اعلام الطائفة

  الغدير
اعلام الطائفة

فقد ذكر القصيدة وقصة الجبة واللصوص جمع كثير « منهم » لا نطيل المقال بذكر كلماتهم، بل نقتصر منها على ما لم يذكرفي الكلمات المذكورة. روى شيخنا الصدوق في العيون ((2-1488)) (ص‏368) والاكمال ((2-1489)) عن الهروي قال: دخل دعبل على ابي الحسن‏الرضا(ع) بمرو فقال له: يا ابن رسول اللّه، اني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي ان لا انشدها احدا قبلك، فقال(ع): ((هاتها))، فانشده، فلما بلغ الى قوله:

ارى فيئهم في غيرهم متقسما / وايديهم من فيئهم صفرات

بكى ابو الحسن(ع) وقال له: ((صدقت يا خزاعي))، فلما بلغ الى قوله:

اذا وتروا مدوا الى واتريهم / اكفا عن الاوتار منقبضات

جعل ابو الحسن(ع) يقلب كفيه ويقول: ((اجل واللّه منقبضات))، فلما بلغ الى قوله:

لقد خفت في‏الدنيا وايام سعيها / واني لارجو الامن بعد وفاتي

قال الرضا: ((آمنك اللّه يوم الفزع الاكبر)). فلما انتهى الى قوله:

وقبر ببغداد لنفس زكية / تضمنها الرحمن في الغرفات

قال له الرضا: ((افلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟)). فقال: بلى يا ابن رسول اللّه، فقال(ع):

وقبر بطوس يا لها من مصيبة / توقد في الاحشاء بالحرقات

الى الحشر حتى يبعث اللّه قائما / يفرج عنا الهم والكربات

فقال دعبل: يا ابن رسول اللّه هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا: ((قبري، ولا تنقضي الايام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري، الا فمن زارني في غربتي‏ بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له)). ثم نهض الرضا(ع) وامر دعبل ان لا يبرح من موضعه، فذكر قصة‏الجبة واللصوص ثم قال:

كانت لدعبل جارية لها من قبله محل، فرمدت عينها رمدا عظيما، فادخل اهل الطب عليها فنظروا اليها فقالوا: اما العين‏اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، واما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو ان تسلم. فاغتم لذلك دعبل غماشديداوجزع عليها جزعا عظيما، ثم انه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة، فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منهامن اول الليل، فاصبحت وعيناها اصح مما كانتا قبل ببركة ابي الحسن الرضا(ع) ((2-1490)).

في مشكاة الانوار ((2-1491)) ومؤجج الاحزان ((2-1492)): روي انه لما قرا دعبل قصيدته على الرضا(ع) وذكر الحجة آعجل‏اللّه فرجه بقوله:

فلولا الذي ارجوه في اليوم او غد / تقطع نفسي اثرهم حسراتي

خروج امام لا محالة خارج / يقوم على اسم اللّه والبركات

وضع الرضا(ع) يده على راسه، وتواضع قائما ودعا له بالفرج. وحكاه عن المشكاة صاحب الدمعة الساكبة ((2-1493)) وغيره.

ولهذه التائية عدة شروح لاعلام الطائفة منها:

شرح العلامة الحجة السيد نعمة اللّه الجزائري: المتوفى (1112).

شرح العلامة الحجة كمال الدين محمد بن محمد الفسوي الشيرازي.

شرح العلامة الحاج ميرزا علي العلياري التبريزي: المتوفى (1327).

لفت نظر

ان مستهل هذه القصيدة ليس كل ما ذكروه، فانها مبدوءة بالنسيب ومطلعها:

تجاوبن بالارنان والزفرات / نوائح عجم اللفظ والنطقات

قال ابن الفتال في روضته ((2-1494)) (ص‏194)، وابن شهرآشوب في المناقب ((2-1495)) (2/394): روي ان دعبل انشدهاالامام(ع) من قوله: مدارس آيات، وليس هذا البيت راس القصيدة، ولكن انشدها من هذا البيت فقيل له: لم بدات‏بمدارس آيات؟ قال: استحييت من الامام(ع) ان انشده التشبيب، فانشدته المناقب وراس القصيدة:

تجاوبن بالارنان والزفرات / نوائح عجم اللفظ والنطقات

ذكرها ((2-1496)) برمتها وهي مائة وعشرون بيتا الاربلي في كشف الغمة، والقاضي في المجالس (ص‏451)، والعلا مة المجلسي‏في البحار (12/75)، والزنوزي في الروضة الاولى من رياض الجنة، ونص على عددها المذكور الشبراوي والشبلنجي كمامر. فما قدمناه عن الحموي من ان نسخ هذه القصيدة مختلفة، في بعضها زيادات يظن انها مصنوعة الحقها بها اناس من‏الشيعة، وانا موردون هنا ما صح منها من بعض الظن الذي هو اثم، وقد ذكر هو في معجم البلدان ما هو خارج عما اثبته‏في معجم الادباء من الصحيح عنده فحسب، راجع (2/28)، وذكر المسعودي في‏مروج الذهب (2/239) وغيره بعض ماذكره في معجم البلدان. واثبت سبط ابن الجوزي في التذكرة، وابن طلحة في المطالب، والشبراوي في الاتحاف، والشبلنجي‏في نور الابصار زيادات لا توجد فيما استصحه الحموي، وليس من الممكن قذف هؤلاء الاعلام باثبات المفتعل. وبما ان العلم تدريجي الحصول، فمن المحتمل ان الحموي يوم تاليفه معجم الادباء لم يقف به البحث على اكثر مما ذكر، ثم لماتوسع في العلوم ثبت عنده غيره ايضا فادرجه في معجم البلدان الذي هو متاخر في التاليف ، ولذلك يحيل فيه على معجم‏الادباء في اكثر مجلداته. راجع (2/45، 117، 135، 186 و3/117، 184 و4/228، 400 و5/187، 289 و6/177) وغيرها،لكن سوء ظنه بالشيعة حداه الى نسبة الافتعال اليهم عند تدوين الترجمة، ونحن لا نناقشه الحساب في هذا التظني، فان‏اللّهلهم بالمرصاد وهو نعم الرقيب والحسيب.