جنايات على الحديث

  الغدير

جنايات على الحديث

منها: ما ارتكبه الطبري في تفسيره ((2-1176)) (19/74) فانه بعد روايته له في تاريخه كما سمعت، قلب عليه ظهر المجن في‏تفسيره فاثبته برمته حرفيا متنا واسنادا، غير انه اجمل القول فيما لهج به رسول اللّه(ص) في فضل من يبادر الى تلقي الدعوة ‏بالقبول، قال: فقال : ((فايكم يوازرني على هذا الامر على ان يكون اخي وكذا وكذا؟)). وقال في كلمته (ص) الاخيرة:ثم ‏قال: ((ان هذا اخي وكذا وكذا)).

وتبعه على هذا التقل ب ابن كثير الشامي في البداية والنهاية ((2-1177)) (3/40) وفي تفسيره (3/351) فعل ابن كثير هذا،وثقل عليه ذكر الكلمتين وبين يديه تاريخ الطبري وهو مصدره الوحيد في تاريخه وقد فصل فيه الحديث تفصيلا. لانه لايروق له اثبات النص لامير المؤمنين بالوصية والخلافة الدينية، والدلالة عليه والاشارة اليه. وهل هذه الغاية مقصدالطبري حينما حرف الكلم عن مواضعه في التفسير بعد ما جاء به صحيحا في التاريخ على حين غفلة عنها؟ انا لا ادري،لكن الطبري يدري!. واحسبك ايها القارئ جد عليم بذلك.

ومنها: خزاية فاضحة تحملها محمد حسين هيكل حيث اثبت الحديث كما اوعزنا اليه في الطبعة الاولى من كتابه حياة‏ محمد ((2-1178)) (ص‏104) بهذا اللفظ:

ونزل الوحي (وانذر عشيرتك الاقربين # واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)، (وقل اني اناالنذيرالمبين) ((2-1179))، (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين). ودعا محمد عشيرته الى طعام في بيته، وحاول ان‏ي حدثهم داعيا اياهم الى اللّه فقطع عمه ابو لهب حديثه، واستنفر القوم ليقوموا. ودعاهم محمد في الغداة كرة اخرى. فلما طعموا قال لهم: ((ما اعلم انسانا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به. قد جئتكم بخير الدنيا والاخرة، وقد امرني‏ربي ان ادعوكم اليه فايكم يوازرني على هذا الامر وان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم؟)). فاعرضوا عنه وهموابتركه، لكن عليا نهض وما يزال صبيا دون الحلم وقال: ((انا يا رسول اللّه عونك. انا حرب على من حاربت)). فابتسم بنوهاشم وقهقه بعضهم وجعل نظرهم يتنقل من ابي طالب الى ابنه ثم انصرفوا مستهزئين. انتهى.

فانه اسقط من الحديث اولا ما فرع به رسول اللّه(ص) كلامه من قوله لعلي: ((فانت اخي ووصيي ووارثي)). ثم نسب الى‏امير المؤمنين ثانيا انه قال: ((انا يا رسول اللّه عونك. انا حرب على من حاربت)). ليته دلنا على مصدر هذه النسبة في لفظ‏اي محدث او مؤرخ من السلف؟ وراقه ان يحكم في الحضور في تلك الحفلة بتبسم بني هاشم وقهقهة بعضهم، ولم نجد لهذاالتفصيل مصدرا يعول عليه.

ومهما لم يجد هيكل وراءه من ياخذه بمقاله، ولم ير هناك من يناقشه الحساب في تقولاته وتصرفاته اسقط منه ما يرجع الى ‏امير المؤمنين(ع) في الطبعة الثانية سنة (1354) (ص‏139)، ولعل السر فيه لفتة منه الى غاية ابن كثير وامثاله بعد النشر، اوان اللغط والصخب حول القول قد كثرا عليه هناك من مناوئي العترة الطاهرة، فاخذته امواج اللوم والعتب حتى اضطرته‏الى الحذف والتحريف. او ان العادة المطردة في جملة من المطابع عاثت في الكتاب فغض عنها الطرف صاحبه لاشتراكه‏معها في المبدا او عجزه عن دفعها. وعلى اي فحيا اللّه الشعور الحي، والامانة الموصوفة، والحق المضاع الماسوف عليه.

اسفي على بسطاءالامة الاسلامية واعتنائهم بمثل هذه‏الكتب المشحونة بزخرف القول واباطيل الكلم المموهة وقد جاءت‏بذات الرعد والصليل ((2-1180))، وسيل بالامة وهي لا تدري ((2-1181)). ثم اسفي على مصر وحملة علمها المتدفق، وعلى‏تليفها القيمة، وكتابها النزهاء، فانها راحت ضحية تلكم الشهوات والميول، ضحية تلكم النفوس الخائرة، ضحية تلكم‏الكفريات المبيدة للمجتمع، ضحية تلكم الاقلام المستاجرة وقد اتخذت الباطل دغلا، وشغرت لها الدنيا برجلها ((2-1182)).

(قل هل ننبكم بالاخسرين اعمالا # الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) ((2-1183))