معاوية وقيس قبل وقعة صفين

  الغدير
معاوية وقيس قبل وقعة صفين

ذكر غير واحد من رجال التاريخ في معاجمهم ((2-472)): انه لما قرب يوم صفين، خاف معاوية على نفسه ان ياتيه علي باهل‏العراق، وقيس باهل مصر، فيقع بينهما، ففكر في استدراج قيس واختداعه فكتب اليه: اما بعد: فانكم ان كنتم نقمتم على عثمان في اثرة رايتموها، او ضربة سوط ضربها، او في شتمه رجلا، او تسييره احدا، اوفي استعماله الفتيان من اهله، فقد علمتم ان دمه لم يحل لكم بذلك، فقد ركبتم عظيما من الامر، وجئتم شيئا ادا، فتب‏ يا قيس ‏الى ربك ان كنت من ال مجلبين على عثمان ان كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئا. فاما صاحبك، فانا استيقنا انه الذي اغرى الناس، وحملهم حتى قتلوه، وانه لم يسلم من دمه عظيم قومك، فان استطعت ان‏تكون ممن يطلب بدم عثمان، فبايعنا على علي في امرنا، ولك سلطان العراقين ان انا ظفرت مابقيت، ولمن احببت من اهل‏بيتك سلطان الحجاز مادام لي سلطان، وسلني غير هذا ماتحب. فكتب اليه قيس:

اما بعد: فقد وصل الي كتابك، وفهمت الذي ذكرت من امر عثمان، وذلك امر لم اقاربه، وذكرت ان صاحبي هو الذي اغرى‏الناس بعثمان، ودسهم اليه حتى قتلوه، وهذا امر لم اطلع عليه، وذكرت لي ان عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان، فلعمري‏ان اولى الناس كان في امره عشيرتي. واما ماسالتني من مبايعتك على الطلب بدم عثمان، وماعرضته علي، فقد فهمته، وهذاامر لي فيه نظر وفكر، وليس هذا مما يعجل الى مثله، وانا كاف عنك، وليس ياتيك من قبلي شي‏ء تكرهه، حتى ترى ‏ ونرى.

فكتب اليه معاوية:

اما بعد: فقد قرات كتابك، فلم ارك تدنو فاعدك سلما، ولم ارك تتباعد فاعدك حربا، اراك كحبل الجزور، وليس مثلي‏يصانع بالخداع، ولا يخدع بالمكائد، ومعه عدد الرجال، وبيده اعنة الخيل، فان قبلت الذي عرضت عليك فلك‏مااعطيتك، وان انت لم تفعل، ملات عليك خيلا ورجلا، والسلام.

فكتب اليه قيس:

اما بعد: فالعجب من استسقاطك رايي والطمع في ان تسومني‏ لا ابالغيرك الخروج عن طاعة اولى الناس بالامر،واقولهم للحق، واهداهم سبيلا، واقربهم من رسول اللّه وسيلة، وتامرني بالدخول في طاعتك، طاعة ابعد الناس من هذاالامر، واقولهم للزور، واضلهم سبيلا، وابعدهم من رسول اللّه وسيلة، ولديك قوم ضالون مضلون، طاغوت من طواغيت‏ابليس. واما قولك: انك تملا علي مصر خيلا ورجلا، فلئن لم اشغلك عن ذلك حتى يكون منك، انك لذو جد، والسلام.

وفي لفظ الطبري: فواللّه ان لم اشغلك بنفسك حتى تكون نفسك اهم اليك، انك لذو جد.

فلما ايس معاوية منه كتب اليه ((2-473)):

اما بعد: فانك يهودي ابن يهودي، ان ظفر احب الفريقين اليك عزلك، واستبدل بك، وان ظفر ابغضهما اليك قتلك ونكل‏بك، وكان ابوك وتر قوسه، ورمى غير غرضه، فاكثر الحز، واخطا المفصل، فخذله قومه، وادركه يومه، ثم مات‏طريدابحوران. والسلام.

فكتب اليه قيس:

اما بعد: فانما انت وثن ابن وثن، دخلت في الاسلام كرها ، وخرجت منه طوعا، لم يقدم ايمانك، ولم يحدث نفاقك، وقد كان‏ابي وتر قوسه، ورمى غرضه، وشغب عليه من لم يبلغ كعبه، ولم يشق غباره، ونحن انصار الدين الذي خرجت منه،واعداء الدين الذي دخلت فيه. والسلام.

راجع ((2-474)): كامل المبرد (1/309)، البيان والتبيين (2/68)، تاريخ اليعقوبي (2/163)، عيون الاخبار لابن قتيبة (2/213)،مروج الذهب(2/62)، مناقب الخوارزمي (ص‏173)، شرح ابن ابي الحديد (4/15).

لفظ الجاحظ في كتاب التاج ((2-475)) (ص 109):

كتب قيس الى معاوية: ياوثن ابن وثن، تكتب الي تدعوني الى مفارقة علي بن ابي طالب والدخول في طاعتك، وتخوفني بتفرق اصحابه عنه،واقبال الناس عليك واجفالهم اليك، فواللّه الذي لا اله غيره، لو لم يبق له غيري، ولم يبق لي غيره، ماسالمتك ابدا وانت‏حربه، ولا دخلت في طاعتك وانت عدوه، ولا اخترت عدو اللّه على وليه، ولا حزب الشيطان على حزب اللّه. والسلام.