مذهبه وكلمات الاعلام حوله

  الغدير

مذهبه وكلمات الاعلام حوله

عاش السيد ردحا من الزمن على الكيسانية ((2-1011))، يقول بامامة محمد بن الحنفية وغيبته، وله في ذلك شعر، ثم ادركته‏سعادة ببركة الامام الصادق(ع) وشاهد منه حججه القوية وعرف الحق ، ونبذ ما كان عليه من سفاسف الكيسانية عندمانزل الامام(ع) الكوفة عند منصرفه من عند المنصور او ملاقاته اياه في الحج. ولعبد اللّه بن المعتز المتوفى (296)، وشيخ الامة الصدوق المتوفى (381)، والحافظ المرزباني المتوفى(384)، وشيخنا المفيدالمتوفى(413)، وابي عمرو الكشي، والسروي المتوفى(588)، والاربلي المتوفى(692) وغيرهم حول مذهبه كلمات ضافية‏يكتفى بواحدة منها في اثبات الحق فضلا عن جميعها، فاليك نصوصها.

1 كلمة ابن المعتز:

قال في طبقات الشعراء ((2-1012)) (ص‏7): حدثني محمد بن عبد اللّه قال: قال السدري راوية السيد:كان السيد اول زمانه كيسانيا يقول برجعة محمد ابن الحنفية، وانشدني في ذلك:

حتى متى والى متى ومتى المدى / يا ابن الوصي وانت حي ترزق

والقصيدة مشهورة. وحدثني محمد بن عبد اللّه قال: قال السدري: ما زال السيد يقول بذلك حتى لقي الصادق(ع) بمكة ايام‏الحج، فناظره والزمه الحجة، فرجع عن ذلك، فذلك قوله في تركه تلك المقالة ورجوعه عما كان عليه، ويذكر الصادق:

تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر / وايقنت ان اللّه يعفو ويغفر

ويثبت مهما شاء ربي بامره / ويمحو ويقضي في الامور ويقدر

2 كلمة الصدوق :

قال في كمال الدين ((2-1013)) (ص‏20): فلم يزل السيد ضالا في امر الغيبة يعتقدها في محمد بن الحنفية،حتى لقي الصادق جعفر بن محمد(ع) وراى منه علامات الامامة وشاهد منه دلالات الوصية، فساله عن الغيبة فذكر له انهاحق، ولكنها تقع بالثاني عشر من الائمة(ع) واخبره بموت محمد بن الحنفية، وان اباه محمد ابن علي بن الحسين بن علي(ع)شاهد دفنه، فرجع السيد عن مقالته واستغفر من اعتقاده، ورجع الى الحق عند اتضاحه له ودان بالامامة.

حدثنا عبد الواحد بن محمد العطار(رض) قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان عن‏محمد بن اسماعيل بن بزيع عن حيان السراج قال: سمعت السيد بن محمد الحميري يقول: كنت اقول بالغلو، واعتقد غيبة‏محمد بن علي الملقب بابن الحنفية قد ضللت في ذلك زمانا، فمن اللّه علي بالصادق جعفر بن محمد(ع) وانقذني به من النار،وهداني الى سواء الصراط، فسالته بعد ماصح عندي بالدلائل التي شاهدتها ((2-1014)) منه انه حجة اللّه علي وعلى جميع‏اهل زمانه، وانه الامام الذي فرض اللّه طاعته، واوجب الاقتداء به فقلت له: ياابن رسول اللّه قد روي لنا اخبار عن‏آبائك(ع) في الغيبة وصحة كونها فاخبرني بمن تقع؟ فقال(ع): ((ان الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من‏الائمة الهداة بعد رسول اللّه(ص)، اولهم امير المؤمنين علي بن ابي طالب، وآخرهم القائم بالحق بقية اللّه في الارض‏وصاحب الزمان. واللّه لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر، فيملا الارض قسطا وعدلا كماملئت جورا وظلما)). قال السيد: فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد(ع) تبت الى اللّه تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي ‏اولها:

ولما رايت الناس في الدين قد غووا / تجعفرت باسم اللّه فيمن تجعفروا

وناديت باسم اللّه واللّه اكبر / وايقنت ان اللّه يعفو ويغفر

ودنت بدين غير ما كنت دائنا / به ونهاني سيد الناس جعفر

فقلت فهبني قد تهودت برهة / والا فديني دين من يتنصر

واني الى الرحمن من ذاك تائب / واني قد اسلمت واللّه اكبر

فلست بغال ما حييت وراجع / الى ما عليه كنت اخفي واضمر

ولا قائلا حي برضوى محمد ((2-1015)) / وان عاب جهال مقالي ‏فاكثروا

ولكنه مما مضى لسبيله / على افضل الحالات يقفى ويخبر

مع الطيبين الطاهرين الالى لهم / من المصطفى فرع زكي وعنصر

الى آخر القصيدة وهي طويلة. وقلت بعد ذلك قصيدة اخرى:

ايا راكبا نحو المدينة جسرة / عذا فرة يطوى بها كل سبسب ((2-1016))

اذا ما هداك اللّه عاينت جعفرا / فقل لولي اللّه وابن المهذب

الا يا امين اللّه وابن امينه / اتوب الى الرحمن ثم تاوبي

اليك من الامر الذي كنت مطنبا / احارب فيه جاهدا كل معرب

وماكان قولي في ابن خولة مبطنا / معاندة مني لنسل المطيب

ولكن روينا عن وصي محمد / وما كان فيما قال بالمتكذب

بان ولي الامر يفقد لا يرى / ستيرا ((2-1017)) كفعل الخائف المترقب

فيقسم اموال الفقيد كانما / تعيبه بين الصفيح المنصب

فيمكث حينا ثم ينبع نبعة / كنبعة جدي من ‏الافق كوكب ((2-1018))

يسير بنصر اللّه من بيت ربه / على سؤدد منه وامر مسبب

يسير الى اعدائه بلوائه / فيقتلهم قتلا كحران مغضب

فلما روي ان ابن خولة غائب / صرفنا اليه قولنا لم نكذب

وقلنا هو المهدي والقائم الذي / يعيش به من عدله كل مجدب ((2-1019))

فان قلت لا فالحق قولك والذي / امرت فحتم غير ما متعصب

واشهد ربي ان قولك حجة / على الخلق طرا من مطيع ومذنب

بان ولي الامر والقائم الذي / تطلع نفسي نحوه بتطرب

له غيبة لابد من ان يغيبها / فصلى عليه اللّه من متغيب

فيمكث حينا ثم يظهر حينه / فيملا عدلا كل شرق ومغرب

بذاك امين اللّه سرا وجهرة / ولست وان عوتبت فيه بمعتب

وكان حيان السراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية، ورواه الاربلي في كشف الغمة ((2-1020)).

3 كلمة المرزباني :

قال في اخبار السيد ((2-1021)): كان السيد ابن محمد(ره) بلاشك كيسانيا، يذهب الى ان محمد بن‏الحنفية(رض) هو القائم المهدي وانه مقيم في جبال رضوى، وشعره في ذلك يدل على انه كان كما ذكرنا كيسانيا، فمن قوله:

يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى / وبنا اليه من الصبابة اولق ((2-1022))

حتى متى والى متى وكم المدى / ياابن الوصي وانت حي ترزق

اني لامل ان اراك وانني / من ان اموت ولا اراك لافرق

غير انه(ره) رجع عن ذلك وذهب الى امامة الصادق(ع) وقال:

تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر / وايقنت ان اللّه يعفو ويغفر

ومن زعم ان السيد اقام على الكيسانية فهو بذلك كاذب عليه وطاعن فيه. ومن اوضح ما دل على بطلان ذلك دعاءالصادق له(ع) وثناؤه عليه، فمن ذلك‏ما اخبرنا به محمد بن يحيى قال: حدثنا ابو العينا قال: حدثني علي بن الحسين بن‏علي‏ابن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليهم قال: قيل لابي عبد اللّه(ع) وذكر عنده‏السيد: بانه ينال من الشراب. فقال(ع): ((ان كان السيد زلت به قدم فقد ثبتت له اخرى)).

وباسناده عن عباد بن صهيب قال: كنت عند ابي عبداللّه جعفر بن محمد(ع) فذكر السيد فدعا له فقال له: يا ابن رسول اللّهاتدعو له وهو يشرب الخمر، ويشتم ابابكر وعمر، ويوقن بالرجعة؟ فقال: ((حدثني ابي عن ابيه علي بن الحسين ان محبي‏آل محمد(ص) لا يموتون الا تائبين وانه قد تاب)). ثم رفع راسه واخرج من مصلى عليه كتابا من السيد يتوب فيه مما كان‏ عليه ((2-1023))، وفي آخر الكتاب:

ايا راكبا نحو المدينة جسرة / عذافرة يطوى بها كل سبسب

الى آخر الابيات كما مرت.

وروى باسناده عن خلف الحادي قال: قدم السيد من الاهواز بمال ورقيق وكراع، فجئته مهنئا له، فقال: ان ابابجير ((2-1024)) امامي وكان يعيرني بمذهبي ويامل مني تحولا الى مذهبه فكتبت اقول له: قد انتقلت اليه، وقلت:

ايا راكبا نحو المدينة جسرة / عذافرة يطوى بها كل سبسب

وذكر الابيات الى آخرها كما مرت.

ثم قال: فقال له ابو بجير يوما: لو كان مذهبك الامامة لقلت فيها شعرا. فانشدته هذه القصيدة فسجد وقال: الحمد للّه الذي‏لم يذهب حبي لك باطلا. ثم امر لي بما ترى. وروى باسناده عن خلف الحادي قال: قلت للسيد: ما معنى قولك:

عجبت لكر صروف الزمان / وامر ابي خالد ذي البيان

ومن رده الامر لا ينثني / الى الطيب الطهر نور الجنان

علي وما كان من عمه / برد الامامة عطف العنان

وتحكيمه حجرا اسودا / وما كان من نطقه المستبان

بتسليم عم بغير امتراء / الى ابن اخ منطقا باللسان

شهدت بذلك صدقا كما / شهدت بتصديق آي القران

علي امامي لا امتري / وخليت قولي بكان وكان

قال لي: كان حدثني علي بن شجرة عن ابي بجير عن الصادق ابي عبداللّه(ع): ان ابا خالد الكابلي كان يقول بامامة ابن‏الحنفية، فقدم من كابل‏شاه الى المدينة فسمع محمدا يخاطب علي بن الحسين فيقول: يا سيدي، فقال ابو خالد: اتخاطب ابن‏اخيك بمالايخاطبك بمثله؟ فقال: انه حاكمني الى الحجر الاسود وزعم انه ينطقه، فصرت معه اليه فسمعت الحجر يقول: يامحمد سلم الامر الى ابن اخيك فانه احق منك!. فقلت شعري هذا. قال: وصار ابو خالد الكابلي اماميا. قال: فسالت بعض‏الامامية عن هذا، فقال لي: ليس بامامي من لا يعرف هذا. فقلت للسيد: فانت على هذا المذهب او على ما اعرف؟فانشدني بيت عقيل بن علفة:

خذا جنب هرشى ((2-1025)) اوقفاه فانه / كلا جانبي هرشى لهن طريق

ومما رواه المرزباني ((2-1026)) له في مذهبه قوله:

صح قولي بالامامه / وتعجلت السلامه

وازال اللّه عني / اذ تجعفرت الملامه

قلت من بعد حسين / بعلي ذي العلامه

اصبح السجاد للا / سلام والدين دعامه

قد اراني اللّه امرا / اسال اللّه تمامه

كي الاقيه به في / وقت اهوال القيامه

4 كلمة المفيد :

قال في الفصول المختارة ((2-1027)) (ص‏93): وكان من الكيسانية ابو هاشم اسماعيل بن محمد الحميري‏الشاعر(ره) وله في مذهبهم اشعار كثيرة، ثم رجع عن القول بالكيسانية وتبرا منه ودان بالحق، لان ابا عبداللّه جعفر بن‏محمد(ع) دعاه الى امامته وابان له عن فرض طاعته، فاستجاب له فقال بنظام الامامة وفارق ما كان عليه من الضلالة، وله‏في ايضا ذلك شعر معروف. ومن بعض قوله في امامة محمد رضوان اللّه عليه ومذهب الكيسانية قوله:

الا حي مقيما شعب رضوى / واهد له بمنزله السلاما

الى ان قال: وله عند رجوعه الى الحق وفراقه الكيسانية:

تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر / وايقنت ان اللّه يعفو ويغفر

ودنت بدين غير ما كنت دائنا / به ونهاني سيد الناس جعفر

الى آخر ما مر باختلاف يسير. وقال في الارشاد ((2-1028)): فصل: وفيه يعني الامام الصادق(ع) يقول السيد اسماعيل بن محمد الحميري(ره) وقد رجع‏عن قوله بمذهب الكيسانية، لما بلغه انكار ابي عبداللّه(ع) مقاله، ودعاؤه له الى القول بنظام الامامة:

ايا راكبا نحو المدينة جسرة / عذافرة يطوى بها كل سبسب

وذكر منها (13) بيتا ثم قال: وفي هذا الشعر دليل على رجوع السيد (ره) عن مذهب الكيسانية وقوله بامامة الصادق(ع)،ووجوه الدعوة ظاهرة من الشيعة في ايام ابي عبداللّه الى امامته والقول بغيبة صاحب الزمان(ع) وانها احدى علاماته،وهو صريح قول الامامية الاثني‏ عشرية.

5 كلمة ابن شهرآشوب :

روى في المناقب ((2-1029)) (2/323) عن داود الرقي قال: بلغ السيد الحميري انه ذكر عندالصادق(ع) فقال: ((السيد كافر)) فاتاه وسال: يا سيدي، انا كافر مع شدة حبي لكم ومعاداتي الناس فيكم؟ قال: ((وما ينفعك ذاك وانت كافر بحجة الدهر والزمان؟)) ثم اخذ بيده وادخله بيتا، فاذا في البيت قبر فصلى ركعتين،ثم‏ضرب بيده على القبر فصار القبر قطعا، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن راسه ولحيته، فقال له الصادق: ((من‏ انت؟)) قال: انا محمد بن علي المسمى بابن الحنفية. فقال: ((فمن انا؟)) فقال: جعفر بن محمد، حجة الدهر والزمان ((2-1030)) فخرج السيد يقول:

تجعفرت باسم اللّه في من تجعفرا / وايقنت ان اللّه يعفو ويغفر

الى آخر الابيات. وفي اخبار السيد: انه ناظره مؤمن الطاق في ابن الحنفية فغلبه عليه فقال:

تركت ابن خولة لا عن قلى / واني لكالكلف الوامق

واني له حافظ في المغيب / ادين بما دان في الصادق

هو الحبر حبر بني هاشم / ونور من الملك الرازق

به ينعش اللّه جمع العباد / ويجري البلاغة في الناطق

اتاني برهانه معلنا / فدنت ولم اك كالمائق

كمن صد بعد بيان الهدى / الى حبتر وابي حامق

فقال الطائي: احسنت، الان اوتيت رشدك، وبلغت اشدك، وتبوات من الخير موضعا ومن الجنة مقعدا، وانشا السيد يقول:

تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر / وايقنت ان اللّه يعفو يغفر ((2-1031))

ذكر منها خمسة ابيات ثم ذكر من بائيته المذكورة ستة ابيات فقال: وانشد فيه يعني الصادق(ع):

امدح ابا عبد الاله / فتى البرية في احتماله

سبط النبي محمد / حبل تفرع من حباله

تغشى العيون الناظرات / اذا سمون الى جلاله

عذب الموارد بحره / يروي الخلائق من سجاله

بحر اطل على البحور / يمدهن ندى بلاله ((2-1032))

سقت العباد يمينه / وسقى البلاد ندى شماله

يحكي السحاب يمينه / والودق يخرج من خلاله

الارض ميراث له / والناس طرا في عياله

يا حجة اللّه الجليل / وعينه وزعيم آله

وابن الوصي المصطفى / وشبيه احمد في كماله

انت ابن بنت محمد / حذوا خلقت على مثاله

فضياء نورك نوره / وظلال روحك من ظلاله

فيك الخلاص عن الردى / وبك الهداية من ضلاله

اثني ولست ببالغ / عشر الفريدة من خصاله

6 الاربلي :

قال في كشف الغمة ((2-1033)) (ص‏124): السيد الحميري(ره) كان كيسانيا يقول برجعة ابي القاسم محمد بن‏الحنفية، فلما عرفه الامام جعفر بن محمد الصادق(ع) الحق والقول بمذهب الامامية الاثني عشرية ترك ما كان عليه ورجع‏الى الحق وقال به، وشعره(ره) في مذهبه مشهور لا حاجة الى ذكره لاشتهاره.

وينبئك عن مذهبه الحق الصحيح قوله:

على آل الرسول واقربيه / سلام كلما سجع الحمام

اليسوا في السماء هم نجوم / وهم اعلام عز لا يرام

فيا من قد تحير في ضلال / امير المؤمنين هو الامام

رسول اللّه يوم غدير خم / اناف به وقد حضر الانام

وثاني امره الحسن المرجى / له بيت المشاعر والمقام

وثالثه الحسين فليس يخفى / سنا بدر اذا اختلط الظلام

ورابعهم علي ذو المساعي / به للدين والدنيا قوام

وخامسهم محمد ارتضاه / له في الماثرات اذن مقام

وجعفر سادس النجباء بدر / ببهجته زها البدر التمام

وموسى سابع وله مقام / تقاصر عن ادانيه الكرام

علي ثامن والقبر منه / بارض الطوس ان قحطوا رهام ((2-1034))

وتاسعهم طريد بني البغايا / محمد الزكي له حسام

وعاشرهم علي وهو حصن / يحن لفقده البلد الحرام

وحادي العشر مصباح المعالي / منير الضوء الحسن الهمام

وثاني العشر حان له القيام / محمد الزكي به اعتصام

اولئك في الجنان بهم مساغي / وجيرتي الخوامس والسلام