حادث شوه صحائف التاليف

  الغدير

حادث شوه صحائف التاليف

هناك فكرة غير صالحة، وان شئت قلت بدعة سيئة فتحت على الامة باب التقول بمصراعيه، وعنها تتشعب ‏شجنة ((3-118)) الافك في الحديث، وينبعث القول المزور، واليها يستند كل بهرجة وسفسطة، الا وهي: هذه الخطة الحديثة في‏التاليف، واتخاذ هذا الاسلوب الحديث الذي يروق بسطاء الامة ويسمونه تحليلا، ويرونه حسنا في الكتابة.

هذه الفكرة هي التي خفت بها وطاة التاليف وطاة حزونته وكثر بذلك المؤلفون، فجاء لفيف من الناس يؤلف‏وكل‏منهم سلك وادي تضلل ((3-119))، ولا يخنق على جرته ((3-120)) ويرمي القول على عواهنه، وينشر في الملا ما ليس للمجتمع فيه‏درك، فيتحكم في آرائه، ويكذب في‏حديثه، ويخون في نقله، ويحرف الكلم عن مواضعه، و يقذف من خالف نحلته، وينسبه‏الى ما شاءه هواه، ويسلقه بالبذاء، ولا يكفف عنه لغبه ((3-121)).

هذه الفكرة هي التي جرت على الامة شية العار ووصمة الشنار، ورمتها بثالثة الاثافي، ومدت يد الفحشاء على التاليف،وابدت في صفحاته وصمات سوء، فراح شرف الاسلام، وادب الدين، وامانة النقل، ومكانة الصدق، ضحية الميول‏والشهوات، ضحية الاهواء والنزعات الباطلة، ضحية الاقلام المستاجرة.

هذه الفكرة هي التي شوهت وجه التاليف، وجنت بها الاقلام، وولدت في القلوب ضغائن، فجاء المفسر يؤول القرآن‏برايه، والمحدث يختلق حديثا يوافق ذوقه، والمتكلم يذكر فرقا مفتعلة، والفقيه يفتي بما يحبذه، والمؤرخ يضع في‏التاريخ مايرتضيه، كل ذلك قولا بلا دليل، وتحكما بلا بينة، وتكلما بلا ماخذ، ودعوى بلا برهان، وتقولا بلا مصدر، وكذبا بلامبالاة، وافكا بلا تحاش. ( فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون ) ((3-122)).

والقارئ يجد مثال هذه كلها نصب عينيه في‏ط‏ي كتاب الصراع بين الاسلام والوثنية، والوشيعة في الرد على الشيعة، وفجرالاسلام وضحاه وظهره، والجولة في ربوع الشرق الادنى، والمحاضرات للخضري، والسنة والشيعة، والاسلام الصحيح،والعقيدة في الاسلام، وخلفاء محمد، وحياة محمد لهيكل، وفي مقدمها كتاب حياة محمد لاميل درمنغم.

فخلو تاليف الشرقي المسلم عن ذكر المصادر نساية للكتاب والسنة، واضاعة لاصول العلم، وجناية على السلف،وتفويت لمثر الاسلام، وعمل مخدج ((3-123))، وسعي ابتر، وليس من صالح الامة ولا من صلاح المجتمع الاسلامي، وسياتيه‏يوم‏وهو يقرع سن نادم.

وان تاليفا هو هكذا لا يمثل في علومه ومعارفه الا نفسية مؤلفه وانظاره، ولا يراه القارئ الا كرواية لا تقوم الا بقائلها.

خذ اليك في موضوع واحد كتابين هما مثالان لاكثر ما ارتاينا في هذا البحث، الا وهما:

1 كتاب الامام علي، تاليف الاستاذ ابي نصر عمر.

2 كتاب الامام علي، تاليف الاستاذ عبد الفتاح عبد المقصود.

فهما على وحدة الموضوع، والنزعة، والبيئة، والدراسة، والهوى السائد، طالما اختلفا في‏الابحاث والنظريات، فهذا الاستاذابو نصر اخذ آراء الخضري الاموية ومن يضاهيه فيها، وصبها في بوتقة تاليفه، فجاء في كتابه بكل شنء شوهاء التقت‏بها حلقتا البطان ((3-124)).

واما الاستاذ عبد الفتاح فانه جد وثابر على جهود جبارة، واخذ زبدة المخض من الحقائق الناصعة، غير انه ضيع اتعابه‏باهمال المصادر، فلم يات كتابه الا كنظرية شخصية، ولو ازدان تاليفه بذكرها في التعاليق، وارداف ذلك النقل الواضح بماارته من الراي السديد، لكان ابلغ في تمثيل افكار الجامعة، والاعراب عن نظريات الملا الديني، وان كان ما ثابره الان‏مشفوعا بشكر جزيل.

(ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا) ((3-125))

LEAVE A COMMENT