اولاده

  الغدير

اولاده

رزق ابن الرومي ثلاثة ابناء وهم: هبة‏اللّه، ومحمد، وثالث لم يذكر اسمه في ديوانه، ماتوا جميعا في طفولتهم، ورثاهم بابلغ‏وافجع ما رثى به والد ابناءه، وقد سبق الموت الى اوسطهم محمد، فرثاه بدالية مشهورة، يقول فيها:

توخى حمام الموت اوسط صبيتي / فلله كيف اختار واسطة العقد

على حين شمت الخير في لمحاته / وآنست من افعاله آية الرشد

ومنها في وصف مرضه:

لقد قل بين المهد واللحد لبثه / فلم ينس عهد المهد اذ ضم في اللحد

الح عليه النزف حتى احاله / الى صفرة الجادي ((3-147)) عن حمرة الورد

وظل على الايدي تساقط نفسه / ويذوي كما يذوي القضيب من الرند ((3-148))

ويذكر فيها اخويه الاخرين:

محمد ما شي‏ء توهم سلوة / لقلبي الا زاد قلبي من الوجد

ارى اخويك الباقيين كليهما / يكونان للاحزان اورى من الزند

اذا لعبا في ملعب لك لذعا / فؤادي بمثل النار عن غير ما عمد

فما فيهما لي سلوة بل حزازة / يهيجانها دوني واشقى بها وحدي

اما ابنه هبة اللّه فقد ناهز الشباب على ما يفهم من قوله في رثائه:

ياحسرتا فارقتني فننا / غضا ولم يثمر لي الفنن

ابني انك والعزاء معا / بالامس لف عليكما كفن

وفي الديوان ابيات يرثي بها ابنا لم يذكر اسمه، وهي:

حماه الكرى هم سرى فتاوبا / فبات يراعي النجم حتى تصوبا

اعيني جودا لي فقد جدت للثرى / باكثر مما تمنعان واطيبا

بني الذي اهديته امس للثرى / فلله ما اقوى قناتي واصلبا

فان تمنعاني الدمع ارجع الى اسى / اذا فترت عنه الدموع تلهبا

وهي على الارجح رثاؤه لاصغر ابنائه الذي لم يذكر اسمه، ولا ندري هل مات قبل اخيه او بعده، ولكن يخيل الينا من‏المقابلة بين هذه المراثي ان الابيات البائية كانت آخر مارثى به ولدا، لانها تنم عن فجيعة رجل راضه الحزن على فقدالبنين، حتى جمدت عيناه ولم يبق عنده من البكاء الا الاسى الملتهب في الضلوع، والا العجب من ان يكون قد عاش‏وصلبت قناته لكل هذه الفجائع، وقد كان رثاؤه لابنه الاوسط صرخة الضربة الاولى، ففيها ثورة لاعجة تحس من خلل‏الابيات، ثم حل الالم المرير محل الالم السوار في مصيبته الثانية، فوجم وسكن واستعبر، ثم كانت الخاتمة فهومستسلم‏يعجب للحزن كيف لم يقض عليه، ويحس وقدة المصاب في نفسه ولا يحسه في عينيه، ولقد غشيت غبرة الموت‏حياته كلها، وماتت زوجته بعد موت ابنائه جميعا، فتمت بها مصائبه وكبر عليه الامر … الخ.

LEAVE A COMMENT