الشاعر

  الغدير
الشاعر

ابو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار تيم اللّه بن‏ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة العنقاء سمي به لطول عنقه ابن عمرو بن عامر بن ماء السماء بن حارثة‏الغطريف ابن امرئ القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول ابن مازن بن الازد بن الغوث ابن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان‏بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان ((2-320)).

بيت حسان احد بيوتات الشعر، عريق في الادب ونظم القريض، قال المرزباني في معجم الشعراء ((2-321)) (ص‏366): قال‏دعبل والمبرد: اعرق الناس كانوا في الشعر آل حسان، فمنهم يعدون ستة في نسق كلهم شاعر، سعيد بن عبد الرحمن بن‏حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام. انتهى. وولده عبد الرحمن المذكور شاعر، قليل الحديث، توفي (104)، وفيه وفي والده حسان، قال شاعر:

فمن للقوافي بعد حسان وابنه‏ / ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت

واما المترجم نفسه فعن ابي عبيدة: ان العرب قد اجتمعت على‏ان حسان اشعر اهل المدن، وانه فضل الشعراء بثلاث: كان شاعر الانصار، وشاعر النبي في ايامه(ص)، وشاعر اليمن كلهافي الاسلام. قال له النبي(ص): ((ما بقي من لسانك؟)) فاخرج لسانه حتى قرع بطرفه طرف ارنبته ثم قال: واللّه اني لووضعته على صخر لفلقه، او على شعر لحلقه، وما يسرني به مقول من معد ((2-322)). وكان رسول اللّه(ص) يضع له منبرا في‏مسجده الشريف يقوم عليه قائما، ويفاخر عن رسول اللّه، ويقول رسول اللّه(ص): ((ان اللّه يؤيد حسان بروح القدس، مانافح او فاخر عن رسول اللّه)) ((2-323)).

كانت الحالة على هذا في عهد النبي(ص) ولما توفي(ص) مر عمر على حسان وهو ينشد في المسجد فانتهره ((2-324))،فقال: افي‏مسجد رسول اللّه تنشد؟ فقال: كنت انشد وفيه من هو خير منك. ثم التفت الى ابي هريرة، فقال: سمعت رسول اللّه(ص)يقول: ((اجب عني، اللهم ايده بروح القدس))؟ قال: نعم. قال ابو عبد اللّه الابي المالكي في شرح صحيح مسلم (ص‏317): وهذا يدل على ان عمر(رض) كان يكره انشاد الشعر في‏المسجد، وكان قد بنى رحبة خارجه وقال: من اراد ان يلغط او ينشد شعرا، فليخرج الى هذه الرحبة.

كل ذلك على خلاف ما كان عليه النبي(ص)، وفي وقته افحمه حسان بما ذكر من قوله، لكن لا راي لمن لا يطاع، وقبل‏حسان نهاه النبي(ص) عن فكرته هذه، وفهمه بما هناك من الغاية الدينية المتوخاة حين تعرض لعبد اللّه بن رواحة، لما كان‏رسول اللّه(ص) يطوف البيت على بعير، وعبد اللّه آخذ بغرزه وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله‏ / خلوا فكل الخير مع رسوله‏

نحن ضربناكم على تنزيله ‏/ ضربا يزيل الهام عن مقيله‏

ويذهل‏ الخليل ‏عن خليله‏ / يا رب اني مؤمن بقيله

فقال له عمر: او هاهنا يا ابن رواحة ايضا؟ فقال رسول اللّه(ص): ((او ما تعلمن، اولا تسمع ما قال؟!)). وفي رواية ابي يعلى ان النبي قال: ((خل عنه يا عمر، فو الذي نفسي بيده لكلامه اشد عليهم من وقع النبل)) ((2-325)).

وكان حسان من المعروفين بالجبن، ذكره ابن الاثير في اسد الغابة ((2-326))(2/6) وقال: كان من اجبن الناس. وعده‏الوطواط في غرر الخصائص ((2-327))(ص‏355) من الجبناء وقال: ذكر ابن قتيبة في كتاب المعارف ((2-328)): انه لم يشهد مع ‏رسول اللّه(ص) مشهدا قط. قالت صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول اللّه: كان معنا حسان في حصن فارغ يوم الخندق مع‏النساء والصبيان، فمر بنا في الحصن رجل يهودي، فجعل يطوف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت مابينها وبين‏رسول اللّه، وليس بيننا وبينهم احد يدفع عنا، ورسول اللّه والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون ان ينصرفوا الينا ان‏اتانا آت . قالت: فقلت: يا حسان انا واللّه لا آمن ان يدل علينا هذا اليهودي اصحابه، ورسول اللّه(ص) قد شغل عنا، فانزل‏اليه واقتله. قال: يغفر اللّه لك (يابنت عبدالمطلب) ما انا بصاحب شجاعة. قالت: فلما قال لي ذلك ولم ار عنده شيئا، اعتجرت ((2-329))، ثم اخذت عمودا ونزلت اليه فضربته بالعمود حتى قتلته،ثم‏رجعت الى الحصن، وقلت: يا حس ان انزل اليه واسلبه، فانه لم يمنعني من سلبه الا انه رجل. فقال: مالي بسلبه من حاجة (يا بنت عبدالمطلب) ((2-330))، وكان حسان اقتدى في فعله بهذا الشاعر في قوله:

باتت تشجعني هند وما علمت‏ / ان الشجاعة مقرون بها العطب‏

لا والذي منع الابصار رؤيته / ‏ما يشتهي الموت عندي من له‏ ارب‏

للحرب قوم اضل اللّه سعيهم / ‏اذا دعتهم الى نيرانها وثبوا

ولست منهم ولا ابغي فعالهم / ‏لا القتل يعجبني منهم ولاالسلب