الشاعر

  الغدير

الشاعر

ابو الحسن علي بن عباس بن جريج ((3-128)) مولى عبيداللّه بن عيسى بن جعفر البغدادي، الشهير بابن‏الرومي. مفخرة من‏مفاخر الشيعة، وعبقري من عباقرة الامة، وشعره الذهبي الكثير الطافح برونق البلاغة قد اربى على سبائك التبرحسناوبهاء ، وعلى كثر النجوم عددا ونورا. برع في المديح، والهجاء، والوصف، والغزل من فنون الشعر، فقصر عن مداه‏الطامحون، وشخصت اليه الابصار، فجل عن الند كما قصر عن مزاياه العد.

وله في مودة ذوي القربى من آل الرسول صلوات اللّه عليه وعليهم اشواط بعيدة، واختصاصه بهم ومدائحه لهم‏ودفاعه عنهم من اظهر الحقائق الجلية، وقد عده ابن الصباغ المالكي المتوفى (855) في فصوله المهمة ((3-129)) (ص‏302)،والشبلنجي في نور الابصار ((3-130)) (ص‏166) من شعراء الامام الحسن العسكري صلوات اللّه عليه.

وكان مجموع شعره غير مرتب على الحروف، رواه عنه المسيبي علي بن عبيداللّه بن المسيب، ومثقال غلام ابن الرومي آفي مائة ورقة، ورواه عن مثقال ابوالحسن علي بن العصب الملحي، وكتب احمد بن ابي قسر الكاتب من شعره مائة ورقة،وخالد الكاتب كذلك، فرتبه الصولي على الحروف في مائتي ورقة. جمع شعره ابو الطيب وراق بن عبدوس من جميع‏النسخ فزاد على كل نسخة مما هو على الحروف وغيرها نحو الف بيت.

وللخالديين ابي بكر محمد وابي عثمان سعيد كتاب في اخبار شعر المترجم ((3-131)) ، وانتخب ابن سينا ديوانه، وشرح مشكلات‏شعره كما في كشف الظنون ((3-132)) (1/498)، وعن ابن سينا : ان مما كلفني استاذي في الادب حفظ ديوان ابن الرومي، فحفظته مع عدة كتب في ستة ايام ونصف يوم.

ويروي بعض شعره: ابو الحسين علي بن جعفر الحمداني، واسماعيل بن علي الخزاعي، وابو الحسن جحظة، الذي مدحه‏ابن الرومي بقصيدة توجد في ديوانه ((3-133)) (ص‏168).

تجد ذكره والثناء عليه في ((3-134)) فهرست ابن النديم (ص‏235)، تاريخ بغداد (12/23)، معجم الشعراء (ص‏289، 453)، امالي‏الشريف المرتضى (2/101)، مروج الذهب (2/495)، العمدة لابن رشيق (1/56، 61، 91)، معالم العلماء لابن شهرآشوب،وفيات الاعيان (1/385)، مرآة الجنان لليافعي(2/198)، شذرات الذهب (2/188)، معاهد التنصيص (1/38)، كشف‏الظنون (1/498)، روضات الجنات (ص‏473)، نسمة السحر فيمن تشيع وشعر، دائرة المعارف للبستاني(1/494)، دائرة‏المعارف الاسلامية (1/181)، الاعلام للزركلي(2/675)، الشيعة وفنون‏الاسلام(ص‏105)،مجلة الهدى‏العراقية‏الجزءالسادس(ص‏223 227).

وعني بجمع آثاره وكتابة اخباره وروايتها جمع منهم:

1 ابو العباس احمد بن محمد بن عبيداللّه بن عمار : المتوفى(319)، قال ابن المسيب: لما مات ابن الرومي عمل كتابا ((3-135)) في‏تفضيله ومختار شعره، وجلس يمليه على الناس، كما في فهرست ابن النديم ((3-136)) (ص‏212) ومعجم الادباء (1/227).

2 ابو عثمان الناجم. ترجمه في كتاب مقصور عليه.

3 ابو الحسن علي بن عباس النوبختي: المتوفى(327). جمع اخباره في كتاب مفرد، كما في معجم المرزباني ((3-137)) (ص‏295)ومعجم الادباء ((3-138)) (5/229).

وافرد من الكتاب المتاخرين الاستاذ عباس محمود العقاد كتابا ((3-139)) في ترجمته في (392) صفحة ونحن ناخذ منه ما هوالمهم‏ملخ صا بلفظه. قال:

قد ادرك ابن الرومي في حياته ثمانية خلفاء، هم: الواثق، المتوكل، المنتصر، المستعين، المعتز، المهتدي، المعتمد، المعتضدالمتوفى بعد ابن الرومي.

اثنى عليه العميدي صاحب الابانة ((3-140)) ، وابن رشيق صاحب العمدة ((3-141)) وقال: اكثر المولدين اختراعا وتوليدا فيما يقول‏الحذاق: ابو تمام وابن الرومي. واطراه ابن سعيد المغربي المتوفى(673) في كتابه: عنوان المرقصات والمطربات ((3-142)) .

ويظهر ان ابا عثمان سعيد بن هاشم الخالدي من ادباء القرن الرابع توسع في ترجمته، اما في كتابه حماسة المحدثين، او في‏كتاب مقصور عليه. ولكن اخباره هذه ذهبت كلها ولم يبق منها اثر الا متفرقات في الكتب، لا تغني في ترجمة وافية ولاشبيهة بالوافية، فنحن ننقلها كما هي:

ولد يوم الاربعاء بعد طلوع الفجر لليلتين خلتا من رجب (221) ببغداد، في الموضع المعروف بالعقيقة ((3-143)) ودرب الختلية،في دار بازاء قصر عيسى بن جعفر بن منصور ((3-144)) .

كان ابن الرومي مولى لعبداللّه بن عيسى، ولايشك انه رومي الاصل، فانه يذكره ويؤكده في مواضع من ديوانه، واسم جده‏مع هذا: جريج او جرجيس اسم يوناني لا شبهة فيه، فلا ينبغي الالتفات الى من قال: انه سمي بابن الرومي لجماله في‏ صباه.

وكان ابوه صديقا لبعض العلماء والادباء منهم: محمد بن حبيب الراوية الضليع في اللغة والانساب، فكان الشاعر يختلف‏اليه لهذه الصداقة، وكان محمد ابن حبيب يخصه لما يراه من ذكائه وحدة ذهنه، وحدث الشاعر عنه فقال: انه كان اذا مر به‏شي‏ء يستغربه ويستجيده يقول لي: يا ابا الحسن ضع هذا في تامورك ((3-145)) .

وقد علمنا ان امه كانت فارسية من قوله: الفرس خؤولي والروم اعمامي، وقوله: فلم يلدني ابو السواس ساسان. بعد ان‏رفع نسبه الى يونان من جهة ابيه، وربما كانت امه من اصل فارسي، ولم تكن فارسية قحا لابيها وامها وهذا هو الارجح‏ لان علمه بالفارسية لم يكن علم رجل نشا في حجر ام تتكلم هذه اللغة، ولا تحسن الكلام بغيرها، وماتت امه وهو كهل‏او مكتهل كما يقول في رثائها:

اقول وقد قالوا اتبكي لفاقد / رضاعا واين الكهل من راضع الحلم

هي الام ياللناس جزعت فقدها / ومن يبك اما لم تذم قط لا يذم

وكانت امه تقية، صالحة، رحيمة، كما يؤخذ من ابياته في رثائها.

قال الاميني : امه حسنة بنت عبداللّه السجزي كما في معجم المرزباني ((3-146)) ، وسجز بلدة من بلاد الفرس من ارباض‏خراسان، فهي فارسية قح.

اخوه وشقيقه محمد المكنى بابي جعفر، وهو اكبر من المترجم، وتوفي قبله، وكان يتفجع بذكراه ورثاه، ومات اخوه وهويعمل في خدمة عبيداللّه بن عبداللّه بن طاهر احد اركان بيت بني طاهر، ويظهر من ديوان المترجم انه كان اديبا كاتبا ايضا.

ولم يبق لابن الرومي بعد موت اخيه احد يعول عليه من اهله او من يحسبون في حكم اهله، الا اناس من مواليه الهاشميين ‏العباسيين، كانوا يبرونه حينا ويتناسونه احيانا، و كان لعهد الهاشميين الطالبيين احفظ منه لعهد الهاشميين العباسيين، كمايظهر مما يلي. اما ابن عمه الذي اشار اليه في قوله:

لي ابن عم يجر الشر مجتهدا / الي قدما ولا يصلي له نارا

يجني فاصلى بما يجني فيخذلني / وكلما كان زندا كنت مسعارا

فلا ندري اهو ابن عم لح، او ابن عم كلالة؟ ومبلغ ما بينهما من صلة المودة ظاهر من البيتين.

LEAVE A COMMENT