شعراء الغدير في القرن الخامس

  الغدير

شعراء الغدير في القرن الخامس

1 ابو النجيب الطاهر

2 الشريف الرضي

3 ابو محمد الصوري

4 مهيار الديلمي

5 الشريف المرتضى

6 ابو علي البصير

7 ابو العلاء المعري

8 المؤيد في الدين

9 الجبري المصري

(35) ابو النجيب الطاهر

المتوفى (401)

عيد في يوم الغدير المسلم / وانكر العيد عليه المجرم

يا جاحدي الموضع واليوم وما / فاه به المختار تبا لكم

فانزل اللّه تعالى جده / اليوم اكملت لكم دينكم

واليوم اتممت عليكم نعمتي / وان من نصب الامام النعم ((4-455))

الشاعر

ابو النجيب شداد بن ابراهيم بن حسن الملقب بالطاهر الجزري، من شعراء اهل البيت(ع) نظم في فنون الشعر، وغرد على افانينه، بنظم رقيق الحاشية، متسق الالفاظ، جزل‏المعاني، له ديوان شعر عده ابن شهرآشوب في معالم العلماء ((4-456)) عداد المجاهرين من‏شعراء اهل البيت (ع)، وفي معجم الادباء ((4-457)) (4/261): شاعر من شعراء عضد الدولة‏بن بويه، ومدح المهلبي، كان رقيق الشعر، لطيف الاسلوب مات سنة (401)، ومن ‏شعره:

اذا المرء لم يرض ما امكنه / ولم يات من امره احسنه

فدعه فقد ساء تدبيره / سيضحك يوما ويبكي سنه

ومنه:

ايا جيل التصوف شر جيل / لقد جئتم بامر مستحيل

افي القرآن قال لكم الهي / كلوا مثل البهائم وارقصوا لي

وقال:

قلت للقلب ما دهاك ابن لي / قال لي بائع الفراني فراني

ناظراه فيما جنت ناظراه / او دعاني امت بما اودعاني

وقال:

بلاد اللّه واسعة فضاها / ورزق اللّه في الدنيا فسيح

فقل للقاعدين على هوان / اذا ضاقت بكم ارض فسيحوا

وقال:

افسدتم نظري علي فما ارى / مذ غبتم حسنا الى ان تقدموا

فدعوا غرامي ليس يمكن ان ترى / عين الرضا والسخط احسن منكم

وقال في (3/194): حدث ابو النجيب، قال: كنت كثير الملازمة للوزير ابي محمد المهلبي ‏المتوفى (352)، فاتفق ان غسلت ثيابي وانفذ الي من يدعوني، فاعتذرت بعذر فلم ‏يقبله والح في استدعائه، فكتبت اليه:

عبدك تحت الحبل عريان / كانه لا كان شيطان

يغسل اثوابا كان البلا / فيها خليط وهي اوطان

ارق من ديني ان كان لي / دين كما للناس اديان

كانها حالي من قبل ان / يصبح عندي لك احسان

يقول من يبصرني معرضا / فيها وللاقوال برهان

هذا الذي قد نسجت فوقه / عناكب الحيطان انسان

فانفذ لي جبة وعمامة وسراويل‏وكيسا فيه خمسمائة درهم ((4-458)) . وترجمه الكتبي في فوات الوفيات ((4-459)) (ص‏167) وقال: شاعر مدح المهلبي وزيرمعزالدولة ومدح عضد الدولة وكانت وفاته في حدود الاربعمائة. وذكر ابياتا من‏شعره. ونقل ((4-460)) في (ص‏132) في ترجمة الوزير المهلبي ما حكيناه عن معجم الادباءمن حديث غسل الثياب. وتوجد ترجمته في دائرة المعارف للبستاني (2/360).

وقد اصفقت المصادر الثلاثة الاخيرة على ان ابا النجيب كنية شداد بن ابراهيم‏المترجم الملقب بالطاهر، فهو رجل واحد لا كما حسبه سيدنا الامين في اعيان الشيعة ((4-461)) من التعدد، فذكر في (1/389) المترجم باسمه شداد، وقال: انه توفي في‏حدود (400) وذكر في (1/411) ابا النجيب الطاهر الجزري، وعده ممن لم يحدد عصره ‏من الشعراء.

وذكر صاحب دمية القصر ((4-462)) للمترجم في (ص‏50) قوله:

انظر الى حظ ابن شبل في الهوى / اذ لايزال لكل قلب شائقا

شغل النساء عن الرجال وطالما / شغل الرجال عن النساء مراهقا

عشقوه امرد والتحى فعشقته / اللّه اكبر ليس يعدم عاشقا

وذكره الثعالبي في تتميم يتيمته ((4-463)) (1/46)، وذكر له من قصيدة في سيف الدولة علي‏بن عبداللّه المتوفى (356):

وحاجة قيل لي نبه لها عمرا / ونم فقلت علي قد تنبه لي

حسبي عليان ان ناب الزمان وان / جاء المعاد بما في القول والعمل

فلي علي بن عبداللّه منتجع / ولي علي امير المؤمنين ولي

وله:

اليس ترى الجو مستعبرا / يضاحكه برقه الخلب

وقد لاح من قزح قوسه / بعيدا وتحسبه يقرب

كطاقي عقيق وفيروزج / وبينهما آخر مذهب

وذكر ابن خلكان شطرا من شعره في تاريخه ((4-464)) (2/236) نقلا عن دمية القصر،واثنى ‏عليه.

(36) الشريف الرضي

المولود (359)

المتوفى (406)

نطق اللسان عن الضمير / والبشر عنوان البشير

الان اعفيت القلوب / من التقلقل والنفور

وانجابت الظلماء عن / وضح الصباح المستنير

الى ان قال:

غدر السرور بنا و كان / وفاؤه يوم الغدير

يوم اطاف به الوصي / وقد تلقب بالامير

فتسل فيه ورد عا / رية الغرام الى المعير

وابتز اعمار الهموم / بطول اعمار السرور

فلغير قلبك من يعلل / همه نطف الخمور

لا تقنعن عند المطالب / بالقليل من الكثير

فتبرض الاطماع مثل / تبرض ((4-465)) الثمد الجرور ((4-466))

هذا اوان تطاول الحا / جات والامل القصير

فانفح لنا من راحتيك / بلا القليل ولا النزور

لا تحوجن الى العصاب / وانت في الضرع الدرور

آثار شكرك في فمي / وسمات ودك في ضميري

وقصيدة عذراء مثل / تالق الروض النضير

فرحت بمالك رقها / فرح الخميلة ((4-467)) بالغدير ((4-468))

الشاعر

الشريف الرضي ذو الحسبين ابو الحسن محمد بن ابي احمد الحسين ابن موسى بن ‏محمد بن موسى بن ابراهيم ابن الامام ابي ابراهيم موسى الكاظم(ع).

امه السيدة فاطمة بنت الحسين بن ابي محمد الحسن الاطروش بن علي بن الحسن بن‏علي بن عمر بن علي بن ابي طالب (ع).

والده ابو احمد كان عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والبويهية، لقبه ابو نصر بهاءالدين بالطاهر الاوحد، وولي نقابة الطالبيين خمس مرات، ومات وهو النقيب وذهب‏بصره، ولولا استعظام عضد الدولة امره ما حمله على القبض عليه وحمله الى قلعة‏بفارس، فلم يزل بها حتى مات عضد الدولة فاطلقه شرف الدولة ابن العضد،واستصحبه حين قدم بغداد، وله في خدمة الملة والمذهب خطوات بعيدة،ومساع‏مشكورة، وقدم وقدم، ولد سنة (304) وتوفي ليلة السبت (25) جمادى‏الاولى سنة (400) ((4-469)) ، ورثته الشعراء بمراث كثيرة، وممن رثاه ولداه المرتضى والرضي‏ومهيار الديلمي، ورثاه ابو العلاء المعري بقصيدة توجد في كتابه سقط الزند ((4-470)) .

وسيدنا الشريف الرضي هو مفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وامام من ائمة العلم‏والحديث والادب، وبطل من ابطال الدين والعلم والمذهب، هو اول في كل ما ورثه‏سلفه الطاهر من علم متدفق، ونفسيات زاكية، وانظار ثاقبة. واباء وشمم، وادب بارع،وحسب نقي، ونسب نبوي، وشرف علوي، ومجد فاطمي، وسؤدد كاظمي، الى‏فضائل‏قد تدفق سيلها الاتي، ومثر قد التطمت اواذيها الجارفة، ومهماتشدق الكاتب فان في البيان قصورا عن بلوغ مداه، وللتنقيب تقاعسا عن تحديدغايته، وللوصف انحسارا عن استكناه حقيقته، وان دون ما تحلى به من مناقبه الجمة،وضرائبه الكريمة، كل ما سردوه في المعاجم من ثناء واطراء مثل: فهرست النجاشي(ص‏283)، يتيمة الدهر (3/116)، الانساب للعمري، تاريخ بغداد (3/246)، كامل ابن‏الاثير (9/89)، معالم العلماء (ص‏138)، دمية القصر (ص‏73)، تاريخ ابن خلكان(2/106)، المنتظم لابن الجوزي (7/279)، خلاصة العلامة (ص‏81)، صحاح الاخبار(ص‏61)، الانساب لابي نصر البخاري، عمدة الطالب (ص‏183)، تحفة الازهار لابن‏شدقم، تاريخ ابن كثير (12/3)، مرآة الجنان (3/18)، الشذرات (3/182)، شرح ابن‏ابي الحديد (1/10)، غاية الاختصار، الدرجات الرفيعة للسيد « علي خان الحسيني‏الشيرازي »، مجالس المؤمنين (ص‏210)، جامع الاقوال، نسمة السحر لليمني، لسان‏الميزان (4/223)، رياض الجنة للزنوزي، الروضة البهية للسيد «محمد شفيع ابن علي‏اكبر الجابلقي »، ملخص المقال، رجال ابن ابي جامع، الاجازة للسماهيجي، الاتقان (ص‏121)، منهج المقال (ص‏293)، تاسيس الشيعة (ص‏107)، سمير الحاضرللشيخ علي، تنقيح المقال (3/107)، اليتيمة للعاملي (ص‏18)، تاريخ آداب اللغة(2/257) ((4-471)) ، اعلام الزركلي (3/889)، دائرة المعارف للبستاني (10/458)، دائرة‏المعارف لفريد وجدي (4/251)، مجلة الهدى العراقية في الجزء الثالث من السنة‏الاولى(ص‏106)، معجم المطبوعات ((4-472)) .

وتجد تحليل نفسية الشريف الرضي الكريمة في: 1 ما الفه العلامة الشيخ عبدالحسين الحلي النجفي كمقدمة للجزء الخامس المطبوع‏من تفسيره، فطبع معه في (112) صحيفة.

2 وما نضد عقد جمانه الكاتب الشهير زكي مبارك في مجلدين ضخمين مطبوعين،اسماه: عبقرية الشريف الرضي.

3 وقبلهما ما كتبه العلامة الشيخ محمد رضا ابن شيخنا الحجة الشيخ هادي كاشف‏ الغطاء.

4 وافرد زميلنا السيد علي اكبر البرقعي القمي كتابا في ترجمته، اسماه: كاخ دلاويز.

قال الاميني: كان البرقعي محمود السيرة، ميمون النقيبة، من رواد الفضيلة والادب،غير انه تحزب في الاونة الاخيرة بفئة ضالة ساقطة، واصيب العياذ باللّه بمتعسة‏ازالته عن مكانته، واسفته الى هوة البوار، عصمنا اللّه من الزلل، وآمننا من الخطل،وحفظنا من خاتمة سوء.

5 وكتب الدكتور محفوظ ترجمته في (250) صحيفة سماها ب(الشريف الرضي) طبعت‏في بيروت بمطبعة الريحاني. 6 ولولدنا محمد هادي الاميني كتاب في ترجمته.

وهناك من كتب ((4-473)) في عبقريته من المتطفلين على موائد الكتابة من الشباب الزائف في‏مصر، غير انه كشف عن سواة نفسه وخلد لها شية العار على مر الدهور، فطفق ينحوفيما حسبه خدمة للرضي ونشرا لعبقريته النيل من سلفه الطاهر، واخذ ينشر ما في‏علبة عدائه على اهل البيت النبوي المقدس بالوقيعة في سيدهم سيد الوصيين واميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، هنالك ابدى ضؤولة رايه، وسخف انظاره، وخبث‏عنصره، فجاء كالباحث عن حتفه بظلفه. وهب انه من قوم حناق على آل الرسول صلوات اللّه عليهم‏ لكنه لم يسلم من‏نعراته حتى ائمة مذهبه، فقد جاثاهم وسلقهم بلسان حديد، انا لا احاول نقد كلماته‏حرفيا فانها اسقط من ذلك، وان صاحبها اقل من ان ينوه به في الكتب، ولكن اسفي‏على مصر ان يشوه سمعتها الذنابى، اسفي على جامعتها ان لا تنفي عنها ما يدنس‏مطارف فضلها القشيبة، اسفي على مطابعها ان تنشر السفاسف المخزية، اسفي اسفي ‏اسفي..

اساتذته ومشايخه

1 ابو سعيد الحسن بن عبداللّه بن المرزبان النحوي المعروف بالسيرافي المتوفى (368):تلمذ عليه في النحو وهو طفل لم يبلغ عمره عشر سنين، ذكره ابن خلكان ((4-474)) ،واليافعي ((4-475)) ، وصاحب الدرجات الرفيعة ((4-476)) ، نقلا عن ابي الفتح بن جني شيخ ‏المترجم.

2 ابو علي الحسن بن احمد الفارسي النحوي المتوفى (377): وله منه اجازة، يروي‏عنه في كتابه المجازات النبوية.

3 ابو عبداللّه محمد بن عمران المرزباني المتوفى (384 وقيل: 378).

4 ابو محمد الشيخ الاقدم هارون بن موسى التلعكبري المتوفى (385).

5 ابو الفتح عثمان بن جني الموصلي المتوفى (392): وقد اكثر النقل عنه في المجازات ‏النبوية.

6 ابو يحيى عبدالرحيم بن محمد المعروف بابن نباته صاحب الخطب المتوفى (394).

7 الشيخ الاكبر شيخنا المفيد، ابو عبداللّه ابن المعلم محمد بن نعمان المتوفى (413): قراعليه هو واخوه علم الهدى المرتضى. قال صاحب الدرجات الرفيعة ((4-477)) : كان المفيد راى في منامه فاطمة الزهراءبنت‏رسول اللّه (ص) دخلت اليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين(ع) صغيرين، فسلمتهما اليه وقالت له: علمهما الفقه. فانتبه متعجبا من ذلك، فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي راى فيها الرؤيادخلت اليه المسجد فاطمة بنت الناصر، وحولها جواريها وبين يديها ابناه اعلي‏المرتضى ومحمد الرضي صغيرين، فقام اليها وسل م عليها، فقالت له: ايها الشيخ‏هذان ولداي قد احضرتهما اليك لتعلمهما الفقه. فبكى الشيخ وقص عليها المنام‏وتولى‏تعليمهما، وانعم اللّه تعالى عليهما وفتح لهما من ابواب العلوم والفضائل ما اشتهرعنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر. وذكرها ابن ابي الحديد في‏شرحه ((4-478)) (1/13).

8 ابو الحسن علي بن عيسى الربعي النحوي البغدادي المتوفى (420): كما في المجازات‏النبوية (ص‏250)، وقال المترجم في تفسير قوله تعالى (رب اني وضعتها انثى واللّه اعلم‏بما وضعت) ((4-479)) قال لي شيخنا ابو الحسن علي بن عيسى النحوي صاحب ابي علي‏الفارسي: وهذا الشيخ كنت بدات بقراءة النحو عليه قبل شيخنا ابي الفتح عثمان بن‏جني ، فقرات عليه مختصر الجرمي، وقطعة من كتاب الايضاح لابي علي ‏الفارسي،ومقد مة املاها علي كالمدخل الى النحو، وقرات عليه العروض لابي اسحاق‏الزجاج، والقوافي لابي الحسن الاخفش ((4-480)) .

9 القاضي عبدالجبار ابو الحسن بن احمد الشافعي المعتزلي: قرا عليه كما في المجازات ‏النبوية ((4-481)) .

10 ابو بكر محمد بن موسى الخوارزمي: قرا عليه في الفقه كما في‏المجازات ((4-482)) (ص‏92).

11 ابو حفص عمر بن ابراهيم بن احمد الكناني: يروي عنه الحديث كما في‏المجازات ((4-483)) (ص‏155).

12 ابو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح: شيخه في الحديث كمافي المجازات ((4-484)) (ص‏153).

13 ابو محمد عبداللّه بن محمد الاسدي الاكفاني.

14 ابو اسحاق ابراهيم بن احمد بن محمد الطبري الفقيه المالكي: تلمذ عليه في‏عنفوان شبابه، كما في المنتظم لابن الجوزي ((4-485)) وغيره.

تلامذته والرواة عنه

ويروي عنه جمع من اعيان الطائفة واعلام العامة منهم:

1 شيخ الطائفة ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ((4-486)) : المتوفى (460).

2 الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي.

3 الشيخ ابو عبداللّه محمد بن علي الحلواني: كما في الاجازات.

4 القاضي ابو المعالي احمد بن علي بن قدامة المتوفى (486): كما في كثير من اجازات‏اعلام الدين.

5 ابو زيد السيد عبداللّه بن علي كيابكي ابن عبداللّه الحسيني الجرجاني: كما في اجازة‏الشهيد الثاني لوالد شيخنا البهائي العاملي، واجازة مولانا المجلسي الاول لولده العلامة‏المجلسي.

6 ابو بكر احمد بن الحسين بن احمد النيسابوري الخزاعي: وهو من اجلاء تلامذة‏المترجم واخيه الشريف المرتضى كما في المقابيس للعلامة الحجة التستري.

7 ابو منصور محمد بن ابي نصر محمد بن احمد بن الحسين بن عبدالعزيز العكبري‏المعدل: كما في قصص الانبياء للراوندي ((4-487)) .

8 القاضي السيد ابو الحسن علي بن بندار بن محمد الهاشمي: يروي عن المترجم‏واخيه علم الهدى المرتضى، كما في اجازة الشيخ عبداللّه السماهيجي الكبيرة للشيخ‏ياسين، واجازته للشيخ ناصر الجارودي سنة (1128).

9 الشيخ المفيد عبدالرحمن بن احمد بن الحسين النيسابوري ((4-488)) ، يروي عن‏المترجم‏واخيه علم الهدى جميع مصنفاتهما بلا واسطة، كما في اجازة الشيخ عبداللّه السماهيجي ‏الكبيرة المذكورة.

تليفه وكتبه

1 نهج البلاغة: كان يهتم بحفظه حملة العلم والحديث في العصور المتقادمة حتى اليوم‏ويتبركون بذلك كحفظ القرآن الشريف، وعد من حفظته في قرب عهد المؤلف‏القاضي جمال الدين محمد بن الحسين بن محمد القاساني، فانه كان يكتب نهج البلاغة‏من حفظه كما ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسته ((4-489)) . ومن حفاظه في القرون المتقادمة: الخطيب ابو عبداللّه محمد الفارقي المتوفى (564)، كماذكره ابن كثير في تاريخه ((4-490)) (12/260)، وابن الجوزي في المنتظم ((4-491)) (10/229).

ومن حفظة المتاخرين له: العلامة الورع السيد محمد اليماني المكي الحائري المتوفى في‏الحائر المقدس سنة (1280) في (28) ربيع الاول.

ومنهم: العالم المؤرخ الشاعر الشيخ محمد حسين مروة الحافظ العاملي، حكى سيدناصدر الدين الكاظمي ((4-492)) ، عن العلامة الشيخ موسى شرارة: انه كان يحفظ تمام‏قاموس اللغة، وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد، واربعين الف قصيدة. انتهى. ونقل بعض الاعلام انه كان حافظا لكامل ابن الاثير من اوله الى آخره. (ذلك فضل‏ اللّه یؤتيه من يشاء) ((4-493)) .

وقد توالت عليه الشروح منذ عهد قريب من عصر المترجم له بما يربو على ‏السبعين‏ شرحا، وممن شرحه:

1 السيد علي بن الناصر المعاصر لسيدنا الشريف الرضي، شرحه واسمى شرحه ب آ(اعلام نهج البلاغة)، وهو اول الشروح واقدمها.

2 احمد بن محمد الوبري، من اعلام القرن الخامس.

3 ضياء الدين ابو الرضا فضل اللّه الراوندي، علق عليه سنة (511).

4 ابو الحسن علي بن ابي القاسم زيد بن اميرك محمد بن ابي علي الحسين ابن ابي‏سليمان فندق بن ايوب بن الحسن بن احمد بن عبدالرحمن بن عبيد اللّه بن عمر ابن‏الحسن بن عثمان بن ايوب بن خزيمة بن عمر بن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين‏صاحب رسول اللّه (ص) البيهقي النيسابوري، من مشايخ ابن شهرآشوب، قرا نهج‏البلاغة على الشيخ الحسن بن يعقوب القارئ سنة (516) وشرحه واسماه ب (معارج‏نهج البلاغة). ولد يوم السبت سابع وعشرين شعبان في سبزوار ومات سنة(565) ((4-494)) .

5 ابو الحسين سعيد بن هبة اللّه قطب الدين الراوندي المتوفى (573)، اسمى شرحه‏ب(منهاج البراعة).

6 الشيخ ابو الحسين محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري، الشهير بقطب‏الدين الكيدري، له شرحه الموسوم ب حدائق الحقائق‏ فرغ من تاليفه سنة (576).

7 افضل الدين الحسن بن علي بن احمد الماهابادي، احد مشايخ صاحب‏الفهرست‏الشيخ منتجب الدين المتوفى بعد سنة (585) ((4-495)) .

8 القاضي عبد الجبار، المردد بين جمع ((4-496)) مقارنين بعصر شيخ الطائفة، ذكره العلامة‏النوري في المستدرك ((4-497)) .

9 الفخر الرازي محمد بن عمر الطبري الشافعي المتوفى (606)، كما صرح به القفط‏ي‏في تاريخ الحكماء ((4-498)) .

10 ابو حامد عز الدين عبدالحميد الشهير بابن ابي الحديد المعتزلي المدائني‏المتوفى‏سنة (655)، له شرحه الدائر الذي اختصره المولى سلطان محمود الطبسي الاتي‏ذكره.

11 السيد رضي الدين ابو القاسم علي بن موسى بن طاووس الحسيني المتوفى سنة(664).

12 ابو طالب تاج الدين المعروف بابن الساعي علي بن انجب بن عثمان بن عبداللّهالبغدادي المتوفى (674)، صاحب التليف الكثيرة منها شرح نهج البلاغة، كما في‏منتخب المختار (ص‏138).

13 كمال الدين الشيخ ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفى (679)، له شرحه‏الكبير والمتوسط والصغير.

14 الشيخ احمد بن الحسن الناوندي، من اعلام القرن السابع تلميذ الشيخ‏جمال‏الدين الوراميني، له حواش كثيرة على نهج البلاغة من تقريرات استاذه المذكور.

15 العلامة الحلي، جمال الدين ابو منصور الحسن بن يوسف بن المطهرالمتوفى(726).

16 الشيخ كمال الدين عبدالرحمن بن محمد بن ابراهيم العتائقي الحلي، احد اعلام‏القرن الثامن، له شرحه الكبير في اربع مجلدات.

17 يحيى بن حمزة العلوي اليمني من ائمة الزيدية المتوفى (749)، اقتصر في شرحه‏على حل عويصاته اللغوية.

18 سعد الدين مسعود بن عمر بن عبداللّه التفتازاني الشافعي المتوفى (791، 792،793).

19 السيد افصح الدين محمد بن حبيب اللّه بن احمد الحسيني، فرغ من شرحه في‏شهر صفر سنة (881) ((4-499)) .

20 المولى قوام الدين يوسف بن حسن الشهير بقاضي بغداد المتوفى حدود سنة(927).

21 ابو الحسن علي بن الحسن الزواري، من تلمذة المحقق الكركي، شرحه بالفارسية‏واسماه ب(روضة الابرار) فرغ منه سنة (947).

22 المولى جلال الدين الحسين ابن خواجة شرف الدين عبدالحق الاردبيلي‏المعروف بالالهي المتوفى (950)، شرحه بالفارسية ويسمى ب (منهج الفصاحة).

23 المولى فتح اللّه ابن المولى شكر اللّه القاشاني المتوفى (988)، له شرحه الفارسي‏المطبوع الموسوم ب (تنبيه الغافلين وتذكرة العارفين).

24 عز الدين علي بن جعفر شمس الدين الاملي، من تلمذة الشيخ علي بن هلال‏ الجزائري، له شرحه بالفارسية.

25 المولى عماد الدين علي القاري الاسترابادي احد اعلام القرن العاشر، له تعليق‏على الكتاب.

26 المولى شمس بن محمد بن مراد، ترجم شرح ابن ابي الحديد المعتزلي سنة(1013).

27 شيخنا البهائي العاملي المتوفى (1031)، له شرح نهج البلاغة ولم يتم، ذكره‏البرقعي فيما كتبه الينا.

28 الشيخ الرئيس ابو الحسن ميرزا القاجاري، له شرحه لم يتم، كتبه الينا السيدالبرقعي.

29 الشيخ نور محمد ابن القاضي عبدالعزيز ابن القاضي طاهر محمد المحلي، شرحه‏فارسيا سنة (1028).

30 المولى عبدالباقي الخطاط الصوفي التبريزي المتوفى (1039)، شرحه بالفارسية‏وسماه ب (منهاج الولاية) ((4-500)) .

31 المولى نظام الدين علي بن الحسن الجيلاني، يسمى شرحه ب (انوار الفصاحة)،فرغ من اول مجلداته الثلاث 4 ربيع الاول سنة (1053).

32 الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين العاملي الكركي المتوفى (1076) عن(68) سنة.

33 فخر الدين عبداللّه ابن المؤيد باللّه، لخص شرح ابن ابي الحديد واسماه (العقدالنضيد المستخرج من شرح ابن ابي الحديد)، توجد منه نسخة مؤرخة بسنة(1080).

34 السيد ماجد بن محمد البحراني المتوفى (1097) لم يتم شرحه.

35 الشيخ محمد مهدي بن ابي تراب السهندي، شرحه باللغة الفارسية وفرغ منه في‏شهر رمضان سنة (1097).

36 ميرزا علاء الدين محمد گلستانه المتوفى (1100)، يسمى شرحه ب (حدائق‏الحقائق)، وشرحه الاخر الصغير ب (بهجة الحدائق).

37 السيد حسن بن مطهر بن محمد اليمني الجرموزي الحسني المولود (1044)والمتوفى (1110)، له شرحه ذكره له الشوكاني في البدر الطالع (1/211).

38 المولى تاج الدين حسن المعروف بملا تاجا والد شيخنا الفاضل الهندي‏المتوفى(1137) له شرح فارسي يوجد في اصبهان.

39 المولى محمد صالح بن محمد باقر الروغني القزويني، من اعلام القرن الحادي‏عشر، شرحه فارسيا طبع بايران ((4-501)) .

40 السيد نعمة اللّه بن عبداللّه الجزائري التستري المتوفى (1112)، له شرحه في‏ثلاث مجلدات.

41 المولى سلطان محمود بن غلام علي الطبسي القاضي، من تلمذة العلامة‏المجلسي.

42 المولى محمد رفيع بن فرج الجيلاني المتوفى بالمشهد الرضوي حدود (1160).

43 الشيخ محمد علي ابن الشيخ ابي طالب الزاهدي الجيلاني الاصبهاني المتوفى في‏الهند (1181)، له شرح بعض خطبه.

44 السيد عبداللّه بن محمد رضا الشبر الحسيني الكاظمي المتوفى (1242)، له‏شرحان.

45 الامير محمد مهدي الخاتون‏آبادي الاصبهاني المتوفى (1263)، له شرحه ‏بالفارسية.

46 الحاج السيد محمد تقي ابن الامير محمد مؤمن الحسيني القزويني المتوفى (1270)،له شرحه بالفارسية.

47 ميرزا باقر النواب بن محمد بن محمد اللاهجي الاصبهاني، كتب له‏شرحابالفارسية بامر السلطان فتح علي شاه القاجار، وطبع بايران.

48 الحاج نصراللّه بن فتح اللّه الدزفولي، ترجم شرح ابن ابي الحديد للفارسية، وزادعليه تحقيقاته بامر السلطان ناصر الدين شاه القاجار، وفرغ منه سنة (1292).

49 السيد صدر الدين بن محمد باقر الموسوي الدزفولي، من تلمذة آقا محمدالبيدآبادي.

50 السيد مفتي عباس المتوفى (1306)، احد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر، عده‏البرقعي فيما كتبه الينا من شراحه.

51 المولى احمد بن علي اكبر المراغي، نزيل تبريز المتوفى 5 محرم سنة (1310)، علق‏على مشكلاته.

52 الشيخ بهاء الدين محمد، احد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر، له شرحه،ذكره البرقعي فيما كتبه الينا.

53 الاستاذ محمد حسن نائل المرصفي، شرح مشكلات لغاته، طبع بمصر تعليقاعليه سنة (1328).

54 الشيخ محمد عبده المتوفى سنة (1323).

55 الحاج ميرزا حبيب اللّه الموسوي الخوئي المتوفى حدود (1326)، له شرحه‏الكبير الموسوم ب (منهاج البراعة).

56 الشيخ جواد الطارمي ابن الحاج المولى محرم علي الزنجاني المتوفى سنة (1325)،له شرحه الموسوم ب (شرح الاحتشام على نهج بلاغة الامام).

57 الحاج ميرزا ابراهيم الخوئي الشهيد سنة (1325)، له شرحه المسمى ب (الدرة‏النجفية) طبع في تبريز سنة (1293).

58 جهانگير خان القشقائي المتوفى باصبهان سنة (1328).

59 السيد اولاد حسن بن محمد حسن الهندي المتوفى سنة (1338)، يسمى شرحه بآ(الاشاعة).

60 الشيخ محمد حسين بن محمد خليل الشيرازي، المتوفى (1340).

61 السيد علي اطهر الكهجوي الهندي، المتوفى في شعبان سنة (1352).

62 الاستاذ محيي الدين الخياط، نزيل بيروت، طبع شرحه في ثلاث مجلدات.

63 السيد ذاكر حسين اختر الدهلوي المعاصر، شرحه بلغة اردو.

64 الاستاذ محمد بن عبدالحميد المصري، زاد على شرح الشيخ محمد عبده بعض‏افاداته وطبع.

65 السيد ظفر مهدي اللكهنوي، له شرحه بلغة اردو.

66 السيد هبة الدين محمد علي الشهرستاني، له شرحه الموسوم ب (بلاغ النهج).

67 الشيخ محمد علي بن بشارة الخيقاني، له شرحه ذكره له الشيخ احمد النحوي في‏قصيدة يمدحه بها، فقال:

ولقد كسى نهج البلاغة فكره / شرحا فاظهر كل خاف مضمر

وكتب الينا البرقعي من شراحه:

68 ميرزا محمد تقي الالماسي حفيد العلامة المجلسي، قال: له شرحه بالفارسية لم‏يتم.

69 الشيخ عبداللّه البحراني، صاحب العوالم.

70 الشيخ عبداللّه بن سليمان البحراني السماهيجي.

71 الحاج المولى علي العلياري التبريزي.

72 الشيخ ملا حبيب اللّه الكاشاني، صاحب التليف القيمة.

73 السيد عبدالحسين الحسيني آل كمونة البروجردي.

74 ميرزا محمد علي بن محمد نصير چهاردهي الگيلاني، له شرحه في ثلاث‏ مجلدات.

75 ميرزا محمد علي قراجه داغي التبريزي.

76 الاستاذ محمد محيي الدين عبدالحميد المدرس في كلية اللغة العربية بالازهر، زادعلى شرح الشيخ محمد عبده زيادات هامة، طبعت مع الاصل والشرح بمصر في‏ مطبعة الاستقامة ((4-502)) .

ووقفنا على آثار قيمة او مثر خالدة حول نهج البلاغة لجمع ممن عاصرناهم، الاوهم:

77 الحاج ميرزا خليل الصيمري الكمرئي الطهراني، شرح النهج واطنب في اربعة‏وعشرين مجلدا، طبع بعض تلكم الاجزاء الضخمة الفخمة القيمة بطهران.

78 السيد محمود الطالقاني، شرحه في عدة مجلدات طبع غير واحد منها.

79 الحاج السيد علي النقي فيض الاسلام الاصبهاني، ترجمه في ست مجلدات، طبعت‏في طهران باجود خط واحسن ورق.

80 الحاج ميرزا محمد علي الانصاري القمي، ترجمه نظما ونثرا للفارسية في عدة‏مجلدات وقفت على ثلاث منها مطبوعة باجمل هيئة وابهى صورة.

81 جواد فاضل، ترجم جملة من خطبه للفارسية باسلوب بديع وبيان مليح.

مؤلف نهج البلاغة

كل هؤلاء الاعلام لا يشكون في ان الكتاب من تليف الشريف الرضي، وتصافقهم‏على ذلك معاجم الشيعة جمعاء، فلن تجد من ترجمه من اربابها الا ناصا على صحة‏النسبة وجازما باستقامة النسب منذ عصر المؤلف والى اليوم الحاضر، انظر فهرست ابي العباس النجاشي ((4-503)) المتوفى (450)، وفهرست الشيخ منتجب‏الدين ((4-504)) المتوفى (585) و.. و.. و ((4-505)) .

وتنبئ القارئ عن صحة النسبة اجازات حملة العلم والحديث لاصحابهم منها:

1 اجازة الشيخ محمد بن علي بن احمد بن بندار للشيخ الفقيه ابي عبداللّه الحسين،برواية الكتاب نهج البلاغة‏ في جمادى الاخرى سنة (499).

2 اجازة الشيخ علي بن فضل اللّه الحسيني لعلي بن محمد بن الحسين المتطبب، برواية‏الكتاب في رجب سنة (589).

3 اجازة الشيخ نجيب الدين يحيى بن احمد بن يحيى الحلي للسيد عز الدين الحسن‏بن علي المعروف بابن الابرز، برواية الكتاب في شعبان سنة (655).

4 اجازة العلامة الحلي لبني زهرة في سنة (723).

5 اجازة السيد محمد بن الحسن بن ابي الرضا العلوي لجمال الدين بن ابي المعالي‏ سنة (730).

6 اجازة فخر الدين محمد ابن العلامة الحلي لابن مظاهر في سنة (741).

7 اجازة شيخنا الشهيد الاول للشيخ ابن نجدة سنة (770).

8 اجازة الشيخ علي بن محمد بن يونس البياضي صاحب الصراط المستقيم للشيخ‏ناصر بن ابراهيم البويهي الحساوي سنة (852).

9 اجازة الشيخ علي المحقق الكركي للمولى حسين الاسترابادي في سنة (907).

10 اجازة الشيخ المحقق الكركي للشيخ ابراهيم سنة (934).

11 اجازة المحقق الكركي للقاضي صفي الدين عيسى سنة (937).

12 اجازة الشهيدالثاني للشيخ حسين بن عبدالصمد العاملي في سنة(941).

13 اجازة الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني الكبيرة.

14 اجازة الشيخ احمد بن نعمة اللّه بن خاتون للمولى عبداللّه التستري في سنة(988).

15 اجازة الشيخ محمد بن احمد بن نعمة اللّه بن خاتون للسيد ظهير الدين الهمداني‏في سنة (1008).

16 اجازة العلامة المجلسي الاول لتلميذه آقا حسين الخونساري سنة(1062).

17 اجازة العلامة المجلسي الاول الكبيرة لولده العلامة المجلسي المؤرخة بسنة(1068).

18 اجازة الشيخ صالح بن عبدالكريم للمولى محمد هادي بن محمد تقي الشولستاني‏ سنة (1080).

19 اجازة المجلسي الثاني للسيد ميرزا ابراهيم النيسابوري سنة (1088).

20 اجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة اللّه الجزائري سنة (1096). وغيرها من الاجازات.

وقبل هذه كلها نصوص الشريف الرضي نفسه في كتبه بذلك، فقال في الجزء الخامس‏من تفسيره ((4-506)) (ص‏167): ومن اراد ان يعلم زمان ما اشرنا اليه من ذلك فليمعن‏النظر في كتابنا الذي الفناه ووسمناه بنهج البلاغة، وجعلناه يشتمل على مختار جميع‏الواقع الينا من كلام امير المؤمنين (ع)، في جميع الانحاء والاغراض والاجناس‏والانواع، من خطب وكتب ومواعظ وحكم، وبوبناه ابوابا ثلاثة.

الخ. وقال في كتابه المجازات النبوية ((4-507)) (ص‏223): وقد ذكرنا ذلك في كتابناالموسوم بنهج‏البلاغة الذي اوردنا فيه مختار جميع كلامه.

وقال في (ص‏41) من المجازات: وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة.

وقال في (ص‏161): قد ذكرنا الكلام في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة.

وقال في (ص‏252): قد ذكرناه في جملة كلامه (ع) لكميل بن زياد النخعي في كتاب نهج البلاغة ((4-508)) .

وقال في اواخر نهج البلاغة ((4-509)) ، في شرح قوله (ع): ((4-العين وكاء السه)) قال الرضي:وقد تكلمنا في هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الاثار النبوية.

وقال في ديباجة نهج البلاغة ((4-510)) : فاني كنت في عنفوان السن وغضاضة الغصن،ابتدات بتاليف كتاب في خصائص الائمة (ع)، يشتمل على محاسن اخبارهم وجواهركلامهم. الخ. وكتاب الخصائص المذكور موجود بين ايدينا، ولم يختلف فيه اثنان  انه للشريف الرضي.

فما تورط به بعض الكتبة من نسبة الكتاب الى اخيه علم الهدى واتهامه‏بوضعه ((4-511)) اووضع بعض ما فيه على لسان امير المؤمنين (ع)، والدعوى المجردة ببطلان اكثر ما فيه‏وعزو ذلك الى سيدنا الشريف الرضي ((4-512)) الذي عرفت موقفه العظيم من الثقة والعلم‏والجلالة، او الترديد فيمن وضعه وجمعه بينهما ((4-513)) مما لا يقام له في سوق الحقائق‏وزن، وليس له مناخ الا حيث تربض فيه العصبية العمياء، ويكشف عن جهل اولئك‏المؤلفين برجال الشيعة وتليفهم، واعجب ما رايت كلمة الذهبي في‏طبقاته ((4-514)) (3/289): وفيها يعني سنة (436) توفي شيخ الحنفية العلامة المحدث ابوعبداللّه الحسين بن موسى الحسيني الشريف الرضي ((4-515)) ، واضع كتاب نهج البلاغة.

قال ابن ابي الحديد ((4-516)) (2/546) بعد ذكر خطبة ابن ابي الشحماء العسقلاني‏الكاتب:هذه احسن خطبة خطبها هذا الكاتب، وهي كما تراها ظاهرة التكلف بينة التوليد،تخطب على نفسها، وانما ذكرت هذا لان كثيرا من ارباب الهوى يقولون: ان كثيرا من‏نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة، وربما عزوا بعضه الى‏الرضي‏ابي الحسن وغيره، وهؤلاء قوم اعمت العصبى ة اعينهم، فضلوا عن النهج‏الواضح، وركبوا بينات الطريق ضلالا ، وقلة معرفة باساليب الكلام، وانا اوضح لك‏بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فاقول: لا يخلو اما ان يكون كل نهج‏البلاغة مصنوعا منحولا او بعضه. والاول باطل بالضرورة، لانا نعلم بالتواتر صحة اسناد بعضه الى امير المؤمنين(ع)،وقد نقل المحدثون كلهم او جلهم والمؤرخون كثيرا منه، وليسوا من الشيعة لينسبواالى‏غرض في ذلك. والثاني يدل على ما قلناه، لان من قد انس بالكلام والخطابة، وشدا طرفا من علم‏البيان، وصار له ذوق في هذا الباب، لا بد ان يفرق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين‏الفصيح والافصح، وبين الاصيل والمولد، واذا وقف على كراس واحد يتضمن‏كلامالجماعة من الخطباء او لاثنين منهم فقط فلا بد ان يفرق بين الكلامين، ويميز بين‏الطريقتين، الا ترى انا مع معرفتنا بالشعر ونقده لو تصفحنا ديوان ابي تمام، فوجدناه‏قد كتب في اثنائه قصائد او قصيدة واحدة لغيره، لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر ابي تمام‏ونفسه وطريقته ومذهبه في القريض، الا ترى ان العلماء بهذا الشان حذفوا من شعره‏قصائد كثيرة منحولة اليه لمباينتها لمذهبه في الشعر، وكذلك حذفوا من شعر ابي نواس‏شيئا كثيرا لما ظهر لهم انه ليس من الفاظه ولا من شعره، وكذلك غيرهما من الشعراء،ولم يعتمدوا في ذلك الا على الذوق خاصة. وانت اذا تاملت نهج البلاغة وجدته كله ماء واحدا، ونفسا واحدا، واسلوبا واحدا،كالجسم البسيط الذي ليس بعض من ابعاضه مخالفا لباقي الابعاض في الماهية،وكالقرآن العزيز اوله كاوسطه واوسطه كخره، وكل سورة منه وكل آية مماثلة في‏الماخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الايات والسور، ولو كان بعض نهج‏البلاغة منحولا وبعضه صحيحا لم يكن ذلك كذلك، فقد ظهر لك بهذا البرهان‏الواضح ضلال من زعم ان هذا الكتاب او بعضه منحول الى امير المؤمنين(ع).

واعلم ان قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به، لانا متى فتحناهذا الباب‏وسلطنا الشكوك على انفسنا في هذا النحو لم نثق بصحة كلام منقول عن رسول اللّه(ص) ابدا، وساغ لطاعن ان يطعن ويقول: هذا الخبر منحول، وهذا الكلام مصنوع،وكذلك ما نقل عن ابي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والادب وغير ذلك،وكل امر جعله هذا الطاعن مستندا له فيما يرويه عن النبي (ص) والائمة الراشدين‏والصحابة والتابعين والشعراء والمترسلين والخطباء، فلناصري امير المؤمنين (ع) ان‏يستندوا الى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره، وهذا واضح. انتهى.

وقال ((4-517)) في (1/69) في آخر الخطبة الشقشقية: حدثني شيخي ابو الخير مصدق بن‏شبيب الواسط‏ي في سنة ثلاث وستمائة، قال: قرات على الشيخ ابي محمد عبداللّه بن‏احمد المعروف بابن الخشاب المتوفى (568) هذه الخطبة يعني الشقشقية، فلما انتهيت‏الى هذا الموضع يعني قول ابن عباس: فواللّه ما اسفت. الخ‏ قال لي: لو سمعت ابن‏عباس يقول هذا لقلت له: وهل بقي في نفس ابن عمك امر لم يبلغه في هذه الخطبة‏لتتاسف ان لا يكون بلغ من كلامه ما اراد ؟! واللّه ما رجع عن الاولين ولا عن‏الاخرين ولا بقي في نفسه احد لم يذكره الا رسول اللّه (ص). قال مصدق: وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل، قال: فقلت له: اتقول انهامنحولة ؟! فقال: لا واللّه واني لاعلم انها كلامه كما اعلم انك مصدق. قال: فقلت له :ان كثيرا من الناس يقولون: انها من كلام الرضي رحمه اللّه تعالى. فقال: انى‏للرضي‏ولغير الرضي هذا النفس وهذا الاسلوب ؟! قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفناطريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع من هذا الكلام في خل ولا خمر. ثم قال: واللّه لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل ان يخلق الرضي بمائتي‏سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط اعرفها واعرف خطوط من هو من العلماء واهل‏الادب قبل ان يخلق النقيب ابو احمد والد الرضي. قلت: وقد وجدت انا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا ابي القاسم البلخي‏امام‏البغدادى ين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل ان يخلق الرضي بمدة طويلة.ووجدت ايضا كثيرا منها في كتاب ابي جعفر بن قبة احد متكلمي الامامية وهوالكتاب المشهور المعروف بكتاب الانصاف، وكان ابو جعفر هذا من تلامذة الشيخ‏ابي القاسم البلخي (ره)، ومات في ذلك العصر قبل ان يكون الرضي (ره) موجودا.انتهى.

وقد افرد العلامة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء كتابا في (66) صحيفة حول الكتاب‏ودفع الشبهات عنه بعد نقلها، وقد جمع فاوعى، وتبسط فاجاد ((4-518)) . والقى الشيخ محمد عبده حول الكتاب كلمات ضافية في شرحه، واطال البحث عنه‏وعن اعتباره الاستاذ حسين بستانه استاذ الادب العربي في الثانوية المركزية سابقا،تحت عنوان: ادب الامام علي ونهج البلاغة وتعرض الاوهام الحائمة حول النهج، نشرفي العدد الرابع من اعداد السنة الخامسة من مجلة الاعتدال النجفية الغراء، وللعلامة‏السيد هبة الدين الشهرستاني تاليف حول اعتبار ما في النهج ومحله من الرفعة والبذخ‏عند العالمين تحت عنوان: ما هو نهج البلاغة، طبع في صيدا وترجمه الى الفارسية احدفضلاء ايران في عاصمتها طهران، وزاد عليه بعض الفوائد.

ومن تآليف سيدنا الرضي:

2 خصائص الائمة: ذكره مؤلفه في صدر نهج البلاغة واطراه، وعندنا منه نسخة، وقدشرح فيه بعض كلمات امير المؤمنين (ع)، وذكر اسمه في غير موضع واحد، والعجب‏من العلامة الحلي وكلامه حوله، قال: توجد في العراق نسخ باسمه تشبهه في المنهج‏لكن لم تصح نسبتها.

3 مجازات الاثار النبوية: طبع ببغداد سنة (1328).

4 تلخيص البيان عن مجاز القرآن: ذكره في مواضع من كتابه المجازات‏النبوية ((4-519)) (ص‏2، 3، 9، 145).

5 حقائق التاويل في متشابه التنزيل: وهو تفسيره ذكره في كتابه المجازات النبوية،يعبر عنه تارة بحقاق التاويل، واخرى بالكتاب الكبير في متشابه القرآن، وعبر عنه‏النجاشي ((4-520)) بحقائق التنزيل، وصاحب عمدة الطالب ((4-521)) بكتاب المتشابه في القرآن.

6 معاني القرآن: وهو كتابه الثالث في القرآن، ذكره له ابن شهرآشوب في‏المعالم ((4-522)) (ص‏44) وقال: يتعذر وجود مثله، وقال النسابة العمري في المجدي ((4-523)) : شاهدت له جزءا مجلدا من تفسير منسوب اليه في القرآن مليح حسن، يكون‏بالقياس في كبر تفسير ابي جعفر الطبري او اكبر، وقال ابن خلكان ((4-524)) : يتعذر وجودمثله، دل على توسعه في علم النحو واللغة. ولعل الممدوح هو تفسيره السابق.

7 تعليق خلاف الفقهاء.

8 تعليقه على ايضاح ابي علي الفارسي.

9 الحسن من شعر الحسين: انتخب فيه شعر ابن الحجاج المترجم له في شعراء القرن‏الرابع ((4-525)) .

10 الزيادات في شعر ابن الحجاج المذكور.

11 الزيادات في شعر ابي تمام: المترجم له في شعراء القرن الثالث ((4-526)) .

12 مختار شعر ابي اسحاق الصابي.

13 ما دار بينه وبين ابي اسحاق من الرسائل شعرا ((4-527)) . وذكر له في عمدة الطالب ((4-528)) :

14 كتاب رسائله: في ثلاث مجلدات، ولابي اسحاق الصابي المتوفى قبل سنة (380)كتاب مراسلات الشريف الرضي، كما ذكره ابن النديم في الفهرست ((4-529)) (ص‏194).

15 اخبار قضاة بغداد.

16 سيرة والده الطاهر: الفه سنة (379) وذلك قبل وفاة والده باحدى وعشرين‏ سنة. وذكر له في تاريخ آداب اللغة ((4-530)) :

17 كتاب انشراح الصدر في مختارات من الشعر. اقول: هو لبعض الادباء، اختاره من ديوان المترجم له، كما في كشف‏الظنون ((4-531)) (1/513).

18 طيف الخيال: مجموعة تنسب اليه. اقول: هو من تليف اخيه الشريف المرتضى، لا له.

19 وله ديوان شعره السائر المطبوع، قال ابن خلكان ((4-532)) : وقد عني بجمع ديوان‏الرضي جماعة، وآخر ((4-533)) ما جمع الذي جمعه ابو حكيم الخبري ((4-534)) . انتهى. وانفذ الصاحب بن عباد المترجم له في شعراء القرن الرابع من كتابنا ((4-535)) الى بغدادمن ينسخ له ديوانه وكتب اليه بذلك سنة (385) وهي سنة وفاته‏ وعندما سمع‏المترجم له به وانفذه، مدحه بقصيدة منها قوله:

بيني وبينك حرمتان تلاقتا / نثري الذي بك يقتدي وقصيدي

ووصائل الادب التي تصل الفتى / لا باتصال قبائل وجدود

ان اهد اشعاري اليك فانها / كالسرد اعرضه على داود

وانفذت تقية بنت سيف الدولة التي توفيت سنة (399) من مصر من ينسخ ديوان‏الشريف الرضي لها، وهي لا ترى هدية انفس منه يوم حمل اليها، ويعرب ذلك عن‏عناية الشريف بشعره وجمعه في حياته، ولعل جمعه كجمع اخيه الشريف‏المرتضى‏لديوانه، كان على ترتيب سني نظمه المتمادية.

شعره وشاعريته

من الواضح ان الواقف على نفسيات سيدنا الشريف المترجم‏ ومواقفه العظيمة من‏العلم والسؤدد والمكانة الرفيعة، يرى الشعر دون قدر الشريف، ويجد نفسه اعلى من‏انفس الشعراء وارفع، ويرى الشعر لا يمهد للشريف كيانا على كيانه، ولا يؤثر في‏ترفعه وشممه، ولا يولد له العظمة، ولا ياخذ بضبعه الى التطول، وقد نظم وشعر في‏صباه وهو لم يبلغ عمره عشر سنين، ومن شعره في صباه وله عشر سنين قوله من‏ قصيدة:

المجد يعلم ان المجد من اربي / ولو تماديت في غي وفي لعب

اني لمن معشر ان جمعوا لعلى / تفرقوا عن نبي او وصي نبي

اذا هممت ففتش عن شبا هممي / تجده في مهجات الانجم الشهب

وان عزمت فعزمي يستحيل قذى / تدمى مسالكه في اعين النوب

ومعرك صافحت ايدي الحمام به / طلى الرجال على الخرصان من كثب ((4-536))

حلت حباها المنايا في كتائبه / بالضرب فاجتثت الاجساد بالقضب

تلاقت البيض في الاحشاء فاعتنقت / والسمهري من الماذي واليلب ((4-537))

بكت على الارض دمعا من دمائهم / فاستعربت من ثغور النور والعشب

ويحدثنا شعره انه ما كان يعد الشعر لنفسه فضيلة وماثرة، بل كان يتخذه وسيلة الى‏غرضه فيقول:

وما الشعر فخري ولكنما / اطول به همة الفاخر

انزهه عن لقاء الرجال / واجعله تحفة الزائر

فما يتهدى اليه الملو / ك الا من المثل السائر

واني وان كنت من اهله / لتنكر في حرفة الشاعر

ويقول:

وما قولي الاشعار الا ذريعة / الى امل قد آن قود جنيبه

واني اذا ما بلغ اللّه غاية / ضمنت له هجر القريض وحوبه

ويقول:

ما لك ترضى ان يقال شاعر / بعدا لها من عدد الفضائل

كفاك ما اورق من اغصانه / وطال من اعلامه الاطاول

فكم تكون ناظما وقائلا / وانت غب القول غير فاعل

وهو في شعره يرى نفسه اشعر الامم تارة، ويرى شعره فوق شعر البحتري ومسلم‏بن الوليد اخرى، ويتواضع طورا ويجعل نفسه زميل الفرزدق او جرير، ويرى نفسه‏ضريبا لزهير، ومرة يتفوه بالحق وينظر الى شعره بعين الرضا ويرى كلامه فوق كلام‏الرجال، وقد اجمع الاكثرون انه اشعر قريش. قال الخطيب البغدادي في تاريخه (2/246): سمعت ابا عبداللّه محمد بن عبداللّه الكاتب‏بحضرة ابي الحسين بن محفوظ وكان احد الرؤساء يقول: سمعت جماعة من اهل‏العلم بالادب يقولون: الرضي اشعر قريش. فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان‏في قريش من يجيد القول الا ان شعره قليل، فاما مجيد مكثر فليس الا الرضي.

وجمل الثناء على ادبه وشعره كبقية مثره وفضائله وملكاته الفاضلة، متواترة في‏المعاجم يضيق عن جمعها المجال، فنضرب عنها صفحا روما للاختصار، ونقتصر بذكرنبذة يسيرة، منها:

1 قال النسابة العمري في المجدي ((4-538)) : انه نقيب نقباء الطالبيين ببغداد، وكانت له هيبة‏وجلالة، وفيه ورع وعفة وتقشف، ومراعاة للاهل وغيرة عليهم وعسف بالجاني‏منهم، وكان احد علماء الزمان، قد قرا على اجلاء الرجال، وشاهدت له جزءامجلدامن تفسير منسوب اليه في القرآن، مليح حسن يكون بالقياس في كبر تفسير ابي‏جعفر الطبري او اكبر، وشعره اشهر من ان يدل عليه، وهو اشعر قريش الى وقتنا،وحسبك ان يكون قريش في اولها الحرث بن هشام، والعبلي، وعمر بن ابي ربيعة، وفي‏آخرها بالنسبة الى زمانه محمد بن صالح الموسوي الحسني، وعلي بن محمدالحماني ((4-539)) ، وابن طباطبا الاصبهاني ((4-540)) .

2 قال الثعالبي في اليتيمة ((4-541)) : هو اليوم ابدع ابناء الزمان، وانجب سادة العراق،يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف، بادب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع‏المحاسن وافر، ثم هو اشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر، على كثرة شعرائهم‏المفلقين: كالحماني وابن طباطبا وابن الناصر وغيرهم، ولو قلت: انه اشعر قريش لم‏ابعد عن الصدق، وسيشهد بما اجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القدح،الممتنع عن القدح، الذي يجمع الى السلاسة متانة، والى السهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها، ويبعد مداها، وكان ابوه يتولى نقابة نقباء الطالبيين‏ويحكم فيهم اجمعين، والنظر في المظالم والحج بالناس، ثم ردت هذه الاعمال كلها الى‏ولده الرضي سنة (388) وابوه حي.

3 قال ابن الجوزي في المنتظم ((4-542)) (7/279): كان الرضي نقيب الطالبيين ببغداد، حفظ‏القرآن في مدة يسيرة بعد ان جاوز ثلاثين سنة، وعرف من الفقه والفرائض طرفاقويا، وكان عالما فاضلا وشاعرا مترسلا، عفيفا عالي الهمة متدينا، اشترى في بعض الايام‏جزازا من امراة بخمسة دراهم، فوجد جزءا بخط ابي علي بن مقلة، فقال للدلال:احضر المراة، فاحضرها، فقال: قد وجدت في الجزاز جزءا بخط ابن مقلة، فان اردت‏الجزء فخذيه وان اخترت ثمنه فهذه خمسة دراهم. فاخذتها ودعت له وانصرفت،وكان سخيا جوادا.

4 قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ((4-543)) : حفظ الرضي القرآن بعد ان جاوزثلاثين سنة في مدة يسيرة، وعرف من الفقه والفرائض طرفا قويا، وكان عالما اديبا،وشاعرا مفلقا، فصيح النظم ضخم الالفاظ، قادرا على القريض، متصرفا في فنونه، ان‏قصد الرقة في النسيب اتى بالعجب العجاب، وان اراد الفخامة وجزالة الالفاظ في‏المدح وغيره اتى بما لا يشق فيه غباره، وان قصد في المراثي جاء سابقا والشعراءمنقطع انفاسها على اثره، وكان مع هذا مترسلا ذا كتابة، وكان عفيفا شريف النفس‏عالي الهمة، ملتزما بالدين وقوانينه، ولم يقبل من احد صلة ولا جائزة‏حتى انه ردصلات ابيه.

5 قال الباخرزي في دمية القصر ((4-544)) (ص‏69): له صدر الوسادة بين الائمة والسادة،وانا اذا مدحته كنت كمن قال لذكاء: ما انورك ! ولخضارة ((4-545)) : ما اغزرك ! وله شعراذا افتخر به ادرك من المجد اقاصيه، وعقد بالنجم نواصيه، واذا نسب انتسب رقة‏الهواء الى نسيبه، وفاز بالقدح المعلى في نصيبه، حتى اذا انشد الراوي غزلياته بين يدي‏العزهاة ((4-546)) ، لقال له من العز: هات، واذا وصف فكانه في الاوصاف احسن من‏الوصائف والوصاف، وان مدح تحيرت فيه الاوهام بين مادح وممدوح، له بين‏المتراهنين في الحلبتين سبق سابق مروح، وان نثر حمدت منه الاثر، ورايت هناك‏خرزات من العقد تنفض، وقطرات من المزن ترفض، ولعمري ان بغداد قد انجبت به‏فبواته ظلالها، وارضعته زلالها، وانشقته شمالها، وورد شعره دجلتها فشرب منها حتى‏شرق، وانغمس فيها حتى كاد يقال: غرق، فكلما انشدت محاسنه تنزهت بغداد في‏نضرة نعيمها، واستنشقت من انفاس الهجير بمراوح نسيمها .

6 قال الرفاعي في صحاح الاخبار (ص‏61): كان اشعر قريش، وذلك لان الشاعرالمجيد من قريش ليس بمكثر، والمكثر ليس بمجيد، والرضي جمع بين فضلي الاكثاروالاجادة، وكان صاحب ورع وعفة وعدل في الاقضية وهيبة في النفوس.

القابه ومناصبه

لقبه بهاء الدولة سنة (388) بالشريف الاجل، وفي سنة (392) بذي ‏المنقبتين، وفي سنة(398) ((4-547)) بالرضي ذي الحسبين، وفي سنة (401) امر ان تكون مخاطباته ومكاتباته ‏بعنوان الشريف الاجل، وهو اول من خوطب بذلك من الحضرة الملوكية.

ان المناصب والولايات كانت متكثرة على عهد سيدنا الشريف من الوزارة التنفيذية‏والتفويضية، والامارة على البلاد بقسميها العامة والخاصة. والعامة بضربيها: استكفاءبعقد عن اختيار، واستيلاء بعقد عن اضطرار. والامارة على جهاد المشركين بقسميها:المقصورة على سياسة الجيش وتدبير الحرب، والمفوض معها الى الامير جميع‏احكامها من قسم الغنائم وعقد الصلح. والامارة على قتال اهل الردة، وقتال اهل‏البغي، وقتال المحاربين، وولاية القضاء وولاية المظالم، وولاية النقابة بقسميها: العامة‏والخاصة، وولاية امامة الصلوات، وامارة الحج، وولاية الدواوين باقسامها، وولاية‏الحسبة، وغيرها من الولايات.

فمنها ما كان يخص بالكتاب والادباء، وآخر بالثقات ورجال العدل والنصفة، وثالث‏بالاماجد والاشراف والمترفين، ورابع باباة الضيم واصحاب البسالة والفروسية،وخامس بذوي الاراء والفكرة القوية والدهاة، وسادس باعاظم العلويين واعيان‏العترة النبوية، وسابع بالفقهاء وائمة العلم والدين.

وهناك ما يخص بجامع تلكم الفضائل، ومجتمع هاتيك المثر كسيدنا الشريف، ذلك‏المثل الاعلى في الفضائل كلها، فعلى الباحث عن مواقفه ومقاماته ونفسياته الكريمة، ان‏يقرا ولو بصورة مصغرة دروس المناصب التي كان يتولاها الشريف، فعندئذ يجدصورة مكبرة تجاه عينيه ممثلة من العلم، والفقه، والحكمة، والثقة، والسداد، والانفة،والفتوة، والهيبة، والعظمة، والجلال، والروعة، والوفاء، وعزة النفس، والراي، والحزم،والعزم، والبسالة، والعفة، والسؤدد، والكرم، والاباء، والغنى عن اي احد، قد حليت بالادب والشعر، ولا يراها الا مثال الشريف الرضي.

تولى الشريف نقابة الطالبيين، وامارة الحاج والنظر في المظالم سنة (380) وهو ابن(21) عاما على عهد الطائع، وصدرت الاوامر بذلك من بهاء الدولة وهو بالبصرة سنة(397)، ثم عهد اليه في (16) محرم سنة (403) بولاية امور الطالبيين في جميع البلاد،فدعي نقيب النقباء ويقال: ان تلك المرتبة لم يبلغها احد من اهل البيت الا الامام‏علي بن موسى الرضا (ع)، الذي كانت له ولاية عهد المامون، واتيحت للشريف‏الخلافة على الحرمين على عهد القادر كما في المجلد الاول من شرح نهج البلاغة لابن‏ابي الحديد ((4-548)) ، وكان هو والولايات كما قيل:

لم تشيد له الولايات مجدا / لا ولا قيل رفعت مقداره

بل كساها وقد تحزمها الدهـ / ـر جلالا وبهجة ونضاره

وذكر تحليل المناصب التي تولاها سيدنا الشريف وشروطها في تليف علماء السلف‏وافردوا فيها كتبا، ونحن ناخذ مختصر ما في الاحكام السلطانية للماوردي، المتوفى سنة(450).

النقابة

النقابة موضوعة على صيانة ذوي الانساب الشريفة عن ولاية من لايكافئهم في‏النسب، ولا يساويهم في الشرف ، ليكون عليهم احنى وامره فيهم امضى، وهي‏على‏ضربين: خاصة وعامة، واما الخاصه فهو ان يقتصر بنظره على مجرد النقابة من‏غير تجاوز لها الى حكم واقامة حد، فلا يكون العلم معتبرا في شروطها، ويلزمه في‏النقابة على اهله من حقوق النظر اثنا عشر حقا:

1 حفظ انسابهم من داخل فيها وليس هو منها، او خارج عنها وهو منها،فيلزمه‏حفظ الخارج منها كما يلزمه حفظ الداخل فيها ، ليكون النسب محفوظا على صحته،معزوا الى جهته.

2 تمييز بطونهم ومعرفة انسابهم ، حتى لا يخفى عليه منهم بنو اب، ولا يتداخل نسب‏في نسب، ويثبتهم في ديوانه على تمييز انسابهم.

3 معرفة من ولد منهم من ذكر او انثى فيثبته، ومعرفة من مات منهم فيذكره، حتى لايضيع نسب المولود ان لم يثبته، ولا يدعي نسب الميت غيره ان لم يذكره.

4 ان ياخذهم من الاداب بما يضاهي شرف انسابهم وكرم محتدهم ، لتكون‏حشمتهم في النفوس موقورة، وحرمة رسول اللّه (ص) فيهم محفوظة.

5 ان ينزههم عن المكاسب الدنيئة، ويمنعهم من المطالب الخبيثة ، حتى لايستقل‏منهم مبتذل، ولا يستضام منهم متذلل.

6 ان يكفهم عن ارتكاب المثم، ويمنعهم من انتهاك المحارم ، ليكونوا على الدين الذي‏نصره اغير، وللمنكر الذي ازالوه انكر ، حتى لا ينطق بذمهم لسان، ولا يشناهم ‏انسان.

7 ان يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم والتشطط عليهم لنسبهم، فيدعوهم ذلك‏الى المقت والبغض، ويبعثهم على المناكرة والبعد، ويندبهم الى استعطاف القلوب‏وتالف النفوس ، ليكون الميل اليهم اوفى، والقلوب لهم اصفى.

8 ان يكون عونا لهم في استيفاء الحقوق حتى لا يضعفوا عنها، وعونا عليهم في اخذالحقوق منهم حتى لا يمنعوا منها ، ليصيروا بالمعونة لهم منتصفين، وبالمعونة عليهم‏ منصفين.

9 ان ينوب عنهم في المطالبة بحقوقهم العامة في سهم ذوي القربى في الفي‏ءوالغنيمة‏الذي لا يخص به احدهم، حتى يقسم بينهم بحسب ما اوجبه اللّه لهم.

10 ان يمنع اياماهم ان يتزوجن الا من الاكفاء لشرفهن على سائر النساء، صيانة‏لانسابهن، وتعظيما لحرمتهن، ان يزوجهن غير الولاة، او ينكحهن غير الكفاة.

11 ان يقوم ذوي الهفوات منهم فيما سوى الحدود بما لا يبلغ به حدا، ولا ينهر ((4-549)) به‏دما، ويقيل ذا الهيئة منهم عثرته، ويغفر بعد الوعظ زلته.

12 مراعاة وقوفهم بحفظ اصولها وتنمية فروعها، واذا لم يرد اليه جبايتها راعى‏الجباة لها فيما اخذوه، وراعى قسمتها اذا قسموه، وميز المستحقين لها اذا خصت،وراعى اوصافهم فيها اذا شرطت ، حتى لا يخرج منهم مستحق، ولا يدخل فيها غيرمحق.

النقابة العامة

فعمومها ان يرد الى النقيب في النقابة عليهم مع ما قدمناه من حقوق النظر خمسة‏اشياء:

1 الحكم بينهم فيما تنازعوا فيه.

2 الولاية على ايتامهم فيما ملكوه.

3 اقامة الحدود عليهم فيما ارتكبوه.

4 تزويج الايامى اللاتي لا يتعين اولياؤهن، او قد تعينوا فعضلوهن.

5 ايقاع الحجر على من عته منهم او سفه، وفكه اذا افاق ورشد. فيصير بهذه الخمسة عام النقابة، فيعتبر حينئذ في صحة نقابته وعقد ولايته ان يكون‏عالما من اهل الاجتهاد، ليصح حكمه، وينفذ قضاؤه.. الى آخر ما في الاحكام‏السلطانية ((4-550)) (ص‏82 86) وهذه النقابة هي التي كانت ولايتها لسيدنا المترجم.

ولاية المظالم، الولاية على الحج

نظر المظالم: هو قود المتظالمين الى التناصف بالرهبة، وزجر المتنازعين عن التجاحدبالهيبة، فكان من شروط الناظر فيها ان يكون جليل القدر، نافذ الامر، عظيم الهيبة،ظاهر العفة، قليل الطمع، كثير الورع ، لانه يحتاج في نظره الى سطوة الحماة، وثبت‏القضاة، فيحتاج الى الجمع بين صفات الفريقين، وان يكون بجلالة القدر نافذ الامر في‏الجهتين، فان كان ممن يملك الامور العامة كالوزراء والامراء، لم يحتج النظر فيهاالى‏تقليد وكان له بعموم ولايته النظر فيها، وان كان ممن لم يفوض اليه عموم النظراحتاج الى تقليد وتولية اذا اجتمعت فيه الشروط المتقدمة، وهذا انما يصح فيمن يجوزان يختار لولاية العهد، او لوزارة التفويض، او لامارة الاقاليم، اذا كان نظره في المظالم‏عاما، فان اقتصر به على تنفيذ ما عجز القضاة عن تنفيذه، وامضاء ما قصرت يدهم‏عن امضائه، جاز ان يكون دون هذه الرتبة في القدر والخطر بعد ان لا تاخذه في الحق‏لومة لائم، ولا يستشفه الطمع الى رشوة.. الى آخر ما في الاحكام‏السلطانية ((4-551)) (ص‏64 82).

الولاية على الحج:

الولاية على الحج ضربان: احدهما: ان تكون على تسيير الحجيج. والثاني: على اقامة الحج. فاما تسيير الحجيج، فهو ولاية سياسة وزعامة وتدبير. والشروط المعتبرة في المولى: ان يكون مطاعا، ذا راي وشجاعة، وهيبة وهداية،والذي عليه في حقوق هذه الولاية عشرة اشياء:

1 جمع الناس في مسيرهم ونزولهم ، حتى لا يتفرقوا فيخاف عليهم ‏التوى ((4-552)) والتغرير.

2 ترتيبهم في المسير والنزول باعطاء كل طائفة منهم مقادا ، حتى يعرف كل فريق‏منهم مقاده اذا سار، ويالف مكانه اذا نزل، فلا يتنازعون فيه ولا يضلون عنه.

3 يرفق بهم في السير، حتى لا يعجز عنه ضعيفهم، ولا يضل عنه منقطعهم، وروي‏عن النبي (ص) انه قال: ((الضعيف امير الرفقة)) . يريد ان من ضعفت دوابه كان على‏القوم ان يسيروا بسيره.

4 ان يسلك بهم اوضح الطرق واخصبها، ويتجنب اجدبها واوعرها.

5 ان يرتاد لهم المياه اذا انقطعت والمراعي اذا قلت.

6 ان يحرسهم اذا نزلوا ويحوطهم اذا رحلوا ، حتى لا يتخطفهم داعر، ولا يطمع فيهم ‏متلصص.

7 ان يمنع عنهم من يصدهم عن المسير، ويدفع عنهم من يحصرهم عن الحج بقتال‏ان قدر عليه، او ببذل مال ان اجاب الحجيج اليه، ولا يسعه ان يجبر احدا على بذل‏الخفارة ان امتنع منها، حتى يكون باذلا لها عفوا ومجيبا اليها طوعا، فان بذل المال على‏التمكين من الحج لا يجب.

8 ان يصلح بين المتشاجرين ويتوسط بين المتنازعين، ولا يتعرض للحكم بينهم‏اجبارا الا ان يفوض الحكم اليه، فيعتبر فيه ان يكون من اهله فيجوز له حينئذالحكم‏بينهم، فان دخلوا بلدا فيه حاكم جاز له ولحاكم البلد ان يحكم بينهم، فايهما حكم نفذ حكمه.

9 ان يقوم زائغهم، ويؤدب خائنهم، ولايتجاوز التعزير الى الحد، الا ان يؤذن له،فيستوفيه ان كان من اهل الاجتهاد فيه.

10 ان يراعي اتساع الوقت حتى يؤمن الفوات ولا يلجئهم ضيقه الى الحث في‏السير، فاذا وصل الى الميقات امهلهم للاحرام واقامة سننه.

واما الولاية على اقامة الحج، فالوالي فيه بمنزلة الامام في اقامة الصلوات، فمن شروط‏الولاية عليه مع الشروط المعتبرة في ائمة الصلوات: ان يكون عالما بمناسك‏الحج‏واحكامه، عارفا بمواقيته واى امه، وتكون مدة ولايته مقدرة بسبعة ايام، اولهامن صلاة الظهر في اليوم السابع من ذي الحجة، وآخرها يوم الثالث عشر من ذي‏الحجة، وعلى الذي يختص بولايته خمسة احكام متفق عليها وسادس مختلف فيه، الا وهي:

1 اشعار الناس بوقت احرامهم والخروج الى مشاعرهم ، ليكونوا له متبعين وبافعاله‏ مقتدين.

2 ترتيبهم للمناسك على ما استقر الشرع عليه لانه متبوع فيها، فلا يقدم‏مؤخراولايؤخر مقدما، سواء كان الترتيب مستحقا او مستحبا.

3 تقدير المواقف بمقامه فيها ومسيره عنها، كما تقدر صلاة المامومين بصلاة الامام.

4 اتباعه في الاركان المشروعة فيها، والتامين على ادعيته بها ليتبعوه في القول كمااتبعوه في العمل.

5 امامتهم في الصلوات. واما السادس المختلف فيه: حكمه بين الحجيج فيما لا يتعلق بالحج، واقامة التعزيروالحد في مثله ((4-553)) . انتهى.

تولى الشريف الرضي هذه الامارة منذ صباه في اكثر ايام حياته، ووزيرا لابيه‏ونائباعنه ومستقلا بها من سنة (380)، وله فيها مواقف عظيمة سجلها التاريخ وابقى ‏له‏ذكرى خالدة. قال ابو القاسم بن فهد الهاشمي في اتحاف الورى باخبار ام القرى ((4-554)) في حوادث سنة(389): حج فيها الشريفان المرتضى والرضي فاعتقلهما في الطريق ابن الجراح الطائي،فاعطياه تسعة آلاف دينار من اموالهما.

ولادته ووفاته

ولد الشريف الرضي ببغداد سنة (359) باطباق من المؤرخين، ونشا بها ((4-555)) وتوفي‏بها يوم الاحد (6) محرم ((4-556)) سنة (406) كما في فهرس النجاشي ((4-557)) ، وتاريخ بغدادللخطيب ((4-558)) ، وعمدة الطالب ((4-559)) ، والخلاصة ((4-560)) ، وغيرها.

فما في شذرات‏الذهب ((4-561)) : انه توفي بكرة‏الخميس، فهو من خطا النساخ،فانه نقله‏عن تاريخ ابن خلكان، وفي التاريخ بكرة يوم الاحد لا الخميس. واما ما في دائرة‏المعارف لفريد وجدي(4/253) من‏انه توفي(404) فاحسبه ماخوذا من شرح نهج‏البلاغة لابن ابي الحديد، او انه خطا من الناسخ، وقد ارخه فريد وجدي صحيحا في‏دائرة المعارف (9/487) ب (6) محرم سنة (406)، وقد رثى الشريف الرضي معاصره اباالحسن احمد بن علي البتي المتوفى سنة (405) في شعبان بقصيدة توجد في‏ديوانه ((4-562)) (1/138)، وقال جامع الديوان: وبعده بشهور توفي الرضي(رضى‏ ا…عنه).

وعند وفاته حضر الى داره الوزير ابو غالب فخر الملك وسائر الوزراء والاعيان‏والاشراف والقضاة حفاة ومشاة، وصلى عليه فخر الملك ودفن في داره الكائنة في‏محلة الكرخ بخط مسجد الانباريين ((4-563)) ، ولم يشهد جنازته اخوه الشريف المرتضى ولم‏يصل عليه، ومضى من جزعه عليه الى « مشهد » الامام موسى بن جعفر (ع)، لانه لم‏يستطع ان ينظر الى تابوته، ومضى فخر الملك بنفسه آخر النهار الى اخيه‏ا لمرتضى ‏بالمشهد الكاظمي فالزمه بالعود الى داره.

ذكر كثير من المؤلفين نقل جثمانه الى كربلاء المشرفة بعد دفنه في داره بالكرخ فدفن‏عند ابيه ابي احمد الحسين بن موسى، ويظهر من التاريخ ان قبره كان في القرون‏الوسط‏ى مشهورا معروفا في الحائر المقدس. قال صاحب عمدة الطالب ((4-564)) : وقبره في كربلاء ظاهر معروف. وقال ((4-565)) في‏ترجمة‏اخيه‏المرتضى: دفن‏عند ابيه‏واخيه، وقبورهم‏ظاهرة مشهورة. وقال الرفاعي المتوفى (885) في صحاح الاخبار (ص‏62): نقل المرتضى الى مشهدالحسين بكربلا كابيه واخيه ودفن هناك، وقبره ظاهر معروف.

وهذا قريب الى الاعتبار، لان بني ابراهيم المجاب قطنوا الحائر المقدس وجاورواالامام السبط سلام اللّه عليه‏ فدفن فيه ابراهيم المذكور بمقربة مما يلي راس قبرالامام (ع) فاتخذ بنوه تربته مدفنا لهم، وكان من قطن منهم بغداد او البصرة كبني‏موسى الابرش ينقل بعد موته الى تربة جده، وقد ثبت ان والد الشريف المترجم نقل‏الى الحائر المقدس قبل دفنه ودفن بها، او دفن في داره اولا ثم نقل الى مشهد الحسين‏كما في المنتظم لابن الجوزي ((4-566)) (7/247)، وصح ايضا نقل جثمان الشريف علم الهدى‏المرتضى الى الحائر بعد دفنه في داره، وكانت تولية تلك التربة المقدسة بيدهم، وماكان يدفن هناك اي احد الا باجازة منهم، كما مر في ترجمة الوزير ابي العباس الضبي‏في هذا الجزء (ص‏106).

وقد رثى الشريف الرضي غير واحد ممن عاصروه، وفي مقدمهم اخوه علم‏ الهدى ‏بقوله:

يا للرجال لفجعة جذمت يدي / ووددت لو ذهبت علي براسي

ما زلت احذر وقعها حتى اتت / فحسوتها في بعض ما انا حاسي

ومطلتها زمنا فلما صممت / لم يجدني مطلي وطول مكاسي

لا تنكروا من فيض دمعي عبرة / فالدمع غير مساعد ومواسي

للّه عمرك من قصير طاهر / ولرب عمر طال‏ب الادناس ((4-567))

وممن رثاه تلميذه في‏الادب مهيار الديلمي المترجم في شعراء القرن الخامس‏ رثاه‏بقصيدتين احداهما ذات (70) بيتا توجد في ديوانه (3/366)، مستهلها:

من جب غارب هاشم وسنامها / ولوى لويا فاستزل مقامها

وغزا قريشا بالبطاح فلفها / بيد وقوض عزها وخيامها

واناخ في مضر بكلكل خسفه / يستام واحتملت له ما سامها

من حل مكة فاستباح حريمها / والبيت يشهد واستحل حرامها

ومضى بيثرب مزعجا ما شاء من / تلك القبور الطاهرات عظامها

يبكي النبي ويستنيح لفاطم / بالطف في ابنائها ايامها

الدين ممنوع الحمى من راعه / والدار عالية البنا، من رامها

اتناكرت ايدي الرجال سيوفها / فاستسلمت ام انكرت اسلامها

ام غال ذا الحسبين حامي ذودها / قدر اراح على الغدو سوامها

وقصيدته الاخرى (40) بيتا توجد في ديوانه (1/249) مطلعها:

اقريش لا لفم اراك ولا يد / فتواكلي غاض الندى وخلا الندي

ولشهرة القصيدتين ووجودهما في غير واحد من الكتب والمعاجم فضلا عن ديوان ‏مهيار، ضربنا عنهما صفحا.

ومن نماذج شعر الشريف الرضي في المذهب قوله يفتخر باهل البيت ويذكر قبورهم ‏ويتشوق اليها:

الا للّه بادرة الطلاب / وعزم لا يروع بالعتاب

وكل مشمر البردين يهوي / هوي المصلتات الى الرقاب

اعاتبه على بعد التنائي / ويعذلني على قرب الاياب

رايت العجز يخضع لليالي / ويرضى عن نوائبها الغضاب

ولولا صولة الايام دوني / هجمت على العلى من كل باب

ومن شيم الفتى العربي فينا / وصال البيض والخيل العراب

له كذب الوعيد من الاعادي / ومن عاداته صدق الضراب

سادرع الصوارم والعوالي / وما عريت من خلع الشباب

واشتمل الدجى والركب يمضي / مضاء السيف شذ عن القراب

وكم ليل عبات له المطايا / ونار الحي حائرة الشهاب

لقيت الارض شاحبة المحيا / تلاعب بالضراغم والذئاب

فزعت الى الشحوب وكنت طلقا / كما فزع المشيب الى الخضاب

ولم نر مثل مبيض النواحي / تعذبه بمسود الاهاب

ابيت مضاجعا املي واني / ارى الامال اشقى للركاب

اذا ما الياس خيبنا رجونا / فشجعنا الرجاء على الطلاب

اقول اذا استطار من السواري‏ / زفون القطر رقاص الحباب ((4-568))

كان الجو غص به فاوما / ليقذفه على قمم الشعاب

جدير ان تصافحه الفيافي / ويسحب فوقها عذب الرباب ((4-569))

اذا هتم التلاع رايت منه / رضابا في ثنيات الهضاب ((4-570))

سقى اللّه المدينة من محل / لباب الماء والنطف العذاب

وجاد على البقيع وساكنيه / رخي الذيل ملان الوطاب

واعلام الغري وما استباحت / معالمها من الحسب اللباب

وقبرا بالطفوف يضم شلوا / قضى ظما الى برد الشراب

وبغداد وسامرا وطوس / هطول الودق منخرق العباب

قبور تنطف العبرات فيها / كما نطف الصبير على ‏الروابي ((4-571))

فلو بخل السحاب على ثراها / لذابت فوقها قطع السراب

سقاك فكم ظمئت اليك شوقا / على عدواء داري واقترابي

تجافي يا جنوب الريح عني / وصوني فضل بردك عن جنابي

ولا تسري الي مع الليالي / وما استحقبت من ذاك التراب ((4-572))

قليل ان تقاد له الغوادي / وتنحر فيه اعناق السحاب ((4-573))

اما شرق التراب بساكنيه / فيلفظهم الى النعم الرغاب

فكم غدت الضغائن وهي سكرى / تدير عليهم كاس المصاب

صلاة اللّه تخفق كل يوم / على تلك المعالم والقباب

واني لا ازال اكر عزمي / وان قلت مساعدة الصحاب

واخترق الرياح الى نسيم / تطلع من تراب ابي تراب

بودي ان تطاوعني الليالي / وينشب في المنى ظفري ونابي

فارمي العيس نحوكم سهاما / تغلغل بين احشاء الروابي

ترامى باللغام على طلاها / كما انحدر الغثاء عن‏ العقاب ((4-574))

واجنب بينها خرق المذاكي / فاملي باللغام على ‏اللغاب ((4-575))

لعلي ان ابل بكم غليلا / تغلغل بين قلبي والحجاب

فما لقياكم الا دليل / على كنز الغنيمة والثواب

ولي قبران بالزوراء اشفي / بقربهما نزاعي واكتئابي

اقود اليهما نفسي واهدي / سلاما لا يحيد عن الجواب

لقاؤهما يطهر من جناني / ويدرا عن ردائي كل عاب

قسيم النار جدي يوم يلقى ((4-576)) / به باب النجاة من العذاب

وساقي الخلق والمهجات حرى / وفاتحة الصراط الى الحساب

ومن سمحت بخاتمه يمين ((4-577)) / تضن بكل عالية الكعاب

اما في باب خيبر معجزات / تصدق او مناجاة‏الحباب ((4-578))

ارادت كيده واللّه يابى / فجاء النصر من قبل ‏الغراب ((4-579))

اهذا البدر يكسف بالدياجي / وهذي الشمس تطمس بالضباب

وكان اذا استطال عليه جان / يرى ترك العقاب من العقاب

ارى شعبان يذكرني اشتياقي / فمن لي ان يذكركم ثوابي

بكم في الشعر فخري لا بشعري / وعنكم طال باعي في الخطاب

اجل عن القبائح غير اني / لكم ارمي وارمى بالسباب

فاجهر بالولاء ولا اوري / وانطق بالبراء ولا احابي

ومن اولى بكم مني وليا / وفي ايديكم طرف انتسابي

محبكم ولو بغضت حياتي / وزائركم ولو عقرت ركابي

تباعد بيننا غير الليالي / ومرجعنا الى النسب‏ القراب ((4-580))

وقال يرثي الامام السبط المفدى الحسين بن علي (ع) في يوم عاشوراء سنة (391)

هذي المنازل بالغميم فنادها / واسكب سخي العين بعد جمادها

ان كان دين للمعالم فاقضه / او مهجة عند الطلول ففادها

ياهل تبل من الغليل اليهم / اشرافة للركب فوق نجادها

نؤي كمنعطف الحنية دونه / سحم الخدود لهن ارث رمادها

ومناط اطناب ومقعد فتية / تخبو زناد الحي غير زنادها

ومجر ارسان الجياد لغلمة / سجفوا البيوت بشقرها وورادها

ولقد حبست على الديار عصابة / مضمومة الايدي الى اكبادها

حسرى تجاوب بالبكاء عيونها / وتعط بالزفرات في ابرادها

وقفوا بها حتى كان مطيهم / كانت قوائمهن من اوتادها

ثم انثنت والدمع ماء مزادها / ولواعج الاشجان من ازوادها

من كل مشتمل حمائل رنة / قطر المدامع من حلي نجادها

حيتك بل حيت طلوعك ديمة / يشفي سقيم الربع نفث عهادها

وغدت عليك من الخمائل يمنة / تستام نافقة على‏ روادها ((4-581))

هل تطلبون من النواظر بعدكم / شيئا سوى عبراتها وسهادها

لم يبق ذخر للمدامع عنكم / كلا ولا عين جرى لرقادها

شغل الدموع عن الديار بكاؤنا / لبكاء فاطمة على اولادها

لم يخلفوها في‏ الشهيد وقد راى دفع الفرات يذاد عن اورادها ((4-582))

اترى درت ان الحسين طريدة / لقنا بني الطرداء عند ولادها

كانت متم بالعراق تعدها / اموية بالشام من اعيادها

ما راقبت غضب النبي وقد غدا / زرع النبي مظنة لحصادها

باعت بصائر دينها بضلالها / وشرت معاطب غيها برشادها

جعلت رسول اللّه من خصمائها / فلبئس ما ذخرت ليوم معادها

نسل النبي على صعاب مطيها / ودم النبي على رؤوس صعادها

والهفتاه لعصبة علوية / تبعت امية بعد عز قيادها

جعلت عران الذل في آنافها / وعلاط وسم الضيم في اجيادها ((4-583))

زعمت بان الدين سوغ قتلها / اوليس هذا الدين عن اجدادها

طلبت تراث الجاهلية عندها / وشفت قديم الغل من احقادها

واستاثرت بالامر عن غيابها / وقضت بما شاءت على شهادها

اللّه سابقكم الى ارواحها / وكسبتم الاثام في اجسادها

ان قوضت تلك القباب فانما / خرت عماد الدين قبل عمادها

ان الخلافة اصبحت مزوية / عن شعبها ببياضها وسوادها

طمست منابرها علوج امية / تنزو ذئابهم على اعوادها

هي صفوة اللّه التي اوحى لها / وقضى اوامره الى امجادها

اخذت باطراف الفخار فعاذر / ان يصبح الثقلان من حسادها

الزهد والاحلام في فتاكها / والفتك لولا اللّه في زهادها

عصب يقمط بالنجاد وليدها / ومهود صبيتها ظهور جيادها

تروي مناقب فضلها اعداؤها / ابدا وتسنده الى اضدادها

يا غيرة اللّه اغضبي لنبيه / وتزحزحي بالبيض عن اغمادها

من عصبة ضاعت دماء محمد / وبنيه بين يزيدها وزيادها

صفدات مال اللّه مل‏ء اكفها / واكف آل اللّه في اصفادها ((4-584))

ضربوا بسيف محمد ابناءه / ضرب الغرائب عدن بعد ذيادها

قد قلت للركب الطلاح كانهم / ربد النسور على ذرى‏ اطوادها ((4-585))

يحدو بعوج كالحني اطاعه / معتاصها فطغى على منقادها ((4-586))

حتى تخيل من هباب رقابها / اعناقها في السير من اعدادها ((4-587))

قف بي ولو لوث الازار فانما / هي مهجة علق الجوى‏ بفؤادها ((4-588))

بالطف حيث غدا مراق دمائها / ومناخ اينقها ليوم جلادها

القفر من ارواقها والطير من طرا / قها والوحش من عوادها

تجري لها حبب الدموع وانما / حب القلوب يكن من امدادها

يا يوم عاشوراء كم لك لوعة / تترقص الاحشاء من ايقادها

ما عدت الا عاد قلبي غلة / حرى ولو بالغت في ابرادها

مثل السليم مضيضة آناؤه / خزر العيون تعوده بعدادها

يا جد لا زالت كتائب حسرة / تغشى الضمير بكرها وطرادها

ابدا عليك وادمع مسفوحة / ان لم يراوحها البكاء يغادها

هذا الثناء وما بلغت وانما / هي حلبة خلعوا عذار جوادها

ااقول جادكم الربيع وانتم / في كل منزلة ربيع بلادها

ام استزيد لكم على بمدائحي / اين الجبال من الربى ووهادها

كيف الثناء على النجوم اذا سمت / فوق العيون الى مدى ابعادها

اغنى طلوع الشمس عن اوصافها / بجلالها وضيائها وبعادها ((4-589))

وقال يرثي جده الامام السبط الشهيد في عاشوراء سنة (377):

صاحت بذودي بغداد فنسني / تقلبي في ظهور الخيل والعير

وكلما هجهجت بي عن منازلها / عارضتها بجنان غير مذعور

اطغى على قاطنيها غير مكترث / وافعل الفعل فيها غير مامور

خطب يهددني بالبعد عن وطني / وما خلقت لغير السرج والكور

اني وان سامني ما لا اقاومه / فقد نجوت وقدحي غير مقمور

عجلان البس وجهي كل داجية / والبر عريان من ظبي ويعفور

ورب قائلة والهم يتحفني / بناظر من نطاف الدمع ممطور

خفض عليك فللاحزان آونة / وما المقيم على حزن بمعذور

فقلت هيهات فات السمع لائمه / لايفهم الحزن الا يوم عاشور

يوم حدا الظعن فيه بابن فاطمة / سنان مطرد الكعبين مطرور ((4-590))

وخر للموت لا كف تقلبه / الا بوط‏ء من الجرد المحاضير

ظمن سلى نجيع الطعن غلته / عن بارد من عباب الماء مقرور ((4-591))

كان بيض المواضي وهي تنهبه / نار تحكم في جسم من النور

للّه ملقى على الرمضاء عض به / فم الردى بين اقدام وتشمير

تحنو عليه الربى ظلا وتستره / عن النواظر اذيال الاعاصير ((4-592))

تهابه الوحش ان تدنو لمصرعه / وقد اقام ثلاثا غير مقبور

ومورد غمرات الضرب غرته / جرت اليه المنايا بالمصادير

ومستطيل على الازمان يقدرها / جنى الزمان عليها بالمقادير

اغرى به ابن زياد لؤم عنصره / وسعيه ليزيد غير مشكور

وود ان يتلافى ما جنت يده / وكان ذلك كسرا غير مجبور

تسبى بنات رسول اللّه بينهم / والدين غض المبادي غير مستور

ان يظفر الموت منا بابن منجبة / فطالما عاد ريان الاظافير

يلقى القنا بجبين شان صفحته / وقع القنا بين تضميخ وتعفير

من بعد مارد اطراف الرماح به / قلب فسيح وراي غير محصور

والنقع يسحب من اذياله وله / على الغزالة جيب غير مزرور

في فيلق شرق بالبيض تحسبه / برقا تدلى على الاكام والقور ((4-593))

بني امية ما الاسياف نائمة / عن شاهر في اقاصي الارض موتور

والبارقات تلوى في مغامدها / والسابقات تمط‏ى في المضامير

اني لارقب يوما لا خفاء له / عريان يقلق منه كل مغرور

وللصوارم ما شاءت مضاربها / من الرقاب شراب غير منزور

اكل يوم لال المصطفى قمر / يهوي بوقع العوالي والمباتير

وكل يوم لهم بيضاء صافية / يشوبها الدهر من رنق وتكدير

مغوار قوم يروع الموت من يده / امسى واصبح نهبا للمغاوير

وابيض الوجه مشهور تغطرفه / مضى بيوم من الايام مشهور

مالي تعجبت من همي ونفرته / والحزن جرح بقلبي غير مسبور

باي طرف ارى العلياء ان نضبت / عيني ولجلجت عنها بالمعاذير

القى الزمان بكلم غير مندمل / عمر الزمان وقلب غير مسرور

ياجد لا زال لي هم يحرضني / على الدموع ووجد غير مقهور

والدمع تحفزه عين مؤرقة / حفز الحنية عن نزع وتوتير

ان السلو لمحظور على كبدي / وما السلو على قلب بمحظور ((4-594))

وقال يرثي سيدنا الامام الشهيد في يوم عاشوراء سنة (387):

راحل انت والليالي نزول / ومضر بك البقاء الطويل

لا شجاع يبقى فيعتنق الـ / ـبيض ولا آمل ولا مامول

غاية الناس في‏الزمان فناء / وكذا غاية الغصون الذبول

انما المرء للمنية مخبوء وللـ / ـطعن تستجم الخيول

من مقيل بين الضلوع الى طـ / ـول عناء وفي ‏التراب مقيل ((4-595))

فهو كالغيم الفته جنوب / يوم دجن ومزقته‏ قبول ((4-596))

عادة للزمان في كل يوم / يتناءى خل وتبكي طلول

فالليالي عون عليك مع البـ / ـين كما ساعد الذوابل طول

ربما وافق الفتى من زمان / فرح غيره به متبول ((4-597))

هي دنيا ان واصلت / ذا جفت هذا ملالا كانها عطبول ((4-598))

كل باك يبكى عليه وان / طال بقاء والثاكل المثكول

والاماني حسرة وعناء / للذي ظن انها تعليل

ما يبالي الحمام اين ترقى / بعد ما غالت ابن فاطم غول

اي يوم ادمى المدامع فيه / حادث رائع وخطب جليل

يوم عاشوراء الذي لا اعـ / ـان ال صحب فيه ولا اجار القبيل

يا ابن بنت الرسول ضيعت العهـ / ـد رجال والحافظون قليل

ما اطاعوا النبي فيك وقد ما / لت بارماحهم اليك الذحول ((4-599))

واحالوا على المقادير في حربـ / ـك لو ان عذرهم مقبول

واستقالوا من بعد ما اجلبوا / في ها االان ايها المستقيل

ان امرا قنعت من دونه السيـ / ـف لمن حازه لمرعى وبيل

يا حساما فلت مضاربه الهـ / ـا م وقد فله الحسام الصقيل

يا جوادا ادمى الجواد من الطـ / ـعن وولى ونحره مبلول

حجل الخيل من دماء الاعادي / يوم يبدو طعن وتخفى حجول

يوم طاحت ايدي‏السوابق في النقع / وفاض‏الونى وغاض الصهيل

اتراني اعير وجهي صونا / وعلى وجهه تجول الخيول

اتراني الذ ماء ولما / يرو من مهجة الامام الغليل

قبلته الرماح وانتضلت فيه المنا / يا وعانقته النصول

والسبايا على النجائب تستاق / وقد نالت الجيوب الذيول

من قلوب يدمى بها ناظر الوجد / ومن ادمع مراها الهمول ((4-600))

قد سلبن القناع عن كل وجه / فيه للصون من قناع بديل

وتنقبن بالانامل والدمـ / ـع على كل ذي نقاب دليل

وتشاكين والشكاة بكاء / وتنادين والنداء عويل

لا يغب الحادي العنيف ولا يفتر / عن رنة العديل العديل

يا غريب الديار صبري غريب / وقتيل الاعداء نومي قتيل

بي نزاع يطغى اليك وشوق / وغرام وزفرة وعويل

ليت اني ضجيع قبرك او / ان ثراه بمدمعي مطلول

لا اغب الطفوف في كل يوم / من طراق الانواء غيث هطول

مطر ناعم وريح شمال / ونسيم غض وظل ظليل

يا بني احمد الى كم سناني / غائب عن طعانه ممطول

وجيادي مربوطة والمطايا / ومقامي يروع عنه الدخيل

كم الى كم تعلو الطغاة / وكم يح كم في كل فاضل مفضول

قد اذاع الغليل قلبي ولكن / غير بدع ان استطب العليل

ليت اني ابقى فامترق الناس / وفي الكف صارم مسلول

واجر القنا لثارات يوم الطف / ‏يستلحق الرعيل الرعيل

صبغ القلب حبكم صبغة الشيب / وشيبي لولا الردى لا يحول

انا مولاكم وان كنت منكم / والدي حيدر وامي البتول

واذا الناس ادركوا غاية الفخر / شهم من قال جدي الرسول ((4-601))

يفرح الناس بي لاني فضل / والانام الذي اراه فضول

فهم بين منشد ما اقفيه سرو / را وسامع ما اقول

ليت شعري من لائمي في مقا / ل ترتضيه خواطر وعقول

اترك الشي‏ء عاذري فيه كل الناس / من اجل ان لحاني عذول

هو سؤلي ان اسعد اللّه جدي / ومعالي الامور للذمر ((4-602)) سول ((4-603))

(37) ابو محمد الصوري

المولود حدود (339)

المتوفى (419)

ولاؤك خير ما تحت الضمير / وانفس ما تمكن في الصدور

وها انا بت احسس منه نارا / امت بحرها نار السعير

ابا حسن تبين غدر قوم / لعهد اللّه من عهد الغدير

وقد قام النبي بهم خطيبا / فدل المؤمنين على الامير

اشار اليه فيه بكل معنى / بنوه على مخالفة المشير

فكم من حاضر فيهم بقلب / يخالفه على ذاك الحضور

طوى يوم الغدير لهم حقودا / انال بنشرها يوم الغدير

فيا لك منه يوما جر قوما / الى يوم عبوس قمطرير

لامر سولته لهم نفوس / وغرتهم به دار الغرور

ولست من الكثير فيطمئنوا /لّه يعفو عن كثير ((4-604))

وله في اهل البيت (ع):

عيون منعن الرقاد العيونا / جعلن لكل فؤاد فتونا

فكن المنى لجميع الورى / وكن لمن رامهن المنونا

وقلب تقلبه الحادثات / على ما تشاء شمالا يمينا

يصون هواه عن العالمين / ومدمعه يستذل المصونا

فما لي وكتمان داء الهوى / وقد كان ما خفته ان يكونا

وكان ابتداء الهوى بي مجو / نا فلما تمكن امسى جنونا

وكنت اظن الهوى هينا / فلاقيت منه عذابا مهينا

فلو كنت شاهد يوم الوداع / رايت جفونا تناجي جفونا

فهل ترك البين من ارتجيه / من الاولين او الاخرينا

سوى حب آل نبي الهدى / فحبهم امل الاملينا

هم عدتي لوفاتي هم / نجاتي هم الفوز للفائزينا

هم مورد الحوض للواردين / وهم عروة اللّه للواثقينا

هم عون من طلب الصالحات / فكن بمحبتهم مستعينا

هم حجة اللّه في ارضه / وان جحد الحجة الجاحدونا

هم الناطقون هم الصادقون / وانتم بتكذيبهم كاذبونا

هم الوارثون علوم النبي / فما بالكم لهم وارثونا

حقدتم عليهم حقودا مضت / وانتم باسيافهم مسلمونا

جحدتم موالاة مولاكم / ويوم الغدير بها مؤمنونا

وانتم بما قاله المصطفى / وما نص من فضله عارفونا

وقلتم رضينا بما قلته / وقالت نفوسكم ما رضينا

فايكم كان اولى بها / واثبت امرا من الطيبينا

وايكم كان بعد النبي وصيا / ومن كان فيكم امينا

وايكم نام في فرشه / وانتم لمهجته طالبونا

ومن شارك الطهر في طائر / وانتم بذاك له شاهدونا

لحا اللّه قوما راوا رشدكم / مبينا فضلوا ضلالا مبينا ((4-605))

وله في اهل البيت (ع):

ما طول الليل القصيرا / ونهى الكواكب ان تغورا

الا وفي يده عزيما / ت يحل بها الامورا

ذو مقلة لا تستقل / ضنى وان اضنت كثيرا

ليست تفتر عن دمي / وترى بها ابدا فتورا

وترى بها ضعفا يـ / ـريك المستجار المستجيرا

فيما ينازعني عذولا / او يسامحني عذيرا

اترى بوادر فتنتي / فيما ترى الا بدورا

لو شاء لاختصر الغرام / بها من اختصر الخصورا

ولقد لبست ثياب نفسـ / ـك مالكا او مستعيرا

وتمثل الشيطان لي / ليغرني رشا غريرا

فخلعتها ولبست ثوب / الفتك سحابا جرورا

ما شئت فاقلع عنه / واس تغفر تجد ربا غفورا

ما لم يكن من معشر / غدروا وقد شهدوا الغديرا

وتمروا ما بينهم /ان ينصبوا فيها اميرا

من كل صدر موغر / ملات ضغائنه الصدورا

مترشح للملك قد / نصبت سريرته السريرا

وتوارثوها ليس تخر / ج عنهم شبرا قصيرا

هذا الى ان قام قا ئم آ / ل احمد مستثيرا

وتسلم الاسلام اقتم / مظلما فكساه نورا ((4-606))

وله في اهل البيت (ع):

نكرت معرفتي لما حكم / حاكم الحب عليها لي بدم

فبدت من ناظريها نظرة / ادخلتها في دمي تحت التهم

وتمكنت فاضنيت ضنى / كان بي منها واسقمت سقم

وصبت بعد اجتناب صبوة / بدلت من قولها لا بنعم

وفقدت الوجد فيها والاسى / فتالمت لفقدان الالم

ما لعيني وفؤادي كلما / كتمت باح وان باحت كتم

طال بي خلفهما فاتفقت / لي هموم في الرزايا وهمم

ورزايا المصطفى في اهله / فاتحات للرزايا وختم

يا بني الزهراء ماذا اكتسبت / فيكم الايام من عتب وذم

يا طوافا طاف طوفان به / وحطيما بقنا الخط حطم

اي عهد يرتجى الحفظ له / بعد عهد اللّه فيكم والذمم

لا تسليت وانوار لكم / غشيتها من بني حرب ظلم

ركبوا بحر ضلال سلموا / فيه والاسلام فيهم ما سلم

ثم صارت سنة جارية / كل من امكنه الظلم ظلم

وعجيب ان حقا بكم / قام في الناس وفيكم لم يقم

والولا فهو لمن كان على / قول عبد المحسن الصوري قسم

وابيكم والذي وصى به / لابيكم جدكم في يوم خم

لقد احتج على امته / بالذي نالكم باقي ‏الامم ((4-607))

الشاعر

ابو محمد عبدالمحسن بن محمد بن احمد بن غالب ((4-608)) بن غلبون الصوري، من حسنات‏القرن الرابع ونوابغ رجالاته، وقد مد له البقاء الى اوليات القرن الخامس، جمع شعره‏بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى، كما انه لا تعدوه رقة الغزل وشدة الجدل، فهو عندالحجاج يدلي بحجته القويمة،وعند الوصف لا ياتي الا بصورة كريمة، وديوان شعره‏المحتوي على خمسة آلاف بيت تقريبا، الحافل بالرقائق والحقائق يتكفل البرهنة‏على‏هذه الدعاوى، وهو نص في تشيعه كما عده ابن شهرآشوب ((4-609)) من شعراء اهل‏البيت المجاهرين، وما ذكرناه من شعره يمثل روحه المذهبية، ونزعته الطائفية الحميدة،وتعصبه لال البيت النبوي، واعترافه بحقهم الثابت، ونبذه ما وراء ذلك نبذا لا مرتجع‏اليه، وفي ديوانه غير ما ذكرناه‏ شواهد وتلويحات لطيفة، نحو قوله في صبي اسمه عمر:

نادمني من وجهه روضة / مشرقة يمرح فيه النظر

فانظر معي تنظر الى معجز / سيف علي بين جفني عمر

وقد ترجمه ابن ابي شبانة في تكملة امل الامل، وهو لا يترجم الا المتمسك‏بحجزة ((4-610)) اهل البيت الطاهر، وترجمه الثعالبي في يتيمة الدهر ((4-611)) (1/257) وذكر من‏شعره (225) بيتا، واثنى عليه وانتخب من ديوانه ابياتا في تتميم يتيمته ((4-612)) (1/35)،وعقد ابن خلكان ((4-613)) له ترجمة ضافية، اطراه ووصف شعره في (1/334)، وقال:توفي يوم الاحد تاسع شوال سنة تسع عشرة واربعمائة وعمره ثمانون او اكثر،وذكره ابن كثير في تاريخه ((4-614)) (12/25). ومن شعره في اهل البيت (ع):

توق اذا ما حرمة العدل جلت / ملامي لتقضي صبوتي ما تمنت

اغرك ان لم تستفزك لوعة / بقلبي ولا استبكاك بين بمقلتي

لك الخير هذا حين شئت تلومني / لجاجا فالا لمت ايام شرتي

غداة اجيب العيس اذ هي حنت / واحدو اذا ورق الحمائم غنت

وانتهب الايام حتى كانني / ادافع من بعد الحلول منيتي

واستصغر البلوى لمن عرف الهوى / واستكثر الشكوى وان هي قلت

اطيل وقوفي في الطلول كانني / احاول منها ان ترد تحيتي

ليالي القى كل مهضومة الحشا / اذا عدلت في ما جناه تجنت

اصد فيدعوني الى الوصل طرفها / وان انا سارعت الاجابة صدت

وان قلت سقمي وكلت سقم طرفها / بابطال قولي او بادحاض حجتي

وان سمعت وانار قلبي شناعة / عليها اجابتني بوانار وجنتي

واصرف همي عن هواها بهمتي / عزوفا فتثنيني اذا ما تثنت

وانشد بين البين والهجر مهجتي / ولم ادر في اي السبيلين ضلت

وما احسب الايام ايام هجرها / تطاولني الا لتقصر مدتي

دعوا الامة اللاتي استحلت دمي تكن / مع الامة اللاتي بغت فاستحلت

فما يقتدى الا بها في اغتصابها / ولا اقتدي الا بصبر ائمتي

اليس بنو الزهراء ادهى رزية / عليكم اذا فكرتم في رزيتي

حماتي اذا لانت قناتي وعدتي / اذا لم تكن لي عدة عند شدتي

اقامت لحرب اللّه حزب امية / اذا هي ضلت عن سبيل اضلت

قلوب على الدين العتيق تالفت / لهم ومن الحقد القديم استملت

بماذا ترى تحتج يا آل احمد / على احمد فيكم اذا مااستعدت

واشهر ما يروونه عنه قوله / تركت كتاب اللّه فيكم وعترتي

ولكن دنياهم سعت فسعوا لها / فتلك التي فلت ضميرا عن التي ((4-615))

وله في اهل البيت سلام اللّه عليهم:

اصبحوا يفرقون من افراقي / فاستغاثوا في نكستي بالفراق

ما صبرتم لقد بخلتم على المدنف / حقا حتى بطول السياق

راحة ما اعتمدتموها بقتلي / رب خير اتى بغير اتفاق

سوف امضي وتلحقون ولا علم / لكم ما يكون بعد اللحاق

حيث لا يجمع القضية من يجمع / بين الخصمين ماض وباق

ما لهم لا خلقت فيهم فما اغفل / قومي عن الدم المهراق

رب ظهر قلبته مثل ما يقلب / ظهر المجن للارشاق

بعدما قادني فلم ادر حتى / صرت ما بين ملتقى الاحداق

واراني اسير عينيك منهن / فماذا تراه في اطلاقي

مسة من هواك بي لا من الجن / فهل من معزم او راق

غير ان يبرد احتراقي بوصل / او بوعد او ان يبل اشتياقي

او يعيد الكرى كما كان / لا يو حشني من خيالك الطراق

ما لنومي كانه كان في / اول دمعي جرى من الاماق

غير مسترجع فيرجى وهل تر / جع للعين ادمع في سباق

بابي شادن توثقت بالايما / ن منه من قبل شد وثاقي

فهو الا يكن لحرب فحرب / علمته خيانة الميثاق

نفر من امية نفر الا / سلام من بينهم نفور اباق

انفقوا في النفاق ما غصبوه / فاستقام النفاق بالانفاق

وهي دار الغرور قصر باللو / م فيها تطاول العشاق

واراها لا تستقيم لذي الزهـ / ـد اذا المال مال بالاعناق

فلهذا ابناء احمد ابناء علي / طرائد الافاق

فقراء الحجاز بعد الغنى الاكبر / اسرى الشم قتلى العراق

جانبتهم جوانب الارض حتى / خلت ان السماء ذات انطباق

ان اقصر يا آل احمد او اغر / ق كان التقصير كالاغراق

لست في وصفكم بهذا وهذا / لاحقا غير ان تروا الحاقي

ان اهل السماء فيكم واهل الا / رض ما دامتا لاهل افتراق

عرفت فضلكم ملائكة الله / فدانت وقومكم في شقاق

يستحقون حقكم زعموا ذلك / سحقا لهم من استحقاق

وارى بعضهم يبايع بعضا / بانتظام من ظلمكم واتساق

واستثاروا السيوف فيكم فقمنا / نستثير الاقلام في الاوراق

اي غبن لولا القيامة والمر / جو فيها من قدرة الخلاق

فكاني بهم يودون لو ان الخـ / ـوالي من الليالي البواقي

ليتوبوا اذا يذادون عن اكر / م حوض عليه اكرم ساق

واذا ما التقوا تقاسمت النار / عليا بالعدل يوم التلاق

قيل هذا بما كفرتم فذوقوا / ما كسبتم يا بؤس ذاك المذاق ((4-616))

وقال في يوم عاشوراء يمدح الامام الحاكم بامر اللّه:

خلا طرفه بالسقم دوني يلازمه / الى ان رمى سهما فصرت اساهمه

فاصبح بي ما لست ادري امثله / بجفنيه ام لا يعدل السقم قاسمه

لئن كان اخفى الصدر صدا من الجوى / ففي العين عنواناته وتراجمه

ولم يخفه ان الهوى خف حمله / ولكن لان اللوم ليس يلائمه

ويا رب ليل قصر الذكر طوله / فما طلعت حتى تجلت غمائمه

وما نمت فيه غير ان لو سالتني / من الشغل عنه قلت ما قال نائمه

ولكنه القى على الصبح لونه / فوالاه يوم شاحب الوجه ساحمه

كما جاء يوم في المحرم واحد / خبا نوره لما استحلت محارمه

طغت عبد شمس فاستقل محلقا / الى الشمس من طغيانها متراكمه

فمن مبلغ عني امية انني / هتفت بما قد كنت عنها اكاتمه

مضت اعصر معوجة باعوجاجكم / فلا تنكروا ان قوم الدهر قائمه

وجدد عهد المصطفى بعض اهله / وحكم في الدين الحنيفي حاكمه

فيا ايها الباكون مصرع جده / دعوا جده تبكي عليه صوارمه

الا ايها الثكلى التي من دموعها / اذا هي حنت من قتيل جماجمه

لقد خسر الدارين من صد وجهه / فلا انت مبقيه ولا اللّه راحمه

حريصا على نار الجحيم كانه / يخاف على ابوابها من يزاحمه

الى من تراه فوض الامر غيركم / اذا انتم اركانه ودعائمه

فيا لك منها دولة علوية / تبدت بسعد حاكم الدهر خاتمه ((4-617))

وله قوله:

بالذي الهم تعذي بي ثناياك العذابا / والذي البس خدي ك من الورد نقابا

والذي اودع في في ك من الشهد شرابا / والذي صير حظ‏ي منك هجرا واجتنابا

ما الذي قالته عينا ك لقلبي فاجابا / والذي قالته للدم ع فواراها انصبابا

ياغزالا صاد باللح ظفؤادا فاصابا / عمرك اللّه بصب لا يرى الا مصابا

هذه الابيات توجد في ديوان المترجم ((4-618)) ، فنسبتها الى الصنوبري كما في كشكول‏البهائي ((4-619)) (1/23) في غير محله، واخذ البهائي ((4-620)) منها قوله:

يا بدر دجى فراقه القلب اذاب / مذ ودعني فغاب صبري اذ غاب

باللّه عليك اي شي‏ء قالت / عيناك لقلبي المعنى فاجاب

وللمترجم الصوري:

(سفرن بدورا وانتقبن اهلة / ومسن غصونا والتفتن‏ جذرا) ((4-621))

وابدين اطراف الشعور تسترا / فاغدرت الدنيا علينا غدائرا

وربتما اطلعن والليل مقبل / وجوه شموس توقف الليل حائرا

فهن اذا ما شئن امسين او اذا / تعرض ان يصبحن كن قوادرا ((4-622))

وقال يرثي شيخ الامة ابن المعلم ابا عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفى (413):

تبارك من عم الانام بفضله / وبالموت بين الخلق ساوى بعدله

مضى مستقلا بالعلوم‏ محمد / وهيهات ياتينا الزمان‏ بمثله ((4-623))

جاء في بدائع البدائه ((4-624)) باسناده عن بكار بن علي الرياحي انه قال: لما وصل عبدالمحسن الصوري الى دمشق جاءني المجدي الشاعر فعرفني به، وقال: هل‏لك ان نمضي اليه ونسلم عليه ؟ فاجبت، وقمت معه حتى اتينا الى منزله، وكان ينزل‏دائما اذا قدم في سوق القمح، وكان بين يديه دكان قطان وفيها رجل اعمى، فوقفت به‏عجوز كبيرة فكلمها بشي‏ء وهي منصتة له، فقال المجدي في الحال: منصتة تسمع ما يقول

فقال عبد المحسن في الحال: كالخلد ((4-625)) لما قابلته الغول

فقال له المجدي: احسنت واللّه يا ابا محمد اتيت بتشبيهين في نصف بيت اعيذك باللّه. انتهى.

ومن لطيف قول الصوري ما قاله وقد استعير منه كتاب وحبس عليه، كما يوجد في ‏ديوانه ((4-626)) :

ماذا جناه كتابي فاستحق به / سجنا طويلا وتغييبا عن الناس

فاطلقه نساله عما كان حل به / في طول سجنك من ضر ومن باس

كتب الشاعر المفلق احمد بن سلمان الفجري الى عبدالمحسن الصوري:

اعبد المحسن الصوري لم قد / جثمت جثوم منهاض كسير

فان قلت العبالة اقعدتني / على مضض وعاقت عن مسيري ((4-627))

فهذا البحر يحمل هضب رضوى / ويستثني بركن من ثبير

وان حاولت سير البر يوما / فلست بمثقل ظهر البعير

اذا استحلى اخوك قلاك يوما / فمثل اخيك موجود النظير

تحرك عل ان تلقى كريما / تزول بقربه احن الصدور

فما كل البرية من تراه / ولا كل البلاد بلاد صور

فاجابه عبدالمحسن:

جزاك اللّه عن ذا النصح خيرا / ولكن جاء في الزمن الاخير

وقد حدت لي السبعون حدا / نهى عما امرت من المسير

ومذ صارت نفوس الناس حولي / قصارا عذت بالامل القصير ((4-628))

وقال في صبي اسمه مقاتل وله فيه شعر كثير:

تعلمت وجنته رقية / لعقرب الصدغ فما تلسع

صمت عن العاذل في حبه / اذني فما لي مسمع يسمع

ودعته والدمع في مقلتي / في عبرتي مستعجل مسرع

فظن اذ ابصرتها انها / سائر اعضائي بها تدمع

وقال هذا قبل يوم النوى / فما ترى بعد النوى تصنع

في غير وقت الدمع ضيعته / قلت فقلبي عندكم اضيع ((4-629))

وقال في مقاتل ايضا:

احفظ فؤادي فانت تملكه / واستر ضميري فانت تهتكه

هجرك سهل عليك اصعبه / وهو شديد علي مسلكه

بسيف عينيك يا مقاتل كم / قتلت قبلي من كنت تملكه

اما عزائي فلست آمله / فيك وصبري ما لست‏ ادركه ((4-630))

وقال فيه وهو معذر:

وقف الليل والنهار وقد كا / ن اذا ما اتى النهار يفر

لا يرى رجعة فيكسب عارا / لا ولا ثم قوة فيفر

اين سلطان مقلتيك علينا / قل له ما يجوز في الحب سحر

انت فرقت نار خديك حتى / كل قلب صب لها فيه جمر

فبماذا تلقى عذاريك قل لي / سيما ان تدارك الشعر شعر

وعزيز علي انك بالحرب و / بالسلم طول عمرك غر ((4-631))

وخلف المترجم على ادبه الجم وقريضه البديع ولده عبدالمنعم، ذكره الثعالبي ((4-632))

LEAVE A COMMENT