العبدي معاصر العبدي

  الغدير

العبدي معاصر العبدي

عاصر المترجم من شعراء الشيعة مشاركه في كنيته ولقبه وبيئة نشاته ومذهبه، الا وهو ابو محمد يحيى بن بلال ‏العبدي ‏الكوفي ، فنذكره لكثرة وقوع الاشتباه بينهما وقلة ذكره. قال المرزباني في معجمه ((2-1395)) (ص‏499): انه كوفي نزل همدان، وهو شاعر محسن يتشيع وله في الرشيد مدائح حسنة‏وهو القائل:

وللموت خير من حياة زهيدة / وللمنع خير من عطاء مكدر

فعش مثريا او مكديا من عطية / تمنى والا فسال اللّه واصبر

وله:

لعمري لئن جارت امية واعتدت / لاول من سن الضلالة اجور

وانشد العبدي هذا عبداللّه / بن علي بن العباس ((2-1396)) بنهر ابي فطرس ((2-1397))

وله فيه خبر:

اما الدعاة الى‏الجنان فهاشم / وبنو امية من دعاة النار

اامي مالك من قرار فالحقي / بالجن صاغرة بارض وبار

فلئن رحلت لترحلن ذميمة / واذا اقمت بذلة وصغار

وخبر العبدي هذا وانشاده الشعر المذكور عبداللّه العباسي ذكره ابن قتيبة في عيون الاخبار (1/207)، واليعقوبي في ‏تاريخه ((2-1398)) (3/91)، وابن رشيق في العمدة ((2-1399)) (1/48). واحسب ان من علق على هذه الكتب لم يقف على ترجمة‏الشاعر، فضرب عن ترجمته صفحا وسكت عن تعريفه.

فقال ابن قتيبة: ولما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال ((2-1400)) لابي عون ومن معه من اهل خراسان: ان لي في بقية‏آل مروان تدبيرا فتاهبوا يوم كذا وكذا في اكمل عدة، ثم بعث الى آل مروان في ذلك اليوم فجمعوا واعلمهم انه يفرض لهم‏في العطاء، فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا الى بابه ومعهم رجل من كلب قد ولدهم ((2-1401))، ثم اذن لهم فدخلوا، فقال‏الاذن للكلبي: ممن انت؟ قال: من كلب وقد ولدتهم. قال: فانصرف ودع القوم فابى ان يفعل، وقال: اني خالهم ومنهم. فلما استقر بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال باعلى صوته: اين حمزة بن عبدالمطلب؟ ليدخل، فايقن القوم بالهلكة.ثم‏خرج الثانية فنادى: اين الحسين بن علي؟ ليدخل. ثم خرج الثالثة فنادى: اين زيد بن علي بن الحسين؟ ثم خرج‏الرابعة فقال: اين يحيى بن زيد؟ ثم قيل: ائذنوا لهم، فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد، وكان له صديقا فاوما اليه: ان ارتفع فاجلسه معه على طنفسته، وقال‏للباقين: اجلسوا، واهل خراسان قيام بايديهم العمد. فقال: اين العبدي؟ فقام واخذ في قصيدته التي يقول فيها:

اما الدعاة الى الجنان فهاشم / وبنو امية من دعاة النار

فلما انشد ابياتا منها قال الغمر: يا ابن الزانية؟ فانقطع العبدي واطرق عبداللّه ساعة، ثم قال: امض في نشيدك. فلما فرغ‏رمى اليه بصرة فيها ثلاثمائة دينار ثم تمثل بقول القائل:

ولقد ساءني وساء سواي / قربهم من منابر وكراسي

انزلوها بحيث انزلها اللّـ / ـه بدار الهوان والاتعاس

لا تقيلن عبد شمس عثارا / واقطعوا كل نخلة وغراس

واذكروا مصرع الحسين وزيد / وقتيلا بجانب المهراس ((2-1402))

ثم قال لاهل خراسان: دهيد ((2-1403)) فشدخوا بالعمد حتى سالت ادمغتهم، وقام الكلبي فقال: ايها الامير، انا رجل من‏كلب لست منهم، فقال:

ومدخل راسه لم يدنه احد / بين الفريقين حتى لزه القرن

ثم قال : دهيد. فشدخ الكلبي معهم ثم التفت الى الغمر فقال: لا خير لك في الحياة بعدهم. قال: اجل. فقتل، ثم دعاببراذع ((2-1404)) فالقاها عليهم وبسط عليها2/328 الانطاع ودعا بغدائه فاكل فوقهم، وان انين بعضهم لم يهدا حتى فرغ. ثم قال: ما تهنات بطعام منذ عقلت مقتل الحسين الا يومي هذا. وقام فامر بهم فجروا بارجلهم، واغنم اهل خراسان اموالهم ثم صلبوا في بستانه. وكان ياكل يوما، فامر بفتح باب من الرواق الى البستان، فاذا رائحة الجيف تملا الانوف، فقيل له: لو امرت ايها الاميربردهذا الباب. فقال: واللّه لرائحتها احب الي واطيب من رائحة المسك. ثم قال:

حسبت ‏امية ان سترضى هاشم / عنها ويذهب زيدها وحسينها

كلا ورب محمد والهه / حتى تباح سهولها وحزونها

وتذل ذل حليلة لحليلها / بالمشرفي وتسترد ديونها

وقال اليعقوبي ((2-1405)): وانصرف عبداللّه بن علي الى فلسطين فلما صار بنهر ابي فطرس بين فلسطين والاردن جمع اليه‏بني امية، ثم امرهم ان يغدوا عليه لاخذ الجوائز والعطايا، ثم جلس من غد واذن لهم، فدخل عليه ثمانون رجلا من بني‏امية، وقد اقام على راس كل رجل منهم رجلين بالعمد، واطرق مليا، ثم قام العبدي فانشد قصيدته التي يقول فيها:

اما الدعاة الى الجنان فهاشم / وبنو امية من دعاة النار

وكان النعمان بن يزيد بن عبدالملك جالسا الى جنب عبداللّه بن علي، فقال له: كذبت يا ابن اللخناء. فقال له عبداللّه بن‏علي: بل صدقت يا ابا محمد، فامض لقولك. ثم اقبل عليهم عبداللّه بن علي، فذكر لهم قتل الحسين(ع) واهل بيته، ثم صفق‏بيده فضرب القوم رووسهم بالعمد حتى اتوا عليهم، فناداه رجل من اقصى القوم:

عبد شمس ابوك وهو ابونا / لا نناديك من مكان بعيد

فالقرابات بيننا واشجات / محكمات ‏القوى بعقد شديد

فقال: هيهات قطع ذلك قتل الحسين. ثم امر بهم فسحبوا فطرحت عليهم البسط وجلس عليها، ودعا بالطعام فاكل،فقال: يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء، وكان قد دخل معهم رجل من كلب، قال: رجوت ان ينالوا خيرا فانال معهم. فقال عبداللّه بن علي: اضربوا عنقه.

ومدخل راسه لم يدنه‏ احد / بين ‏الفريقين حتى لزه القرن