تعتد بابعد الاجلين من العدة‏والوضع جمعا بين عموم الايتين.

والاماء تعتد قرءين من طلاق ان كن ذوات الاقراء، والا فشهرا ونصفا.

وتعتد من الوفاة شهرين وخمسة ايام ان كانت حائلا، والحامل عدتها ابعد الاجلين.

وام الولد لمولاها عدتها اربعة اشهر وعشرا.

والمتمتع بها اذا انقضى اجلها بعد الدخول او اعرض عنها الزوج، فعدتها حيضتان في ذوات الاقراء، وخمسة واربعون‏ يوما في غيرهن.

وتعتد من الوفاة باربعة اشهر وعشرة ايام ان كانت حائلا او لم يدخل بها، وبابعد الاجلين ان كانت حاملا، ولو كانت امة‏فعدتها حائلا شهران وخمسة ايام.

هذا ما عند الشيعة من العدة، وهذه كتب القوم الفقهية والتفسيرية قديمة وحديثة طافحة بما ذكرناه، فهل وجد عزوه‏المختلق في شي‏ء منها؟ اللهم لا. بل انه لا يكترث بالمباهتة وهي شانه في كثير من الموارد.

الرافضة تستحل دم كل مسلم. وجوابها

6 قال: اليهود تستحل دم كل مسلم، وكذلك الرافضة!

الجواب: هل يعرف الرجل مصدر هذه النسبة من كتب الشيعة وعلمائهم واعلامهم، بل من ساقتهم وذوي المراتب الواطئة‏منهم؟ والشيعة هم الذين يتلون الكتاب العزيز في آناء الليل واطراف النهار، مخبتين بان ما بين دفتيه وحي منزل من اللّهالى سيد رسله (ص)، وفيه آيات التحذير عن قتل المؤمن، والايعاز بالخلود في جهنم من جرائه، وفيه آية القصاص.والسنة النبوية واحاديث ائمتهم مشحونة بالنهي عنه والعقوبات عليه والاحكام المرتبة عليه من قصاص وديات، ومن‏ المطرد في فقههم عقد كتابين فيهما.

فبذلك كله تعلم ان هذه النسبة لا مصدر لها الا الخيال المتوهم الصادر عن العداء المحتدم‏والعصبية الحمقاء.

الرافضة حرفت القرآن. وجوابها

7 قال: اليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفت القرآن!

الجواب: ان مصدر الشيعة في التفسير والتاويل، وفي كل حكم او تعليم ليس الا احاديث معتبرة صادرة عن رجالات بيت‏الوحي بعد مشرفهم الاعظم (ص) واهل البيت ادرى بما فيه، وليس ما يروى عنهم من الشؤون مستعصيا على العقل‏والمنطق ولا الاصول المسلمة في الدين، وليس بماخوذ من مثل قتادة، والضحاك، والسدي، وامثالهم، المفسرين بالراي،البعيدين عن مستقى العلم النبوي.

فاذا اردت تحريف الكلم عن مواضعه والنظر اليه، فاليك بكتب القوم وتفاسيرهم تجد هناك التعليلات الباردة،والتحكمات الفارغة، والعلل التافهة، والاراء السخيفة، وانكار المسلمات، وحسبك ما ياتي من نماذجها نقلا عن كتاب ‏منهاج السنة لابن تيمية وغيره. اذن فالق الشبه بين اليهود واي فرقة شئت.

الرافضة تبغض جبرائيل. وجوابها

8 قال: اليهود تبغض جبرئيل وتقول: هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة تقول: غلط جبرئيل في الوحي الى محمد بترك علي بن ابي طالب!

الجواب: لعل الرجل يحسب في احلامه الطائشة انه يحدث عن امة بائدة قد اكل عليها الدهر وشرب، فلم يبق لها من‏يدافع عن شرفها، وما كان يحسب ان المستقبل الكشاف سوف يقيض من يسائله قائلا: كيف يعادي جبرئيل من يتلو في‏كتابه المقدس قوله تعالى : (من كان عدوا للّه وملائكته ورسله وجبريل و ميكال فان اللّه عدو للكافرين) ((3-296)) ؟!

ومتى خالج شيعيا الشك في نبوة محمد (ص) ؟ او هجس في خلد اي منهم نبوة امير المؤمنين علي (ع) ؟ حتى يحكم بغلط‏جبريل وهو يقرا آناء الليل واطراف النهار قوله تعالى: (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل) ((3-297)) .

وقوله تعالى: (ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين) ((3-298)) .

وقوله تعالى: (وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم) ((3-299)) .

وقوله تعالى: (محمد رسول اللّه) ((3-300)) .

وقوله تعالى: (ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد) ((3-301)) .

وكيف يرى شيعي ان جبريل قد غلط في الوحي؟ وهو يتشهد بالرسالة في كل فريضة ونافلة، وفي الاذان والاقامة، وفي‏دعوات كثيرة ماثورة عن ائمتهم صلوات اللّه عليهم وتشهد بذلك كله مؤلفاتهم في الفقه، والحديث، والكلام، والعقائد،والملل والنحل.

وهل من الممكن ان تزعم الشيعة على هذه الفرية ان اللّه سبحانه امضى ذلك الغلط لمجرد اشتباه جبريل وهو يريد ان‏يبعث امير المؤمنين؟! وهل يقول بهذا معتوه دهش، او بربري عزبت عنه العلوم والمعارف كلها فضلا عن الشيعة، وهم‏هم؟! (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) ((3-302)) .

والعجب كل العجب انه يكتب كاتب مصر اليوم وعالمها، ردا على الشيعة ويسلقهم بهذا التافه الخرافي. (فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) ((3-303)) .

الرافضة لا تاكل لحم الجزور. وجوابها

9 قال: اليهود لا تاكل لحم الجزور، وكذلك الرافضة.

الجواب: اقرا واضحك، او اقرا وابك.

واذا تحريت الوقاحة والصلف فالى صاحب هذه الكلمة، فان كنت لا تعلم كيف يكذب المائن، ويبهت الخائن،فالاندلسي‏يوقفك عليه في كتابه.

ليت شعري ما ذنب الجزور المخرج حكمه مما يؤكل لحمه من الحيوانات؟ او ما كرامته على الشيعة حتى اربوا به عن ‏الذبح؟!

انا لا اعلم شيئا من ذلك، ولعل عند مفتعل الرواية فلسفة راقية تؤول الى تلك الفرية الشائنة.

والحكم الفاصل في هذه المعضلة مجازر القصابين وسواطيرهم وحوانيتهم في بلاد الشيعة من اقطار العالم.

اضحوكة

10 قال: قال ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: اخبرني رجل من رؤساء التجار قال: كان معنا في السفينة شيخ شرس‏الاخلاق، طويل الاطراق، وكان اذا ذكر له الشيعة غضب واربد وجهه، وزوى من حاجبيه، فقلت له يوما: يرحمك اللّه ماالذي تكرهه من الشيعة؟ فاني رايتك اذا ذكروا غضبت وقبضت. قال: ما اكره منهم الا هذه الشين في اول اسمهم، فاني لم‏اجدها قط الا في كل شر، وشؤم، وشيطان، وشغب، وشقاء، وشفار، وشرر، وشين، وشوك، وشكوى، وشهرة، وشتم،وشح. قال ابو عثمان: فما ثبت للشيعي بعدها قائمة.

عجبا من سفاهة الشيخ شرس الاخلاق وضؤولة رايه، حيث لم يجد في الشيعة ما يزري بهم، لكن عداءه المحتدم حداه‏الى ان يتخذ لهم عيبا منحوتا من السفاسف، فطفق يؤاخذهم بالاسم لمحض اطراد حرف من حروفه في اشياء من اسماءالشر، ولو اطرد هذا لتسرب الى كثير من الاسماء المقدسة، والى كتاب اللّه العزيز وفيه قوله تعالى: (وان من شيعته‏ لابراهيم) ((3-304)) . وآي اخرى جاءت فيها لفظة الشيعة.

واسخف من الشيخ ابو عثمان الذي يحسب انه لم تثبت للشيعة بعد تلك الكلمة التافهة قائمة، فكان صاعقة اصابتهم، او انهاخسفت الارض من تحت ارجلهم، او دكدكت عليهم الجبال فاهلكتهم، او ان برهانا قاطعا دحض حجتهم ففضحهم، ولم‏يعقل ان الشيخ كشف بقوله عن سواته، واقام حجة على شراسة اخلاقه، فاقتدى به ابو عثمان بعقليته الضئيلة.

ولم يبعد عنهما ابن عبد ربه حيث اورده في كتابه مرتضيا له، ولم لم يرق الشيخ الشرس ان يحب من الشيعة هذه الشين‏الموجودة في الشريعة، والشمس، والشروق، والشعاع، والشهد، والشفاعة، والشرف، والشباب، والشكر، والشهامة،والشان، والشجاعة، والشفق؟وقد جاءت غير واحدة من‏تلكم‏الالفاظ كلفظة‏الشيعة في‏ا لقرآن.

وكيف تجد الشيخ في اكذوبته بانه لم يجد الشين الا في تلك الالفاظ دون هذه؟ ولعله كان اعور فلا يبصر ما يحاذي عينه‏ العوراء.

اوليس في وسع الشيعي ان يقول على وتيرة الشيخ: اني ما اكره من السني الا هذه السين في اول اسمه التي اجدها في السام،والسام، والسعر، والسقر، والسبي، والسقم، والسم، والسموم، والسواة، والسهم،والسهو، والسرطان، والسرقة، والسفه،والسفل، والسخب، والسخط، والسخف، والسقط، والسل، والسليطة، والسماجة.

لكن الشيعة عقلاء حكماء لا يعتمدون على التافهات، ولا يخدشون العواطف بالسفاسف، ولا يشوهون سمعة اي مبدا بمثل‏هذه الخرافات.

هذه نبذة من مخاريق ابن عبد ربه، وكم لها من نظير، ولو ذهبنا الى استيعاب ما هناك لجاء كتابا حافلا، وهناك له سقطات‏ تاريخية كقوله في زيد الشهيد: انه خرج بخراسان!! فقتل وصلب ((3-305)) ، نخرج بنقدها عن موضوع البحث ولا يهمنا الايعازاليها.

قذائف على الشيعة

وذكر ابن تيمية في منهاج السنة ((3-306)) هذه النسب والاضافات المفتعلة، وراقه ان يري للمجتمع انه اقدر في تنسيق الاكاذيب‏من سلفه، وانه ابعد منه عن ادب الصدق والامانة فزاد عليها:

اليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين، انما يقولون: السام عليكم (السام: الموت) وكذلك الرافضة.

اليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.

اليهود يستحلون اموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة.

اليهود تسجد على قرونها في الصلاة، وكذلك الرافضة.

اليهود لا تسجد حتى تخفق برؤوسها مرارا تشبيها بالركوع، وكذلك الرافضة.

اليهود يرون غش الناس، وكذلك الرافضة.

وامثال هذه من الخرافات والسفاسف، وحسبك في تكذيب هذه التقولات المعزوة الى الشيعة شعورك الحر، وحيطتك‏ بفقههم، وكتبهم، وعقائدهم، واعمالهم، وماعرف منهم قديما وحديثا. فالى اللّه المشتكى.

(ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من اللّه من ولي ولا نصير) ((3-307))

LEAVE A COMMENT