الشاعر

  الغدير

الشاعر

ابو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي، من شعراء اهل البيت الطاهر المتزلفين اليهم بولائه وشعره، المقبولين عندهم‏لصدق نيته وانقطاعه اليهم، وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب مولانا امير المؤمنين الشهيرة، واكثر من مدحه ومدح‏ذريته الاطيبين واطاب، وتفجع على مصائبهم ورثاهم على ما انتابهم من المحن، ولم نجد في غير آل اللّه له شعرا.

استنشده الامام الصادق صلوات اللّه عليه شعره كما في رواية ثقة الاسلام الكليني في روضة الكافي ((2-1202)) باسناده‏عن ابي داود المسترق عنه قال: دخلت على ابي عبداللّه(ع) فقال: ((قولوا لام فروة تجي‏ء فتسمع ما صنع بجدها)). قال: فجاءت فقعدت خلف الستر. ثم‏قال:انشدنا. قال: فقلت:

فرو جودي بدمعك المسكوب . . . .

قال: فصاحت وصحن النساء، فقال ابو عبداللّه(ع): الباب «الباب» ((2-1203)) فاجتمع اهل المدينة على الباب، قال: فبعث‏اليهم ابو عبداللّه: صبي لنا غشي عليه فصحن النساء. واستنشد شعره الامام ابا عمارة المنشد كما في الكامل لابن قولويه (ص‏105) باسناده عن ابي عمارة قال: قال لي ابوعبداللّه(ع): ((يا ابا عمارة انشدني للعبدي في الحسين(ع))). قال: فانشدته فبكى، ثم انشدته فبكى، ثم انشدته فبكى. قال:فواللّه ما زلت انشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار. الحديث.

عده شيخ الطائفة في رجاله ((2-1204)) من اصحاب الامام الصادق، ولم يك صحبته مجرد الفة معه، او محض اختلاف اليه، اوان عصرا واحدا يجمعهما، لكنه حظ‏ي بزلفة‏عنده منبعثة عن صميم الود وخالص الولاء، وايمان لا يشوبه اي شائبة حتى‏امر الامام(ع) شيعته بتعليم شعره اولادهم وقال: ((انه على دين اللّه))، كما رواه الكشي في رجاله ((2-1205)) (ص‏254) باسناده‏عن سماعة قال: قال ابو عبداللّه(ع): ((يا معشر الشيعة علموا اولادكم شعر العبدي فانه على دين اللّه)).

وينم عن صدق لهجته، واستقامة طريقته في‏شعره، وسلامة معانيه عن اي مغمز، امر الامام(ع) اياه بنظم ما تنوح به النساءفي الماتم، كما رواه الكشي في رجاله (ص‏254).

وكان ياخذ الحديث عن الصادق(ع) في مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه عليه، كما رواه ابن عياش في‏مقتضب الاثر ((2-1206)) عن احمد بن زياد الهمداني قال: حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني ابي عن الحسن بن‏علي سجاده، عن ابان بن عمر ختن آل ميثم قال: كنت عند ابي عبداللّه(ع) فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال:جعلني اللّه فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره: (وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) ((2-1207)). قال: ((هم الاوصياء من آل محمد الاثني عشر، لا يعرف اللّه الا من عرفهم وعرفوه)). قال: فما الاعراف جعلت فداك؟ قال:((كثائب من مسك، عليها رسول اللّه والاوصياء يعرفون كلا بسيماهم)). فقال سفيان: افلا اقول في ذلك شيئا؟ فقال من ‏قصيدة:

ايا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع / وهل لليال كن لي فيك مرجع

يقول فيها:

وانتم ولاة الحشر والنشر والجزا / وانتم ليوم المفزع الهول مفزع

وانتم على الاعراف وهي كثائب / من المسك رياها بكم يتضوع

ثمانية بالعرش اذ يحملونه ‏ومن بعدهم في‏ الارض هادون‏ اربع ((2-1208))

والقارئ اذا ضم بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له الى الاخر يقف على رتبة عظيمة له من الدين يقصر دون شاوهاالوصف بالثقة، ويشاهد له في طيات الحديث والتاريخ حسن حال وصحة مذهب تفوق شؤون الحسان، فلا مجال للتوقف‏في ثقته كما فعله العلامة الحلي ((2-1209))، ولا لعده من الحسان كما فعله غيره ((2-1210))، ولا يبقى لنسبته الى الطيارة اي‏الغلو والارتفاع في المذهب وزن كما رآه ابو عمرو الكشي ((2-1211)) في شعره، ولم نجد في شعره البالغ الينا الا المذهب‏الصحيح، والولاء المحض لعترة الوحي، والتشيع الخالص عن كل شائبة سوء.

ويزيدك ثقة به واعتمادا عليه رواية مثل ابي داود المنشد سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه، وابو داود هوشيخ الاثبات الاجلة نظراء الحسن بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب، وعلي بن الحسن بن فضال.

كما ان افراد مثل الحسين بن محمد بن علي الازدي الكوفي المجمع على ثقته وجلالته،تاليفا في اخبار المترجم له وشعره كماعده النجاشي في فهرسته ((2-1212)) (ص‏49) من كتبه يؤذن بموقفه الشامخ عند اعاظم المذهب،وينبئ عن اكبارهم محله من ‏العلم والدين.