امارته

  الغدير
امارته

ففي العهد النبوي كان من النبي(ص) بمنزلة صاحب الشرطة من الامير، يلي ما يلي من اموره ((2-355)). وكان حامل راية‏الانصار مع رسول اللّه(ص) في بعض الغزوات، واستعمله على الصدقة، وكان من ذوي الراي من الناس ((2-356))، وبعده ولا ه‏امير المؤمنين(ع) مصر، وكان اميرها الطاهر.

كان قيس من شيعة علي(ع) ومناصحيه، بعثه علي اميرا على مصر في صفر (سنة‏36)، وقال له: ((سر الى مصر فقدوليتكها، واخرج الى ظاهر المدينة، واجمع اليك ثقاتك ومن احببت ان يصحبك، حتى تاتي مصر ومعك جند، فان ذلك‏ارعب لعدوك، واعز لوليك، فاذا انت قدمتها ان شاء اللّه فاحسن الى المحسن، واشدد على المريب، وارفق بالعامة‏والخاصة، فان الرفق يمن)).

فقال قيس: رحمك اللّه يا امير المؤمنين، قد فهمت ما ذكرت، فاما الجند فاني ادعه لك، فاذا احتجت اليهم كانوا قريبا منك،وان اردت بعثتهم الى وجه من وجوهك كان لك عدة، ولكني اسير الى مصر بنفسي واهل بيتي، واما ما اوصيتني به من‏الرفق والاحسان، فاللّه تعالى هو المستعان على ذلك.

فخرج قيس في سبعة نفر من اهله، حتى دخل مصر مستهل ربيع الاول، فصعد المنبر فجلس عليه خطيبا، فحمد اللّهواثنى عليه، وقال: الحمد للّه الذي جاء بالحق، وامات الباطل، وكبت الظالمين. ايها الناس، انا بايعنا خير من نعلم بعد نبينامحمد(ص)، فقوموا فبايعوا على كتاب اللّه وسنة رسوله، فان نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم.

فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر واعمالها لقيس، وبعث عليها عماله، الا ان قرية منها يقال لها: خربتا ((2-357)) قد اعظم‏اهلها قتل عثمان، وبها رجل من بني كنانة يقال له: يزيد بن الحارث، فبعث الى قيس: انا لا ناتيك، فابعث عمالك، فالارض‏ارضك، ولكن اقرنا على حالنا حتى ننظر الى ما يصير امر الناس. ووثب محمد بن مسلمة بن مخلد بن صامت الانصاري، فنعى عثمان ودعا الى الطلب بدمه، فارسل اليه قيس: ويحك‏اعلي‏تثب؟ واللّه ما احب ان لي ملك الشام ومصر واني قتلتك! فاحقن دمك. فارسل اليه مسلمة: اني كاف عنك ما دمت‏انت والي مصر. وكان قيس له حزم وراي ((2-358)).

خرج امير المؤمنين(ع) الى الجمل وقيس على مصر، ورجع من البصرة الى الكوفة وهو بمكانه، ووليها اربعة اشهر وخمسة‏ايام، دخلها كما مر في مستهل ربيع الاول، وصرف منها لخمس خلون من رجب، كما في الخطط للمقريزي ((2-359))، فما في‏الاستيعاب((2-360)) وغيره: انه شهد الجمل الواقع في جمادى الاخرة سنة (36) في غير محله. نعم ، يظهر من التاريخ‏ شهوده ((2-361)) في مقدمات الجمل.

وولا ه علي امير المؤمنين آذربيجان كما في تاريخ اليعقوبي ((2-362))(2/178)، وكتب اليه وهو عليها: اما بعد: فاقبل على خراجك بالحق، واحسن الى جندك بالانصاف، وعلم من قبلك مما علمك اللّه، ثم ان عبداللّه بن شبيل‏الاحمسي سالني الكتاب اليك فيه بوصايتك به خيرا، فقد رايته وادعا متواضعا، فالن حجابك، وافتح بابك، واعمد الى‏الحق، فان من وافق الحق ما يحبو اسره، (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه ان الذين يضلون عن سبيل اللّه لهم ‏عذاب ‏شديد بما نسوا يوم الحساب) ((2-363)).

قال غياث: ولما اجمع علي على القتال لمعاوية، كتب ايضا الى قيس: ((2-اما بعد: فاستعمل عبداللّه بن شبيل الاحمسي خليفة لك واقبل الي، فان المسلمين قد اجمع ملؤهم وانقادت جماعتهم،فعجل الاقبال، فانا ساحضرن الى المحلين عند غرة الهلال ان شاء اللّه، وما تاخري الا لك، قضى اللّه لنا ولك بالاحسان في‏ امرنا كله)).

وروى الطبري في تاريخه ((2-364))(6/91)، وابن كثير في تاريخه ((2-365))(8/14) عن الزهري، انه قال: جعل علي(ع) قيس بن‏سعد على مقدمته من اهل العراق الى قبل آذربيجان وعلى ارضها، وشرطة الخميس التي ابتدعتها العرب وكانوا اربعين‏الفا بايعوا عليا(ع) على الموت، ولم يزل قيس يداري ذلك البعث حتى قتل علي(ع) واستخلف اهل العراق الحسن بن‏ علي(ع) على الخلافة.